خطوات حل المشكلة
من الطبيعيّ أن يسعى الإنسان لحلّ المشكلات التي تواجهه سعياً منه لتبديل الحالة غير المتوازنة التي أثّرت في وصوله إلى هدف معيّن أو أعاقت الحصول على نتيجة أو مجموعة من النتائج، وفي أثناء محاولة الفرد علاج المشكلة، فإنّه يضع أهدافاً في ذهنه وتخيّله بما يتناسب مع الأهداف الأساسيّة العامّة للمشكلة والظروف الخاصّة التي ساهمت في تولّدها؛ حيث تمثّل هذه الصورة الذّهنيّة المشكلة داخلياً بما يضمن تحقيق الحلول المناسبة ذهنياً، وقد يتطوّر تمثيل المشكلة كخطوة من خطوات العلاج إلى تمثيلها خارجياً عبر تحويل الصور الذهنيّة إلى رسومات أو رموز تحمل علامات ودلائل تساعد في وصف المشكلة للوصول إلى حلّها المعتمد في أصله على عدّة عوامل أهمّها: التخيّل والتذكّر والتمثيل الدّاخلي لعناصرها ومتعلّقاتها، ونقل ذلك التمثيل إلى علامات خارجيّة، وهذا السّلوك بصورة عامّة هو احتياجٌ فعليٌّ للعنصر البشريّ لما يقدّمه من نتائج إيجابيّة تنهي حالة عدم الاتّزان بين ما هو كائنٌ وما ينبغي أن يكون.
وترتبط مسألة حلّ المشكلات ارتباطاً وثيقاً بتحديد الأهداف وتحقيقها، وهي مهارةٌ متعلّمةٌ يمكن للأفراد اكتسابها بالتجريب والتعرّض للخبرات، ويمكن استخدام عدّة أساليب في سبيل المساعدة في حلّ المشكلات ضمن خطوات محدّدة وواضحة تتمثّل في ما يأتي:
- تحديد المشكلة: تتمثّل خطوة تحديد المشكلة في اكتشاف المشكلة والتعرّف إلى ماهيّتها وتكوين فكرة صريحة وواضحة حولها من خلال التعرّف إلى عناصرها والأسباب المكوّنة لها والتي أدّت إلى تشكّلها.
- توفير الخيارات أو البدائل الممكنة: تتضمن هذه المرحلة استمطار جميع الأفكار الممكنة لإيجاد وخلق حلول مقترحة يمكن أن تقدّم علاجاً للمشكلة، ولا اعتبار في هذه المرحلة لموثوقيّة الحلول المقترحة أو تقييمها، إنّما المراد هو توقّع المتاح بأكمله لتحدث المفاضلة لاحقاً بين البدائل المقترحة وفق معايير تتناسب مع ظروف المشكلة وتفاعلاتها.
- تقييم الحلول: وتعتمد هذه الخطوة على نتاجات عمليّة العصف الذهنيّ التي ولّدت مجموعةً من الحلول المقترحة للمشكلة، إذ تختبر الحلول المقدّمة جميعها ضمن معايير المفاضلة لعوامل حدوث المشكلة ونتاجاتها، وتقيّم الحلول بناءً على ما تقدّمه من شعور وتأثير على الموقف بصورة مثلى وعلى المدى القصير والطويل وإمكانيّة تطبيق الحلّ عملياً
- اختيار الحلّ المناسب: يعتمد اختيار الحلّ المناسب على نتاجات تقييم الحلول المقترحة لاختيار الحلّ الأكثر مناسبةً لظروف المشكلة ومتغيراتها.
- تطبيق الحلّ: تعتبر جميع الخطوات السابق ذكرها من خطوات حلّ المشكلة نموذجاً لتخطيط عمليّة حلّ المشكلة، وتمثّل خطوة تطبيق الحلّ النموذج الانتقالي من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق والإسقاط الواقعي، وقد تتضمّن عمليّة تطبيق الحلول خطوات عديدة قد لا تنجح بتحقيق أهدافها بالمحاولة الأولى، كما أنّ هذه المرحلة لا تتّسم عادةً بالسهولة، وتحتاج عمليّة تطبيق الحلول المنتخبة إدارةً منهجيّةً تراعي تنظيم التطبيق وتكرار المحاولات.
- المراجعة: تحتاج عمليّة حلّ المشكلات إلى خبرة وتعلّم وممارسة ودراية، وأميز ما يقوم به الفرد خلال تنفيذه لحلّ المشكلة هو تدوين مراحلها وخطوات الحلّ ليقوم بمراجعة مستمرّة وتقييم واضح لمسار كلّ خطوة وإجراء التعديلات اللازمة التي تتطلّبها الظروف والمتغيّرات حسب ما تظهره نتائج المراجعة، وبما أنّ عمليّة حلّ المشكلات مرحلةٌ مستمرّةٌ، فإنّ استمرار المراجعة مطلبٌ مهمٌ لدراسة ظروف التنفيذ، وتغيير الخطوات والزيادة عليها، ومراقبة التطبيق والمحاولات، وتوفير تصوّر واضح ومستمر حول نتاجات الحلّ وقياس نجاحه.
بحث عن حل المشكلات
إنّ المشكلة هي عبارة عن موقف غامض أو سؤال محير يستدعي الفهم والحل، ولا يمكن الإجابة عليه بواسطة المهارات أو المعلومات المتوفرة، وعرفهها الباحث رودينك والباحث كروليك بأنّها: (عملية تفكيرية يستخدم الفرد فيها ما لديه من معارف مكتسبة سابقة ومهارات من أجل الإستجابة لمتطلبات موقف ليس مألوف له، وتكون الاستجابة بمباشرة عمل ما يستهدف حل الغموض أو اللبس الذي يتضمنه الموقف).
أنواع المشكلات
- مشكلات معطياتها غير واضحة، وأهدافها واضحة ومحددة.
- مشكلات توضح فيها الأهداف والمعطيات بوضوح تام.
- مشكلات لها إجابات صحيحة لكنّ الإجراء اللازم للانتقال من وضع قائم إلى وضع نهائي غير واضح، وتعرف هذه المشكلات باسم الاستبصار.
- مشكلات أهدافها غير محددة بوضوح لها معطياتها موضحة.
- مشكلات تفتقر إلى وضوح المعطيات والأهداف.
عناصر المشكلات
- وجود هدف يسعى إليه صاحي المشكلة.
- وجود صعوبة تقف عائقاً في تحقيق الهدف.
- وجود رغبة في التغلب على الصعوبة عمن خلال عدة أنشطة.
خطوات حل المشكلات
- الشعور بالمشكلة: أي الاحساس بالمشكلة والرغبة في حلها، وبهذه الخطوة لا بد من إثراء المشكلة بكافة المعلومات، والصور، والاحصائيات، والأفلام، وهذه الخطوة إجابة لسؤال لماذا هناك مشكلة؟
- تحديد المشكلة بوضوح: من الأفضل صياغة المشكلة على شكل جملة افتراضية أو سؤال، وهذه الخطوة إجابة لسؤال ما هي المشكلة بالتحديد؟
- جمع المعلومات والبيانات عن المشكلة: هذه الخطوة إجابة لسؤال ماذا تعرف عن المشكلة؟
- جمع أكبر عدد من الأفكار والحلول: هذه الخطوة إجابة لسؤال ما هي الحلول الممكنة لحل المشكلة؟
- تحديد معايير قبول الحل: كالمدة الزمنية، والتكلفة المادية، والمنعفعة العامة، وإمكانية التنفيذ، وهذه الخطوة إجابة لسؤال ما هي العواقب الممكنة؟
- قبول الحلول: أي رفض الحلول الخاطئة وقبول الحلول الصحيحة، وهذه الخطوة إجابة لسؤال ماهي أفضل الحلول الممكنة؟
استراتيجية حل المشكلات
هي الطريقة أو الوسيلة التي تساهم في حل المشكلات التي يتعرّض لها الإنسان، وتعرف أيضاً بأنها: السلوك، أو الفعل، أو القرار الذي يتخذه الفرد حول المشكلة التي تواجهه، ويساعده ذلك في وضع الحل المناسب لها، طالما أنها لا ترتبط بأي أمور قانونية، أو قضائية، ولكل مشكلة استراتيجية معينة لحلها، ويجب أن يتم اختيار الاستراتيجيّة التي تتناسب معها، حتى تعتبر خطوة أولى في الوصول إلى الحل، الذي يساهم في إنهاء وجود المشكلة.
فن حل المشكلات
فن حل المشكلات
يمكن تعريف عمليّة حل المشكلات بأنها عملية تفكيرية يستخدم فيها الإنسان معارفه ومهاراته حتى يستجيب لموقف جديد وغير مألوف، وهناك طرق منهجيّة لحل المشكلات أو التعامل معها، وتختلف هذه الطرق باختلاف المشكلة نفسها، فبعض المشكلات قد تنتهي بالوصول إلى حل وبالتالي إنهاء المشكلة، وبعضها الآخر لا يمكن إنهاؤها ولكن يمكن التعايش معها وتقبلها.
الإنسان لا يملك أن يسيطر على حياته كاملة، فهناك دائماً حيّز لا يمكن تغييره وهو القدر والمنطق وغيره، مثل أن يكون الإنسان مصاباً بمرض عضال لا يمكن الشفاء منه، فهنا يجب على الإنسان أن يتعايش معه ويجد حلولاً حتى لا يوقف هذا المرض نشاطه وحياته بالكامل، ولكن إذا كانت المشكلة عرضية ويمكن تغييرها بالفعل أو بالقول، فهنا يجب على الإنسان أن يتحرى الحلول المتاحة ويختار وينتقي الأفضل منها لإنهاء المشكلة.
يجب الحذر من أخذ رأي الآخرين ومشاورتهم والاعتماد على الذات، لأنّ صاحب المشكلة في النهاية هو وحده من سيعيش مع نتائجها، لذلك عليه أن يتحمّل مسؤوليّة مشاكله دون أن يلقي باللوم على غيره وعلى حلولهم ونصائحهم، فهم وإن كانوا يقصدون الخير لن يستطيعوا وضع أنفسهم في مكان صاحب المشكلة نفسه، وبالتالي لن يشعروا بشعوره ولن يروا ما يراه.
خطوات حل المشكلة مع مثال
يساعد اتّباع خطوات علمية ومتسلسلة لإيجاد حل لمشكلة ما على الوصول إليه بشكل سريع ومنظم على الأغلب، ويكون ذلك باتّباع الآتي:
تحديد المشكلة
إنَ الشعور بوجود مشكلة ما وتحديدها بوضوح هو الأساس الذي تقوم عليه عملية حلها بطريقة علمية، حيث يتم ذلك بجمع البيانات والمعلومات الممكنة والمتعلقة حول هذه المشكلة بطرق عدة؛ قد تكون أبسطها الطريقة التقليدية التي تستخدم عادة طرح تساؤلات قابلة للقياس الكمّي مثل: كم مرّة يحدث ذلك؟ وكيف؟ ومتى؟، فتحديد المشكلة وحصرها يساعد على حلها بطريقة أفضل.
تشكيل فرضية
يقصد بتشكيل فرضية وضع تنبؤ ما أو حل مقترح للمشكلة التي تمّ تحديدها في المرحلة السابقة، على أن يكون هذا التنبؤ قابلاً للتجربة والقياس ليسهم بفاعلية في حلّها، وبشكل عام يمكننا معرفة ما إذا كانت هذه الفرضية فاعلة وقابلة للقياس إذا كانت تندرج تحت النمط الآتي: إذا حصل (س) فسوف يحدث (ص)، حيث يرمز (س) إلى حدث ما و(ص) إلى حدث آخر سيأتي كنتيجة للأول.
اختيار الفرضية
إنّ وضع فرضية ما لا يعني بالضرورة صحتها، مما يوجِب علينا ضرورة اختبارها عن طريق التجربة لإثبات صحتها من عدمه، على أن يوضع في عين الاعتبار مجموعة من الأمور الواجب مراعاتها أثناء ذلك وهي:
- تحري العدالة والموضوعية أثناء تطبيق الفرضية للحصول على نتائج صادقة ودقيقة.
- اشتمال التجربة على عينة واسعة من العناصر لجواز التعميم.
- استهلاك الوقت الكافي في جمع المعلومات.
تحليل البيانات
يبدأ تحليل نتائج التجربة بعد أدائها، لقياس تطابق هذه النتائج مع ما وضع من تنبؤات سابقة بغض الطرف عن كونها صحيحة أو خاطئة، فقد وصف توماس أديسون ال 10000 طريقة الفاشلة في اختراعه للمصباح بقوله: “لم أفشل، لكنني وجدت للتو 10000طريقة غير ناجحة لاختراع المصباح”، مما يؤدي إلى نتيجة مفادها أن فشل التجربة التي وُضعت لتدعيم الفرضية والحصول على نتائج غير متطابقة مع ما هو متوقَّع قد يعدُّ فكرة إضافية لتشكيل فرضية جديدة، والشروع في اختبارها من جديد لتأكيد الفرضية أو دحضها.
توصيل النتائج
إنّ إرجاع النتائج التي تم الحصول عليها لأصحاب الاختصاص قد يساعد على فهم التحديات التي تمَ حلها وتلك التي تحتاج إلى مزيد من الجهد لتحقيقها، بالإضافة إلى دورهم المساعد أحياناً في عملية تطوير فرضية أكثر دقة مستقبلاً.