أنظمة دولية

بحث عن دستور الكويت

معلومات عن الدستور

بحث عن الدستور

في بادئ الأمر يتعين علينا تقديم تعريف مختصر عن مفهوم الدستور الواسع والشمولي، فيمكننا القول أن الدستور هو القانون بحد ذاته الذي به ترتسم معالم الحكم في الدولة وتلتزم جميع الشرائح بتطبيقه شريطة انسجامه مع القواعد الدستورية، فالدستور يتضمن المبادئ والقيم المجتمعية مع ضمان علاقة السلطات التشريعية بعضها، وبعبارة وأخرى يمكن القول بأن الدستور هو عبارة عن مجموعة من القواعد سواءاً المكتوبة منها وغير المكتوبة التي تحدد كل من (الأهداف، الصلاحيات، الحدود) السلطة السياسية، وبالتالي فهو يعد مرآةً لمدى قوة أي مجتمع على اعتبار أن له الأولوية الكبرى كوثيقة عن سائر الوثائق الأخرى، لأن أي قرار يتعارض معه يُعد باطلاً.

عناصر الدستور

يتكون الدستور من عدة عناصر أساسية نذكرها على النحو الآتي:

  • الهيئة التي تشرف على كتابته، فلا بد من ذكر أسماء الأشخاص المسؤولون عن صياغته وتقنين نصه والمواد المُدرجة فيه بحيث يكونوا هن الأشخاص الذين يتحملون أمانة التشريع ليكون كل فرد على اطلاع بمن سن له القانون الذي يحكمه.
  • الافتتاحية، وهي عبارة افتتاحية تعريفية بالشعب الذي سيطبق الدستور لرسم الاستراتيجيات ونهج الحياة الخاص به وبالتالي يتحدد شكل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث نرى بعض الدساتير تتأثر مقدمته بالديانة ومن أبرزها الديانة الإسلامية.
  • شروط إنشاء وتعديل الدستور، حيث يشترط لإجراء أي تعديل أو تبديل على أي مادة من قوانين الدستور أن يتم استشارة الأمة بهذا الصدد.
  • مصادر التشريع، وكما هو معروف فإن الدول الإسلامية تكون مصادر التشريع فيها من القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس.
  • الثوابت العامة للشعب، ,وهي عبارة عن مجموعة من الثوابت تبدأ بطاعة الله تعالى وطاعة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وثانيها امتثال الحاكم بما أنزل الله وسنة نبيه في حكمه للشعب.
  • نظام الحكم، ومن خلال هذا الأمر يتم تعيين الرئيس مع تحديد طبيعة واجباته الموكولة إليه ومن ينوبه ورئيس حكومته وغيرها من أقسام الأمور الإدارية للدولة.

قانون دستوري

القانون الدستوري Constitutional law هو جماع القواعد القانونية التي حاول بها البشر منذ القديم تنظيم السلطة السياسية وتحديديها فهو القانون الذي يبحث في تكوين الدول واقامتها وممارسة الحكم وانتقاله وتحديد السلطات في الدولة والفصل بينها فالقانون الدستوري اذا ينظم المسائل الاساسية في الدولة و يعد القانون الدستوري فرعا من القانون العام.

ويذهب البعض الى تعريف القانون الدستوري على أساس معيار شكلي فيرى ان الدستور هو عباره عن الوثيقة الدستوريه بذاتها (الدستور ) فيقتصر القانون الدستوري على اساس هذا المعيار على دراسة النصوص الوارده في تلك الوثيقة فقط الا ان هذا المعيار لا يسلم من النقد على أساس انه بعض المواضيع ذات الصبغة الدستورية كالانتخابات و الاحزاب السياسية لا تتضمنها وثيقة دستورية (الدستور ) كما في بعض البلدان مثل بريطانيا التي لا تملك دستور مكتوب حيث أن الدستور لديهاعرفي غير مكتوب.

والبعض الاخرى يذهب للتعريف القانون الدستوري على اساس معيار موضوعي و على هذا الاساس يعتبر قانونا دستوريا كل قانون أو مرسوم يعني بموضوع دستوري.

ويذهب البعض الآخر الى الاخذ بالمعيارين الشكلي والموضوعي لتعريف الدستور و هو الرأي الارجح .

الشعب مصدر السلطات

الشعب مصدر السلطات هو قاعدة بناء الأمم وبقائها، وليس شعارا يرفعه البعض حسب الهوى وكأنه فضل منه، فمؤسسات الدولة بالأساس أدوات للوفاء بالمسؤوليات ومهام في حياة الدول، وتمنح لها السلطة وفق معايير يحددها العقد الاجتماعي (الدستور) والقوانين المكملة له، والتي تمكنها من أداء مسؤولياتها لضمان الحياة والتقدم نحو المستقبل.

عندما يخرج الشعب ـ والذي هو مصدر السلطات ـ على نظام الحكم، فهذا ليس ضد طبيعة العلاقة بين الشعب والسلطة ولكنه استرداد لحقه وإرادته، والخروج الشعبي في مراحله الابتدائية يكون محاولات توجيه بإعلان مطالب يرى الشعب حاجته إليها، ويتحول الخروج المطلبي إلى ثورة عندما يرى أن سلطة الحكم غير مؤتمنة على إرادته وحاجاته والمسؤوليات التي انتدبها للقيام بها، وحولت حالة التفويض الممنوح لها إلى حالة ملكية، تتخذ من الاستبداد والعنف والتآمر سبيلا لاستمرارها في سلطة الحكم.

الثورات في تاريخ الشعوب ليس فعلا انتقائيا، ولا يخضع لإعادة تعريفه وتوصيفه بادعاء الحكمة بأثر رجعي، فالثورات تهدم أسس السلطة، وإن ظلت بقاياها والمنتفعون ركاما يجب إزالته، ومن طبيعة الأمور أن يقاوم هؤلاء دفاعا عن مصالحهم التي لم يقبل بها وكانت استنزافا للوطن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ومهما علت أصواتهم فهي إلى نهاية محتومة بالسقوط كما النظام الذي أتاح بيئة وجودها على حساب الشعب.

الثورة الشعبية فعل جماعي يتم في زمن محدود ولكن لشعبيته فإن إتمام عملية التغيير في المجتمع لما ترتب على حكم النظم السابقة هو ما يحتاج إلى زمن ورؤى ومهام ورجال.

فقد نظام حسني مبارك قدرته على مواجهة الثورة الشعبية لأنه مع كافة الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأنه استبدل الوطن بخريطة التوريث، وألفت كلمة التوريث بين الشعب والقوات المسلحة، وتجاوز الشعب العجز السياسي للأحزاب وعناصر النخبة.

وفقد نظام الإخوان مبرر استمراره لأنه استبدل خريطة الثورة بخريطة الجماعة السرية، وسعى إلى تفكيك الدولة، وتجاهل الوطن وعاش وهم الخلافة، واستبدل وحدة الشعب التي حققتها ثورة يناير إلى تقسيمه بين مسلم وكافر، وتآلف مع الجماعة كافة التنظيمات الدينية بلا استثناء، وأيضا كانت حركة الشعب متجاوزة الحياة السياسية والحزبية، وكان للجيش دوره وحسم الصراع لصالح الشعب.

هنا يلزم النظر إلى الفترة بين 30 يونيو و26 يوليو 2013 والتي كشفت طبيعة المواجهة وعمق اتساعها، فهي لا تقتصر على الداخل ولكنها ترتبط بأمريكا والغرب، ولم يعد الغرب حكومات ولكنه حلف الناتو، وهي مواجهة لا تتوقف عند السياسة ولكنها تذهب إلى الأساطيل، وأن هناك جماعات وأفرادا جرى استدعاؤها وتمكينها من بؤر آمنة ومسلحة وممولة، وعقيدتها القتل، واتضح أيضاً أن المواجهة تتصاعد إلى استحلال دم كل الشعب وليس مواجهة مع سلطة، وأن المواجهة تشمل كافة التنظيمات الدينية. كان شعار الهجوم (شرعية الصندوق) في مواجهة الانقلاب العسكري، وتغاضي الخارج ومعه قطاع غير قليل في الداخل من النخبة والجمعيات الحقوقية عن حقيقة أن المواجهة بين شعب وجماعة وأن القضية هي هوية وطن ودين واستقلال وطني.

لقد كشفت هذه الفترة أنه كما استحدثت أمريكا عبر المخابرات المركزية الأمريكية فكرة الجهاد ضد الجيش السوفييتي الملحد في أفغانستان، وأنتج مشروع الجهاد الأفغاني تنظيم القاعدة، فقد استعملت أمريكا جماعة الإخوان ومن والاها في مواجهة الثورات الشعبية ضد الاستبداد، وعلى ذات القاعدة (المؤمنون في مواجهة الكفر والإلحاد)، والملحدون هنا ليسوا جيش احتلال شيوعي، ولكن الملحدون هنا هم الشعب.

حرق الأرض والمراحل هو سمة ما بعد 26 يوليو 2013.

جماعة الإخوان السرية وامتداداتها الخارجية تسعى إلى إعدام يوم 30 يونيو 2013 وحرقه من خريطة الزمن، ولأنه لن يتحقق، فليحرق الوطن والشعب وكافة المؤسسات. وأخطر ما نتج عن 30 شهر السابقة على يونيو 2013 هو ذلك التوافق المشوه بين موقف الجماعة وحركات يسارية وحقوقية وبعض من الشباب الذي مازال يئن تحت أحداث ووقائع مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو والعباسية، هذا التوافق على خصومة مع الجيش، تتعدد الأسباب ولكنها خصومة في لحظة مواجهة بالقتال مع تنظيمات إرهابية واحتمالات مواجهة قادمة من أمريكا والناتو.

ومن ناحية أخرى فخريطة الطريق تكاد تحرق أهم مرحلة من مراحل الثورة وهي مرحلة “التطهير”، وأكثر من ذلك يخرج من الحكومة ومستشاري الرئيس المؤقت دعوات للمصالحة، وكأن الحكمة هبطت على هؤلاء الأفراد (وأعني كلمة الأفراد) الذين جاءت بهم الصدف غير المفسرة حتى الآن، ومنحتهم الحكمة حق حرق 30 يونيو بل ويتجاوز البعض إلى حرق 25 يناير 2011.

أنتجت الحرائق المشتعلة ستارا من الدخان الكثيف يترنح بين إطلاق مقولات “نكسة يناير”، “المصالحة وعدم الإقصاء”، “الاعتذار”، “رموز الثورة”، وهذا الدخان يزيد النار اشتعالا في وقت يجب أن تزداد اللحمة بين الجيش والشعب وأيضا الشرطة، حتى لا يجد العنف شروخاً في البناء الوطني يستطيع النفاذ منها.

وكي يتقبل الشعب ثمن العنف يجب أن يرى المستقبل دون نظامين ثار عليهما “مبارك والإخوان”، ودون كل من تغيرت وتبدلت ألوان جلده طوال الفترة من 25 يناير (الثورة) و30 يونيو (استرداد الدين والدولة والثورة)، و26 يوليو (الاستقلال الوطني).

إن مهمة التطهير أعمق مما يطلق عليه العدالة الانتقالية، فالمهمة بعد 30 يونيو 2013 تضاعفت فهي تواجه:

1. نظام مبارك والحزب الوطني وقياداته.

2. جماعة الإخوان السرية والجماعات الموالية لها والأحزاب التي أنتجتها.

3. مؤسسات الدولة التي ينتشر في داخلها سرطان الفساد وزاد عليه ما أضافته فترة حكم جماعة الإخوان.

وذلك على التوازي مع مواجهة الإرهاب والعنف الذي أطلقته الجماعات الدينية في كل المجتمع.

الإقصاء والعزل السياسي ركن أساسي في الثورات، والإقصاء للرؤى والأساليب يعني إقصاء للأدوات سواء كانت تنظيمات وأحزابا أو أفرادا. والإقصاء والعزل للحزب الوطني يعني حل كيان الحزب وكل مؤسساته والعزل السياسي لكل من أسهم في الفساد السياسي (وليس الجرائم)، وهو أمر بالأساس سياسي، وهي مهمة للثورة يجب تحقيقها، ولا يصلح استخدام قوانين ما قبل الثورة، وإلا فإننا نعيد تسليم الأمور لنفس النظام، وهذه مهمة يجب أن تسبق إجراء أي انتخابات نيابية أو رئاسية، وغير هذا فإننا نلتف على الإرادة الشعبية.

نظام الحكم في الكويت

نظام الحكم بالكويت هو طريقة إدراة الدولة لنظام الحكم وتدواله. تنقسم السلطات بالكويت إلى سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، ويكون الأمير هو رئيس للسطات الثلاث ولا يسمح بحسب الدستور تشكيل أحزاب على الرغم من وجود الكتل النيابية. ويتميز نظام الحكم بالكويت بأنه نظام وراثي دستوري، حيث أن نظام الحكم يستمد شرعيته على الدستور، وهو بذلك يتيح نقل السلطة داخل الأسرة الحاكمة من ذرية مبارك الصباح ولقب الحاكم هو الأمير، ويتولى الأمير سلطاته التنفيذية من خلال وزرائه، والأحكام القضائية لا تنفذ إلا بعد مصادقة الأمير عليها. وهو الوحيد الذي يستطيع العفو من الأحكام، وجميع القوانين التي يقرها مجلس الأمة لا تصبح نافذة إلا بعد توقيعه عليها خلال مدة شهر. وإلا أصبحت نافذة بدون التوقيع وكأنه وقع عليها، فإن أعادها للمجلس ووافق عليها مرة أخرى تصبح نافذة بدون الحاجة لتوقيعه والنظام بالكويت هو مزيج من النظام البرلماني والنظام الرئاسي.

وضع الدستور

كيفية وضع الدستور و إنهائه

طرق إصدار الدساتير

يتقرر الأسلوب الذي يتم وضع الدستور به عادة وفق ظروف المجتمع السياسية وتفاعلها مع التأثيرات الخارجية ومدى تطور الوعي السياسي والمطالبة الشعبية بالحقوق الدستورية. و الطرق المذكورة هي ما تعارف عليه في الفقه الدستوري من خلال تجارب الدول وفقًا لما حدث تاريخياً، وهى ليست على سبيل الحصر .

1. صدور الدساتير بطريقة المنحة (دستور المنحة): فى هذه الطريقة يصدر الدستور بالإرادة المنفردة للحاكم، بمعنى أن يستقل رئيس الدولة بوضع الدستور دون أن يشاركه الشعب هذا الأمر وبالتالي يظهر الدستور على شكل منحة أو هبة للشعب من الحاكم، وهو أسلوب غير ديمقراطي بإجماع آراء فقهاء القانون الدستوري. صدرت بعض الدساتير بطريقة المنحة باعتبار الملوك هم أصحاب السيادة وتحت ضغط الشعوب وخشية نتائج هذه الضغوط تم تسامح الملوك بإصدار هذه الدساتير. هذه الطريقة لا تقيد الاعتراف بسلطة الشعوب وحقهم في السيادة ، وقد صدر الدستور المصري عام 1923 بهذه الطريقة .

2. طريقة العقد (دستور العقد): فى هذا الأسلوب يشترك الحاكم بوضع الدستور و معه الشعب، ولذلك سمي بأسلوب العقد لأن الدستور يصدر بناء على اتفاق بين إرادة الحاكم وإرادة المحكوم. وعدم استقلال الشعب بوضع الدستور ينفى عنه الوصف الديمقراطي بأن “السيادة للشعب وحده وهو مصدر كل السلطات” إذ أن قيام الحاكم بالمشاركة في وضع الدستور يعنى اقتسامه للسيادة مع الشعب. وبالطبع ما دمنا نتحدث عن عقد فلا يجوز المساس بالعقد بإرادة منفردة من أحد طرفيه سواء بالتعديل أو الإلغاء حيث يتوجب إتفاق الطرفين، وقد تم إتباع هذه الطريقة لإصدار الدستور العراقي عام 5192 وأيضاً في البحرين من خلال دستور 1973.

3. طريقة الجمعية التأسيسية (دستور الجمعية التأسيسية): الأصل أن الأسلوب الديمقراطي في إعداد الدساتير هو قيام الشعب مباشرة بوضعها، إلا أن الاعتبارات العملية والواقعية أدت إلى استحالة ذلك خاصة وأن أحكام الدستور تعتبر من المسائل الفنية الدقيقة التي تستعصي على أفراد الشعب، لما تحتاجه من دراسة ومناقشة عميقة، فضلًا عن استحالة اللجوء إلى الشعب كله في ظروف الدولة العصرية التي تتميز بكثرة مواطنيها، لذا فقد أبدع الفكر البشري فكرة اختيار الشعب ممثلين له لتولي مهمة إعداد الدستور باسم الشعب ونيابة عنه وتسمى عادة بالجمعية التأسيسية أو المجلس التأسيسي، إذا كان كله منتخبًا.

4. طريقة الاستفتاء الدستوري (دستور الاستفتاء الدستوري): و هو استفتاء على نص الدستور المراد إصداره، حيث يتم اختيار جماعة معينة من الأشخاص لوضع الدستور وقد يكون هذا الاختيار من قبل الشعب أو من قبل القوى السياسية الفاعلة أو الجهة الحاكمة ولا يتخذ الدستور الصفة الرسمية إلا بعد عرضه على الشعب في استفتاء عام . وهو ما يعبر عن التطبيق الفعلي للديموقراطية وذلك بالاعتراف بأن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطة.

· آلية إقرار الدساتير وإصدارها: باستثناء دستور المنحة (الذي يصدره الحاكم بمطلق إرادته دون الرجوع للشعب) فإن من أركان مشروعية صدور الدستور وكذلك تعديل أي حكم من أحكامه، إقرار نصوص الدستور أو إقرار نص التعديل من قبل نواب الشعب( أو الشعب ذاته في حالة الاستفتاء الدستوري) كخطوة لازمة وواجبة ليتسنى لرأس الدولة التصديق على الدستور وإصداره وإصدار التعديل ونفاذهما، فإذا لم تراع خطوة الإقرار، فإن ركنًا من الأركان الضرورية اللازمة لمشروعية التصديق والإصدار يكون ناقصًا ويصبح مثل هذا الدستور أو التعديل فاقدًا للمشروعية الديمقراطية في طريقة وضعه وللمشروعية الدستورية وفقًا لأحكام الدستور النافذ.

إنهاء أو إسقاط العمل بالدستور

تنتهي حياة الدستور نظراً لعدم مسايرته للظروف والتطورات التي تلحق بالمجتمع، وهذه النهاية يمكن أن تكون عادية أو غير عادية.

· الأسلوب العادي: يقصد بالأسلوب العادي في إنهاء الدستور أنه لا يتضمن معنى القوة أو العنف، وأغلب الدساتير تتضمن الكيفية التي يمكن أن تعدل بها بعض النصوص (تعديلاً جزئياً فقط)، ولذا فإن إنهاء الدستور يكون متروكاً للشعب باعتباره صاحب السيادة ومصدر السلطة، إذ يبقى دائماً وأبداً للشعب بصفته صاحب السلطة التأسيسية الأصلية الحق في أن يُلغى الدستور في أي وقت يشاء وأن يضع دستوراً جديداً يتفق مع طموحات الشعب ويتلاءم مع متطلباته.

· الأسلوب غير العادي:” أسلوب الثورة أو الانقلاب”: هو أسلوب فجائي يتضمن معنى القوة أو العنف في إسقاط الدستور، وهذا الأسلوب هو في الحقيقة الأكثر انتشارا لإسقاط الدساتير، ويتجسد هذا الأسلوب في طريقتين الثورة أو الانقلاب، ولا أثر لأي منهما على القوانين العادية فتظل سارية الأثر إلى أن تلغى أو تعدل.

الدستور المصري

شهدت مصر في الفترة ما بين عامي 1805 و1882 نضالاً طويلاً يتعلق بوضع دستور وطني كمرجع أساسي لنظام الحكم وتحديد السلطات وإقرار الحقوق والواجبات العامة، ظهرت ثماره مع أول مشروع لدستور مصري في عام 1879 والذي لم يحظى بتصديق الخديوي إسماعيل بسبب ملابسات عزله، فلم يكتب له النجاح كوثيقة دستورية على أرض الواقع، وفي عهد خليفته الخديوي توفيق نجحت الحركة الوطنية في عام 1882 في استصدار أول وثيقة دستورية رسمية تحت اسم اللائحة الأساسية، لكن ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، فتواصل النضال الشعبي دون هوادة حتى صدر دستور الدولة المصرية في 19 أبريل 1923 المعروف بـ دستور 1923 وانعقد بموجبه أول برلمان مصري في 15 مارس 1924. ظل دستور 1923 قائماً إلى أن صدر دستور الدولة المصرية في 22 أكتوبر 1930 المعروف بـ دستور 1930، والذي أُوقف العمل به في 30 نوفمبر 1934، ثم أعيد العمل مرة أخرى بدستور 1923 في 12 ديسمبر 1935 وظل قائماً إلى أن تم إسقاطه في 10 ديسمبر 1952 بموجب أول إعلان دستوري يصدر عن مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952. عقب ذلك ألغيت الملكية في مصر وأعلن النظام الجمهوري بموجب الإعلان الدستوري الصادر في 18 يونيو 1953. وبعد نهاية الفترة الانتقالية التي أقرها الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير 1953 أجري استفتاء في 23 يونيو 1956 على دستور الجمهورية المصرية المعروف بـ دستور 1956 وبدأ العمل به اعتباراً من 25 يونيو 1956.

في عام 1958 وعلى إثر قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا صدر الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة المعروف بـ دستور الوحدة أو دستور 1958 المؤقت في دمشق في 5 مارس 1958 وفي القاهرة في 13 مارس 1958، واستمر العمل به لما يزيد على ثلاث سنوات بعد سقوط الوحدة وحتى صدور الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة (بعد الانفصال) المعروف بـ دستور 1964 المؤقت في 25 مارس 1964. في 12 سبتمبر 1971 صدر دستور جمهورية مصر العربية المعروف بـ دستور 1971 بعد إجراء استفتاء عليه في 11 سبتمبر 1971، والذي طرأت عليه لاحقاً عدة تعديلات الأولى في 1980 والثانية في 2005 والثالثة في 2007.

عقب قيام ثورة 25 يناير تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، فأصدر المجلس إعلاناً دستورياً في 13 فبراير 2011 عطل بموجبه العمل بدستور 1971 مع تشكيل لجنة لتعديل بعض مواده وطرحها للاستفتاء الذي أجري لاحقاً في 19 مارس 2011، وصدر على إثره إعلاناً دستورياُ في 30 مارس 2011 يتضمن التعديل الرابع على دستور 1971، والذي أُقر بموجبه إدارة المجلس لشئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية ولحين انتخاب رئيس جمهورية، بجانب انتخاب جمعية تأسيسية من قبل أعضاء مجلسي الشعب والشورى تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد، على أن يعرض المشروع على الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل به من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه.

مع انتهاء الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشورى في يناير وفبراير 2012 دخلت الأطراف السياسية المختلفة في صراع حول كيفية إحداث توازن وإيجاد معايير واضحة لتمثيل الفئات الاجتماعية المختلفة داخل الجمعية التأسيسية للدستور. وفي 25 فبراير 2012 دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعضاء مجلسي الشعب والشورى لانتخاب الجمعية التأسيسية الأولى، فانتُخبت الجمعية التأسيسية الأولى في 24 مارس 2011، إلا أنه في 10 أبريل 2012 صدر حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيلها، فانتخبت الجمعية التأسيسية الثانية في 12 يونيو 2011، والتي أقرت مشروع الدستور في 30 نوفمبر 2012 وسلمته للرئيس محمد مرسي في 1 ديسمبر 2012 دون وجود توافق سياسي ملموس وفي ظل تأييد أطراف سياسية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين واعتراضات وانتقادات من جانب أطراف سياسية أخرى على رأسها جبهة الإنقاذ الوطني. وفي يومي 15 و22 ديسمبر 2012 أجرى الاستفتاء على الدستور، ثم أعلنت نتيجته وصدر دستور جمهورية مصر العربية المعروف بـ دستور 2012 في 25 ديسمبر 2012.

بعد قيام مظاهرات 30 يونيو 2013 أعلن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وأعلن عن إجراءات بموجب بيان 3 يوليو 2013 على إثرها عُطل العمل بدستور 2012، وأُعلن عن تشكيل لجنة لمراجعة التعديلات الدستورية على دستور 2012 المُعطل، وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية. عقب ذلك وبموجب الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013 تم تشكيل لجنة الخبراء أو لجنة العشرة في 21 يوليو 2013، والتي أنهت أعمالها في 20 أغسطس 2013، لتشكل لجنة الخمسين في 1 سبتمبر 2013[19][20] والتي أقرت المشروع النهائي للتعديلات الدستورية في 1 ديسمبر 2013، وعُرض للاستفتاء في يومي 14 و15 يناير 2014، ثم أعلنت نتيجة الاستفتاء وصدر دستور جمهورية مصر العربية المعروف بـ دستور 2014 في 18 يناير 2014. بعد عدة سنوات أُجري استفتاء على تعديل الدستور في 20 و21 و22 أبريل 2019، أُُعلنت نتيجته في 23 أبريل 2019.

السابق
محافظة رماح
التالي
أقوال ابن خلدون

اترك تعليقاً