ديني

الصيام

حكم الصيام

 

ينقسم الصيام بالنظر إلى حُكمه إلى عدّة أنواعٍ، بيان وتفصيل كلٍّ نوعٍ منها، فيما يأتي:[١] الصيام الواجب: ويُنقسم إلى قسمَين؛ فإمّا أن يكون صياماً واجباً، وله أصلٌ شرعيٌّ؛ ويتمثّل بصيام شهر رمضان، وإمّا أن يكون صياماً واجباً، بسببٍ من المكلّف؛ وهو صيام الكفّارات والنُّذور، ومن أمثلة صيام الكفّارات: كفارة اليَمين، وكفّارة القَتْل الخطأ، وكفّارة الظِّهار، وكفّارة الجِماع في نهار رمضان، وفدية الأذى للمُحرم، وفِدية لِمَن لم يجد الهَدْي، وفِدية جزاء قتل الصيد حال الإحرام.[٢] الصيام المستحبّ: وهو صيام التطوّع، بشرط ألّا يكون في يومٍ حُرّم صيامه، وقد بيّنت الأحاديث فَضْل صيام التطوّع، منها: قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ ، عزَّ وجلَّ باعدَ اللَّهُ وجهَهُ من جَهَنَّمَ ، سبعينَ عامًا)،[٣] ومن الصيام المستحبّ: صيام ستة أيّامٍ من شوّال؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)،[٤] ومن الصيام المستحبّ أيضاً: صيام أوّل ثمانية أيّامٍ من شهر ذي الحِجّة، بالإضافة إلى يوم عرفة لغير الحاجّ، قال الرسول -عليه السلام-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)،[٥] ومن الأيّام المستحبّ صيامها: التاسع والعاشر من شهر مُحرّم، والشهر بعمومه، ويومي الاثنين والخميس، وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وصيام يومٍ وإفطار يومٍ آخرٍ. الصيام المكروه: ويُكره الصيام في عدّة أيّامٍ وأحوالٍ؛ منها: صيام الدَّهر؛ أي مُواصلة الصيام كلّ يومٍ دون انقطاعٍ، باستثناء الأيّام المنهيّ عنها، وكذلك يُكره صوم الوصال؛ أي صيام يوميَن متتاليَين، دون الفِطْر بينهما، كما يُكره صيام يوم عرفة للحاجّ، وصيام يوم الجمعة منفرّداً، أو السبت منفرداً، وتخصيص شهر رجب بالصيام. الصيام المحرّم: إذ يُحرّم صيام يومي العيديَن، وأيّام التشريق؛ وهي: الحادي والثاني والثالث عشر، من شهر ذي الحِجّة، وكذلك يُحرّم صيام يوم الشكّ؛ وهو اليوم الثلاثون من شهر شعبان .

 

بحث عن الصيام

الصيام لغةً:
الإمساك والامتناع عن الشيء.

الصيام شرعًا:
التعبد لله تعالى بالإِمساك عن الطعام والشراب والجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

فضل الصيام
( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ١٨٤ شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ١٨٥) [البقرة:185:183].

للصيام فضل عظيم وثواب جزيل مضاعف، فقد أضاف الله الصيام إليه تشريفًا وتعظيمًا، ففي الحديث القدسي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص): «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصيام، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَـخُلُوفُ[ الخلوف: تغير رائحة الفم]فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». (متفق عليه)

حكمة مشروعية الصيام
1- تحقيق تقوى الله في الاستجابة لأمره والانقياد لشرعه، قال جل و علا: ( لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ ) [البقرة:183].

2- تعويد النفس على الصبر، وتقوية الإرادة في التغلب على الشهوات.

3- تعويد الإنسان على الإحسان، والشفقة على المحتاجين والفقراء؛ لأنه إذا ذاق طعم الجوع فإن ذلك يرقق قلبه وشعوره نحو إخوانه المحتاجين.

4- تحقيق راحة الجسم وعافيته في الصيام.

حكم الصيام
ينقسم الصيام الذي شرعه الله إلى:

صيام واجب.
وهو نوعان:

صيام أوجبه الله ابتداء على العبد، وهو صيام رمضان، وهو ركن من أركان الإسلام.

صيام يكون العبد سببًا في إيجابه على نفسه: كصيام النذر، وصيام الكفارات.

صيام مستحب.
وهو كل صيام استحب الشارع فعله: كصيام الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام يوم عاشوراء، وصيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وصيام يوم عرفة.

شروط وجوب الصيام
1- الإِسلام: فلا يجب على الكافر.

2- البلوغ: فلا يجب على الصغير، ولكن يؤمر به الصبي إِذا أطاقه؛ ليتعود عليه.

3- العقل: فلا يجب على مجنون.

4- القدرة: فلا يجب على العاجز عنه.

صيام رمضان
صيام رمضان ركن من أركان الإِسلام، وفريضة فرضها الله على عباده.

قال تعالى: ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ ) [البقرة:183]، وقال رَسُولُ اللهِ (ص):« بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»(رواه البخاري) . وذكَرَ منها: «صِيَامِ رَمَضَانَ».

من فضائل رمضان
1- صيام وقيام رمضان يغفر ما تقدم من الذنوب، قال (ص): «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(متفق عليه).

وقال (ص): «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).

2- من قام ليلة القدر غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، قال (ص): «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).

3- عُمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي، (ص)، قال (ص): «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً – أَوْ حَجَّةً مَعِي»(رواه مسلم).

4- شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، وتقبل النفس على فعل الخير، قال (ص): «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» (متفق عليه)، فعلى المسلم المبادرة إلى التوبة، والبعد عن مقارفة المنكرات، والإِقبال على الله تعالى.

5- شهر رمضان شهر القرآن، فينبغي الإكثار من تلاوته فيه قال جل وعلا: ( شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ ) [البقرة:185].

6- شهر رمضان شهر الجود والإنفاق والصدقة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبْرِيلَ – عليه السلام – كَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ سَنَةٍ في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (ص) الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَة»(متفق عليه).

بم يثبت دخول رمضان؟
يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، فإِذا رُؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإِنه قد دخل بذلك شهر رمضان، فإذا لم يُرَ الهلالُ بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين من شعبان، أو حال دون رؤيته غيم، أو غبار، أو دخان، أكمل شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله (ص): «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ».(متفق عليه)

الإفطار في رمضان
الإفطار في رمضان محرم ومن كبائر الذنوب، ومن أفطر يومًا بلا عذر ولم يتب، لم يجزئه صيام الدهر ولو صامه؛ لقول النبي (ص) «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا الله لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ»(رواه أبو داود)،وعقوبة الإفطار عظيمة، فعن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضى الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (ص)، يَقُولُ: « بَيْنَا[ بينا: بينما] أَنَا نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي رَجُلاَنِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ[ الضبع: العضد، والعضد ما بين المرفق والكتف] فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالاَ لِي: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أُطِيقُهُ، فَقَالاَ: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ؟قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ [ عواء: صراخ] أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ [ بعراقيبهم: جمع عرقوب، وهو الوتر الذي خلف الكعبين] مُشَقَّقَةُ أَشْدَاقُهُمْ [ أشداقهم: جوانب فمهم] تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ[ قبل تحلة صومهم: يفطرون قبل تمام صومهم]».(رواه ابن حبان).

حال السلف في رمضان
قدوة السلف محمد (ص):
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: «وكان من هديه (ص) في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل ضى الله عنه يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور، حتى إنه كان ليواصل فيه أحيانًا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة».[ زاد المعاد في هدي خير العباد (2/30)] .

السلف والقرآن في رمضان:
يستحب في الأوقات المفضلة كشهر رمضان -خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر- الإكثار من تلاوة القرآن اغتناما للزمان.

فهذا الإمام البخاري -رحمه الله- كان إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم، ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول: عند كل الختم؛ دعوة مستجابة.[ صفة الصفوة (4/170)] . وروي عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة.[ صفة الصفوة (2/255)]

السلف والقيام في رمضان:
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً»، قَالَ: «وَكَانُوا يَقْرَءُونَ بِالْمَئِينِ[ أَيْ: بِالسُّوَرِ الَّتِي يَزِيدُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ آيَةٍ] ، وَكَانُوا يَتَوَكَّئُونَ عَلَى عِصِيِّهِمْ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضى الله عنه مِنْ شِدَّةِ الْقِيَامِ».[ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ – رضي الله عنهما – قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ، فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ».[ موطأ مالك، ت: عبد الباقي] عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – «أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ فِي بَيْتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَخَذَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ الصُّبْحَ».[ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى]

 

مقدمة عن الصيام

صحَّ في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) متفق عليه. والفقه بأحكام الإسلام من أوجب الواجبات، وآكد المطلوبات، خاصة ما كان يتعلق منه بفرائض العبادات، كالصلاة والزكاة وباقي أركان الإسلام.

والصيام فريضة من فرائض ديننا الحنيف، شرعه الله لهذه الأمة، كما شرعه لمن سبقها من الأمم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة:183).

وقبل الشروع في الكلام على أحكام الصيام، هناك مقدمات لا بد من ذِكْرِها بين يدي الموضوع، تتعلق بتعريف الصوم، وفرضيته، ومراحل تشريعه، ومراتبه.

تعريف الصوم:

فالصيام لغة: الإمساك مطلقاً، تقول: صام عن الكلام، إذا امتنع عنه ولم يكلم أحداً، ومنه قوله تعالى على لسان مريم عليها السلام: (إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا) (مريم:26).

وشرعاً: الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

فرْضيَّة الصيام:

وفرضيَّة صيام شهر رمضان ثبتت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ أما الكتاب فقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) (البقرة:183).

وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس…) إلى قوله: (وصوم رمضان) متفق عليه، وقد أجمعت الأمة على فرضية صوم رمضان.

وبناء على هذا، فقد قرر أهل العلم أن صيام رمضان فرض على كل مسلم عاقل بالغ صحيح مقيم خال من الموانع.

مراحل تشريع الصيام :

فرضية رمضان مرت بأربع مراحل:

المرحلة الأولى: صيام يوم عاشوراء وجوباً، وهو اليوم العاشر من المحرم، وكان صلى الله عليه وسلم قد أمر بصيام هذا اليوم قبل أن يفرض صيام شهر رمضان؛ وفي “الصحيحين” أن النبي صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء، وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك؛ أي تركه على أنه فرض، وسنَّ صيامه لمن شاء.

أما المرحلة الثانية فجاءت بالتخيير بين صيام شهر رمضان، أو دفع فدية للمساكين، قال تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) (البقرة:184).

والمرحلة الثالثة: كانت إيجاب الصيام على المقيم الصحيح القادر المكلف، فإذا غربت الشمس، كان للصائم أن يأكل ويشرب ما لم ينم، فإن نام، حرم عليه الطعام والشراب وقربان النساء إلى الليلة القابلة، ولما كان الصيام على هذه الشاكلة فيه من الحرج ما لا يخفى، خُفِّف عن المسلمين ذلك؛ ويدل على هذه المرحلة وملابساتها، ما رواه البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلقُ فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك – تتحسر عليه – فلما انتصف النهار غشي عليه، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) (البقرة:187) ففرحوا بها فرحاً شديداً، ونزل قوله تعالى بعدُ: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (البقرة:187).

واستقر الأمر في المرحلة الرابعة: على وجوب صوم هذا الشهر الكريم، على كل مكلف قادر مستطيع على الصيام، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (البقرة:185).

ثم إن الصيام ليس على درجة واحدة، ولا على مرتبة واحدة، بل منه الواجب والمحرم ومنه المستحب والمكروه. فمن الصوم الواجب، صيام رمضان، وصوم النذر؛ ومن الصوم المحرم صيام يومي العيدين. ومن الصوم المندوب صيام ستة أيام من شوال، وصيام يومي التاسع والعاشر من المحرم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام يوم وإفطار يوم، ومن الصوم المكروه صوم يوم الجمعة منفرداً، وقد فصَّلت السنةُ النبويةُ كلَّ ذلك وبينته بياناً تاماً.

 

بحث عن الصيام وفوائده

أثبتت عدّة دراسات بأنّ للصيام فوائد عديدة لصحّة الإنسان، نذكر منها ما يأتي:[٢] السيطرة على نسبة السكر في الدم: يساعد الصيام على التخلّص من مشكلة مقاومة الإنسولين؛ ممّا يزيد من كفاءة نقل سكر الجلوكوز من مجرى الدم إلى الخلايا المختلفة، كما يُساهم الصيام في خفض مستويات سكر الدم المرتفع بشكلٍ كبير، وتنظيم مستوياته، إضافة إلى الحدّ من الارتفاع المفاجئ لسكر الدم، وتجدر الإشارة إلى أهميّة الصيام في الوقاية من الإصابة بمرض السكريّ عند الأشخاص الذين يرتفع لديهم خطر الإصابة بالمرض. مكافحة الالتهابات: قد يُساهم الصيام في التقليل من الالتهابات والعديد من العلامات المرتبطة بها، إضافة إلى المساعدة على تعزيز صحّة الإنسان بشكلٍ أفضل، وهذا ما يجعله مهمّاً في علاج العديد من الحالات الالتهابية، مثل مرض التصلّب اللويحيّ (بالإنجليزية: Multiple sclerosis). الحفاظ على صحّة القلب: تُعتبر أمراض القلب المسبّب الرئيسيّ للوفاة في جميع أنحاء العالم، ويُساهم الصيام في الحفاظ على صحّة القلب من خلال تحسين مستويات كل من ضغط الدم، والدهون الثلاثية، والكولسترول، كما أثبتت إحدى الدراسات أنّ للصيام دوراً في تقليل عوامل الخطر المُرتبطة بأمراض القلب كالإصابة بمرض السكّري، كما يُساهم في تقليل احتمالية الإصابة بمرض الشريان التاجيّ (بالإنجليزية: Coronary artery disease). الحفاظ على صحّة الدماغ: يُساهم الصيام في تعزيز وظيفة الدماغ، وحماية صحّته، إضافة إلى زيادة إنتاج الخلايا العصبية، والتي تلعب دوراً في تعزيز الوظيفة الإدراكية لدى الإنسان، وكما ذكرنا سابقاً فالصيام له دور في تخفيف الالتهابات؛ وهذا بحدّ ذاته يقي من الإصابة بالاضطرابات العصبية التنكسيّة (بالإنجليزية: Neurodegenerative disorders) والأمراض العصبية بشكلٍ عامّ؛ مثل مرض الزهايمر (بالإنجليزية: Alzheimer’s disease) ومرض باركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease). خفض الوزن: يلعب الصيام دوراً في تقليل كمية الطّعام والشراب التي يتناولها الإنسان، وبالتالي الحدّ من السعرات الحرارية وتعزيز عمليات الأيض (بالإنجليزية: Metabolism) في جسم الإنسان؛ وهذا ما يُحفز خسارة الوزن، وتجدر الإشارة إلى أنّ الصيام أكثر فعاليّة في زيادة فقدان الدهون مع الحفاظ على الأنسجة العضلية في الوقت ذاته مقارنة بما يقوم به العديد من الأشخاص من تقييد السعرات الحراريّة التي يتمّ تناولها. زيادة إفراز هرمون النّمو: يُعتبر هرمون النّمو ضروريّاً في العديد من الجوانب الصحيّة؛ بما في ذلك النّمو، وعمليات الأيض، وفقدان الوزن، وقوة العضلات، وكما تمّ ذكره سابقاً يلعب الصيام دوراً في الحفاظ على نسبة السكر في الدم ومستويات الإنسولين ثابتة على مدار اليوم، وهذا ما يُساهم في تحسين مستوى هرمون النمو، وقد أثبتت بعض الدراسات أنّ استمرار الزيادة في مستويات الإنسولين من شأنه التقليل من مستوى هرمون النمو. الوقاية من السرطان وزيادة فاعلية العلاج الكيميائيّ: تمّ إثبات هذه النتيجة من خلال العديد من الدراسات المُجراة على الحيوانات، حيث يُعتبر الصيام فعّالاً في تأخير نمو الأورام السرطانيّة، ولكن لم يتمّ التوصّل حتّى الآن إلى الآلية التي يؤثر من خلالها الصيام في منع تطوّر السرطان، وتعزيز فعاليّة علاجه لدى الإنسان.

 

أنواع الصيام

باعتبار التعيين وعدم التعيين ينقسم الصوم باعتبار التّعيين وعدمه إلى: صوم عينٍ، وصوم دَينٍ،[٤] وفيما يأتي بيان كلّ واحدٍ منهما. صوم العين وهو الصّوم الذي تعيّن بوقتٍ محدّدٍ له، والتّعيين على وجهين، هما:[٤] تعيين الله تعالى: وهو صومٌ وقته معيّنٌ من الله -تعالى-؛ كصوم رمضان وصوم التطوّع. تعيين العبد: وهو الصوم الذي عيّن العبد وقته وألزم به نفسه؛ كأداء الصوم المنذور به في وقتٍ بعينه. صوم الدَّين وهو الصوم الذي ليس له وقتٌ معيّنٌ لأدائه؛ كصوم قضاء رمضان، وصوم الكفّارات؛ ككفّارة القتل، وكفارة الظِّهار، وكفّارة اليمين، وكفّارة الإفطار في رمضان، وصوم اليمين؛ كمن حلف فقال: والله لأصومنّ أسبوعاً، وصوم النّذر غير المقيّد بوقتٍ، وصوم المتمتّع بالحجّ، أو الصيام جزاء ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام في الحجّ أو العمرة؛ كالحَلْق أو الصيد.[٤][٥] باعتبار الحكم التكليفي ينقسم الصيام باعتبار الحكم التّكليفيّ إلى أربعة أقسامٍ؛ فالصيام تعتريه الأحكام التكليفيّة المختلفة، فإمّا أنّ يكون واجباً أو مستحبّاً أو مكروهاً، وقد يكون في أحوالٍ معيّنةٍ محرّماً،[٦] وفيما يأتي تفصيل الأقسام. الصوم المفروض الصوم المفروض هو الصوم الواجب، ويتمثّل في صيام رمضان، وقضائه، وصيام النذر، والكفّارة، والفدية،[٦] وينقسم الصوم المفروض إلى قسمين:[٤] ما يجب فيه التتابع: وهو الصوم الذي يجب فيه توالي أيّامه؛ كصوم رمضان، وذلك بدلالة قول الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)؛[٧] فأيّام الشهر متتابعةٌ، ممّا يقتضي بالضرورة تتابع أيّام صيام رمضان، كما يُشترط التتابع في صيام كفّارات القتل الخطأ، والظِّهار، والجِماع في نهار رمضان، ويلزم التتابع كذلك في صيام المنذور به في وقتٍ بعينه. ما لا يجب فيه التتابع: وهو ما يجوز فيه صيام الأيّام متفرّقة متباعدة؛ كقضاء رمضان، حيث لا يُشترط التتابع في صيام قضاء رمضان عند جمهور الفقهاء؛ استناداً لقوله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٧] لكنّهم يرون استحباب التتابع؛ حتّى يسارع العبد إلى إسقاط الفرض الثّابت في حقّه، كما لا يشترط التتابع في صيام متعة الحجّ، وكفّارة الحَلق وجزاء الصيد حال الإحرام؛ لورودها في القرآن الكريم مطلقةً عن قيد التتابع، وكذلك لا يشترط التتابع في كفّارة اليمين عند المالكيّة، ولا يلزم التتابع أيضاً في صيام اليمين والنذر المطلَقين عن شرط التتابع.[٨] الصوم المندوب وهو ما جاءت النصوص باستحباب التطوع به،[٦] ويضمّ أنواعاً عدّةً، منها:[٩] الصيام كصيام نبيّ الله داود -عليه السّلام-، والمتمثّل بصيام يومٍ وإفطار الذي يليه. صيام اليوم العاشر من شهر محرّم، ويكمُن فضل صيامه في أنّه يكفّر ذنوب السنة السابقة، قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ)،[١٠] ويستحبّ أن يُسبق صيام العاشر من محرّم بصوم اليوم التاسع منه كذلك؛ مخالفةً لفعل اليهود. صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال؛ فقد رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ).[١١] صيام الأيّام التسع الأُوَلى من شهر ذي الحجَّة، وأفضلها اليوم التاسع من ذي الحجة؛ أي يوم عرفة، وفي صيامه فضلٌ عظيمٌ لغير الحاجّ؛ إذ إنّه يُكفّر ذنوب السنة الماضية والسنة التالية، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).[١٢] صيام أيّامٍ ثلاثةٍ من كلّ شهرٍ، فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ).[١٣] صيام أيّامٍ من أول شهر شعبان، حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُكثر من الصيام في هذا الشهر، كما روت عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ).[١٤] الصيام في سبيل الله؛ فمن تطوّع بصيام يومٍ قربةً لله -تعالى- وفي سبيله كان ذلك سبباً في الوقاية من عذاب النار، كما روى أبو سعيدٍ الخدريّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).[١٥] الصوم المكروه وردت جملةٌ من النصوص الدّالة على كراهة تخصيص أيّامٍ بالصوم أو كراهة أحوالٍ معيّنةٍ؛ كمواصلة الصيام، وفيما يأتي تفصيل هذه الأيّام والأحوال.[٤] إفراد يوم الجمعة بالصيام ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بكراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ لما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا تصوموا يومَ الجمعةِ فإنَّه يومُ عيدٍ إلَّا أنْ تصِلوه بأيَّامٍ)،[١٦] ونقل الدردير أنّ المذهب عند المالكيّة عدم كراهة صيامه مفرداً، وإن صام الواحد يوماً قبله أو بعده فلا خلاف باستحباب صومه في هذه الحال، وقيل إنّه قد وردت رواياتٌ في السنّة بطلب صومه، ووردت أخرى في النهي عن صومه، ورواية النهي جاءت لاحقةً، وقد حمل العلماء روايات النهي والكراهة في حال إفراده بالصيام؛ ولأجل الروايات الواردة في كراهة صوم الجمعة منفرداً، فيُحتاط بصيام يومٍ قبله أو يومٍ بعده، فتنتفي الكراهةُ بذلك؛ لما رُوي عن أمّ المؤمنين جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- قولها: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟ قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي).[١٧][٤] تخصيص يوم السبت أو الأحد بالصيام وحدهما اتّفق الفقهاء على كراهة إفراد يوم السبت بالصيام إلّا إذا صادف يوم السبت ما عُهد صيامه؛ كصيام يوم عرفة أو يوم عاشوراء، ويرجع القول بكراهة إفراد السبت بالصيام إلى أنّ في إفراده بالصوم تشبّهاً باليهود الذين يعظّمون يوم السبت، فيُكره إفراده بالصوم حتّى لا يكون في ذلك تشبّهٌ بهم، والقول كذلك في تخصيص يوم الأحد بالصوم ما لم يوافق يوماً اعتيد صيامه، أمّا صيام يومٍ قبلهما أو بعدهما فيرفع الكراهة.[٤] إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصيام وهما عيدان للفرس؛ فالنيروز يومٌ في طرف فصل الربيع، والمهرجان يومٌ في طرف فصل الخريف، ويكره إفرادهما وتخصيصهما بالصوم دون سواهما؛ لأنّهما يومان يعظّمهما الفرس، فيكره موافقتهم في تخصيصهما وتعظيمهما قياساً على حكم صيام السبت.[٤] صوم الوصال وصيام الدهر وهما هيئتان أو حالان من أحوال الصيام مكروهان، وتفصيلهما على النحو الآتي:[٤] صيام الوصال: وهو أن يستمر الفرد في صومه مكمّلاً له إلى ما بعد غروب الشمس، ويوصله باليوم الذي بعده، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، إلى أنّ الوصال في الصوم مكروهٌ، ورُوي عن الشافعيّة أنّه مكروهٌ كراهةً تحريميّة، واستدلّ القائلون بالكراهة بما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في قوله: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَاصَلَ في رَمَضَانَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ قيلَ له: أَنْتَ تُوَاصِلُ؟ قالَ: إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى).[١٨] صيام الدهر: ويُقصد به أن يصوم الفرد دهره كلّه ولا يستثني إلّا الأيّام التي نصّ الشرع على تحريم صومها، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشافعيّة إلى القول بكراهة صيام الدهر، مستدلّين على ذلك بقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ)،[١٩] وعلّل الفقهاء كراهة صيام الدهر بما قد يؤدي بسببه إلى إضعاف الصائم عن العبادات، وتقصيره في الأمور الواجبات، وفي طلب الكسب، ومن الشافعيّة من قال بعدم الكراهة إن لم يُضيّع واجباً، أو لم يُخف بسببه ضررٌ. الصوم المحرَّم ما يحرُم صومه يحرّم على المسلم صيام يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى؛ أي يوم النحر، كما يحرّم صيام أيّام التشريق الثلاثة؛ وهي الأيّام التالية ليوم النحر، وخالف الحنفيّة الرأي السابق بقولهم إنّ في صيامها كراهةٌ تحريميّةٌ؛ لأنّ في صيامها إعراضٌ عن ضيافة الله؛ إذ إنّ هذه الأيام أيام أكلٍ وشربٍ وعيدٍ قدّرها الله للمسلمين، كما رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)،[٢٠] كما يحرّم على المرأة صيام التطوّع دون إذن زوجها، وصيام الحائض والنفساء، ويحرّم الصوم على من يخشى على نفسه الهلاك إن صام.[٦][٤] حكم صيام يوم الشك واختلف العلماء في صيام يوم الشّك؛ وهو اليوم المتمّم لشهر شعبان، أي الثلاثون منه، وجاءت أقوالهم على النحو الآتي:[٢١] قول الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى القول بكراهة صيام يوم الشكّ كراهةً تحريميّةً إن كان صومه عن رمضان، أمّا إن كان صومه عن واجبٍ آخرٍ فالكراهة تنزيهيّةٌ، وقالوا بعدم كراهة صيامه مطلقاً إن وافق صيامه عادةً عند الصائم؛ كأن وافق يوم الشكّ يوم الاثنين أو الخميس. قول المالكيّة: قال المالكيّة بكراهة صيامه من باب الاحتياط، إلّا أن يوافق ذلك عادةً للمسلم. قول الشافعيّة: ذهب الشافعيّة إلى القول بحرمة صيام يوم الشكّ، إلّا إن وافق ذلك عادةً للمسلم فلا بأس بصيامه، لما رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا تُقدِّموا شهرَ رمضانَ بصيامٍ قبلَهُ بيومٍ أو يَومَينِ، إلَّا أنْ يكونَ رجلٌ كان يصومُ صَومًا فلْيَصُمْهُ).[٢٢] قول الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى القول بوجوب صيام يوم الشكّ باعتباره من رمضان إن حال دون رؤية الهلال غيمٌ، فإن لم يكن ثمّة غيمٌ يحجبه وكان الجو صحواً، فلا يجب صومه إلّا أن يوافق عادةً للمسلم.

 

أركان الصيام

أركان الصوم وشروطه
رَكَنَ إلى الأمر: مال إليه وسكن، قال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) (هود:113) أي: لا تميلوا وتسكنوا إلى الظالمين، ورُكْنُ الشيء: جانبه الأقوى، قال تعالى على لسانه نبيه لوط: (لو أَن لي بكم قوة أَو آوي إلى ركن شديد) (هود:80).

و(الركن) في اصطلاح الأصوليين: ما يتوقف عليه وجود الشيء وعدمه، ويعبرون عن ذلك بقولهم: ما يتوقف على وجوده الوجود، وعلى عدمه العدم؛ وكثيرًا ما يعبر الفقهاء عن الركن بالشرط، ويريدون منه، ما لا بد منه.

ركني الصوم:

والصيام في حقيقته مركب من ركنين أساسيين، لا يُتصور حصوله بدونهما:

– الركن الأول: النية، ومعناها القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه من غير تردد، والمراد بها هنا قصد الصوم، والدليل على أن النية ركن لصحة الصيام، قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) رواه البخاري ومسلم، وهو يعم كل عمل ، وقوله في حديث حفصة رضي الله عنها: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه أحمد وأصحاب السنن.

ومحل النية القلب، ولا يُشرع التلفظ بها، وهو خلاف السُّنَّة؛ لأنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه، وحقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلباً لثوابه، ويُشترط في النية لصوم رمضان التبْييت، وهو: إيقاع النية ليلاً، لحديث حفصة المتقدم، وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، وينبغي على العبد أن يبتعد عن وسواس الشيطان في النية، فإن النية لا تحتاج إلى تكلف، فمن عقد قلبه ليلاً أنه صائم غداً فقد نوى، ومثله ما لو تسحَّر بنية الصوم غداً.

وبعض الفقهاء يعد النية شرطاً لصحة الصيام لا ركناً من أركانه، والمقصود أنه لا بد منها لصحة الصوم سواء عددْناها ركناً أم شرطاً.

– الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات من طعام، وشراب، وجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ودليل ذلك قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) (البقرة:187)، والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود، بياض النهار وسواد الليل، وذلك يحصل بطلوع الفجر الثاني أو الفجر الصادق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق) رواه الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) رواه البخاري ومسلم، وقد أجمع أهل العلم على أن من فعل شيئاً من ذلك متعمداً فقد بطل صومه.

شروط الصوم:

وهناك شروط ذكرها أهل العلم لا بد من توفرها حتى يجب الصوم على العبد، وهي: أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً مقيماً قادراً خالياً من الموانع الشرعية.

فلا يصح الصوم من الكافر، فإن أسلم في أثناء الشهر، صام الباقي, ولا يلزمه قضاء ما سبق حال الكفر، ويقضي اليوم الذي أسلم فيه، إن أسلم أثناء النهار، نص عليه الإمام مالك، والإمام أحمد وغيرهما.

ولا يجب الصوم على الصغير غير البالغ لعدم التكليف، ولكنه يصح منه، ويكون في حقه نافلة، ولو أفطر في أثناء النهار فلا شيء عليه، ويستحب تدريبه على الصوم ليعتاد عليه، ولئلا يجد صعوبة فيه حال البلوغ، فقد ثبت في الصحيح من حديث الرُبيِّع بنت معوِّذ رضي الله عنها أنها قالت في صيام عاشوراء لما فُرض: (كنا نُصَوِّمُ صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْنِ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار) رواه البخاري ومسلم.

ولا يجب الصوم على مجنون, ولو صام حال جنونه, لم يصح منه؛ لأن الصوم عبادة مفتقرة إلى النية، والمجنون لا يتصور منه النية، وفي الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: (رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) رواه أبو داود وغيره.

ولا يجب الصوم على غير القادر لمرض دائم، أو كِبَر، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم. ولا يجب على المسافر، والمريض مرضاً عارضاً، ولكنهما يقضيانه حال زوال عذر المرض أو السفر؛ لقوله جل وعلا: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) (البقرة:184).

ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء، بل يحرم عليهما، ولا يصح منهما؛ لوجود المانع الشرعي، ولو جاءها الحيض أو النفاس أثناء الصوم، بطل صوم ذلك اليوم، ويجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان.

والطهارة ليست شرطاً لصحة الصوم، فإذا تسحر الجنب، وشرع في الصوم، ولم يغتسل، صح صومه. وكذلك لو طهرت المرأة من الحيض في الليل ولم تغتسل، وصامت يومها التالي صح الصوم منها.

هذه هي أهم أركان الصوم وشروطه، وللعلماء مزيد تفصيل وبيان فيها، يمكن الرجوع إليها في مظانها، والله أعلم.

 

فضل الصيام

الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها، كتبه الله  على المسلمين كما كتبه على من سبقهم من الأمم. أياماً معدوداتٍ يمتنع فيه المسلم عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تبارك وتعالى. فهو من أعظم الطاعات التي يُتقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ويثاب المسلم عليه ثواباً لا حدود له، وبه تغفر الذنوب، وبه يقي الله العبد من النار، وبه يستحق العبد دخول الجنان من باب خاص أُعدَّ للصائمين، وبه يفرح العبد عند فطره وعند لقاء ربه.
ويعد الصيام مدرسة صحية وتربوية واجتماعية، مبنية على الصبر، ومخالفة النفس، وكسر الشهوة واحترام النظام، والتزام الجماعة والإحسان إلى الفقراء، ومواساة المساكين والمحتاجين، وتطهير الروح والانشغال بلذة العبادات من صلاة وذكر، وقيام واعتكاف وتلاوة للقرآن الكريم .

وللصيام فضائل كثيرة ومعاني سامية جليلة، نذكر أهمها على النحو التالي:

1- إضافة الصيام لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم أجره:
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ” (متفق عليه).
وفي رواية لمسلم: ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ” إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي “.
وقد ذكر كلام أهل العلم أوجه كثيرة في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، فقيل: أن الصيام لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره. وقيل: أن الله سبحانه وتعالى ينفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. وقيل: أن الصيام أحب العبادات إلى الله والمقدم عنده سبحانه وتعالى. وقيل: أنّ إضافة الصوم لله تعالى هو إضافة تشريف وتعظيم كما يقال: “ناقة الله” و”بيت الله”. وقيل: أنّ الصيام لم يعبد به غير الله تعالى.

2- الصيام من أفضل الأعمال عند الله تعالى:
يعد الصيام من أفضل الأعمال، فهو من الأعمال الصالحة التي لا عدل لها، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ” قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ ” (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني).

3- الصيام جُنَّة من شهوات الدنيا وعذاب الآخرة:
الصيام جُنَّة، أي: وقاية في الدنيا والآخرة، فيقي المسلم في الدنيا من الوقوع في الشهوات والمعاصي، ويقيه في الآخرة من العذاب، فهو حصن حصين في الآخرة من النار. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الصِّيَامُ جُنَّة، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ” (رواه البخاري). وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” الصيامُ جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ مِنَ النارِ ” (رواه أحمد وحسنه الألباني).
وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ، كَجُنَّةِ أحدِكمْ من القِتالِ ” (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني). ومعنى هذا الحديث: أن الصيام درع يقي الصائم من المعاصي في الدنيا ومن النار في الآخرة كما يقي الدرع المحارب حين القتال فيمنعه من طعنات العدو ويحميه من الموت بإذن الله تعالى.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ” (رواه البخاري).
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ” (رواه الترمذي وقال عنه الألباني حسن صحيح).
وعنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ عَامٍ ” (رواه النسائي وحسنه الألباني).
4- يتحقق بالصيام أجر الصبر:
فيجتمع في الصيام أنواع الصبر الثلاثة، وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقداره سبحانه وتعالى. فهو صبرٌ على طاعة الله؛ لأن الصائم يصبر على هذه الطاعة ويفعلها. وصبرٌ عن معصية الله سبحانه وتعالى؛ لأن الصائم يتجنب المعصية حال صيامه. وصبرٌ على أقدار الله تعالى؛ لأن الصائم يصيبه ألم العطش والجوع والكسل وضعف النفس؛ فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامعٌ بين الأنواع الثلاثة، وقد قال الله تعالى: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ” (الزمر:10(.

5- الصيام كفارة للخطايا والذنوب:
إن الصيام من الأعمال التي يكفر الله بها الخطايا والذنوب، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ” (رواه البخاري ومسلم).
ومعنى هذا الحديث: الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال بهم عما ينفعه في آخرته، وتارةً يقصر في الحق الواجب عليه تجاههم، وتارةً قد يقع في ظلمهم ويأتي إليهم ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به. فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، فيكون الصيام من إحدى الطاعات التي تكفر عنه ذنوبه.

6- الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ، يقولُ الصِّيام: ” ربِّ إنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ بِالنَّهارِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، ويقولُ القُرْآن: ربِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، فيشَفَّعَانِ ” (رواه أحمد وصححه الألباني).

7- الصيام سبب لدخول الجنة:
فمن أسباب دخول الجنة الصيام، وإن أحد أبوب الجنة الثمانية ” باب الريان “، وهو باب يدخل منه الصائمون الجنة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد ” (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية للبخاري: ” في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون “.

8- الصيام من الأعمال التي وعد الله صاحبها بالمغفرة والأجر العظيم:
فقال سبحانه وتعالى: ” إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ” (الأحزاب:35).

9- للصائم فرحتان:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قاٍل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” … لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ” (رواه البخاري ومسلم).
فيفرح الصائم في إذا أفطر بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وقيل: إن فرحه بفطره من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه.
وكذلك يفرح الصائم بصومه عند لقاء ربه؛ لما يجد من جزاء عظيم وثواب كبير، وقيل: الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه.

10- خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك:
إن من أكبر الدلائل على عظم فضل الصيام، أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تبارك وتعالى من رائحة المسك، والخلوف هو تغير رائحة الفم بسبب الصوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والَّذي نَفْسُ محمد بيده لخلوفُ فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك” (رواه البخاري ومسلم).
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيد: ” يريد أزكى عند الله تعالى وأقرب لديه وأرفع عنده من رائحة المسك “. وعلل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كون خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك بقوله: ” لأنها من آثار الصيام فكانت طيبة عند الله سبحانه ومحبوبة له, وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله “.

11- دعاء الصائم مستجاب:
إن من فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب، فعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ ” (رواه البيهقي والطبراني وصححه الألباني).

12- الصيام يطهر القلب:
إن صيام شهر رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وَحَرَ الصدر أي الغل والحقد والغش ووساوس الشيطان وما يحصل في القلب من كدرة أو قسوة، فعَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ ” (رواه أحمد والبيهقي والبزار وصححه الألباني). وفي رواية أخرى: “أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ” (رواه النسائي وصححه الألباني).

13- جعل الله تعالى الصيام من الكفارات لعظم أجره:
فجعل الله الصيام من الكفارات لأمور كثيرة، منها:
أ‌- كفارة فدية الأذى في الحج أو العمرة، فقال تعالى: “فَفِدْيَةٌ مِن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ” (البقرة:196).
ب‌- كفارة المتمتع إذا لم يجد الهَدْي في الحج، فقال تعالى: “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ” (البقرة:196).
ت‌- كفارة القتل الخطأ، فقال تعالى: “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ” (النساء:92(.
ث‌- كفارة اليمين، فقال تعالى: “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ” (المائدة:89).

14- من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة:
فعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :” مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ” (رواه أحمد وصححه الألباني). وفي رواية أخرى: ” من ختم له بصيام يوم يريد به وجه الله عز وجل أدخله الله الجنة ” (رواه الأصبهاني وصححه الألباني).
قال الإمام المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير: ” أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب “.

15- الصيام سبيل إلى غرف الجنة:
إن المداوم على الصيام له أجر عظيم عند الله تبارك وتعالى، ومن الثواب الكبير الذي يُكافأ به (غرف الجنة)، فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: ” إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ” (رواه الترمذي وصححه الألباني).

ختاماً نسأل الله أن يعيننا في شهر رمضان على الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن وأن يتقبل منا ومن جميع المسلمين صالح الأعمال

أحكام الصيام

سم الله أبدأ بالترتيب الزمني لدخول الشهر و ما يحتاجه المسلم من أحكام تلزمه لصيام يوم كامل بكل أحداثه بترتيب الأحداث : أولاً: يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين: رؤية هلال شهر رمضان أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً. روى الإمامأحمد بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند رؤية الهلال: «اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله» . ثانياً: يجب تبييت نية الصوم من الليل و النية محلها القلب , يكفي فقط كونك تعلم أن غداً يوم صوم و تعقد نيتك أنك صائم و لست مفطراً . لحديث « مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلا صِيَامَ لَهُ » . صححه الألباني في صحيح الترمذي 583. ثالثاً: السحور : قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» رواه أحمد. وقال النبى صلى الله عليه و سلم «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» متفق عليه . وقال النبى صلى الله عليه و سلم «تسحروا ولو بجرعة ماء» ابن حبان/حسن . وقال النبى صلى الله عليه و سلم «نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ» صححه الألباني . رابعاً: يبدأ الصيام مع أذان الفجر و الصيام لغةً: الإمساك. وشرعاً: التعبد لله عز وجل بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. رابعاً : مفسدات الصوم : 1- الأكل أو الشرب عمداً : فإن أكل أو شرب ناسياً يتم صومه ولا قضاء عليه ويستوي في ذلك الفرض والنفل لعموم قول النبي صلى الله عليه و سلم «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» متفق عليه ، وهذا هو قول الجمهور 2- الجماع : عَنْ أبي هُرَيْرَةَ «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا (أي طرفي المدينة) أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» متفق عليه [ قال النووي : العرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعا ]3- تعمد الاستمناء(العادة السرية) 4- تعمد القئ : قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تقيأ عمداً أفطر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ” أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ” صححه الألباني . 5- نية الإفطار: من نوى أثناء صومه إبطال صومه وعزم على الإفطار جازماً بطل صومه لقول النبي صلى الله عليه و سلم ” وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى” 6- الردة عن الاسلام: قال تعالى” ولَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ” . 7- الحيض والنفاس أمور لا تفسد الصيام: 1- إذا أصبح يوم الصيام جنباً : 2- تقبيل الزوجة ومباشرتها إذا أمن الإمناء 3- الاغتسال والصب على الرأس من الماء 4- المضمضة والاستنشاق بدون مبالغة 5- تذوق الطعام بشرط ألا يدخل الجوف 6- الحجامة : 0عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ “احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم وَهُوَ صَائِمٌ” بخارى . 7- الاكتحال والحقنة والقطرة وشم الطيب قال ابن تيمية : لا فطر في الحقنة لأنه لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً وليس هناك دليل على أن مناط الحكم وصول الشئ إلى الجوف لكن الكتاب والسنة دل على شئ معين وهو الأكل والشرب فقط 8- السواك: ويجوز استعمال معجون الأسنان إذا أمن نفوذه إلى الحلق0 9- ابتلاع النخامة: وهى ما يخرج من الخيشوم عند التنحنح أو البلغم الصاعد من الصدر 10- إبتلاع ما لا يحترز منه : كالدم اليسير فى اللثة وما يعلق بالأسنان من بقايا طعام وغبار الطريق والطحين ونحو ذلك 11- خروج الدم : سواء كان من بدنه أو من أنفه . خامساً : الإفطار : و يكون مع أذان المغرب دون انتظار لإكمال الأذان تعجيل الفطر: قال النبى صلى الله عليه و سلم : «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» متفق عليه. الإفطار على الرطب أو التمر أو الماء: عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» صححه الألبانى. الدعاء عند الفطر: عَنْ ابْنَ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم إِذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» حسنه الألبانى. سادساً : من يباح لهم الفطر (أهل الأعذار ) 1 و 2- المريض و المسافر: قال تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 3- الشيخ الكبير والمرأة العجوز و المريض مرضاً مزمناً: يجوز لهم الفطر ولا قضاء عليهما عَنْ عَطَاءٍ ” أنه سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وقَالَ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا” بخاري . 4- الحامل والمرضع: عن ابن عباس أنه قال : والحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينا “ابن الجارود والبيهقى/صححه الالبانى . وكان ابن عباس ” يأمر وليدة له حبلى أن تفطر ويقول : أنت بمنزلة الكبير الذى لا يطيق الصيام فأفطرى وأطعمى عن كل يوم نصف صاع من حنطة ” دارقطنى/صحيح 5- الحائض والنفساء :عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» مسلم . — إذا طهرت أثناء النهار ليس لها أن تمسك بقية اليوم بنية الصيام — الجمهور : إذا طهرت قبل الفجر ونوت الصيام صح صومها وإن أخرت الغسل لما بعد الفجر و أخيراً انتبه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» بخارى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» متفق عليه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» رواه أحمد (8693).

 

السابق
دواء كينزي kinzy تخفيف أعراض حالات فرط نشاط المثانة مثل البول المتكرر.
التالي
دواء لابريكس laprix علاج الهوس المختلط أو حالات الهوس الحادة المصاحبة لمرض ثنائيه القطب أو لمرض انفصام الشخصية.

اترك تعليقاً