اهمية العلم في الاسلام
العلم معرفة الشيء على حقيقته، ولا يكون العلم إلا بعد جهد تدرك به هذه المعرفة.
ويطلق العلم على معان كثيرة كالعلم بالعقائد، وعلم اللغات، والتراجم، والأنساب، وعلوم الطبيعة كالرياضيات والكيمياء والفيزياء أو العلوم الحديثة كالحاسب الآلي والإنترنت، وأي علم آخر يجتهد الإنسان لمعرفته.
وقد اهتم ديننا الحنيف بالعلم أعظم اهتمام، يقول الله عز وجل في أول ما نزل: “اقرأ باسم ربك الذي خلق” (العلق: 1)، وقال: “اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم” (العلق: 3-5). ففي هذه الآيات المحكمات أمر بالقراءة وتعلم أي علم يكون له ولغيره نفع في الدين والدنيا.
وقد رافق هذا الأمر بيان سماوي آخر عن مكانة العلماء في مواضع عدة من القرآن الكريم كما في قوله تعالى: “شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط” (آل عمران: 18) وقوله عز وجل: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” (الزمر: 9) وقوله سبحانه: “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” (المجادلة: 11). ففي الآيات إشارة واضحة بأنّ الذين يشهدون بالوحدانية المطلقة هو الله عز وجل وملائكته وأولو العلم وفيها دلالة بأنَّ العلماء يتميّزون بعلومهم ومعارفهم عن الذين لا يعلمون.
اهمية طلب العلم وأثره في حياتنا
بتطوُّر إمكانيّات الإنسان العلميّة، تتطوَّر المجتمعات، وترتقي الدُّول؛ فالعلم قوّة تُتيح لاقتصاديّات الدُّول العديد من الآفاق الصناعيّة، والاستثماريّة الهائلة، ففي التنافس التكنولوجيّ كان للعلم اليد الطولى في فتح مسارات لانهائيّة في المجالات التقنيّة، وحتى على المستوى الفرديّ، إذ إنّ مجالات التطوُّر كبيرة، ومُتاحة عن طريق الحاسوب، والإنترنت، حيث يمكن الحصول على آلاف المصادر، والمُتخصِّصين في كلّ مجال، كما أنّه عن طريق العلم ينعم البشر الآن بالكهرباء، ومصابيح الإنارة مثلاً، والتي غيَّرت مجرى التاريخ إلى الأبد، ومن الجدير بالذكر أنّ الحياة تتراجع بالجهل، وتتقدَّم بالعلم الذي أنقذ حياة الملايين؛ بسبب تطوُّر الصناعات الطبّية في الجراحة، والتعقيم، والتنظير، وتقنية الليزر، كما ساهم في ابتكار حلول سهَّلت التنقُّلات، ووفَّرت المعلومات، وحسَّنَت ثقافة، ومستوى تطلُّعات، وإمكانيّات الإنسان.
وطلب العلم لم يعد أمراً ثانويّاً؛ ففي المدارس يتلقّى الطلبة تعليمهم، بالإضافة إلى ما يصلهم من معلومات، وفوائد في مختلف المناهج التي يدرسونها، كما أنّ هناك كمّية ليست بالبسيطة من المهارات، والمعرفة المُكتسَبة بطُرق غير مباشرة، إذ يمكن عن طريق نشاط بسيط أن يتعلَّم الطالب مهارة إدارة الفريق، والعمل الجماعيّ، والتفكير الإبداعيّ، وطُرق حَلّ المشكلات، واتِّخاذ القرارات، وعن طريق واجب منزليٍّ مُعيَّن يمكن للطالب تعلُّم أساليب البحث عن المعلومة، واكتشاف أفق آخر للحاسوب، والإنترنت، بالإضافة إلى اكتسابه طُرَق صياغة المعاني، وتنسيق الأفكار، ومهارة الاستدلال، والتلخيص، وبناء الفرضيّات، والبحث لها عن حلول، وتلك المهارات كلّها، وغيرها من المهارات تُعتبَر ثروة حقيقيّة تُنمِّي شخصيّة الطالب، وتزيد من وعيه، وسعيه إلى كَسب مزيد من المعرفة، والخبرة الحياتيّة، حيث إنّه كلّما اكتسبها وهو في سِنٍّ مُبكِّر، فإنّه يمكنه تحقيق الفائدة منها، وتوظيفها بما يعود عليه بالنَّفع.
وجوب طلب العلم
هناك آيات وأحاديث كثيرة تحث على طلب العلم وتحث عليه، من ذلك قوله تعالى:وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طـه:114] وقوله تعالى:قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:9] وقوله تعالى:يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات [المجادلة:11] وقوله تعالى:شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ [آل عمران:18] وقوله تعالى:وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] وقوله تعالى:إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر:28].
وروى ابن ماجه والطبراني وصححه السيوطي لغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
وروى أبو داود وصححه الألباني عن كثير بن قيس قال: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئت لحاجة، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
فالعلم هو الذي يرفع مكانة صاحبه في الدنيا وفي الآخرة، به فضل الله آدم عليه السلام على الملائكة وأمرهم بالسجود له، وبه رفع الله العبيد والموالي حتى صاروا أئمة يقتدى بهم.
وفيما ذكرنا من الأدلة كفاية على فضل العلم وشرف صاحبه، والمقصود بهذا العلم هو العلم الشرعي.
وأما تعلم الحاسب الآلي والإنترنت ونحوهما من العلوم المتقدمة في مجال التكنولوجيا والعلوم الدقيقة فهي فرض كفاية في هذا العصر.
لأن المسلمين يحتاجون إليها في شؤون حياتهم الدنيوية، وفي مجال الإعداد ولمواجهة اعداء الله عز وجل في شتى الجوانب، وليس هناك نص بعينه من كتاب أو سنة على فريضة ذلك؛ إلا أن نصوص الشريعة العامة وقواعدها تدل على وجوب تحصيل المسلمين ما يتقوون به ويواجهون به أعداءهم، ومن ذلك قوله تعالى:وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60].
انواع العلم في الاسلام
جاءت كلمة العلم في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم مطلقة، ودونما تقييد أو تحديد؛ فهي تشمل كل علمٍ نافعٍ يهدف إلى خير الدنيا وعمارة الأرض، وكل علمٍ يهدف إلى صلاح الناس، والقيام السليم بواجبات الخلافة البشرية على هذا الكوكب.
ويمكننا تقسيم العلوم إلى قسمين كبيرين يشملان كل علم نعرفه أو نحتاج إليه، وهذان القسمان هما: العلوم الشرعية والعلوم الحياتية.
العلوم الشرعية والعلوم الحياتية
أما العلوم الشرعية فهي العلوم التي يُعرَف بها الله تعالى، ويُعرَف بها كيف تكون العبادة الصحيحة، ويشمل ذلك كل العلوم المتعلقة بدراسة الدين وفقه الشريعة، مثل علوم القرآن، وعلوم السنة والحديث الشريف، وعلوم العقيدة، وعلوم الفقه وأصوله، وعلوم الأخلاق، وغير ذلك مما يتعلق بالشريعة والدين. ويرتبط بهذا القسم بعض العلوم الأخرى التي يُحتاج إليها في فقه تلك العلوم الشرعية، مثل علوم اللغة والأدب والتاريخ، ونحو ذلك.
أما العلوم الحياتية فهي العلوم النافعة التي يحتاج إليها الإنسان ليصلح بها حياته، ويعمِّر بها أرضه، ويستكشف بها كونه وبيئته، وذلك مثل علوم الطب والهندسة والفلك والكمياء والفزياء والجغرافيا، وعلوم الأرض والنبات والحيوان، وغير ذلك من العلوم المشابهة.
فكلمة العلم التي كَثُرت الإشارة إليها في الكتاب والسنة إنما تعني -في أكثر الأحيان- العلم بشقيه الشرعي والحياتي، وكل ما جاء من مدحٍ للعلماء، فهو لكل عالمٍ نفع الناس بعلمه، سواء كان شرعيًّا أم حياتيًّا.
علوم فرض العين وعلوم فرض الكفاية
ثم إن هذه العلوم -سواء علوم الشرع أو علوم الحياة- تنقسم بدورها إلى قسمين: علوم فرض عين، وعلوم فرض كفاية.
وفرض العين هو ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا من كل مكلف بعينه، فلا يكفي أن يقوم به البعض دون البعض الآخر، ومنه: الصلاة، والصيام، والوفاء بالعقود وغيرها.
وفرض الكفاية هو ما طلب الشارع حصوله طلبًا جازمًا من جماعة المكلفين، فإن أقامه أحدهم أو بعضهم على الوجه المطلوب، سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقمه أحد أثم الجميع، ومنه: الجهاد في سبيل الله، وإقامة الخلافة، والصلاة على الميت ودفنه، وغيرها.
فضل طلب العلم
حث الاسلام على فضل العلم وطلبه، وخصّص له قيمة عظيمة بأن جعل العلماء ورثة الأنبياء، وجعل فضل الإنسان العالم يفوق فضل العابد بقدر المسافة بين الأرض والسماء، وفضائل العلم هي كالتالي:
- تهذيب النفوس: حيث يعمل العلم على تربية النفس الإنسانيّة، وتنقيتها، وتطهيرها، وتخليصها من الأخلاق والصفات الرذيلة، ويقوّم سلوكها، ويعدّل عقيدتها، فتعرف خالقها، فتتبع أوامره، وتجتنب نواهيه.
- مخافة وخشية الله: تتحقّق هذه الخشية عندما يتبع الإنسان طريق العلم، فكلما زادت المعرفة عند الإنسان كلّما زادت خشيته من الله سبحانه وتعالى.
- تنوير البصيرة: هي كلمة تحمل معاني كثيرة منها الإدراك، والفطنة، والنظر إلى أبعاد الأمور وخفاياها، حيث يصبح مالكها مبصراً بالأمور بقلبه قبل عينه، وهي هبة منحها الله للكثير من الناس، ويمكن تنميتها من خلال طلب العلم، والاستزادة منه.
- العلم مقدّم على العبادة: حيث قدّمه الله سبحانه وتعالى على العبادة، وسهل لسالكه طريقاً إلى الجنة، كما عدّ من يموت خلال طلبه في بلاد الغربة شهيداً؛ وذلك لأن العلم هو الطريق التي تتبعها العبادة، فالعابد يتبع العالم، كما أن أثره يبقى بعد موت صاحبه، على العكس من العبادات التي تنقطع وتنتهي بموت صاحبها، وبذلك كان العلم أفضل من النوافل.
- جهاد في سبيل الله: ممّا لا شكّ فيه أنّ الجهاد هو أعظم وأفضل الأعمال عند الله، لكن ذهاب المسلمين جميعهم إلى القتال يعرضهم للخطر، ويعطل أعمالهم، وبذلك كان من الأفضل بقاء البعض ممن لا يستطيعون تحمّل مشاقّ الحرب وشدتها، وهم ضعاف البنية الجسميّة، فيجاهدون بأيديهم وألسنتهم، من خلال ما يتّصفون به من سرعة الفهم، والنبوغ، وقوّة الحفظ، فيخدمون العلم، ويجاهدون به الأعداء.
اخلاقيات العلم في الاسلام
من اخلاق العلم في الاسلام:
- الصبر: فمن لم يحتمل ذل التعلم ساعة ذاق مرارة الجهل بقية الحياة، كذلك
- خشية الله: وهي الأولى فباستطاعة العلم أن يصبح سلاح ذو حدين،هناك العلم النافع كما يوجد العلم الضار بالبشرية،
- التواضع من أخلاقيات العلم : ففوق كل ذي علم عليم كذلك طبيعة العلم والنظريات العلمية تستدعي التواضع فلا نهاية للعلم ولا ثبات لنظرية مما يستلزم البحث الدؤوب والمثابرة للعكوف على التعلم أي الاجتهاد.
- الزهد في الدنيا فغاية العالم دائماً أكبر من الغرائز الدنيوية.
- الأمانة العلمية.
- التأني للفحص والتمحيص قبل الإجابة كذلك قبل السؤال فمن صفات العلماء الروية،
- من أبرز صفات العالم الحق بأي مجال الإنصاف مع الاختلاف في الرأي فالعالم بغيته الحقيقة يتواضع لها وينصفها هي وصاحبها من نفسه لا يضره أبداً ألا يكون هو صاحبها والمتوصل الأول لها فلا أنا ( نية) مع حياة العلم،
- عادة ما يعمل العالم بما علم لبلوغه درجة اليقين والفهم لذلك فعالم واحد أشق على الشيطان من ألف عابد والحمد لله رب العالمين.