مصدر الأجسام المضادة
تتكون الأجسام المضادة من مواد بروتينية متخصصة يطلق عليها اسم (الجلوبولينات المناعية)، حيث يتم إفراز هذه الأجسام من خلال خلايا (B)، نتيجة وجود أجساماً غريبةً، مما يوقف عمله وتأثيره على الخلايا، وتنتشر هذه الأجسام المضادة على سطح خلايا (B) وفي الدم وفي الأنسجة الليمفاوية. تتألف هذه الأجسام من سلاسل عديدة الببتيد، وعدد هذه السلاسل أربعة تترتب على شكل حرف (Y)، وتكون أول سلسلتين كبيرتين وثقيلتين وثابتتين في التركيب، بينما السلسلتين الباقيتين أصغر حجماً، ويتغير تركيب الأحماض الأمينية التي توجد في الجزء العلوي من السلاسل مما يسمح بارتباط الجسم المضاد بنوعٍ معين من مولد الضد.
يتمّ إنتاج الأجسام المُضادّة من نوعٍ من الخلايا المناعيّة التي تُسمّى الخلايا البائيّة؛ إذ يتمّ تفعيل هذه الخلايا وتميُّزها إلى الخلايا البلازميّة المُنتِجة للأجسام المُضادّة نتيجةً لارتباط مولّد الضد بالمُستقبِلات الموجودة على الخلايا البائيّة، وقد يحتاج إتمام هذه العمليّة إلى وجود نوعٍ آخرٍ من الخلايا المناعيّة التي تُسمّى الخلايا التائيّة المُساعِدة.
نسبة الأجسام المضادة في الدم
أنواع و نسب الاجسام المضادة :
تنقسم أنواع الاجسام المضادة في الجسم إلى خمسة أنواعٍ على النحو التالي :
غلوبولين مناعي ج
- ويعرف أيضًا باسم IgG، أو الغلوبولين المناعي، يشكل هذا النوع نسبة تتفاوت ما بين 70-75% من إجمالي الغلوبولينات المناعية (الأجسام المضادة)، لذلك فإنها الأكثر وفرة في مجرى الدم، ويكمن دوره الأساسي في التخلصِ من السموم والمواد المسببة للأمراض في المادة الغريبة، ويحدث ذلك بعد التعرف على ماهية الجسم المهاجم بالاعتمادِ على الخلايا البلعمية وكريات الدم البيضاء. وفي جسم الأم الحامل، يصل إلى جسم الجنين بواسطة المشيمة لتوفير الحماية له وتحفيز الجهاز المناعي لديه.
الغلوبولين المناعي م
- ويطلق عليها طبيًّا Igm، تٌقدر نسبة هذا النوع من الأجسام المضادة بنحو 10% من إجمالي العدد، حيث تأخذ بنية خماسية؛ إذ تقترن خمسة جزيئاتٍ رئيسيةٍ مع بعضها البعض على صيغة الحرف الإنجليزي Y، ويعد هذا النوع أقل احتواءً للمستضدات مقارنةً مع النوع السابق؛ وبالرغم من ذلك إلا أن لديه قدرة عالية على التكاثر نتيجة البنية الخماسية والسداسية الطاغية.
الغلوبولين المناعي أ
- IgA، يتواجد هذا النوع بشكلٍ كبيرٍ في المواد السائلة في جسم الإنسان مثل السوائل المعوية واللعاب والمخاط وحليب الأم، وتقدر نسبته ما بين 10-15% من إجمالي الاجسام المضادة في الجسم، ويكمن السر في توفره بحليب الأم لتوفير الحماية للجهاز الهضمي للرضيع.
الغلوبولين المناعي هـ
- أحد أنواع الاجسام المضادة التي تتواجد بنسبةٍ منخفضةٍ جدًا لا تتجاوز 0.001% من إجمالي الأجسام المضادة، وتكمن الأهمية بها في التصدي لهجمات الطفيليات.
الغلوبولين المناعي د
- لا تتجاوز نسبته في الجسم 1% في مجرى الدم، ويسهم دوره في تحفيز خلايا B على إنتاج الأجسام المضادة، ولكن ما زال هناك الكثير من علامات الاستفهام حول وظيفته.
في نهاية الحديثِ عن الاجسام المضادة وكيفية إنتاجها، لا بد من التنويه إلى أنه في حال حدوث خللٍ ما في عمل الجهاز المناعي؛ فسيصاب الإنسان بما يعرف باضطراب المناعة الذاتية، حيث ينتج الجسم أجسامًا مضادةً وتهاجم الجهاز المناعي ذاته والخلايا السليمة على اعتبار أنها جسمٌ غريبٌ، فيعود بالضرر على صحة الإنسان أيضًا؛ وتظهر أعراضًا مرهقةً له.
آلية عمل الأجسام المضادة
عند دخول أي جسمٍ غريب إلى الجسم فإن الأجسام المضادة تنتقل من الدم وسوائل الجسم لتلتحم مع هذا الجسم الغريب، وتكون هذه الأجسام المضادة تتلاءم في تركيبها مع مولد الضد، ويؤدي ذلك إلى نشوء تفاعلاتٍ حيويةً تعمل على تدمير الجسم الغريب أو وقف نشاطه بطرقٍ مختلفةٍ.
متى يتم عمل تحليل الأجسام المضادة
- تقوم الأجسام المضادة بدور فعّال في محاربة البكتيريا والفيروسات التي تقتحم الجسم، ولكن ارتفاع نسبتها يمكن أن يسبب آثار سلبية وأضرار صحية عديدة.
- و من الأمور التي تؤدي إلى زيادة نسبة الأجسام المضادة بالجسم وفقاً لنوعه ووظيفته، وتتمثل في:
- التعرض للأتربة: إذا كان الجسم يعاني من حساسية تجاه الغبار والأتربة، فسوف تتسبب في رفع مستويات الأجسام المضادة بالجسم، وبالتالي تظهر اثارها السلبية.
- التغيرات في الطقس: يعتبر الطقس أحد العوامل الأساسية التي يمكن أن تسبب ارتفاع مستويات الأجسام المضادة بالجسم، حيث تزداد فرص حدوث الأعراض السلبية بين المواسم، وكذلك في الأوقات التي تزداد فيها الرطوبة لتسبب نمو الفطريات.
- التعامل مع الحيوانات الأليفة: يمكن أن يتسبب فرو ولعاب الحيوانات الأليفة في الإصابة بحساسية، مما تثير بعض الأجسام المضادة في الجسم. وفي حالة وجود حيوانات أليفة بالمنزل، يجب أخذ الإحتياطات للحفاظ على نظافتها وإبعادها عن الأطفال بقدر المستطاع.
- تناول الأطعمة المسببة للحساسية: يجب التوقف عن تناول الأطعمة المسببة للحساسية لأنها تهيج الأجسام المضادة في الجسم، وتختلف الأطعمة التي تسبب الحساسية من شخص لاخر، وأبرزها: حليب البقر، المكسرات، الفول السوداني، البيض، الغلوتين، والأسماك.
- بعض أنواع الأدوية: يعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه مركبات بعض الأدوية، مثل الأسبرين والبنسلين، مما يسبب ارتفاع نسبة بعض الأجسام المضادة وظهور الأعراض المختلفة.
و من أمثلة ذلك تحليل ANA و هو ما يُعرف بفحص الأجسام المضادة للنواة . حيث يتم طلب إجراء فحص ANA للتأكد من ارتباط ظهور بعض العلامات والأعراض بأحد اضطرابات المناعة الذاتية الجهازية؛ إذ قد يُعاني المصاب باضطرابات المناعة الذاتية من ظهور مجموعة من الأعراض المبهمة وغير المحددة، والتي قد تتغير بمرور الوقت، ومن الأمثلة على تلك الأعراض ما يأتي:
- إصابة الجسم بحمّى خفيفة.
- الشعور بالضّعف والتعب المستمر.
- الشعور بألم يُشبه الألم المُصاحب لالتهاب المفاصل.
- ظهور طفح أحمر يُشبه شكل الفراشة على الأنف والوجنتين.
- المُعاناة من حساسية الجلد للضوء.
- تساقط الشعر.
- المعاناة من الألم العضلي.
- الشعور بخدر أو وخز في اليدين والقدمين.
- الإصابة بالتهاب وتلف الأعضاء والأنسجة بما في ذلك الكلى، والرئتين، والقلب وبطانته، إضافةً للجهاز العصبي المركزي، والأوعية الدموية.
أنواع الأجسام المضادة للحمل
- عند بداية الحمل فإن أحد الاختبارات الهامة هي تحليل الاجسام المضادة للحمل للبحث عن أجسام مضادة معينة، وهي بروتينات خاصة يصنعها جهاز المناعة في الدم، وقد توجد هذه الأجسام المضادة بسبب الحصول على الدم من متبرع أو في حالة وجود حمل سابق، كما أن هناك أيضًا فرصة أن يصنع جسم الأم أجسام مضادة عندما لا يتطابق نوع الدم مع الطفل. يمكن نقل بعض هذه الأجسام المضادة إلى مجرى دم الطفل، الأمر الذي يسبب الأذى للجنين، لذا يسمح تحليل الاجسام المضادة للحمل للطبيب بمعرفة ما إذا كان لدى الأم أي منها حتى يتمكن من اتخاذ خطوات لحماية الطفل المتنامي.
أهمية تحليل الاجسام المضادة للحمل
يقوم جهاز المناعة بصنع الأجسام المضادة لمحاربة ما هو غريب عن الجسم، وفي معظم الأحيان يكون ذلك رائعًا لأن الأجسام المضادة عادةً ما تستهدف الجراثيم، وعندما تكونين حاملاً يعتني جهاز المناعة بطفلك أيضاً، ولكن إذا كانت كريات الدم الحمراء للأم مختلفة عن الطفل فقد يسبب ذلك مشاكل، وأكثرها شيوعًا يتعلق بكون نوع الدم + أو – ، وهو ما يسمى بعامل Rh. كثير من الناس هم ليهم عامل Rh الموجب، مما يعني أنهم يمتلكون بروتين Rh في خلايا الدم الحمراء، أما الأشخاص السلبية الذين لديهم عامل Rh سالب ليس لديهم بروتين، لذلك سوف يصنع الجسم أجسامًا مضادة لمهاجمة أي خلايا دموية إيجابية الـ Rh تدخل الجسم. إذا كنت من النوع Rh السالب وطفلك هو Rh موجب، فقد يكون لدمك أضداد Rh يمكن أن تنتشر في دم الطفل، حيث يهاجم ويدمر خلايا الدم الحمراء، وهذا يمكن أن يسبب نوعا من فقر الدم الذي هو خطير جدا ويمكن أن يكون قاتلا، كما يمكن لجسم الأم صنع أجسامًا مضادة أخرى يمكن أن تهاجم خلايا الدم الحمراء للطفل أيضًا.
الأجسام المضادة للغُدَّة الدرقية
قد تُهاجم الأجسام المضادة خلايا الجسم، أو أنسجته، أو أعضاءه عن طريق الخطأ، وهو ما يعرف بالاستجابة المناعية الذاتية.
و من الممكن أن تُهاجم الأجسام المُضادة مكونات أو بروتينات الغدة الدرقية عن طريق الخطأ مما يؤدي إلى تلف أنسجتها، أو تعطّل وظائفها، أو حدوث التهابٍ مزمنٍ فيها؛ حيث تُعرف الأمراض أو اضطرابات الغدة الدرقية الناجمة عن مهاجمة الأجسام المضادة لها بأمراض المناعة الذاتية, ومن بين هذه الأمراض التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو (Hashimoto’s thyroiditis) وداء غريفز (Graves’ disease).
تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية:
يُمكن بيان أنواع الأجسام المضادة للغدة الدرقية عند إجراء التحليل على النحو الآتي:
1- أجسام مضادة للبيروكسيداز:
- يُقصد بالأجسام المضادة للبيروكسيداز الدرقي (بالإنجليزية: Thyroid Peroxidase Antibodies) بأنّها الأجسام المضادة التي تُهاجم عن طريق الخطأ أحد إنزيمات الغدة الدرقية المعروف بالبيروكسيداز الدرقي (بالإنجليزية: Thyroid peroxidase) واختصاراً TPO، حيث تستعين الغدة الدرقية بهذا الإنزيم لإتمام عملية تصنيع الهرمونين الدرقيين؛ الأول هو ثلاثي يود الثيرونين (بالإنجليزية: Triiodothyronine) واختصاراً T3، والثاني هرمون الثيروكسين (بالإنجليزية: Thyroxine) واختصاراً T4.
2- الأجسام المضادة لثايروغلوبيولين:
- قد تُهاجم الأجسام المُضادة البروتين السُّكري الذي تُنتجه الغدة الدرقية بشكلٍ رئيسي والمعروف بالغلوبولين الدَرَقِيّ أو الثايروغلوبيولين (بالإنجليزية: Thyroglobulin) واختصاراً Tg؛ حيث يلعب هذا البروتين دوراً مهماً في تصنيع هرمونات الغدة الدرقية وتخزين الأشكال غير النشطة منها، وتخزين اليود كذلك،[٥] ويُشير ارتفاع مستويات الأجسام المُضادة لثايروغلوبيولين في الدم إلى أحد اضطرابات الغدة الدرقية، ولا سيما: مرض هاشيموتو، أو داء غريفز، أو تضخم الغدة الدرقية المتعدد (بالإنجليزية: Sporadic multinodular goiter)، أو العقيدات الدرقية المنفردة (بالإنجليزية: Isolated thyroid nodule)، أو سرطان الغدة الدرقية، ولكنها قد تُشير أيضاً إلى حالاتٍ ومشاكل صحيّةٍ أُخرى لا علاقة لها بالغدة الدرقية مثل مرض السّكري من النوع الأول والحمل.
3- مستقبلات الهرمون المنشط للغدة الدرقية:
- تنتج الغدة النخامية (Pituitary gland) الموجودة في الجزء السفلي من الدماغ الهرمون المنشط للغدة الدرقية (Thyroid stimulating hormon) وذلك استجابة للإشارات التي تصلها من منطقة تحت المهاد (Hypothalamus) الموجودة في الدماغ أيضاً، حيث يتمثل دور الهرمون المنشط للغدة الدرقية بتعزيز نمو الغدة الدرقية وتحفيزها لإنتاج المزيد من هرموناتها عند الحاجة لذلك، وهنا ينبغي التوضيح أن علاقة هرمونات الغدة الدرقية والهرمون المنشط للغدة الدرقية علاقةٌ عكسية، بمعنى آخر تؤدي زيادة هرمونات الغدة الدرقية في الدم إلى تثبيط إفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية، بينما يؤدي نقص هرمونات الغدة الدرقية في الدم إلى تحفيز إنتاج الهرمون المنشط للغدة الدرقية،ولكن قد تُهاجم الأجسام المضادة المستقبلات التي يرتبط فيها الهرمون المنشط للدرقية، وقد وجد أن ارتفاع مستويات هذه الأجسام المضادة برتبط ببعض الحالات المرضية كمرض غريفز ومرض هاشيموتو.
دواعي تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية:
- يلجأ الطبيب إلى إجراء فحوصات الدّم الخاصة بالكشف عن الأجسام المضادة للغدة الدرقية في حال اضطراب مستويات الهرمون المنشط للدرقية وهرمون الثيروكسين في الدّم، أو في حال ظهور أعراض وعلامات فرط نشاط الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hyperthyroidism) أو قصورها (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، أو تضخم الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Goiter)، وفي سياق الحديث عن قصور الغدة الدرقية فإنّ من أبرز أعراضه زيادة الوزن، والشعور بالإعياء أو التعب الشديد، وجفاف الجلد، وتساقط الشعر، وعدم تحمّل البرد، والإمساك، في المقابل يُمكن أن يسبّب فرط نشاط الغدة الدرقية أعراضاً عديدة مثل التّعرق، وتسارع ضربات القلب، والقلق، والرعاش، والشعور بالإعياء أو التعب الشديد، وصعوبة النوم، وفقدان الوزن بشكلٍ مفاجئ، وبروز أو جحوظ العينين.
- ينبغي التأكيد على أنّ اختبارات الأجسام المضادة للغدة الدرقية ليست الاختبارات الوحيدة المُستخدمة لتقييم الغدة الدرقية، فقد تكون المستويات المرتفعة أو المنخفضة من هرمونات الغدة الدرقية دليلاً على وجود مشاكل في الغدة الدرقية؛ فقد يلجأ الطبيب لطلب إجراء اختبارات الكشف عن وجود الأجسام المضادة بعد إجراء اختبارات قياس مستويات هرمونات الدرقية لمعرفة سبب ارتفاع أو انخفاض هذه الهرمونات، ومن بين هذه الاختبارات الأخرى المستخدمة لتقييم وظيفة الغدة الدرقية: فحص الدم لقياس مستوى الهرمون المنشط للغدة الدرقية، وفحص الدم لقياس مستويات الهرمونين الدرقيين الثيروكسين وثلاثي يود الثيرونين، واختبار امتصاص اليود المشع، ومسح الغدة الدرقية.