ديني

الهجرة الى الله

الهجرة في سبيل الله

فضل الهجرة في سبيل الله:

قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [100]} [التوبة:100].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [100]} [النساء:100].
وَعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامْرِئ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ وَمَنْ، كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». متفق عليه.

خطبة عن الهجرة إلى الله

أنواع الهجرة في الإسلام

تأتي الهجرة في الإسلام على شكلين اثنين، هجرة الإنسان ببدنه، وهجرة الإنسان بقلبه عن المحرّمات، وفيما يأتي ذكر تفاصيل هذين الشكلين.

الهجرة بالانتقال من بلدٍ إلى آخرٍ

تعدّ الهجرة من بلاد الكفر التي لا يستطيع العبد فيها تطبيق شعائر دينه إلى بلاد الإسلام أحد أنواع الهجرة في الإسلام، وتأتي على ثلاثة أشكالٍ من حيث الوجوب والأهمية في حياة العبد:

  • من يصعب عليه الهجرة من بلاد الكفر إلى الإسلام؛ لعجزٍ في البدن أو غير ذلك، وأولئك لا تجب عليهم الهجرة.
  • من يستطيع أن يهاجر من بلاد الشرك إلى الإسلام؛ لكنّ بقاءه في بلاد الكفرلا يُضيّق عليه من تطبيق شرائع دينه، ويأمن على نفسه الفتن كذلك، فذلك يُستحبّ له أن يهاجر.
  • من يستطيع أن يهاجر تاركاً بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وفي نفس الوقت لا يستطيع تطبيق شعائر دينه أو الأمن على نفسه من الفتن، فهذا يجب عليه الهجرة تاركاً بلاد الكفر إلى غيرها.

هجرة القلوب دون الأبدان

صنّف العلماء لهجرة القلوب دون الأبدان عدّة أصنافٍ، فيما يأتي تفاصيل كلٍّ منها:

  • هجرة المحرّمات؛ وهو ترك كلّ ما حرّم الله تعالى، أو نهى عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الأقوال والأفعال والأخلاق وغير ذلك.
  • هجرة أهل المعاصي؛ وهو أن يترك العبد أهل الضلال، وإتيان المنكر والابتعاد عنهم وعن مجالستهم.
  • هجرة القلوب إلى الله سبحانه؛ وهو أعظم أنواع الهجرة كما ذكر أهل العلم، فإنّها تكون بإخلاص سائر الأعمال لله تعالى، لا يبتغي العبد جرّاء عمله إلّا رضا الله سبحانه، ولا يحبّ في حياته إلّا الله -تعالى- ومن يحبّ الله عزّ وجلّ، واتّباع سنّة رسول الله والثبات على طاعته.

كيف تهاجر إلى الله

يقول ابن القيم رحمه الله: الهجرة إلى الله ورسوله فرض عين على كل أحد في كل وقت، وأنه لا انفكاك لأحد من وجوبها، وهي مطلوب الله ومراده من العباد.

وهو يقسم الهجرة إلى نوعين: هجرة بالجسم من بلد إلى بلد، وهجرة بالقلب إلى الله ورسوله وهي الأصل فيما هجرة الجسد تابعة لها.

فتهاجر من محبة غير الله تعالى إلى محبته سبحانه، ومن عبودية غيره تعالى إلى عبوديته سبحانه، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه، إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له، إلى دعائه، وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له.

وهذا بعينه معنى الفرار إليه، قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50] والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه.

وهنا معنى قول الحبيب صلى الله عليه وسلم «وأعوذ بك منك» [ رواه مسلم] وقوله «لا منجى منك إلا إليك» [ رواه البخاري]

فتأمل كيف عاد الأمر كله إلى الفرار من الله إليه؛ وهو معنى الهجرة إلى الله تعالى، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» [رواه البخاري]

خطبة مكتوبة عن هجرة المعاصي

الخطبة الأولى ( هجر المعاصي إلى الطاعات )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام :
( وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي .. إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (26) العنكبوت
وروى البخاري في صحيحه ( قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ »
إخوة الإسلام
ليست الهجرة مقصورة على هجرة الأوطان ، ولكن الهجرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ) ، فالهجرة هي هجر الكفر إلى
الإيمان ، وهجر الضلال إلى الهدى ، وهجر المعاصي إلى الطاعات ،
فالهجرة مفتوحة دائما ، يَقُولُ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » رواه ابو داود
فالمسلم في حاجة دائمة إلى هجر فحش القول ، وبذئ الكلام ، إلى الطيب من القول وما يرضي الرحمن ، فإنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ » رواه الترمذي.
وعلى المسلم أن يهجر الغفلة والغافلين ، وأن ينتظم في طريق الذاكرين الله كثيرا والمسبحين ، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ أَيُّ الْعِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ « الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ » رواه الترمذي.
وعلى المسلم أن يهجر الإسراف في الطعام والشراب ،ليبقى نشيط القلب والبدن ،على الطاعات – يَقُولُ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم
« مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ » رواه أبو داود.
وعلى المسلم أن يهجر نومه وتكاسله حين يسمع النداء ،(الصلاة خير من النوم )
فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ »
وعلى المسلم أن يهجر سيء الأخلاق ، وفظاظة الطباع ، وغلظة القلب في التعامل مع الآخرين ، وأن يتحلى بالأخلاق الحسنة فالنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ
«إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ » رواه أحمد
ونحن في حاجة ماسة في هذا الزمان إلى هجر الكفار ،الذين صاروا يعيثون فسادا في أرض المسلمين ، يقتلون أبناءهم ، ونساءهم، ويحتلون أرضهم ، ويستحلون خيراتهم، ويدنسون مقدساتهم. قال تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (51) المائدة ،
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) التوبة (23)
وعلى المسلم أن يهجر النفاق والمنافقين ، وأن يكون مع المؤمنين الصادقين استجابة لقول رب العالمين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة (119)

وقال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء (140)
والمهاجر : من هجر الدنيا وإغراءاتها ، وابتغى بها وجه الله تعالى ، قال تعالى :
(فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (33) لقمان
والمهاجر: من هجر البطالة ،وشمر عن ساعد الجد والعمل ، وعمل بأسباب الكسب الحلال، صونا لماء وجهه ،والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يحب العبد المحترف” (رواه الطبراني).
وفي صحيح البخاري (أن رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » .
والمهاجر : من هجر السلبية والأنانية ، وكان ايجابيا في مشاركة المسلمين ، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
والمهاجر: من هجر عادة الكسل ، وعقد العزم على حفظ كلام ربه وتعليمه لغيره، ففي صحيح البخاري :عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ »
والمهاجر : من أخلص القصد ،واكتسب الخبرة والمهارة التي تؤهل المسلمين لمستقبل التمكين في الأرض ، أخذا بالأسباب التي أمروا بها ، قال تعالى :
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) الانفال 60

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية ( هجر المعاصي )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ » رواه احمد
وفي هذا الزمان نرى من المؤمنين الصادقين من يهاجرون بعيدًا عن الظُّلم والاضطهاد، وبعيدًا عن الغشِّ والفساد، وبعيدًا عن القَمع والاستبداد؛ حتى يأتي الفرج من رب العباد ،
ولنحرص في هجرتنا إلى الله تعالى على تصحيح النية ،وإخلاص القصد لله لكي تكون هجرتنا إلى الله ورسوله ،لا لدنيا نصيبها ، ، ففي الصحيحين – يَقُولُ رَسُول اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم
« إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ 

السابق
أدوات تزيين الأظافر
التالي
كيف اخفي مشاعرى

اترك تعليقاً