مؤلف قصة سندريلا
ديزي فيشر
قصة ساندريلا
تُعد قصة ساندريلا قصّة أطفالٍ عالميّةٍ، وتُعدّ من أكثر القصص شهرةً لدى الأطفال، وقد تم تمثيلها في العديد من الأفلام والبرامج بلغات، وقد اختلفت بعض التفاصيل في القصة من روايةٍ إلى أخرى، إلا أنه يوجد الكثير من التشابهات في الإطار العام للقصة.
الفصل الأول: معاناة سندريلا
كان هناك رجل نبيل يعيش مع زوجته الثانية التي تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى، وكانت هذه الزوجة – بعكس الأولى – متكبّرةً وقاسيةً وسيّئة الخلق. ولم يقتصر الأمر عليها وحسب، فقد كان لها ابنتين تشبهانها في الطباع والأخلاق، فقد أخذتا عنها طباع اللؤم والحسد. وكان لهذا الرجل ابنة اسمها سندريلا، وهي فتاة رقيقة الطبع، وفاتنة الجمال وطيبة النفس والأخلاق، وقد ورثت تلك الصّفات عن أمها المتوفّاة.
لم يمض وقتٌ طويلٌ على زواج الرجل الجديد، حتّى بدأت زوجته بإظهار سوء معاملتها لسندريلا، لا لشيء وإنّما لغيرتها من جمالها وحسن خلقها ورقّتها، فقد جعلت تلك الصفات في سندريلا الفتاتان تبدوان أكثر قبحاً وبغضاً، ولذلك لم تكف هذه المرأة عن مضايقتها بمختلف الأشكال، فتركت لها أكثر الأعمال مشقّة في المنزل، كجلي الأواني والأطباق، وتلميع الأثاث، كما جعلتها تمسح الأرض، وترتّب الفراش في كل صباح. ولم يتوقّف الأمر على ذلك، بل تعدّاه إلى جعلها تنام في [[تلخيص قصة كوخ العم توم|عليّة المنزل]] على سرير مصنوع من القش القذر. وممّا زاد معاناة سندريلا أن ابنتا زوجة أبيها كانتا تتمتعان بعيشة مرفّهة، فكانتا تنامان على أسرّة فارهة في غرف أنيقة بأرضيّات مرصّعة، وفيها مرايا كبيرة تسمح لهما أن تريا صورتهما كاملة فيها.
وكانت زوجة أبيها تعامل ابنتيها برفق، مانحةً إياهما كل أنواع الاهتمام، وجعلتهما ترتديان أجمل الملابس، وأطعمتهما ألذّ أنواع الطعام، وفي المقابل لم تمنح سندريلا سوى الثياب الرثّة والمهترئة التي بليت من استخدام الفتاتين، ولم تسمح لها باقتناء شيء سوى بعض الخردة. وعلى الرغم من التعب الذي كان يصيب سندريلا بسبب عملها المتواصل طول النهار وحتى المساء، فلم تكن زوجة أبيها تسمح لها بالارتياح والجلوس أمام المدفأة إلّا في وقت متأخر من المساء، حيث تكون النار قد أوشكت على الانطفاء، فتجلس المسكينة قرب الرماد الذي ما زال يحتفظ بقليل من الحرارة؛ فكانت بقايا تلك النار هي كل ما يواسي برد وتعب سندريلا آخر الليل.
وقد تحملت سندريلا المسكينة كل الأذى الذي كانت تتلقاه من زوجة أبيها وبناتها، ولم تجرؤ يوماً على إخبار أبيها بما كانت تقاسيه من معاملة سيئة في بيته، فهي على يقين بأنه سيوبّخها بدلاً من أن يساعدها، لأنه كان يصدّق زوجته المتسلّطة في كل شيء، وما كان ليعارضها في الرأي.
الفصل الثاني: دعوة الأمير
ذات يوم وصلت إلى المنزل دعوة من قصر الملك، تقول أن الأمير (ابن الملك) قد أعدّ حفلةً كبيرة، ودعا إليها جميع فتيات البلدة ليتأنّقن ويحضُرْنَ هذه الحفلة. والدعوة التي وصلت المنزل لم تستثنِ أحداً، أي أن سندريلا كانت لتذهب للحفلة تلك لولا أن زوجة أبيها رفضت ذلك، وأجبرت ساندريلا على تزيين الفساتين التي سترتديها هي وبناتها في الحفلة، وجعلتها تقوم بكيّها وتجهيزها، وجعلتها تسرّح شعرها وشعر ابنتيها.
لم تجرؤ سندريلا حتى على سؤال زوجة أبيها إن كان بإمكانها الذهاب لحفلة الأمير، فهي تعرف جيّداً أن الردّ سيكون قاسيا، حتّى أنّها راحت تتخيّل الحوار وتجريه مع القط الذي كان يسكن المنزل قائلة: “هل أستطيع الذهاب معكم للحفلة؟” ثم يجيء رد زوجة أبيها: “أنت أيتها الفتاة الجميلة ستبقين في المنزل لغسل الصحون، ومسح الأرض، وتجهيز الأسرّة للنوم لي وللفتاتين الجميلتين اللّتين ستعودان متعبتين من الحفلة، وستريدان النوم فوراً”.
وبعد يومين، جاء الموعد المنتظر. وذهبت الزوجة مع ابنتيها إلى القاعة الملكية التي كان الأمير قد جهّزها لإقامة الحفل وتركن سندريلا في المنزل خلفهن. وتبعت سندريلا العربة التي ركبتها زوجة أبيها مع ابنتيها بعينيها، وودّت لو استطاعت أن تتبعها بعربة أخرى، ولكن العربة كانت تبتعد عن المنزل متهادية على الطريق المؤدي للقصر، وكلما ابتعدت العربة أكثر، انهمرت الدموع من عيني سندريلا أكثر، وكلما مرّ الوقت، زادت لوعتها وحسرتها؛ هي التي كانت أكثرهن رغبة في حضور الحفل، والتي لو كانت أمّها على قيد الحياة لما كانت الآن في المنزل تنظف الأواني وتمسح الأرضيات، بينما فتيات البلدة في حفلة الأمير الوسيم.
الفصل الثالث: الطيف والعصا السحرية
لم يمضِ وقت طويل على مكوث سندريلا وهي تبكي أمام المنزل، حتى سمعت صوتاً يناديها. في البداية ظنت سندريلا أنّها تتخيّل، ولكن ما إن نظرت إلى مصدر الصوت خلفها، حتى رأت طيفاً لامرأة وقورة وجميلة، هذا الطيف كان طيف أم سندريلا.
تحوّل شعور الخوف عند سندريلا إلى إثارة عندما دار الحديث التالي بينهما:
المرأة: ما بالك تبكين يا سندريلا؟
سندريلا: لقد تحمّلت ظلم زوجة أبي طوال هذا الوقت، وتحمّلت كذلك قسوة ابنتيها، وكنت أنظّف المنزل وحدي كل يوم، وأقوم بكل أنواع الأعمال الشاقة.
المرأة: وماذا أيضاً؟
سندريلا: كما أنّني كنت أكوي ملابس زوجة أبي وابنتيها، وأسرّح لهنّ شعرهنّ، وأرتّب فراشهن، وأجهّز لهن كل شيء يحتجنه، وأحضر لهن الطعام، وأشعل لهن النار.
المرأة: وماذا أيضا؟
سندريلا: وقد كنت أراهن يلبسن أجمل الثياب، ويأكلن أفضل الطعام، وينلن أحسن المعاملة، وأنا أنام على سرير بائس من القش، ولا أرتدي سوى الثياب البالية المستعملة، ولا آكل إلّا بقايا الطعام.
المرأة: وماذا أيضاً؟
سندريلا (وقد مسحت دموعها واحمرت وجنتاها من الخجل): لا.. شيء آخر.
المرأة: بلى يا سندريلا، أنا جئت لأنّي أعرف كم ترغبين بحضور حفل الأمير، ولذلك عليك مساعدتي بإحضار بعض الأغراض كي أستطيع أن أنقلك إلى الحفلة.
سندريلا: حقّاً؟ ومن أين لي فستاناً أرتديه؟ وحذاء ألبسه؟ وعربة تقلّني إلى الحفلة؟
المرأة: لا عليك، من كل هذا، أنا سأتدبر الأمر. ولكن أريد منك أن تحضري لي أكبر حبّة قرعٍ تجدينها، وأن تحضري كذلك ستة فئران صغيرة وواحداً كبيراً. وكذلك أريد منك الذهاب إلى البحيرة حيث ستجدين بعض السحليات، اجلبي منها ست سحليات.
تعجّبت سندريلا من طلبات المرأة، ولكنها نفّذت كلّ ما طلبته منها، وغابت لبرهة من الزمن، وعادت بستة فئران وست سحليات وحبّة قرع كبيرة، وأعطتها للمرأة التي كانت تقف هذه المرّة وبيدها عصىً ذهبيّة اللون، تتلألأُ في الليل كأنها مصنوعةٌ من إحدى النجوم.
أشارت المرأة بعصاها إلى حبة القرع، فتحولت للتو إلى عربة فارهة لم ترى سندريلا مثلها حتى عند الملك. ثم أشارت المرأة إلى الفئران الستة بعصاها، فتحولت الفئران إلى أحصنة أصيلة نظيفة قوية ليس لها مثيل، وأشارت للفأر الكبير، فصار سائقاً يرتدي زيّاً أنيقاً، وأخذ يربط الأحصنة إلى العربة. ثم أشارت مرّة أخرى بعصاها إلى السحليات، فتحولت إلى خدمٍ يرتدون زيّاً أنيقاً كالذي يرتديه السائق.
وقفت سندريلا مذهولة أمام العربة والجياد والخدم لا تدري ما تقول، ثم نظرت إلى ثيابها الرثة المهلهلة، فقامت المرأة بالإشارة بعصاها إلى سندريلا، فتحولت ثيابها البالية إلى أجمل فستان رأته سندريلا في حياتها، والتف عقد من المجوهرات حول رقبتها كان من أثمن العقود التي يمكن أن تقتنيها فتاة في البلدة، وكذلك فقد صار في قدميها حذاء زجاجيّ يلمع أكثر مما يلمع الألماس ليس له مثيل قط.
وقبل أن تنطق سندريلا بكلمة واحدة، قالت لها المرأة: “لا وقت لدينا الآن لنتحدث، اذهبي إلى الحفلة واستمتعي بليلتك يا سندريلا فأنت تستحقين ذلك. ولكن هناك أمر واحد يجب أن تعرفيه جيّدا وتلتزمي به، وهو أن عليك مغادرة الحفلة والرجوع إلى المنزل قبل أن ينتصف الليل، فإذا دقّت الساعة الثانية عشرة؛ ستعود كل الأشياء إلى سابق عهدها، فترجع العربة قرعة، والجياد فئراناً، والخدم سحليّات، وفستانك سيرجع إلى ثياب المطبخ الممزقة التي كنت ترتدينها، فأسرعي الآن واركبي العربة كي ترجعي قبل منتصف الليل.” ثم فتح الخدم باب العربة لسندريلا، فركبتها وانطلقت إلى قصر الملك.
الفصل الرابع: الحفلة ومنتصف الليل
أحدث وصول سندريلا إلى حفلة الأمير جلبةً كبيرة، وراح الحرس على باب القصر يرحبّون بهذه الأميرة التي لم يسبق لأحد أن رآها أو سمع عنها، وانطلق بعضهم لإخبار الأمير بأن أميرة قد وصلت الحفل، ولا بد أن يستقبلها.
وهذا ما حدث بالفعل، فعندما رأى الأمير سندريلا فُتن بجمالها، واهتم بها وحدها دون باقي الحضور، بقي جالساً جنبها طوال الوقت، وتناول العشاء معها، ولم يكفّ عن محادثتها.
لم يكن الأمير وحده من أُخذ بجمال سندريلا وأناقتها، فقد شاركه في ذلك الحضور متسائلين عن هذه الأميرة التي ظهرت فجأة، ومن أين جاءت. وزوجة أبي سندريلا وابنتيها لم يكنّ استثناءً، فقد أُعجبا بها وأخذن يتحدثن عنها طوال الحفل، وأثناء طريق العودة، وحتى بعد وصولهنّ إلى المنزل، فقد أخذن يخبرن سندريلا عن تلك الأميرة التي سلبت عقل الأمير.
لم تنس سندريلا وصية المرأة، فقبل أن تدق الساعة الثانية عشرة، استأذنت الأمير والحضور، وغادرت الحفلة بعد أن وعدت الأمير أن ترجع إلى الحفلة في الغد. ودّعها الأمير، ورجع إلى قصره منتظراً عودة هذه الأميرة الفاتنة في الغد.
في الليلة التالية أعيدت الكرّة. فغادرت الزوجة وابنتيها إلى الحفلة، وتركن سندريلا بثيابها البالية لتقوم بأعمال المنزل، ورجعت المرأة وفعلت مع سندريلا ما فعلته الليلة السابقة، ولكن فستان الليلة كان أكثر جمالاً. وانطلقت سندريلا إلى الحفلة بعد أن ودّعتها المرأة وذكّرتها بضرورة عودتها قبل انتصاف الليل.
وصلت سندريلا الحفلة، وحبس الحضور أنفاسهم لجمالها وأناقتها، ورافقها الأمير كظلّها طوال الحفلة، ولم يلتفت لفتاة سواها، ولم يرقص إلّا معها. وسندريلا بدورها كانت سعيدة بكل هذا لدرجة أنّها نسيت نفسها، ونسيت أن عليها المغادرة، ولم تنتبه للوقت الذي انقضى سريعاً إلّا عندما دقت الساعة معلنة انتصاف الليل.
كان الأمير في تلك اللحظة يقدم خطبة للحضور، ونظر حوله فانتبه لغياب الفتاة الجميلة، فقد انطلقت سندريلا تركض مسرعة خارج القاعة قبل أن يرجع فستانها إلى حالته الأولى. ولأنها ركضت مسرعة ففقدت فردة من حذائها على الدرج، ولم تستطع أن تلتقطه خشية أن يفوتها الوقت.
لحقها الأمير راكضا خلفها، وتاركاً الحفل وراءه، إلّا أن أميرته كانت قد اختفت، وعربتها، وجيادها، وخدمها كلها قد اختفت هي الأخرى، ولم يبقَ أي أثر لها سوى فردة الحذاء الزجاجي الذي أفلت من قدمها على الدرج، فالتقطه الأمير، وعاد إلى قصره حزيناً.
الفصل الأخير: حذاء سندريلا
مضت أيام على الأمير وهو في حالة من الحزن والاكتئاب بسبب اختفاء تلك الفتاة التي لم يبقَ له من أثرها سوى فردة من حذائها، ولم يعرف كيف يمكن أن يجدها. وبقي الحال كذلك إلى أن خطرت له فكرة، باشر بتنفيذها في الحال.
نادى كبير الحرس في قصره، وأمره أن يأخذ فردة الحذاء الصغيرة تلك، ويلف بها على كل بيوت البلد، معلناً أن الأمير سيتزوّج بالفتاة التي سيناسب الحذاء قدمها. وانطلق كبير الحرس فوراً لتنفيذ ما قاله الأمير.
وطال الأمر، فلم تدخل قدم أي فتاة في الحذاء الزجاجي الصغير رغم محاولة كل فتاة أن تجبر قدمها على الدخول في الحذاء. وظل الوضع على حاله إلى أن وصل الحرس إلى بيت سندريلا.
بالطبع، تسابقت الأختان على قياس الحذاء الذي لم يكن حتى قريباً من قياس أقدامهما. ثم كانت المفاجأة. فبعد أن سخرت الزوجة والفتاتان من سندريلا عندما أرادت أن تقيس الحذاء وحاولتا منعها، طلب كبير الحرس منهن الابتعاد عنها، فقد كانت أوامر الأمير واضحة بأن يمر الحذاء على كل فتيات البلدة دون استثناء.
دخلت قدم سندريلا في الحذاء بسلاسةٍ ودون أدنى مجهود، فقد كان ملائماً لقدمها تماماً، كيف لا وهو قد صنع لقدمها على وجه التحديد. صُعقت الفتاتان وأمهما عندما شهدن ما حدث، خاصّة بعد أن أخرجت سندريلا الفردة الثانية للحذاء من جيبها، ولم يقف الأمر عند ذلك، فقد ظهر طيف أمها مرّة أخرى، ولم يكن باستطاعة أحد أن يراه سوى سندريلا، وأشارت المرأة الطيف بعصاها إلى سندريلا كما فعلت سابقاً، فتحولت ملابس سندريلا البالية مرة أخرى إلى ملابس فاتنة تماماً كتلك التي حضرت بها حفلات الأمير، وارتسمت بسمة كبيرة على وجه كبير الحرس الذي كان فرحاً لأنه استطاع أن يجد الفتاة التي يبحث عنها أميره، وبالتالي فقد استطاع أن ينهي معاناة الأمير.
ألقت الفتاتان بنفسيهما أمام سندريلا، وطلبتا منها السماح على ما فعلنه بها، وسندريلا بدورها عفت عنهما، وقالت لهما أنّها لا تحمل في قلبها أي كره أو حقد عليهما، وودّعتهما وانطلقت مع الحرس إلى قصر الأمير، الذي سعد كثيراً برؤيتها، فزال همّه، وعادت الحياة لتدب في عروقه من جديد. وبعد أيّام تزّوجت سندريلا من الأمير، وأقاما حفل زفاف مهيب، وسندريلا بقلبها ناصع البياض وروحها الطيبة، دعت الفتاتان لتعيشا في قصر الملك، وزوّجتهما باثنين من كبار الموظّفين في البلاط الملكيّ.
قصة سندريلا الأصلية
قصة سندريلا مكتوبة
قصة سندريلا بالصور
سندريلا والامير
قصص