الأسرة في الإسلام

لماذا شرع الاسلام تعدد الزوجات

الحكمة من تعدد الزوجات في الإسلام

لم يُشرع في الإسلام أمرٌ إلا وكان فيه خيرٌ للناس، كما أنه لم يرد في الإسلام تحريم إلا ما يُلحق الضرر بالأفراد أو المجتمعات، ولذلك فإن لمشروعيّة التعدّد في الإسلام أحكام وحِكم، يعلمها من علمها ويجهلها من جهلها، ويُمكن إجمال بعض حِكم التعدّد بين الزوجات في الآتي:

  • التعدّد باب لتكثير شباب الأمة الإسلامية: إنّ الإسلام قد دعا إلى التناسل لتكثير سواد الأمّة الإسلامية، وذلك لا يأتي من خلال الزواج الشرعي، لذلك كان التعدّد باباً لتكثير سواد الأمة الإسلامية وتغليب فئة الشباب الفاعل في المجتمع على فئة العجزة والكبار في السن التي تكون في العادة مُستهلكةً لا منتجة، وذلك يؤثر إيجاباً في قوة المجتمعات الإسلامية ويزيدها فتوةً ونشاطاً ويجعلها مجتمعات مُنتجة بدل أن تكون أمّةً مستهلكة.
  • التقليل من ظاهرة العنوسة عند النساء: أثبتت الإحصائيات أنّ نسبة النساء أعلى من نسبة الرجال في المُجتمعات عامةً، وهو ما يُعزّز ظاهرة العنوسة في المجتمعات ويزيدها، ويُعزى ذلك إلى مشاركة الرّجال في الحروب والمعارك وتَعرّضهم لمخاطر الحياة العامة في الأعمال الشاقة ممّا يؤدّي إلى تَعرّضهم للكوارث الطبيعيّة أو العالمية بشكل أظهر من النساء؛ حيث إنّ المرأة في الغالب تستعيض عن العمل بعناية بيتها وأولادها وزوجها، ويُسهم التعدّد في حلّ تلك الظاهرة والتقليص منها بشكلٍ لافت.
  • التعدد سبيلٌ لحل المشاكل الأخلاقية التي تنشأ في المجتمعات: من المشاكل التي يحلها التعدد الزّنا، والفواحش، وغير ذلك؛ حيث إنّ بعض الرجال تكون لديهم قدرةٌ عالية تجعلهم لا يكتفون بزوجة واحدة، فكان التعدّد حلاً لمثل هؤلاء الرجال حتى لا يلجؤون للحرام، كما أنّه يُمكن أن تكون الزوجة الواحدة مُصابةً بعلّةٍ أو داء يجعل زوجها لا يتمكّن من أخذ حاجته منها مما يدفعه للوقوع في المحرمات، فكان التعدّد باباً لحل مثل تلك المشكلات.

آية تعدد الزوجات في القرآن

الآيات الواردة في زواج الرجل بأكثر من واحدة قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء:3].
وقوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:129].

شروط تعدد الزوجات

  • القدرة المالية والبدنية، وهي أن يكون قادراً على الإنفاق على زوجاته وتحقيق العدل بينهن، وكذلك أن يكون قادراً جنسياً.
  • أن يتحرى العدل بين زوجاته، والعدل بين الزوجات يكون في القسمة بينهن بالعدل والمساواة دون الميل إلى واحدة وتفضيلها بشيءٍ من متاع الدنيا دون الأخرى، فمن انحرف عن منهج العدل بين نسائه أتى الله يوم القيامة وشقه مائل.
  • أن لا يجمع بين أكثر من أربع نساء في الوقت نفسه، فقد حددت الشريعة الإسلامية في مسألة تعدد الزوجات عدد النساء اللاتي يباح الارتباط بهن.
  • أن لا يكون هناك شرطٌ في عقد الزواج بين الرجل وزوجته الأولى ينص صراحةً على اشتراطه عدم الزواج من أخرى، فالعقد في الإسلام هو شريعة المتعاقدين، ولا يجوز للرجل الذي اشترطت عليه زوجته أن لا يتزوج عليها بأخرى أن يتزوج غيرها في السر أو العلن، وإلا اعتبر عقد الزواج لاغيًا لفقدان أحد شروطه.

متى يكون تعدد الزوجات حرام

متى يكون تعدد الزوجات حراماً؟

يكون تعدد الزوجات أمراُ مكروهاً إذا لم يستوفِ شروط تنفيذه، حيث إن عدم قدرة الزوج الإنفاق على جميع زوجاته يكون حينها الزواج المتعدد أمراً مكروهاً، و في حالة عدم القدرة لدى الزوج على الوفاء بالتزاماته الجنسية مع زوجاته وتكون قدرته البدنية غير جيدة، وكذلك في حالة كون الرجل لا يستطيع المساواة في المعاملة والالتزامات بين زوجاته جميعهن، وإذا تزوج الرجل بأكثر من 4 نساء في نفس الوقت.

فوائد تعدد الزوجات

إن الحديث عن فوائد تعدد الزوجات ذو حساسية عالية لدى بعض الأشخاص، فمنم مؤيد ومنهم معارض، ويحدث ذلك لعدم النظر الدقيق في حكم هذا الموضوع وأبعاده، بالابتعاد عن إشباع الغرائز وحسب، وهذا بالرغم من أن تعدد الزوجات حقٌ مشروع للرجل ما دام في إطار الحلال، ولو أريد استقصاء الحِكمة من شرعية تعدد الزوجات لطال الحديث، ويستعرض فوائد تعدد الزوجات كالآتي:

  • الرحمة بالمرأة التي قد يفوتها قطار الزواج لعدة أسباب، أو أن تكون أرملة أو مطلقة، والحفاظُ على عفتها في ظل المغريات، ولأن عدد النساء في المجتمع يفوق عدد الرجال.
  • سدّ رمق وحاجة الرجل مِن الذرية عند عقم الزوجة الأولى أو مرضها، أو امتناعها عن الإنجاب، لأن الرجل يحتاج إلى الذرية بحكم فطرته، فالزواج بامرأة أخرى خيرٌ من طلاق الزوجة الأولى وتشردها، وتلك وغيرها من أهم فوائد تعدد الزوجات.
  • تقوية تلاحم المجتمع وتماسك بنيانه، وزيادة من ذرية الأمَّة المسلمة. ضمانٌ اجتماعي للنساء؛ خاصة المطلقات والارامل اللواتي يفقدن من ينفق ويشفق عليهن، فيجدن بالزواج من سدا للحاجة، وابتعادًا عن تكفُّف الناس.
  • الأمن من الجرائم الأخلاقية، واستعاضة الرجل عن الفسق والبغاء تعد من أهم فوائد تعدد الزوجات.

أسباب تعدد الزوجات

  • في أيّام غزوات الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كثر استشهاد الرّجال فقلّ عددهم وزاد عدد النّساء غير المتزوّجات أو الأرامل، فأحلّ الله تعالى الزّواج من أكثر من امرأةٍ لكثرة عددهنّ نسبة إلى عدد الرّجال. وفي وقتنا هذا ومع الحروب والقتل نجد عدد النّساء يفوق عدد الرّجال.
  • النهوض بالأمّة يأتي من زيادة عدد أفرادها، والأفراد يزيدون بالتّكاثر وارتفاع نسبة الزّواج والتّقليل من نسبة العنوسة، فكان هذا سبباً لتعّدد الزّوجات.
  • حماية الرّجال أصحاب الشّهوة القويّة من الوقوع في الرّذيلة؛ فقد تكون زوجته كبيرةً في السّن أو بشهوةٍ ضعيفةٍ أو ذات فترة حيضٍ طويلة.
  • إذا كانت الزّوجة عقيمة ولا أمل من شفائها، فبإمكان الزّوج أن يتزوّج من أخرى مع مراعاة مشاعر زوجته الأولى.

هل تعدد الزوجات سنة

لماذا شرع الله الزواج بأربعة

قال سبحانه وتعالى:” فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً “، النساء/3، فقد أباح الإسلام للمسلم تعدّد الزّوجات، في مقابل أن يضمن الزّوج قدرته البدنيّة والماليّة على هذا التّعدد، وأن تكون لديه القدرة على العدل بينهنّ، ومن الممكن أن يسبّب الزّواج بأخرى إيذاءً نفسيّاً للزوجة الأولى، فعلى الزّ,ج في هذه الحالى أن يتلطف بزوجته الأولى، وأن يقنعها بالأمر، وأن يبذل لها ما يجبر خاطرها، لأنّ هذا كله يعتبر جزءاً من العشرة بالمعروف. ومن أهمّ الحكم التي شرع التّعدد من أجلها الزّواج، ما يلي:

  • تحريم الإسلام للزنا، والتّشديد في هذا التّحريم، وذلك لأنّ فيه مفاسداً عظيمةً، والتي تفوق الحصر أو العدّ، وإنّ الدّين الإسلامي حين قام بتحريم الزّنا، والتّشديد في هذا التّحريم، فإنّه يكون قد فتح باباً مشروعاً، يستطيع الإنسان من خلاله أن يجد الرّاحة، والسّكينة، والطمأنينة، ألا وهو باب الزّواج، حيث شرع الإسلام الزّواج، وأباح التّعدد فيه، ولا شكّ أن منع التعدد يعتبر ظلماً لكلّ من الرّجل وللمرأة؛ وبالتالي فإنّ منعه قد يدفع الإنسان إلى الزّنا؛ وذلك أنّ عدد النّساء يفوق ويزيد على عدد الرجال في كلّ زمان ومكان، وهذا ما يتجلى واضحاً في أيّام الحروب؛ وبالتالي فإنّ قَصْر الزّواج على امرأة واحدة يؤدي إلى بقاء عدد كبير من النّساء دون زواج، وهذا ما يسبب لهنّ الحرج، والضّيق، والتّشتت، وربما أدّى بهنّ إلى أن يبعن عرضهن، وأن ينتشر الزّنا، ويضيع النّسل.
  • الزّواج لا يعتبر متعةً جسديّةً فقط، بل إنّ فيه راحةً، وسكناً، وفيه أيضاً نعمة الولد، والولد في الإسلام لا يعتبر مثل غيره في النّظم الأرضيّة؛ وذلك أنّ لوالديه حقّاً عظيماً عليه، ففي حال رزقت المرأة أولاداً، وقامت على تربيتهم، فإنّهم يكونون لها قرّة عين.
  • تعتبر نظرة الإسلام عادلةً ومتوازنةً، وذلك أنّ الإسلام ينظر إلى جميع النّساء بعدل، وهذه النّظرة العادلة تشير بأنّه لا بدّ من النّظر إلى جميع النساء بعين العدل.
  • لا يعتبر التّعدد واجباً، وذلك أنّ كثيراً من الأزواج المسلمين لا يعدّدون، فطالما أنّه قد اكتفى بزوجة واحدة، أو أنّه غير قادر على العدل بينهنّ، فإنّه لا حاجة له في التّعدد.
  • أنّ طبيعة المرأة تختلف اختلافاً تامّاً عن طبيعة الرّجل، وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة؛ فهي لا تكون مستعدّةً للمعاشرة في كلّ الأوقات، ففي حال دورتها الشّهرية فإنّ المانع قد يصل إلى عشرة أيام، أو أسبوعين في كلّ شهر، وفي النفاس مانع كذلك، والغالب فيه أنّه أربعون يوماً، وتعتبر المعاشرة في هاتين الفترتين محظورةً في الشّرع، لأنّ فيها من الأضرار ما لا يخفى، وفي حالة الحمل فإنّه قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج، وهكذا.
  • أمّا الرّجل فإنّ استعداده يكون واحداً طيلة أيّام الشّهر، والعام، وبعض الرّجال في حال منع من التّعدد فإنّه قد يؤول به الأمر إلى سلوك غير مشروع.
  • ربّما تكون الزّوجة عاقراً أو عقيماً لا تلد، وبالتالي يُحْرَمُ الزوج من نعمة الولد، فبدلاً من تطليقها يبقي عليها، ويتزوّج بأخرى ولود. أن تمرض الزوجة مرضاً مزمناً لا شفاء منه، مثل الشّلل وغيره، وبالتالي لا تستطيع أن تقوم على خدمة الزّوج؛ فبدلاً من أن يطلقها فإنّه يبقي عليها، ويتزوّج بأخرى. ربّما يكون سلوك الزّوجة مع زوجها سيّئاً، فقد تكون الزّوجة شرسةً، أو سيّئة الخلق، أو لا ترعى حقّ زوجها؛ وبالتالي بدلاً من أن يقوم بتطليقها فإنّه يبقي عليها، ويتزوّج من أخرى؛ وذلك وفاءً للزوجة، وحفاظاً على حقّ أهلها، وحرصاً منه على مصلحة أولادهما من الضّياع إن كان له أولاد منها.
  • تعتبر قدرة الرّجل على إنجاب الأطفال أوسع بكثير من قدرة المرأة، وذلك أنّ الرّجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد سنّ السّتين، بل ربّما يتعدى المائة عام وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
  • يعتبر الزّواج من ثانية راحةً للأولى، لأنّ الزّوجة الأولى ترتاح قليلاً أو كثيراً من أعباء الزّوجية، لأنّه يصبح هناك من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزّوج.
  • أنّ في الزّواج بأخرى التماساً للأجر، فقد يتزوج الإنسان من امرأة مسكينة ويوجد أيّ عائل لها، ولا راع، فيتزوجها بنيَّة أن يعفّها، ويرعاها، فينال الأجر من الله بذلك.
  • أباح الله سبحانه وتعالى التّعدد وهو أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم.
السابق
كيفية طاعة الزوجة لزوجها
التالي
ما هي عقوبة عقوق الوالدين

اترك تعليقاً