وفاة حرام بن ملحان
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر صفر من العام الرابع من الهجرة، رجلٌ من بني عامر وهي من القبائل القوية، وهذا الرجل هو مُلاعِب الأسِنَّة أبو براء عامر بن مالك، وقدَّم هديَّةً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يُسلِم، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك، فإني أرجو أن يستجيبوا لك. فقال: “إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ”. فقال أبو براء: أنا جارٌ لهم.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو من بني ساعدة في سبعين من خيرة الصحابة، وكانوا يُعرفون بالقرَّاء، يقرءون القرآن ويتدارسونه ليل نهار، منهم حرام بن ملحان، وعامر بن فهيرة، فنزلوا بئر معونة بين أرض بني عامر، وحَرَّة بني سُليم، وبعثوا حَرَام بن مِلْحان برسالة من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل يدعوه إلى الإسلام.
وعامر بن الطفيل هو ابن أخي عامر بن مالك (ملاعب الأسنة) الذي جاء إلى رسول الله وطلب منه أن يبعث من الصحابة من يعلِّم قومه الإسلام، وكان عامر بن الطفيل رجلاً شريرًا غادرًا، فقتل الصحابي الجليل حرام بن ملحان؛ حيث أوصى أحد حرَّاسه أن يأتي من خلفه ويطعنه في ظهره، والرسل لا تُقتل، وجاء الحارس من خلفه وطعنه بحربة كبيرة من خلفه فخرجت من بطنه، فلما رأى حرام ذلك، أخذ الدم الذي يسيل من جسده ويدهن به وجهه وهو يقول: “فزتُ وربِّ الكعبة”. وكان الذي قتل حرام هو جبار بن سلمى، فقد أخذ يسأل عن قول الصحابي: “فزتُ ورب الكعبة”، فقال: ما فاز، أوَلستُ قد قتلته؟ فقالوا له: إنها الشهادة عند المسلمين. فذهب إلى المدينة المنورة ودخل في الإسلام، وكان ذلك سببًا في إسلامه.
فعل عامر بن الطفيل ذلك؛ لأن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفًا قديمًا؛ فقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: “إني أعرض عليك ثلاثة أمور: أن يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أن أكون خليفتك من بعدك، أو أن أغزوك بأهل غطفان”. فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأمور التي هي من أمور الجاهلية.
حديث أم حرام تفلي رأس النبي
فلم نجد في الروايات الواردة في حديث أم حرام ما ينص على أمر القمل، وقد ذكر الزرقاني في شرح الموطأ الخلاف في شأنه صلى الله عليه وسلم هل كان فيه قمل أم لا؟ فقال: تفلي بفتح الفوقية وإسكان الفاء وكسر اللام من فلى يفلي كضرب يضرب، أي تفتش في شعر رأسه لإخراج الهوام أو للتنظيف، واختلف هل كان فيه قمل ولا يؤذيه أو لم يكن فيه أصلا؟ وإنما تفلي ثوبه للتنظيف من نحو الغبار، وإنما كان يدخل عليها ويمكنها من التفلية، لأنها ذات محرم منه، لأنها خالة أبيه أو جده عبد المطلب لأن أمه من بني النجار.. اهـ.
وقد جاء في حديث متكلم في سنده أن الأنبياء قد يبتلى أحدهم بالقمل، قال ابن كثير في السيرة: إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر، إن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالقمل حتى يقتله، وإن كان الرجل ليبتلى بالعري حتى يأخذ العباءة فيجوبها، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء، فيه رجل مبهم لا يعرف بالكلية، فالله أعلم. اهـ
ولو افترض أنه قد كان فيه القمل فلا نقص في ذلك عليه، لأنه بشر يعتريه ما يعيري البشر مما لا يقدح في نبوته ورسالتها، فقد كان يمرض ويجوع ويعطش صلوات الله وسلامه عليه.
والله أعلم.
حديث أم حرام في البخاري
6600 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها يوما فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة شك إسحاق قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت [ ص: 409 ]
في أي جزيرة توفيت الصحابية أم حرام
قبرص
أول صحابية ركبت البحر
الصحابية الجليلة أم حرام بنت ملحان من بني النجار،
تفلي رأس النبي
( جعلت تفلي رأسه )
في حديث أم حرام بنت ملحان المشهور في البخاري ومسلم وغيرهما، وهناك مشاركات في الرد على الشبهات المثارة حول هذا الحديث لكن ليس من ضمنها هذه الشبهة، حيث يطعن المنصرون في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطبعا انتهز منكرو السنة الفرصة وأنكروا الحديث إذ كيف يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مقملا ) وهو أبو النظافة!!!
والحديث له رواية أخرى في سنن أبي داود:
3082 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ كُلْثُومٍ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّهَا كَانَتْ تَفْلِى رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدَهُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَنِسَاءٌ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَهُنَّ يَشْتَكِينَ مَنَازِلَهُنَّ أَنَّهَا تَضِيقُ عَلَيْهِنَّ وَيُخْرَجْنَ مِنْهَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُوَرَّثَ دُورَ الْمُهَاجِرِينَ النِّسَاءُ فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَوَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ دَارًا بِالْمَدِينَةِ.
أم سليم
هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، اختلف في اسمها فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة. وتُلقَّب بالغميصاء أو الرميصاء. وقد أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار.
مسجد أم حرام
http://wikimapia.org/6780925/ar/%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF-%D8%A3%D9%85-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9