عناصر القاعدة القانونية
- الفرض: وهي جميع المشاكل أو الحالات الواقعية التي تعتبر علاجاً فعالاً للقاعدة، وينبثق الفرض من وحي الرؤية المستقبلية للقانون السائد، وتصف الوضع المنطقي المُتوقع وصوله ضمن علاقات الأفراد في كل زمانٍ ومكان.
- الحكم: وهي الحلول أو العلاج الجذري الذي تأتي به القاعدة القانونية أمام مشكلةٍ ما، وهي التمثيل الفعلي للجزاء أو العقوبة.
خصائص القاعدة القانونية في النظام السعودي
- تعتبر القاعدة القانونية مُنظمة للسلوك الإجتماعي السائد في مجتمع ما، وتعتبر قواعد مُقوّمة للسلوك وليست مُقررّة لها، ويشير ذلك إلى أنها لا تقر فعلياً السلوك الفردية، بل تسعى إلى تهذيبها وتقويمها.
- تُوصف بأنها قاعدة قانونية عامة مجردة، ويتمثل ذلك بأنها مُجردة من حيث الفرضيات التي تعمل على نظيمها.
- تتسم بأنها قانونية ملزمة؛ وذلك بأنها تتخذ صفة إلزامية مُجبرة للأفراد والجماعات في حال توفّر عنصر الإيمان المنبثق عن النفوس المؤمنة بضرورة احترام هيبة القانون.
القاعدة القانونية عامة ومجردة
القاعدة القانونية عامة ومجردة :
يقصد بعمومية القاعدة القانونية أنها لا توجه إلى شخص معين بالذات أو إلى واقعة معينة بالذات، وإنما تحدد الشروط التي يلزم توافرها لكي تنطبق القاعدة، فإذا توافرت هذه الشروط في شخص معين أو واقعة معينة انطبقت القاعدة.
فالقاعدة القانونية إذن لا نصدر لحكم واقعة بعينها أو نتنظيم أمور شخص معين، وإنما تصدر لتنظيم سلوك أفراد المجتمع بصفة عامة، فهي تشأ في عبارات مجردة لا تشير إلى أشخاص معينة أو إلى وقائع محددة بالذات، ومن ثم تطبق عامة على جميع الأفراد الذين تتوافر فيهم الشروط التي حددتها القاعدة.
والعمومية والتجريد ليستا صغتين منفصلتين للقاعدة القانونية، وإنما هما – على النقيض من ذلك – متلازمتان لا تفترق إحداهما عن الأخرى أو على حد تعبير البعض “وجهان لخصيصة واحدة” .
مصادر القاعدة القانونية
يمكن تقسيم مصادر القاعدة القانونية إلى قسمين :
المصادر المادية أو الموضوعية
وهي العوامل التي أسهمت في تكوين مضمون القاعدة كالعوامل الاجتماعية أو الاقتصادية .
المصادر الرسمية أو الشكلية
وهي الوسائل التي تخرج بها القاعدة إلى حيز النفاذ لتخاطب الناس بأحكامها على نحو ملزم ، وتسمى رسمية لكونها الطرق المعتمدة التي تجعل من القاعدة ملزمة ، وهي مصادر شكلية في كونها الشكل الذي تظهر به القاعدة ملزمة للجماعة.
وتفصيل المصادر هي كالتالي :-
التشريع
ويقصد به سن القواعد القانونية في صورة مكتوبة بمعرفة سلطة عامة في الدولة مختصة بوضعه .
الدين
يعتبر الدين مصدرا رسميا أصليا للقواعد القانونية التي تحكم المسائل التي تثيرها علاقات الناس بعضهم البعض وعلى الأخص في الدول الإسلامية ، والمقصود بالدين في هذه الدول القواعد والأحكام التي أنزلها الله تعالى لإرشاد الناس وتوجيه سلوكهم
العرف
يقصد بالعرف اعتياد الناس على سلوك معين في مسألة من المسائل مع اعتقادهم بأن هذا السلوك أصبح ملزما وأن مخالفته تستتبع توقيع جزاء مادي جبرا . ووفق هذا التعريف فانه يستلزم وجود ركنين للعرف ، الأول مادي يتمثل في الاعتياد على سلوك معين وهو ما يسمى بالعادة ، والآخر معنوي يتمثل في الشعور بإلزام هذه العادة التي اضطر على ابتاعها .
الفقه والقضاء
كان الفقه والقضاء مصدرين رسميين للقانون في بعض الأنظمة القديمة ، إلا أن، دور الفقه تضاءل في القوانين الحديثة ، غير أن ذلك لا يمس بالدور الذي يقوم به الفقه في تطوير القانون حيث انه الكاشف الأول لقصور القانون والمطالب الأول لسد النقص فيه. وفيما يتعلق بالقضاء فقد كانت السوابق القضائية مصدرا رسميا حيث أن الأحكام الصادرة عن المحاكم تدخل بصفة تلقائية في صلب القانون كقواعد لها نفس قوته .
مبادئ العدالة الطبيعية
ويقصد بهذه المبادئ الأسس الطبيعية ( الفطرية) التي تحكم سلوك البشر.
أهمية القاعدة القانونية
لقد أسهمت كافة عوامل وعناصر الحياة الاجتماعية في نشأة قواعد القانون، إذ إن القانون هو تنظيم لحياة الناس ولواقعهم الاجتماعي، تلك الحياة وهذا الواقع بمثابة التربة التي منها نمت شجرة القانون وفيها ترعرعت، ونادراً ما توجد حقيقة أو واقعة اجتماعية لا تسهم بطريق مباشر أو غير مباشر في نشأة القانون وتطوره. ونشأت كافة قواعد القانون عن طريق النمو المتدرج والمتعدد المراحل في خطوات متعاقبة، إن عملية نشأة القانون هي عملية يتجه بمقتضاها السلوك الإنساني المتفرد والمتكرر إلى خلق معايير وقواعد للسلوك هي أكثر مناسبة من غيرها لتحقيق الأهداف الاجتماعية تماماً وبالكيفية نفسها، فالقانون هو مجموعة القواعد العامة المجردة الملزمة التي تسنها الدول أو تأمر بتطبيقها، والمصحوبة بجزاء حال ومادي توقعه السلطة العامة عند مخالفة هذه القواعد، فالقاعدة القانونية هي الوحدة أو الخلية التي يتكون منها، وللقاعدة القانونية عدة خصائص ومنها: إنها قاعدة سلوكية هدفها تنظيم السلوك، فهي قاعدة تقويمية يراد بها توجيه السلوك وجهة معينة، وهذا التوجيه قد يكون بطريقة مباشرة عندما تتضمن القاعدة أمراً أو نهياً كما قد يكون توجيه السلوك بطريقة غير مباشرة، حيث تضمن القاعدة تعريفاً أو تنظيماً، فيكون الالتزام بها بمطابقة السلوك لأحكام هذا التنظيم، بالإضافة إلى أنها قاعدة عامة ومجردة، أي يقصد بعموم القاعدة القانونية أن تكون القاعدة غير مخصصة فيما تضعه من أحكام بشخص أو أشخاص معينين بذواتهم. ويُقصد بالتجريد أن خطاب القاعدة القانونية لا يوجه إلى شخص بعينه أو واقعة بذاتها، وإنما العبرة فيه تكون بعموم الصفة وتحقيق الشروط المستلزمة، إلا أنها قاعدة اجتماعية، فالحاجة إلى قواعد القانون لا تبدو إلا مع قيام الجماعة، حيث تظهر الحاجة إلى تنظيم علاقات أفراد هذه الجماعة بعضهم البعض، فالحياة الاجتماعية تقتضي ضبط علاقات الأفراد وإخضاعها للقيود التي ترمي إلى تحقيق التوازن بين الجانب الفردي والجانب الاجتماعي، لتحقيق الاستقرار والسلام في الجماعة وهذا دور القاعدة القانونية. والقاعدة القانونية وفق هذا المعنى هي قاعدة اجتماعية، فيجب أن تتواءم مع ظروف المجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته، فإذا انحرفت القاعدة عن هذه الأسس ولم تراع المثل العليا لذلك المجتمع، قُدّر لها أن تفشل في حكم وتوجيه سلوك أفراد الجماعة، والقاعدة القانوينة قاعدة ملزمة ومقترنة بجزاء، ويقصد بذلك أن للقاعدة القانونية جزاء مادياً يُفرض على مخالفها، وتتولى توقيعه السلطة العامة، ومرد ذلك هو الغاية من القاعدة ذاتها. حليمة عبدالله الحوسني * الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية
خصائص القانون
للقانون العديد من الخصائص والمميّزات، وهي:
- هو ذو قاعدة اجتماعية إذ لا يقوم القانون إلا بوجود الجماعة، وذلك لتنظيم علاقات الأشخاص المنتمين إلى هذه الجماعة وضبط علاقاتهم وإخضاعها للقيود التي تحقّق التوازن بين الجانب الاجتماعيّ والجانب الفردي حتى يتحقّق الأمن، والسلام، والاستقرار.
- هو ذو قاعدة سلوكية حيث يعمل تنظيم السلوك وتوجيهه إلى وجهة محددة ويقومه، ويكون التوجيه بطريقة غير مياشرة أو بطريقة مباشرة.
- ذو قاعدة مقترنة وملزمة ويقصد بهذه الخاصيّة بأنّ قاعدته القانونية ماديّة يفرض على مخالفتها، فالقانون يهدف إلى بناء نظام داخل المجتمع ويحكم سلوك أفراده.
- هو ذو قاعدة مجرّدة وعامة أي أنّ قاعدته القانونيّة لا تخاطب شخص واحد فقط إنما تكون العبرة فيه بعموم الصفة، وأيضاً فإنّ قاعدته عامّة غير مخصّصة بشخص واحد أو لعدّة أشخاص، وكذلك يجب أن تنطبق كلّ واقعة على كلّ شخص تجتمع فيه كافّة الصفات اللازمة.
أقسام القاعدة القانونية
القواعد القانونية تقسم من حيث مدى التزام الأفراد بأحكامها ,على نوعين من القواعد :
– أولا القواعد الآمرة :
القاعدة الآمرة هي القاعدة التي لا يجوز للأفراد أن يتفقوا على ما يخالف حكمها , وعلى هذا الأساس تتميز القاعدة القانونية الآمرة بالتالي :
1- قاعدة واجبة الاتباع في جميع الحالات و في جميع الفروض .
2- قاعدة مطلقة التطبيق , أي ينعدم فيها إرادة الأفراد في أن يتفقوا على حكم يخالف حكمها .
3- أن كل اتفاق يخالف حكم القاعدة القانونية الآمر يقع باطلا و عديم الأثر , فيعتبر الاتفاق المخالف لحكمها و كأنه لم يوجد أصلا .
و مثال القاعدة الآمرة : القاعدة التي تجرم القتل و تضع عقابا للقاتل .
و يلاحظ أن العلة من جعل القاعدة الآمرة قاعدة واجبة الاتباع إطلاقا تكمن في أن هذه القاعدة إنما تنظم مسالة تعتبر أساسية لإقامة النظام في المجتمع وذلك بالنظر إلى أن هذه المسألة تمس كيان المجتمع .
– ثانيا القواعد المكملة :
هي القواعد التي يجوز للأفراد أن يتفقوا على ما يخالف حكمها وهي تتميز بما يلي :
1- قاعدة واجبة الاتباع في جميع الحالات و الفروض , بشرط عدم وجود اتفاق على ما يخالف حكمها .
2- قاعدة غير مطلقة التطبيق , و لا تنعدم فيها إرادة الأفراد في أن يتفقوا على حكم يخالف حكمها .
3- كل اتفاق يخالف حكم القاعدة القانونية المكملة يعتبر صالحا و صحيحا . فإن وجد الاتفاق فيطبق الاتفاق و لا يطبق الحكم الوارد في القاعدة القانونية المكملة .
و مثال القاعدة المكملة , القاعدة التي تنص على أن تكاليف تسليم المبيع على عاتق المشتري .
◀ معايير التمييز بين القاعدة الآمرة و القاعدة المكملة أو المقررة .
يمكن التمييز بين القاعدة الآمرة و القاعدة المكملة أو المفسرة بالاعتماد على المعيارين التاليين .
المعيار الأول :
المعيار الشكلي أو المعيار اللفظي :
هو المعيار الذي ينظر فيه إلى الألفاظ التي صيغت فيها القاعدة القانونية .
المعيار الثاني :
المعيار الموضوعي :
هو المعيار الذي ينظر فيه مضمون القاعدة القانونية أو محتواها أو معناها .
إذا كانت القاعدة القانونية مكتوبة ( وهو الوضع الغالب ) فقد تفيد العبارات التي صيغت بها في تحديد صفة القاعدة أنها آمرة أو مكملة .
فإذا كانت الألفاظ التي صيغت بها القاعدة القانونية توحي بعدم جواز الاتفاق على ما يخالف حكمها أو بطلان هذا الاتفاق , فإن هذه القاعدة هي قاعدة آمرة .
مثال 1 : إن وقع الاتفاق على أن أحد الشركاء في شركة لا يساهم في
أرباحها و لا يتحمل خسائرها فإن الاتفاق يعد باطلا .
مثال 2 : و قد تكون القاعدة آمرة حتى في حالة عدم وجود عبارة
بطلان الاتفاق كالحالة التي توحي فيها القاعدة بعدم جواز
هذا الاتفاق .
مثال 3 : و مثال ذلك القاعدة القانونية التي تنص على أنه يجوز للنائب
أن يشتري لنفسه ما أوكل بيعه , فإذا كانت الألفاظ التي
صيغت بها القاعدة القانونية توحي بجواز الاتفاق على ما
يخالف حكمها فإن القاعدة مكملة .
مثال 4 : إن دفع الثمن يكون في وقت تسليم المبيع , ما لم يوجد اتفاق
أو عرف يقضي بخلاف ذلك .
وقد يتعدى تحديد وصف القاعدة القانونية أنها آمرة مكملة اعتمادا على معيارالشكل , ومن ثم وجب البحث في مضمون هذه القاعدة أو فحواها أو معناها , ذلك أن العبارات التي قد تصاغ فيها القاعدة القانونية قد لا توحي بجواز أو بعدم جواز الاتفاق على ما يخالف حكم القاعدة .
مثال 1 : القاعدة القانونية التي تنص على أن المستأجر مسؤول عن حريق
العين المؤجرة ما لم يثبت أن الحريق كان بسبب أجنبي لا يد له فيه .
فإذا كان موضوع القاعدة القانونية ينظم مسألة تهم أفراد المجتمع بأسرهم, كانت قاعدة آمرة و إذا كان موضوع القاعدة القانونية ينظم مسالة خاصة بأطراف العلاقة القانونية و هي مسألة تهم هؤلاء الأطراف فقط , كانت القاعدة مكملة .
وبعبارة أخرى , إذا كانت القاعدة القانونية تتعلق بالنظام العام أو الآداب العامة , فهي قاعدة آمرة , و إذا كانت القاعدة القانونية لا تتعلق بالنظام العام للآداب العامة , فهي قاعدة مكملة .
و استنادا إلى المعيار الموضوعي يقول بعض الفقه ما يلي :
إذا كانت القاعدة القانونية تنظم موضوعا يهم المجتمع بأسره كانت هذه القاعدة قاعدة آمرة .
إذا كانت القاعدة القانونية لا تنظم موضوعا يهم المجتمع بأسره , وإنما تنظم موضوعا خاصا يهم أطراف العلاقة القانونية , كانت هذه القاعدة قاعدة مكملة.
ويعبر عن هذه الفكرة بمصطلح آخر مفاده : << إذا كانت القاعدة القانونية متعلقة بالنظام العام أو الآداب العامة كانت القاعدة آمرة >> .
وإذا كانت القاعدة القانونية لا تتعلق بالنظام العام أو الآداب العامة فهذه القاعدة تكون قاعدة مكملة.
ويقصد بالنظام العام مجموعة الأسس أو المصالح الحيوية السياسية و الاقتصادية
والاجتماعية التي يقوم عليها مجتمع معين في زمن محدد . وإذا كانت هذه الأسس أو المصالح متعلقة بالأخلاق سميت بالآداب العامة أو حسن الآداب .
ويطرح تعريف النظام العام و الآداب العامة إشكالا حول معرفة المقصود بالأسس أو المصالح الحيوية , والسبب في ذلك أن فكرة النظام العام أو الآداب العامة هي فكرة نسبية من حيث المكان و من حيث الزمان .
ونظرا لصعوبة تحديد مفهوم النظام العام أو الآداب العامة أو تقرير ما إذا كانت القاعدة القانونية متعلقة بهما أو لا , فقد ترك أمر تقرير ذلك إلى القاضي الموضوع الذي يجب عليه ألا يستفيد بتقيد في تقرير ذلك بمعتقداته أو مبادئه بل على مبادئ
و معتقدات المجتمع .