تعريف الفقه لغة واصطلاحاً المكتبة الشاملة
تعريف الفقه لُغة
من أبسط معاني الفقه في اللغة هوَ الفهم، فيُقال فَقِهَ فُلان أي فهم، وأفقه فُلاناً أي أفهمه، ويُقال فقهَ الشيخُ المسألة أي عقِلَها وفهمها وعرف المُراد منها، وقد وصفَ الله سُبحانهُ وتعالى تسبيحَ كُلّ شيءٍ له وبأننا لا نفهُم هذا التسبيح بقولهِ: ( ولكن لا تفقهونَ تسبيحهُم) أي لا نفهم هذا التسبيح.
تعريف الفقه اصطلاحاً
يقع المعنى الاصطلاحيّ للفقه على نوعين أو يُفسّرُ اصطلاحاً على أمرين، وهُما أن يُقصد بهِ معرفة الأحكام الشرعيّة المُتعلّقة بأعمال المُكلّفين وأقوالهم، والمُكتسبة من أدلّتها التفصيليّة، وهذه الأدلّة التفصيليّة هيَ القُرآن الكريم والسُنّة النبويّة وما يتعلّق بهما من إجماع واجتهاد، فهذهِ المعرفة للأحكام الفقهيّة تكون بالفهم الصحيح لمصادر التشريع الرئيسيّة، وهيَ كلامُ الله تعالى الذي لا يأتيهِ الباطل من بينِ يديهِ ولا من خلفه وهوَ القُرآن الكريم، وأيضاً سُنّةُ النبيّ مُحمّد عليهِ الصلاةُ والسلام، وهيَ كُلّ ما وردَ عنهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة، وكذلك اجتهاد أصحاب العلم من الصحابة والتابعين والعُلماء الربّانيين، وإجماع الأمّة بعُلمائها على حُكمٍ من الأحكام.
تعريف الفقه وموضوعه واقسامه ومشاهير العلماء فيه
أقسام الفقه:
الفقه في الدين ينقسم إلى قسمين:
.الأول: فقه القلوب:
وهو العلم بالأحكام الشرعية العلمية بأدلتها التفصيلية كالعلم بالله، وأسمائه وصفاته، وأفعاله.
والعلم بأركان الإيمان، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
والعلم بما يجب لله عز وجل من التوحيد والإيمان والعبادة والإخلاص واليقين، والخوف والرجاء، والتعظيم والمحبة، والإنابة والتوكل، ونحو ذلك مما يجب لله.
.الثاني: فقه الجوارح:
وهو العلم بالأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية كالعلم بالأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين كالصلاة والزكاة، والصوم والحج، والأذكار والأدعية، والحدود والبيوع ونحو ذلك من العبادات والمعاملات.
والأول هو الأصل، والثاني تابع له، وكلاهما مطلوب، وأسعد الناس من رُزق هذا وهذا.
تعريف الفقه ونشأته ومدارسه
تعريف أصول الفقه
أصول الفقه مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفردا هي: أدلة الفقه، وأصول الفقه بالمعنى الإضافي: «الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه». و«أصول الفقه» بمعناه اللقبي، أي: المركب الإجمالي، بمعنى: العلم المسمى بـ: «أصول الفقه» هو: «العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية». وبعبارة أخری: أصول الفقه هو علم يضع القواعد الأصولية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها الصحيحة. أو هو:«علم يدرس أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة، وطرق استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، والاجتهاد والاستدلال». فهو: «منهج الاستدلال الفقهي»، وموضوعه: أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة. ويبحث في كيفية الاستنباط، وقواعده وشروطه.
أو هو: «علم يبحث في أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (المجتهد)»، ويبين كيفية استنباط الحكم من دليله، كاستنباطه من صراحة نص الآية القرآنية، أو الحديث النبوي، أو من مفهومهما، أو من القياس عليهما، أو بغير ذلك، وعلم أصول الفقه يبحث في الأدلة بصفتها الإجمالية، وخصائص كل نوع منها وكيفية ارتباط أنواعها ببعض، والقواعد والشروط التي تبين للفقيه المسلك الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها.
كانت أصول الفقه معرفة حاضرة في أذهان فقهاء الصحابة والتابعين في الصدر الأول، حيث لم يكونوا بحاجة لعلم قواعد الاستدلال التي أخذت معظمها عنهم؛ لأنهم أصحاب ملكة لسانية، وخبرتهم في معرفة نقل الشرع وقرب العصر، وبعد انتهاء فترة الصدر الأول وظهور عصر تدوين العلوم احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل قوانين الاستنباط وقواعده لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. قال ابن خلدون: «وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه، أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس، ثم كتب فقهاء الحنفية فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها وكتب المتكلمون أيضا كذلك». وفي مصادر أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد: أبو يوسف، ومحمد تلميذا أبي حنيفة، وقيل: بل أبو يوسف وحده، وقيل: بل هو أبو حنيفة النعمان حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء، والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: «الرسالة» -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون.
وأدلة الفقه الإجمالية: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: استصحاب الحال، والاستحسان والمصالح المرسلة، والعرف، وعمل أهل المدينة عند المالكية، وقول الصحابي.
مقدمة عن الفقه
ان التفقه في الدين غاية سامية ندب إليها هذا الدين القويم، فأمر بها ربنا الحكيم في كتابه العظيم في مواضع كثيرة، للدلالة على ما لهذا الباب من العلم من أهمية عظمى، حيث لا يتحقق للمسلم العلم بالأوامر والنواهي إلا إذا فقه عن ربه ما يريده منه، ولما لهذا الباب من أهمية فقد جعله الله فرضاً كفائياً على المسلمين، إن قام به بعضهم سقط عن بقيتهم، وإلا أثموا جميعاً.
معنى الفقه في الاصطلاح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..الفقه في الاصطلاح: هو العلم بالأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية.فقولنا: (العلم) يراد به غلبة الظن، (بالأحكام الشرعية) خرج بذلك الأحكام العقلية، ككون الواحد نصف الاثنين، وخرج بذلك الأحكام الحسية، ككون الثلج بارداً والنار حارة، وما شاكل هذا، فهذه أحكام ما لنا علاقة بها في الفقه، وخرج كذلك الأحكام العادية، كتوقع الناس نزول المطر عند حصول الغيوم وتلبد السماء بالغيوم، هذه أحكام عادية، فالأحكام العقلية والأحكام الحسية والعادية لا دخل لنا بها في علم الفقه. وقولنا: (التي طريقها الاجتهاد) خرج بذلك ما يُعلم ضرورة من الدين بحيث لا يجهله أحد من المكلفين، هذا أيضاً لا يبحث في كتب الفقه، ككون الزنا حراماً، إنما يبحث عندنا عقوبة الزنا، أما أنه حرام فهذا معلوم من الدين بالضرورة، والنصوص قطعية فيه، ولا يحتاج إلى اجتهاد، وهكذا ككون الصلاة فريضة وواجباً، ونحو ذلك. إذاً: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية التي طريقها الاجتهاد، التي فيها مجال للاجتهاد، (من أدلتها التفصيلية) أي: من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والإجماع، والقياس، أن تلحق النظير بنظيره، تلحق ما لم ينص عليه بما نص عليه لاستوائهما في العلة. هذا هو تعريف علم الفقه، وهذا التعريف هو أسد ما قيل في بيان حد علم الفقه، وقيل غير ذلك، فقيل: علم الفقه: هو جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحي القيوم: يعني: عندما نبحث في العبادات، في المعاملات، في العقوبات، نعلم أن هذه أحكام شرعيات، جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحي القيوم، لكن التعريف هذا فيه شيء من العموم، فقد أدخل الأحكام العملية التي طريقها الاجتهاد، كما أدخل العقائد الإسلامية، كما أدخل الأخلاق والآداب، كلها دخلت في هذا التعريف؛ لأنها جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحي القيوم، هذا شامل لعلوم العقائد والآداب وعلم الفقه أيضاً. وقيل أيضاً: علم الفقه: هو معرفة النفس ما لها وما عليها عملاً، تعرف ما الذي لها وما الذي يجب عليها من طريق العمل لا من طريق الاعتقاد، وقيل: علم الفقه: هو العلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال.وله تعريفات كثيرة لكن -كما قلت- أسدها وأدقها هو أولها، وانظروا: إرشاد الفحول في مقدمته وبدايته في صفحة ثلاثة. وبذلك يختلف علم الفقه عن علم أصول الفقه، فأصول الفقه هو قواعد علم الفقه، وعلم أصول الفقه ضابطه وتعريفه كما قال أئمتنا: علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية، وطرق الاستفادة منها، وحال المستفيد. وهذا يختلف عن تعريف علم الفقه، فهو علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية، مثل: الأمر يفيد الوجوب، النهي يفيد التحريم، القياس حجة، الإجماع حجة، هذا يبحث في أصول الفقه، الأمر يدل على الوجوب، ثم بعد ذلك متى يفيد الإباحة؟ ومتى يفيد الاستحباب؟ هذا يقرر هنا، هذا هو عمل الأصولي، ثم تطبيق هذا بعد ذلك على نصوص الشرع التفصيلية، هذا عمل الفقيه. فالأصولي يبحث عن القياس هل يستدل به أم لا؟ أما الفقيه فلا يأتي ليثبت حجية القياس، بل يأتي ليثبت حكماً شرعياً عن طريق القياس؛ لأنه حجة، ويأتي بعد ذلك ليثبت حكماً شرعياً عن طريق الإجماع، ولو قلت له: كيف تثبت دليلاً بالإجماع؟ فيقول: يا عبد الله! اذهب وتعلم أصول الفقه، لأنه ليس من شأني أن أبين لك أن الإجماع حجة، كما أنه ليس من شأني أن أبين لك أنه يستدل بالقرآن أو بأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، هذا أمر مفروغ منه، تلك أدلة يبحث عن مكانتها، وعن رتبة الاستدلال بها في علم أصول الفقه. إذاً: علم أصول الفقه: هو علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية، وطرق الاستفادة منها، أدلة في الظاهر تعارضت، يأتي بعد ذلك، وتقديم الإجماع، وتقديم النص القطعي من قرآن وسنة متواترة، بعد ذلك الخبر الذي يفيد الظن ولا يفيد القطع، هذا ترتيب الأدلة، وهذا كله يبحث في أصول الفقه. (وحال المستفيد)، وهو المستدل، الذي يأخذ الأحكام من أدلتها، وشروطه وأحواله، هذه تقرر في كتب أصول الفقه، وأما علم الفقه فهو العلم بالأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية. وقولنا: (التي طريقها الاجتهاد)، فما دام طريقها الاجتهاد، وللعقل فيها مجال فهي أحكام عملية، ويخرج بذلك العقائد، فإنه لا دخل للاجتهاد في أمور العقيدة، فعندما ذُكر في التعريف (طريقها الاجتهاد) أغنى عن ذكر العملية.والأحكام العملية لابد أن تدخل فيها أمور الاجتهاد، فهنا الاجتهاد لا بد منه، وكلمة الاجتهاد تغني عن زيادة كلمة (العملية)، فإذا ذكرت زيادة في الإيضاح؛ لأنه لو قال: العلم بالأحكام العملية فقط دون أن يقول: التي طريقها الاجتهاد، لدخلت الأخلاق والآداب، وأيضاً لا مجال للاجتهاد فيها، إنما هنا أحكام شرعية ما بين راجح ومرجوح وتقديم، أما بعد ذلك فهناك أخلاق وآداب متفق عليها، ولذلك لا تدخل حتى في دائرة النسخ، مثلاً: الصدق والأمانة فضيلة، والكذب والخيانة رذيلة، هذا مما لا يدخل في دائرة النسخ، وهو مما جاءت به جميع الشرائع المباركة، فأيضاً لا مجال للاجتهاد فيها. والأحكام الشرعية هي التي تدور على أمور خمسة: الفرض، والمستحب، والحرام، والمكروه، والمباح، والأحناف زادوا اثنين -كما سيأتينا- ضمن أحكام الفقه في موضوع الواجب الذي هو دون الفرض، والمكروه تحريماً الذي هو فوق المكروه ودون الحرام، لكنها لا تخرج عن هذه القسمة الخماسية، وإن صار شيء من التفريع فيه دقة، فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، والواجب ما ثبت بدليل ظني، فانحط عن رتبة الفرضية، لكن الإتيان به مطلوب، وليس هو من باب المستحب.وعليه: فعندما نقول: العلم بالأحكام الشرعية، وهي الخمسة: من فرض وسنة وحرام ومكروه ومباح، التي طريقها الاجتهاد، تعين أن تكون تلك الأحكام أحكاماً عملية، فإن ذكرت الأحكام العملية لا بد من أن تُتبع أيضاً بقولنا: طريقها الاجتهاد، من أجل أن تخرج الأحكام العملية التي لا اجتهاد فيها، وهي الأخلاق والآداب.
تعريف الفقه الإسلامي
إنّ علم الفقه من أشرف العلوم كونه يستند على كلام الله تعالى والنّبي -عليه السّلام- ومفهوم الفقه الإسلامي في اللّغة هو: مُطلق الفهم، حيث يندرج تحت إطلاقه؛ الفهم الدّقيق أو التَّعرُّف على الغرض من كلام المُتكلّم، أمّا بالنّسبة لمفهوم الفقه الإسلامي اصطلاحًا معناه: استنباط الأحكام الشرعيّة العمليّة المأخوذة من أدلتها التّفصيليّة، والأدلّة التّفصيليّة؛ هي المصادر التي يرتكز عليها أساس التّشريع وهي القرآن والسنّة، وغيرها من المصادر التي سيتمّ التّعرّف عليها فيما يأتي.