هل الحيوانات تدخل الجنة
الحيوانات التي جاءت الأخبار أنها في الجنة على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما جاء منها أنها حيوانات مخصوصة بعينها في الجنة مثل : كلب أهل الكهف ، وناقة صالح عليه السلام ، وهذه لم يصح منها شيء .
والقسم الثاني : ما جاء ذكره في القرآن والسنة مما أعدَّه الله للمؤمنين في الجنة ، سواء نصَّ عليها كالطيور كما في قوله تعالى : ( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) الواقعة / 21 ، أو أطلق ذكرها كقوله تعالى : ( وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) الطور/22.
ومثل ذلك – أيضاً – الثور الذي أعدَّه الله تعالى طعاماً لأهل الجنَّة ، كما جاء عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها …. قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال – صلى الله عليه وسلم – : يُنحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها … رواه مسلم ( 315 ) .
والقسم الثالث : ما ورد في السنة الصحيحة من النص على بعض الحيوانات بعينها أنها في الجنة ، ومنه : أ. عن أبي هريرة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا في مراح الغنم وامسحوا رغامها فإنها من دواب الجنة ) . رواه البيهقي (2/449) وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (3789) .
والرغام (بالغين) هو التراب ، وروي الرعام (بالعين) وهو ما سال من أنف الشاة . والمعنى : امسحوا عنها التراب ، أو امسحوا ما سال من أنفها ، إصلاحا لشأنها ، ورعاية لها . قاله المناوي في “فيض القدير” .
ب. عن أبي مسعود الأنصاري قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لك بها يوم القيامة سبع مائة ناقة كلها مخطومة . رواه مسلم ( 1892 ) .
قال النووي :
قوله : معنى ” مخطومة ” أي : فيها خطام , وهو قريب من الزمام ، قيل : يحتمل أن المراد له أجر سبعمائة ناقة , ويحتمل أن يكون على ظاهره , ويكون له في الجنة بها سبعمائة كل واحدة منهن مخطومة ، يركبهن حيث شاء للتنزه , كما جاء في خيل الجنة ونجبها ، وهذا الاحتمال أظهر ، والله أعلم .
” شرح النووي ” ( 13 / 38 ) .
وحديثا النجائب – وهي الإبل – والخيل الذي أشار إليه النووي هما :
أ. عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن أهل الجنة يتزاورون على النجائب بيض كأنهن الياقوت ، وليس في الجنة شيء من البهائم إلا الإبل والطير “. رواه الطبراني في ” الكبير ” ( 4 / 179 ) .
قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه جابر بن نوح وهو ضعيف . ” مجمع الزوائد ” ( 10 / 413 ) .
وضعفه الألباني في ” ضعيف الجامع ” ( 1833 ) .
ب. عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : وسأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك .
رواه الترمذي ( 2543 ) . وحسَّنه الألباني في ” صحيح الترغيب ” ( 3 / 522 ) .
ونحوه عن أبي أيوب عند الترمذي ( 2544 ) وصححه الألباني– أيضاً – ( 3 / 423 ) .
وقد ورد في أحاديث صحيحة أن أرواح الشهداء في حواصل طير في الجنة تسرح حيث شاءت .
وينبغي أن يعلم أن الطيور والخيل والإبل التي في الجنة لا تتفق مع ما في الدنيا إلا في الأسماء فقط ، أما حقيقة صفتها فلا يعلمها إلا الله تعالى ، غير أننا نعلم أنها في غاية الجمال والبهاء لأنها من أنواع النعيم الذي أعده الله تعالى لأوليائه في الجنة ، وإلى هذا أشار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث المتقدم بأن فرس الجنة من ياقوتة حمراء ، ويطير بصاحبه حيث يشاء .
مصير الحيوانات بعد الموت
من يقبض أرواح الحيوانات
ملك الموت هو الذي يقبض كل الأرواح
أين تذهب الروح بعد الموت
بعد موت الإنسان تنتقل روحه من الدار الدنيا إلى دار البرزخ، فينتهي بذلك فصلٌ من حياته؛ ليبدأ فصلٌ جديد، والحقيقة أنّ عالم البرزخ أمرٌ غيبيّ لا يمكن الاطلاع عليه؛ لذلك لا بُدّ من مصدرٍ يُخبرنا عن ذلك العالم، إذ إنّ الغيبيات لا مجال لإدراكها بالعقل أو الرأي، وإنّما تأخذ حكم التوقيف على الكتاب والسنة النبويّة، ويمكن تعريف البرزخ لغةً بأنّه؛ الحاجز بين الشيئين، المانع من اختلاطهما وامتزاجهما، وأمّا شرعاً فيُعرّف البرزخ بأنّه؛ مرحلةٌ ما بعد الموت، وهو ما بين الدنيا والآخرة، ويستمر من وقت الموت إلى البعث، وقد ورد ذكر كلمة البرزخ بالمعنى اللغوي في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ) وأمّا في المعنى الشرعيّ؛ فقد ذكر البرزخ في قول الله تعالى: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) بالإضافة إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ القبرَ أوَّلُ منازِلِ الآخرَةِ فإن نجا منهُ فما بعدَه أيسَرُ منهُ وإِن لَم يَنجُ مِنهُ فما بعدَه أشدُّ منهُ) ومن الجدير بالذكر أنّ عمل الإنسان ينقطع عند موته، ولكن قد تصل إليه بعض الأعمال فتنفعه أو تضرّه، كما ورد في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ الميتَ ليُعَذَّبُ ببكاءِ أهلِهِ عليهِ ) بالإضافة إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له) وبعد أن ثبت وجود حياة البرزخ لا بُدّ من الإشارة إلى حال أرواح المؤمنين والكفّار فيها، والحقيقة أنّ أرواح المؤمنين تسرح في الجنّة وتشاهد ما فيها من روعةٍ، وتذوق ما فيها من ثمارٍ، وتعايش ما أعده الله تعالى لها من الكراماة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما نسَمةُ المؤمنِ طائرٌ يُعلَقُ في شجرِ الجنَّةِ، حتَّى يرجعَ إلى جسدِهِ يَومَ يُبعَثُ) بالإضافة إلى أنّ أرواح الشهداء في عالم البرزخ معلّقةٌ في حواصل طير.