تعليم

خصائص الحوار

أنواع الحوار

إنّ الأصل من كلمة حوار تعود إلى الكلمة اللاتينية (through)، ونعني بالحوار مناقشة ومحادثة بين شخصين على الأقل وتعتبر من الوسائل التي يلجأ لها الفرد لإيصال الأفكاره والتفاهم مع الاخرين بشأنها.

يعد الحوار من المتطلبات الأساسية في حياتنا اليومية في الوقت الحاضر، فمن خلاله يستطيع الإنسان إيصال أفكاره التي تكون في ذهنه وتبادلها والعمل على مناقشتها مع الاخرين، ولذلك على الفرد أن يتعرف على أنواع الحوار ليستطيع التفاعل مع الاخرين بسهولة، وتختلف أنواع الحوار بحسب الطريقة التي ننظر لها فهناك حوار من حيث الشكل، ومن حيث الطابع، وفيما يلي نشرح كل واحد منها:

الحوار من حيث الشكل

ينقسم الحوار من حيث الشكل إلى نوعين وهي:

  • الحوار الشفهي: يتم استخدام هذا النوع خلال التفاعلات اليومية وفي أغلب امور الحياة ويكون في العادة متصف بالسرعة والحيوية ويستخدم الفرد في هذا الحوار مزيج من الحجج الخطابية والعاطفية والعقلية معا.
  • الحوار المكتوب: قد يسمى هذا النوع من الحوار بحوار المنطق فمن خلاله يتم استخدام العقل بطريقة جدلية وبالتالي يحتاج هذا النوع إلى مدة طويلة لأنّه يتم فيه نقاش أفكار وهذا يعني أنّه من المفضل عدم استخدام العاطفة خلال هذا النوع من الحوار.

الحوار من حيث الطابع

يتكون الحوار من حيث الطابع إلى ثلاثة أقسام وهي:

  • الحوار الهادئ: يتسم هذا الحوار بالعادة بالهدوء لأنّ افراد هذا النوع يكونون متفقين فيما بينهم بالرأي ويحظون بالقبول والرضا عن أراء بعضهم البعض.
  • الحوار الموضوعي: يكون هذا النوع من الحوار بعكس الحوار الهادئ لأنّ الأفراد هنا لديه وجهة نظر مختلفة عن الاخر ورأي مختلف ايضا ويعرض كل فرد من الأفراد وجهة نظره باستخدام الأدلة التي تدعم رأيه وفي نهاية الحوار وبعد عرض الأدلة يتم الاتفاق على رأي كان مصدر القبول من أغلب الاطراف
  • الحوار المتشنج: يسعى أفراد هذا النوع إلى إسكات الرأي الاخر وفرض رأيه عليه حتى لو كان هذا الرأي غير صحيح وغير منطقي ولا توجد لديه أدلة وبراهين وفي العادة ما ينتهي هذا النوع بخصومة بين المتحاورين.

آداب الحوار

هناك مجموعة من الآداب والضوابط والخصائص التي يجب أن تتوفر أثناء الحوار من قبل جميع الأطراف المشاركين فيه؛ وذلك حتى يتم تحقيق الهدف الرئيسي من الحوار وبالتالي لا يتحول هذا الحوار والحديث إلى جدال أو مراء أو كلام بلا فائدة، ومن أهم آداب الحوار ما يلي:

  • أن يكون موضوع الحوار معلوماً من قبل جميع الأطراف المشاركين فيه، وبالتالي يكون لدى الجميع القدرة على المحاورة والنقاش بشكلٍ فعال وجيد.
  • لا بدّ من أن يمتلك الأطراف المشاركين في الحوار لصفة الاعتراف بالخطأ في حال مخالفته لكل ما هو صائب.
  • الالتزام بالألفاظ الحسنة والمناسبة والابتعاد عن الألفاظ السيئة والبذيئة، مما يؤدي إلى التأدب في الحديث بين الطرفين المشاركين في الحوار وبالتالي تحقيق الهدف المنشود منه.
  • لا بدّ أن يكون الهدف الرئيس والدافع الأساسي من الحوار هو الوصول إلى الحقيقة والصواب والابتعاد عن التشتت وإخفاء الحق. يجب الاعتدال في الحديث حتى انتهاء الحوار، وبالتالي البعد قدر الإمكان عن الغضب ورفع الصوت وكل ما يؤدي إلى ذلك.
  • عدم التزمت أو التشدد لفرض رأي معين، بل يجب أن يتميز بالمرونة والسلاسة.
  • يجب على الأطراف المشاركين في الحوار الإصغاء الجيد لبعضهم البعض أثناء عملية الحوار، ويجب عليهم التأني وعدم التسرع وكبت جماح النفس أثناء الجدال والحوار وهذا يعني أن يكون كل طرف من الأطراف حليماً يمتلك صفات جيدة؛ وهي: الأدب والفهم الإصغاء، وبالتالي الاستفادة من كل ما يطرحه الأطراف الآخرين.

عوامل نجاح الحوار

الالتزام بآداب الحوار

يجب أن يتاح لكلا طرفي الحوار الفرصة لطرح الأسئلة، أو الإضافة إلى الأفكار الموجودة، أو الموافقة، أو عدم الموافقة، أو مشاركة العواطف أو المشاعر؛ فعند إجراء الحوار، ومن الجدير بالذكر أنه يجب على الشخص أن يأخذ بعين الاعتبار تجنب المقاطعة، أوالتكلم عن النفس بشكل مستمر، أو التحدث من دون الاستماع إلى الشخص الآخر، أو التحدث بسلبية باستمرار.

التواصل غير اللفظي

يتفق معظم الخبراء على أن التواصل غير اللفظي غالباً ما يكون أكثر أهمية من التواصل اللفظي، وأكثر أهمية من الكلمات التي يعبر بها الناس عند إجراء الحوار، كما اكتشف علماء النفس بأن الناس الأكثر جاذبية هم أولئك الذين يكون لديهم طاقة وحيوية في صوتهم، وفي سلوكياتهم أثناء الحوار.

بناء الثقة بين أطراف الحوار

يؤدي التواصل البصري مع الشخص الآخر أثناء الحوار إلى زيادة مستوى الثقة، وإلى تعزيز ثقافة الحوار والتعاون بين الطرفين، ولكن إذا شعر الشخص بغضب أو خوف الطرف الآخر فذلك يؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض درجة الثقة، ومن الجدير بالذكر أنه لا يمكن تزييف الشعور بالثقة نحو الشخص الآخر مهما كان.

الانتباه إلى نبرة الصوت

تعد نبرة الصوت أمر مهم لمحاولة فهم الشخص الآخر أثناء الحوار، بحيث أظهرت دراسة قام بها باحثون في جامعة أمستردام بأن مشاعر الغضب، والاشمئزاز، والخوف، والحزن، والمفاجأة يتم التعبير عنها بشكل أفضل من خلال الانتباه إلى نبرة الصوت.

الاستماع للطرف الآخر

تعد مهارة الاستماع من أهم عناصر عملية التواصل لإتقان فن الحوار الفعال، وقد أكدت جمعية الإدارة الأمريكية (بالإنجليزية: American Management Association) بأن هذه المهارة تعد من أكثر المهارات صعوبةً، ومن أكثر المهارات المُهملة أثناء الحوار؛ والتي تتطلب من الشخص أن يركز على المعاني الظاهرة والضمنية التي يعبر عنها الطرف الآخر، سواء كانت هذه المعاني لفظية أو غير لفظية.

شروط الحوار الناجح

تحديد موضوع النقاش

ما لم يتم تحديد موضوع النقاش، فإن الحوار قد لا يأتي بأي نتيجة، وتجد الناس آنذاك يشرقون ويغربون، وفي ذهن كل واحد صورة -عن الموضوع الذي يناقش- مختلفة عن الصورة التي في ذهن الآخر.

يدور الحوار غالبا حول مشكلة، وليس من العسير توضيح أبعاد المشكلة موضع البحث، وسيكون من مسؤولية المتحاورين تنبيه كل من يخرج عن موضوع الحوار وإيقافه عن الاسترسال؛ حتى يتمكنوا من بلورة ما يريدون بلورته على نحو جيد.

إعطاء معلومات للمتحاورين

قبل الشروع في الحوار لابد من إعطاء معلومات للمتحاورين عن القضية التي سيتحاورون فيها، وهذا ضروري جدا لطلاب المدارس والجامعات. إن المعلم حين يختار المناقشة والحوار أسلوباً للتعليم، يكون قد اختار أسلوباً شديد التميّز وعظيم الفائدة له ولطلابه، لكن التجربة دلتنا على أن الطلاب لا يشاركون أستاذهم الحوار، ولا يتفاعلون معه، ليس لأنهم سلبيون ولا يحبّون الحوار، ولكن لأنهم لا يملكون معلومات ملائمة تُمكنهم من المشاركة ورفع الرأس، ولهذا فإن البيوت تجري فيها حوارات يومية كثيرة، ويشارك معظم أفراد الأسرة فيها، والسبب في ذلك أن الأسرة تُناقش موضوعات اجتماعية، ولدى كل أفراد الأسرة درجة من المعرفة في تلك الموضوعات، ولذلك يشاركون؛ فهم يعرفون ماذا يقولون؟ لكن إلى الآن في معظم المدارس والجامعات ما استطعنا أن نتحول من أسلوب التلقين إلى أسلوب الحوار، والسبب الجوهري الغالب هو أن الطلاب لا يملكون المعلومات المطلوبة للمشاركة في الحوار.

فإذا أراد الأستاذ أن يناقش مع طلابه مثلاً أهمية العنصر البشري في التربية، فإن عليه من خلال عشر دقائق إلى ربع ساعة أن يُقدم معلومات حول عدد السكان في بلده، ونسبة الشباب فيه، وحول الرؤية السامية للإنسان، وكونه مركز الكون والأساس في كل نهضةٍ، ثم يتحدث عن قيمة العلم والتدريس في ترقية الشخصية وصقلها، ويقدم إليهم بعض المبادئ والمفاهيم حول شروط التفوق والنجاح على الصعيد الخلقي، وعلى الصعيد المهاري والتقني. وسوف يجد المدرس -كما سيجد غيره- تجاوبا كبيرا من الطلاب ومشاركة في الحوار والمناقشة أكثر مما هو متوقع.

تحديد ما ليس موضعاً للحوار

من الواضح أننا حين نتحاور في أي مسألة من المسائل فإن ذلك يعني أن لدينا نوعاً من الاختلاف، ولو حول بعض الفروع والجزئيات، ولا يكون هناك حوار بين المتفقين في كل شيء؛ لأنهم بماذا سيتحاورون، وليس في اختلافنا ما هو معيب، لكن الذي يحدث في كثير من الأحيان أن نخفق في التعبير عن آرائنا ومعتقداتنا، ومن ثم نصبح كمن يدور حول نفسه.

وفي كثير من الحوارات والمجادلات الساخنة جدّاً التي قد يكون المتحاورين فيها فقدوا ما بينهم من لحمة المودة والأخوة، في تلك الحوارات يأتي من يقول لنا ألم أقل لكم لسنا مختلفين ونحن متّفقون على الأسس؟ فيأتي أحد المحاورين ويقول هذا ليس بصحيح؛ نحن مختلفون تماماً، ولكنك لست فاهما لنا.

بعد أن يتم إلقاء شيء من الضوء على موضوع الحوار، يمكن أن نقول نحن لا نقتنع لا في كذا ولا في كذا، وأن نقول إن الذي يحتاج إلى حوار وبحث هو كذا وكذا.

إذا فعلنا ذلك صار الطريق ممهدا فعلا لأن يكون حوارنا حوار في محله، وفي أشياء هي فعلا تحتاج إلى حوار حقيقي.

البُعد عن التجريح

من المهم في كل حوار البُعد عن التجريح الشخصي، والتعريض بالمحاور الآخر؛ لأننا بذلك نكون قد ابتعدنا كثيرا عن الأدب الرفيع، وعما يجب أن يسود من اللباقة وتجنب الإحراج.

ويكمن التجريح الشخصي في العديد من الصور فقد يتجسد في ذِكر مخالفة سلوك المُحَاور لما يقول، فإذا قال أحد المتحاورين إن المحافظة على الوقت أساس في النجاح فقد يأتي من المتحاورين معه من يقول له وهل أنت تحافظ على الوقت حتى تقول ذلك؟

وإذا قال المحاور إذا أخفقنا في تربية أبنائنا فمعنى ذلك أننا لن تفلح في أي شيء فقد يأتي من يقول له أنت الذي تقول ذلك، وكلنا يعرف وضع أولادك؟

ويكون التجريح أحيانا بالتعريض لقبيلة الرجل أو جماعته أو مؤسسته.

إن البشر مخلوقات عاطفية في المقام الأوّل، والكلام بالنسبة إليهم يُداوي ويجرح ويقتل، ويجب أن نهتم بهذا ونتنبه إليه.

إدارة الحوار

يحدث أثناء الحوار الجماعي أن يدور الكلام بين شخصين، ويسكت الباقون، وتسود روح من التحدي، ويكثر الصياح، وترتفع الأصوات، ويكثر الابتعاد عن جوهر الموضوع، وكلما حاول أحد الحاضرين أن يُعلِق بكلمة، أو يشارك بطرح فكرة، أسكته أحد القطبين المتحاورين؛ ليتكلم هو ويستمر في مباراته مع خصمه.

من الواجب في هذه الحالة أن يقود الحوار أحد الحضور؛ ليجعل لكل الحاضرين في المجلس قسطاً من الوقت مساوياً لغيره، ومُنهياً الاستقطاب الثنائي للمجلس.

تلخيص أهم النقاط

حتى نشعر بأننا خرجنا بشيء ملموس فإن علينا أن نقوم باستعراض أهم ما توصلنا إليه، واستعراض جميع الخيوط المبعثرة والمشتتة، وتقديمها في ملخص مختصر يشتمل على ما تم الاتفاق عليه، وعلى ما يحتاج إلى المزيد من الحثّ، وعلى ما لا سبيل إلى وفاق فيه؛ لكونه غامضاً أو جزئياً أو فرعياً، كما يشتمل التلخيص على أهم الفوائد والطرائف الفكرية والعلمية التي وردت في النقاش.

الحوار الهادف

لكي يكون الحوار بناءاً يُرجى الالتزام بهذه المعايير:

  •  الموضوعية
  •  أدب الحوار
  •  أن يأخد كلّ الأطراف نفس المساحة من الوقت

أهمية الحوار

يُعتبر الحوار الطريق الوحيد الذي يتم استخدامه من أجل إقناع الطرف الآخر المخالف، فهو المفتاح لإقناعه بالرأي الصائب، كما يعد أسلوباً للتواصل، والتفاهم بين الناس، وطريقاً للتعرف على بعضهم، وهو منهج الإصلاح، والدعوة في المجتمع، ووسيلة التربية، والتعليم للأبناء، وهو نقطة الالتقاء، والتقارب بين الأفراد.

للحوار دور بارز في إنهاء الحروب بين الناس، فلولاه لانتشر الفساد، ولتصرف الأفراد بتسرع وتهور، فهو الطريق التي يتم إظهر الحق خلاله دون حدوث خسائر، أو إهانة لأحد من الطرفين.

السابق
الذكاء العاطفي
التالي
كريم سكينورين Skinoren علاج حب الشباب.

اترك تعليقاً