حساب وقت العقيقة
أولاً :
تستحب العقيقة عن المولود في اليوم السابع، لقوله – صلى الله عليه وسلم – ( كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى ) رواه أبو داود (2455) وصححه الشيخ الألباني.
قال ابن قدامة رحمه الله : “قال أصحابنا : السنة أن تذبح يوم السابع… ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم القائلين بمشروعيتها في استحباب ذبحها يوم السابع. والأصل فيه حديث سمرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كل غلام رهينة بعقيقته, تذبح عنه يوم سابعه..)…” انتهى من “المغني”(9/364).
ثانياً:
إذا تقرر استحباب العقيقة عن المولد يوم سابعه، فإن يوم الولادة يدخل في ذلك عند الجمهور ؟
قال النووي رحمه الله : وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعَةِ ؟ فيه وجهان “أصحهما” يحسب فيذبح في السادس مما بعده
“والثاني” لا يحسب فيذبح في السابع مما بعده , وهو المنصوص في البويطي ولكن المذهب الأول وهو ظاهر الأحاديث, فإن ولد في الليل حسب اليوم الذي يلي تلك الليلة بلا خلاف..” انتهى من “المجموع” (8/411)
وفي “الموسوعة الفقهية” (30/279) ” ذهب جمهور الفقهاء إلى أن يوم الولادة يحسب من السبعة, ولا تحسب الليلة إن ولد ليلاً, بل يحسب اليوم الذي يليها ” انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قوله: ” تذبح يوم سابعه ” ، أي: يسن أن تذبح في اليوم السابع ، فإذا ولد يوم السبت فتذبح يوم الجمعة يعني قبل يوم الولادة بيوم، هذه هي القاعدة، وإذا ولد يوم الخميس فهي يوم الأربعاء وهلم جرا” انتهى من”الشرح الممتع”(7/493)
وعليه فالسنة أن تذبح عقيقة ولدك يوم الأربعاء
ثالثاً:
ما قيل من أن يوم الولادة لا يحسب إذا ولد الطفل بعد الزوال قد قال به جماعة من أهل العلم رحمهم الله، بل قالوا يوم الولادة لا يحسب أصلاً، سواء ولد قبل الزوال أو بعده وهو المذهب عند المالكية.
جاء في مختصر خليل: ” وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة نهاراً, وألغي يومها; إن سبق بالفجر”
قال المواق رحمه الله : نقلاً عن ابن رشد ” قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها أنه ” إن ولد بعد الفجر ألغي ذلك اليوم وحسب له سبعة أيام من اليوم الذي بعده, وإن ولد قبل الفجر وإن كان ذلك بالليل حسب له ذلك اليوم ” انتهى من “التاج والإكليل”(4/390)
والصحيح ما ذهب إليه جمهور العلماء رحمهم الله وهو أن العقيقة تذبح عنه في اليوم السابع من ولادته، لقوله – صلى الله عليه وسلم –( تذبح عنه يوم سابعه ).
قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : ” والإضافة تقتضي تقييد الحكم بالمضاف إليه، والمعنى: أن هذا اليوم وهو السابع مضاف إلى يوم الولادة، وعلى هذا فيكون يوم الولادة هو السابع ” انتهى من “شرح زاد المستقنع ”
والمسألة على الاستحباب، فإن تيسر ذبح العقيقة في اليوم السابع من ولادته، فهذا خير وإن لم يتيسر إلا بعد اليوم السابع فلا حرج وقد أجزأت عنه العقيقة.
قال النووي رحمه الله: ” فلو ذبحها بعد السابع أو قبله وبعد الولادة أجزأه وإن ذبحها قبل الولادة لم تجزه بلا خلاف, بل تكون شاة لحم ” انتهى من “المجموع”(8/411)
والله أعلم
نية العقيقة
النية كافية ولا حاجة إلى أن تقول عقيقة، النية كافية والعقيقة سنة وليست واجبة، فأنت بحمد الله قد أديت السنة والحمد لله، والنية كافية في هذا إذا نوى بالذبيحة عن ابنته أو الذبيحتين عن ولده الذكر كفى ذلك وإن لم يتلفظ بشيء وإن قال: هذه عن ولدي فلان أو عن بنتي فلانة فلا بأس كالضحية، كونه يقال: هذه ضحية عن فلان أو اللهم تقبل من فلان، كله لا بأس به كله طيب ولكن النية كافية ولو لم يتلفظ بشيء لقول الرسول ﷺ: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فالنية التي محلها القلب ثابت في هذا والحمد لله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
توزيع العقيقة
العقيقة
إنّ الأطفال هم نعمة الله لعباده، لقوله سبحانه وتعالى: (يهب لمن يشاء إناثاً)، وقوله أيضاً: (ويهب لمن يشاء الذّكور)، والله سبحانه وتعالى هو الرّازق لعباده، والمسيّر لأمورهم، ولا يشكر على مكروه سواه، قال سبحانه وتعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) سورة الشورى،50 ، والعقيم هو الشّخص الذي لا يُرزَق بالأولاد، وهذا من عند الله، وعلى كلّ حال فإنّ أمر المسلم كلّه خير، وفي هذا المقال سنتطرق إلى موضوع العقيقة وكيفيّة توزيعها.
كيفية توزيع العقيقة
لقد استحبّ العلماء والفقهاء أن يتمّ توزيع العقيقة، على نفس تقسيم الأضحية، إلى ثلاثة أثلاث، حيث قال الإمام أحمد: (نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثّلث، ويطعم من أراد الثّلث، ويتصدّق على المساكين بالثّلث)، وأمّا بعض العلماء قالوا: (تجعل نصفين: يأكل نصفاً، ويتصدّق بنصف)، في حين قال ابن قدامة: (ولنا ما رُوي عن ابن عباس في صفة أضحية النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال: ويطعم أهل بيته الثّلث، ويطعم فقراء جيرانه الثّلث، ويتصدّق على السّؤال بالثّلث )، رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال: حديث حسن .
فوائد العقيقة
إشهارٌ لنسب المولود؛ وذلك بصُنع الطعام من العقيقة، وإهدائه للناس، والتصدُّق به.
تعزيز للتكافل بين أفراد المجتمع؛ بمحاربة الفقر والحاجة بين أفراد المجتمع الإسلامي.
إظهار للفرح بقدوم المولود، وبتطبيق شريعة الله، وسُنّة نبيّه -عليه السلام-؛ فقد أخبر النبيّ أنّه يكاثر بأمّته الأمم يوم القيامة فقال -عليه الصلاة والسلام-:(تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ).
زيادةٌ للمَحبّة بين الناس، وخاصّة الأقارب، والأصدقاء، والجيران؛ من خلال إعلامهم بقدوم المولود، وذلك بذبح العقيقة، فتُقدَّم التهنئة ويتمّ تبادل الزيارات.
إشارة إلى رعاية الأب لابنه، وأداء حقّه منذ ولادته، وهي دليل أيضاً على العناية والاهتمام به بعد ذلك.
وقت العقيقة ابن عثيمين
العقيقة سنة مؤكدة ، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة ، تذبح في اليوم السابع ، ويؤكل منها ويوزع على الأغنياء هدية وعلى الفقراء صدقة .
هل يجوز أن يُعطى الكافر منها ؟
الكافر يتصدق منها عليه إذا كان لا ينال المسلمين منه ضرر ، لا منه ولا منه قومه لقوله تعالى : ” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ” [ الممتحنة : 8 ] . يعني ما ينهاكم عن برهم ، بروهم تصدقوا عليهم ليس هناك مانع أن تبروهم وتقسطوا إليهم ، فالبر إحسان ، والقسط عدل : ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” [ الممتحنة : 8 ] .
وقت العقيقة والختان
السنة لمن ولد له مولود أن يعق عنه ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة في اليوم السابع من ولادته، وأما الختان فالصحيح أنه غير محدد بيوم معين ، وإنما يفعل في الوقت المناسب للطفل . والله أعلم.
الأفضل في العقيقة
ذبح العقيقة أفضل من التصدق بثمنها ، بل لا يقوم التصدق بالمال مقام العقيقة ولا يجزئ عنها ، لأن المقصود من العقيقة هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح .
قال ابن القيم في “تحفة المودود بأحكام المولود” ص (164) :
الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد ، كالهدايا والأضاحي ، فإن نفس الذبح وإراقة الدم مقصود ، فإنه عبادة مقرونة بالصلاة ، كما قال تعالى : ( فصل لربك وانحر ) الكوثر / 2 ، وقال تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) الأنعام / 162 .
ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ، ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه ، وكذلك الأضحية . والله أعلم اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/449) : عن إخراج الفلوس بدلاً من العقيقة .
فأجابت :
( يعق عن الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة ولا يجزئ دفع الفلوس ونحوها ) اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (11/440) : هل يجزئ أن أشتري اللحم بدلاً من ذبح العقيقة ؟
فأجابت :
( لا يجزئ إلا ذبح شاة عن البنت ، وشاتين عن الابن ) اهـ .
والله تعالى أعلم .