مواعظ دينية

الامانة في الاسلام واثرها في المجتمع

تعريف الامانة في الاسلام

تعريف الامانة في الاسلام

إن للأمانة عددٌ من المعاني والدلالات في اللغة والاصطلاح،

  • الأمانة في اللغة والاصطلاح: الأمانة في اللغة: يُقصد بها الصدق والإخلاص في فعل الشيء، والوفاء بالعهد، والثبات عليه، والجمع منها أمانات، وهناك عدّة تعريفاتٍ وآراءٍ لمعنى الأمانة في اللغة، فيما يأتي ذكر بعضٍ منها: قول ابن منظور: الأمانة تُناقض وتُقابل الخيانة. قول الراغب الأصفهاني: يُقصد بالأمانة الودائع بمختلف أشكالها التي تُوضع عند أحدٍ من الناس ويؤتمن عليها، وترد أيضاً بمعنى توحيد الله -تعالى- بقول: “لا إله إلّا الله محمّد رسول الله” استدلالاً بقوله -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ)، ومن معاني الأمانة أيضاً العقل الذي يتفكّر به الإنسان ويعرف به الله -عز وجل-، وبه يستطيع الإتيان بمجريات العدالة وغيرها من الأمور.
  • الأمانة في الاصطلاح: هي كلّ ما يلزم على الإنسان أداؤه وحفظه، وتشمل الأمانة في الإسلام جميع ما نصّ عليه الدين الإسلامي وما شرعه من أوامرٍ وتشريعاتٍ؛ كالصلاة والصيام والزكاة، وتشمل الأمانة أيضاً حفظ الأسرار وكتمانها، كما يُقصد بالأمانة ما يثبت في نفس الإنسان من أخلاقٍ كريمةٍ تمنعه من أخذ ما لا حقّ له فيه أو التعدّي عليه، ويشمل مصطلح الأمانة ثلاثة فروعٍ هي:
  • الفرع الأول: عفاف الأمين عما ليس له ولا حقّ له فيه.
  • الفرع الثاني: أداء الأمين كلّ ما يجب عليه من حقوقٍ لغيره. الفرع الثالث: حرص الأمين على كتمان وحفظ كل ما تمّ استئمانه عليه، مع ضرورة استشعار أهمية الأمر وعدم التساهل فيه.

فضل الامانة

أمر الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها؛ حيث قال في كتابه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ)،[٥] ونهى عن الخيانة التي هي ضدّ الأمانة، وعلامة المنافق ودليل نقاقه وعصيانه لله، والأمانة من أوصاف المؤمنين الذين نالوا الفلاح في الدنيا والآخرة، ولمّا وصف الله تعالى الإنسان بالهلع وشدّة الجزع، استثنى من ذلك المصلّين الذين وصفهم الله بعد ذلك بمراعاة الأمانة وأدائها والحفاظ عليها، وعندما يكون كلّ واحدٍ من المسلمين في المجتمع حريصاً على أداء الأمانة؛ تتيسّر أمورهم، وتسير معاملاتهم وحاجاتهم، فالأمانة خلقٌ عظيمٌ يحظى صاحبها بالخلق الكريم، والاهتمام من الناس، فلا يقوى كلّ إنسان على حمل هذا الخُلق والاتّصاف به، فعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه قال: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تستعملُني؟ قال: فضرب بيدِه على منكبي، ثم قال: يا أبا ذرٍّ، إنّك ضعيفٌ، وإنّها أمانةٌ، وإنّها يومَ القيامةِ، خزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليهِ فيها)

اهمية الامانة في المجتمع

دليلٌ على حُسن الإيمان والإسلام. حفظ الدين وحقوق الله تعالى. دليلٌ على حُسن الخلق. مَحبّة الله للإنسان الأمين. مَحبّة الناس لِلأمين. حفظُ حقوق الخلق. خيريّة المجتمع الذي تسوده الأمانة. تماسُك المجتمع وتلاحمه وبعده عن التفكّك والانهيار. حِفظ الأعراض والأموال. نَفي صفة الخِيانة والنّفاق. أمر السماوات والأرض قائمٌ عليها. صفةٌ خلقيةٌ عظيمةٌ وصف الله عزّ وجل عباده المؤمنين بها في القرآن الكريم حيث قال: ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون) [المؤمنون: 8]. إقامة شرع الله تعالى ومنهجه في النفس ومع العباد. انتشار قيم الأخلاق في المجتمع وتعلّم الناس بعضها من بعض الأمانة والصدق والعفاف. تفشي الأمن في المجتمع. حفظ العلوم والمعارف. الفوز بالثواب العظيم من الله عزّ وجل في الدنيا والآخرة.

امثلة على الامانة في الاسلام

ائتمن الله سبحانه وتعالى الرسول عليه السلام على رسالته، وجعله خاتم الأنبياء والرسل، وأدى الرسول الأمانة على أكمل وجه، حيث كانت الأمانة أول ما دعا الناس إليه في بعثته ووصاهم فيها. لقب عليه الصلاة والسلام بالصادق الأمين: تعتبر الأمانة من أكثر الأوصاف التي اتصف بها منذ نشأته وقبل بعثته، حيث كانت تنعته قريش بالصادق الأمين وكانوا يحتكمون عنده في خصوماتهم، ويستودعونه أماناتهم. أمانته مع السيدة خديجة: استأمنته السيدة خديجة على أموالها قبل أن يتزوجها، فتاجر بها، وجاء لها بأرباح مضاعفة، وعندما تزوجها كانت أول من صدقه واتبعه من الناس.

قول هود عليه السلام: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) [الأعراف: 68]. قول العزيز لسيدنا يوسف: (قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ) [يوسف: 54]. قول ابنة شعيب عليه السلام في وصف موسى عليه السلام: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)

مكانة الامانة في الاسلام

إن الأمانة شأنُها عظيم ومكانتُها من الدين جليلَةٌ، والواجبُ على عباد الله أن يَرْعَوْا للأمانة حقَّها وأن يعرِفُوا لها مكانتها وأن يعتنُوا بها غاية العناية ويهتمُّوا بها غاية الاهتمام، وقد تكاثرت الأدلة في كتاب الله، والأحاديثُ في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تعظيم الأمانة وتَعلِيَةِ شأنها ورَفْعِ قدْرِها وبيانِ ما يترتب عليها في الدنيا والعُقْبى، من ثوابٍ لمن حفظها وحافظ عليها، وعقابٍ لمن أهملها وفرَّط فيها، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283] ، ويقول جلّ وعلا: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ويقول جلّ وعلا ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وذكر سبحانه وتعالى، الأمانة وحِفْظَهَا في صفات المؤمنين الكُمّل قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] ثم قال: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10- 11] ، وقال في سورة أخرى: ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35]، فالعُقبى الحميدةُ والنهايةُ الرشيدةُ هي لمن يُوَفِّي الأمانة حَقَّها ويرعى لها مكانتها، ثم إن الله عز وجلّ ذكر إضاعَةَ الأمانةِ في صفاتِ اليهود، قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75]، وذكر عليه الصلاة والسلام عدمَ الوفاءِ بالأمانة، من صفاتِ أهل النفاق ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” آيةُ المنافق ثلاث، إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان”، وذكر عليه الصلاة والسلام، أن الأمانة من الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي وغيره: ” لا إيمان لمن لا أمانة له “، وهذا الحديث عبادَ الله، يدلُّنا على عِظَم شأن الأمانة وأن الأمانة من الإيمان، فكلَّما زادَ العبدُ أمانة ومحافظةً على الأمانة زادَ إيمانُه، وكلما نقص من الأمانُة نقص إيمانه بحسب ذلك.

السابق
فوائد الطماطم الغذائية و الطبية
التالي
كل ما يتعلق بالورد الجوري

اترك تعليقاً