أنظمة دولية

خصائص القانون التجاري

مصادر القانون التجاري

حددت مدونة التجارة مصادر القانون التجاري في المادة رقم (2)، حيث أشارت هذه المادة الى المصادر الرسمية فقط، على الرغم من وجود مصادر أخرى مهمة مثل المصادر التفسيرية، وهذه المصادر هي:

  • مصادر خارجية: تتمثل بالمعاهدات والإتفاقيات الدولية التي تعمل على وضع قوانين موحدة في مجال التجارة الدولية.
  • مصادر داخلية: تتمثل بالمصادر الرسمية الواردة في المادة رقم 2 من المدونة والذي ينص على: “فصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين وأعراف وعادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع مبادئ أساسية للقانون التجاري”.
  • المصادر التفسيرية: هو صنف آخر من المصادر الذي أضافه الفقه والقضاء الى المصادر السابقة، ويتمثل في النصوص التشريعية التجارية.

نشأة القانون التجاري

نشأت القوانين التجارية منذ قديم الزمان عند شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط والمصريين القدماء وحضارات ما بين النهرين، حيث كان الإقراض والتعامل في مجالات الفوائد شائعًا، فاستخدموا الصكوك وكتبوا الاتفاقيات فيما بينهم، ومن أهم الصور التي تبين هذه القانونين التجارية ما وجد من القواعد في مجموعة حامورابي في عهد البابليين قبل حوالي ألف سنة من ولادة المسيح، فوجد منها ما يتعلق بعقود الشراكة وعقود القروض، وبرز في جانب التجارة البحرية الإغريق الذين اشتهروا بها في العصور القديمة، إذ اهتموا بوضع الأسس الملمة بالتجارة البحرية، تاركين خلفهم إرثًا مهمًا في القانون التجاري. أما عن دور الرومان في المجالات التجارية فكانت البداية منذ القرن الرابع الميلادي، إذ ظهرت أنظمة جديدة في مجال التجارة كالمصارف وإمساك الدفاتر التجارية، وذلك بسبب اتساع رقعة الإمبراطورية، إذ ضمت أجزاء كبيرة من أوروبا وشمال إفريقيا وبعض أجزاء آسيا، وظهرت فيها حركات تقنين كثيرة ذات مفوم واسع لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوق والواجبات، غير أن هذه الحركات التقنينية لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغم ظهور الكثير من المعاملات التجارية في تلك الفترة، كذلك ظهرت أشكال لأعمال تجارية جديدة.

أسباب وجود القانون التجاري

يمكن تبرير وجود قانون خاص بالتجارة ومستقل عن القانون المدني بما ينطوي عليه هذا القانون من قواعد تيسر سرعة إبرام الصفقات التجارية وتدعم الإئتمان وتقوي ضماناته.

أولاً – السرعة:

السرعة هي روح التجارة، إذ بخلاف الشخص غير التاجر الذي يشتري البضاعة ليستهلكها أو ليحتفظ بها وبالتالي لا يقدم على التصرف إلا بعد تروٍ وتبصر ووزن للأمور من كافة الأوجه، فإن التاجر سعيًا وراء تحقيق الكسب والإستفادة من تقلبات الأسعار وتفاديًا لتلف البضائع يقوم في كل يوم بإبرام العديد من العمليات التجارية، من هنا كانت حاجته إلى قواعد تتفق وطبيعة النشاط الذي يمارسه اي إلى قواعد أكثر مرونة وأقل شكلية من قواعد القانون المدني وذلك سواء فيما يتعلق بإبرام التصرفات القانونية واثباتها وحل ما قد ينشأ عنها من خلافات أو فيما يتعلق بتداول الحقوق التجارية.

لذلك كان من بين أهم قواعد القانون التجاري تلك القاعدة التي تقضي بحرية الإثبات في المواد التجارية، وطبقًا لهذه القاعدة يجوز اثبات التصرفات القانونية بكافة الوسائل بما في ذلك الكتابة وشهادة الشهود والقرائن والدفاتر التجارية والمراسلات والفواتير. وحرية الإثبات في المراسلات التجارية مبدأ مسلم به حتى في الدول التي تستلزم قوانينها للإثبات في المواد المدنية كتابة التصرف القانوني متى تجاوز نصابًا معينًا أو كان غير محدد القيمة.

ويترتب على حرية الإثبات في هذه المواد التجارية نتيجة بالغة الأهمية بالنسبة للتجار ألا وهي جواز ابرام الصفقات التجارية عن طريق الإتفاقات الشفهية والهاتف والبرق والتلكس.

كذلك تهتم قواعد القانون التجاري بإنهاء الخلافات المترتبة على التجارة بسرعة وبواسطة أشخاص يتوافر لديهم الإلمام بالبيئة التجارية وبقوانينها، لذلك تشجع معظم التشريعات التجارية اللجوء إلى التحكيم وتعنى في نفس الوقت بتنظيم قضاء يتخصص في المواد التجارية.

ومن مظاهر اهتمام القانون التجاري بالسرعة اهتمامه بتبسيط اجراءات تداول الحقوق الثابتة في الصكوك التجارية وهي الكمبيالة والسند الإذني والشيك، فهو يقضي بانتقال الحقوق الثابتة في هذه الصكوك بالتسليم إذا كانت لحاملها، وبالتظهير إذا كانت إذنيه، وذلك خلافًا لحوالة الحقوق الشخصية التي تستلزم في القانون المدني اتباع اجراءات معينة.

ولكن ليس معنى ذلك أن القانون التجاري خال من الشكلية، فالشركات التجارية والأوراق التجارية مثلاً تخضع لقواعد شكلية خاصة، ومع ذلك فالرأي متفق لدى شراح القانون التجاري على أن الشكلية في القانون التحاري لا تعدو أن تكون مظهرًا من مظاهر التبسيط والسرعة التي يكفلها هذا القانون إذ هي تسمح بمجرد الإطلاع على الشكل الذي يفرغ فيه التصرف، بمعرفة طبيعته وفحواه وبالتالي استبعاد كل خلال حول تكوني التصرف وتفسيره وشروطه.

ملخص قانون تجاري

القانون التجاري

هو القانون الذي ينظم الأعمال التجارية سواءً كانت برية أم جوية أم بحرية التي يقوم بها التجار فيما بينهم أو في علاقتهم مع الأغيار.
و للقانون التجاري مجموعة من الخصائص :
خاصية الأولى : السرعة
حيث أن أحكام القانون التجاري التي تنظم التجارة هي أيضاً تطبعها السرعة كما أن عالم التجارة يتميز بالسرعة مثلا في القانون المدني أو في العلاقات المدنية قد تكون العقود إما مرة واحدة أو تستمر لمدة طويلة متلاً شخص قد يشتري منزلاً مرة واحدة في حياته لإذن هته عقود مدنية يطول أمدها لكن الأمر يختلف الأمر في التجارة التاجر يبرم عدة صفقات فلكي يكون تاجراً عليه أن يحترف التجارة أن يعتاد بمعنى أن يكون العمل التجاري عملاً دورياً و بالتالي فإن القانون كذلك يجب أن ينظم التجارة من هذا المنطلق, الأن التجارة يمكن أن تكون بالبريد الإلكتروني أو عبر أدوات التواصل الإجتماعي هناك مجوموعة من الآليات التكنولوجية التي تطورت و تطورت معها التجارة. كظهور العقود الإلكترونية….., فكان القانون التجاري هو أيضاُ يجب أن تكون نصوصه تخدم هته السرعة عبر التقادم.
ما معنى التقادم ؟

التقادم : هو مرور مدة معينة على فعل أو تصرف معين و هذا التقادم ممكن أن يكون مكسباً أو مسقطاً,
مثال : شخص ارتكب جريمة معينة هل يبقى متابعاً بها إلى حين وفاته ؟ بالطبع لا القانون حدد أجلاً إذا انقضى ذلك الأجل سقطت الجريمة و سقطت معها العقوبة.
و مدة التقادم في القانون الجنائي 5 سنوات بالنسبة للجنح و 15 سنة بالنسبة للجنايات, في القانون المدني أيضاً 15 سنة لكن في القانون التجاري 5 سنوات خدمةً للسرعة علاوةً عن ذلك أنه في القانون التجاري وضع 5 سنوات و لكنه وضع أيضاً آجال للتقادم أخرى (في الأوراق التجارية لا ننتظر 5 سنوات) من 6 أشهر إلى سنة بالنسبة للشيك و منه أجل التقادم في الأوراق التجارية أقصر بكثير من 5 سنوات
ماذا وضع المشرع المغربي أيضاً ؟ منذ 2011 انتبه إلى أن أجل الآداء (بمعنى أن شخص يعطي بضاعة و شخص يلتزم بإعطاء ثمنها, علاقة بين تاجرين) يمكن أن تتأخر قبل 2011 كان الأجل إلى حدِ ما مفتوحاً 5 سنوات تقادم لكن حتى هذه النقطة انتبه إليها المشرع و اكتشف بأن تكون أجال الآداء ضيقة فوضع آجالأ هي 60 او 90 يوماً بمعنى إذا اتفقا الطرفان على وضع شروط تتعلق بأجال الأداء منحهما المشرع 90 يوماً لكي يشجع الإتفاقات أما إدا لم يتفقا على وضع شروط الآداء منحهما المشرع 60 يوماً كعقابِ لهما على عدم اتفاقهما
و لكن ماذا يحصل إذا انقضت 60 أو 90 يوماً ؟
مباشرة بعد انقضاء الاجل المحدد تبدأ غرامة تهديدية وهته الغرامة حتى تعتبر من النظام العام لا يوز لهما الإتفاق على مخالفتها حتى و لو كانت بين الطرفين ثقة متبادلة و أرادا أن يسقطوا تلك الغرامة لا يمنحهما القانون ذلك و ذلك لكي يخدم الســــــــــــــــــــــــــــــــرعة
إذن ماذا نعني بالسرعة في القانون التجاري ؟
أن نصوصه تخدم الســــــــــــــــــــــــــــرعة تتضمن مقتضيات تتعلق بالسرعة و حماية السرعة مثلاً هناك تخصص القضاء التجاري أجاله مختلفة عن القضاء العادي كذلك مساطره مختلفة عن القضاء العادي كلها في سبيل تسريع و التعجيل بحل النزاعات التجارية
الخاصية الثانية : الإئتمان
هو الثقة التي يحميها القانون بمعنى أن القانون وضع آليات لحماية الثقة و ذلك عبر الكمبيالة فالكمبيالة تتضمن أمراً صادراً من شخصِ يسمى الساحب إلى شخصِ يسمى المسحوب عليه لأداء مبلغِ من المال لشخصِ آخر يسمى المستفيد و أنها يحترم فيها الأجل إذن ما دام يحترم فيها الاجل و حمى القانون ذلك الأجل أصبحت تلك أداة إئتمان يعني تحمي تلك الثقة التي توجد و الإئتمان في حد ذاته التنازل عن مال الحاضر مقابل مال مستقبل
الخاصية الثالثة : الشكلية
المشرع في مجموعة من الإجراءات ألزم المتعامل بإحترام شكل معين و يتمثل في الشيك و الكمبيالة كمثال و وضع بيانات إلزامية إذن فهو وضع شكل معين يجب أن تنصب فيه التصرفات
ماذا كان غرض المشرع من ذلك ؟
حماية السرعة أيضاَ [ لأنك إذا كنت تملأ شيكا لن تستغرق وقتا ] و لكن كذلك حماية للأغيار بحيث أننا ملزمون بإحترام تلك البيانات فلا يمكننا مثلاً إغفال المسحوب عليه أو إغفال الآجل فبوضع هذه البيانات قيد المشرع الأشخاص لكي يحمي الثقة المتبادلة بين الأشخاص.
إذن تلك الشكلية وسيلة لحماية التعامل و وسيلة كذلك للسرعة.
الخاصية الرابعة : الدولية
أن مقتضياته يمكن أن تجدها في جميع الدول ( ليس مثلا كمدونة الأسرة تنفرد كل دولة بقواعد خاصة به ) لكن في القانون التجاري العكس قد نجد أن مقتضياته عــــــــــامة بين جميع الدول و ذلك راجع لدولية الإقتصاد و التجارة أصلا كان لها طابع دولي منذ ظهوها، فبالتالي لا يمكن أن نتصور دولة لا تبحث في النظم القانونية الأخرى و تتبناها لأنها لا تتعامل فقط في إطار تجارة داخلية بل و خارجية كذلك أي تحاول دائما أن تحيين قوانينها.
فالمغرب منذ 1913 بقي محتفظاً بترسانته القانونية التي وضعها المشرع الفرنسي لكن ابتداءا من 1991 [ انهيار الإتحاد السوفياتي و بروز النظام العالمي الجديد ] أصبح المغرب يجد نفسه مضطرا إلى تحيين نصوصه، فبمجرد أن تظهر نصوص معينة بفرنسا يتم تبنيها بالمغرب كأجل الآداء و نظام المقاول الذاتي….. يعني هناك نوع من المواكبة للقوانين التجارية الدولية.
فبمجرد أن يظهر نظام إقتصادي-تجاري معين في دولة ما يتم تبنيه من مختلف الدول، إذن ليست للقانون التجاري خصوصية خـــــاصة لإنما هو دولي عــــــــــام.
توضــــــــــــــــــــــــــــــيح :
فالقاضي عندما يطرح عليه نزاع معين فهو ليس حراً في الحكم على ذلك النزاع و إنما عليه أن يتبع القانون و أ، يتبع تراتبية وضعها القانون. فالقاضي عليه أن يعتمد على
هل مدونة التجارة هي القانون التجاري ؟
بالطبع لا ! القانون التجاري أوسع و أكبر من مدونة التجارة فهذه الآخيرة تعتبر فقط جزء من القانون التجاري و عند الرجوع للمدونة التجارة نجد
مدونة التجارة تنظم 5 أمور :
 1) تنظم التاجر.
2)  تنظم الأصل التجاري.
3)  تنظم الأوراق التجارية.
4)  تنظم العقود التجارية.
5)  تنظم الإجراءات الوقائية و المعالجة من صعوبات المقاولة.
لكن القانون التجاري لا ينحصر فقط في هته 5 أبواب بل هناك الشركات تنظمها قوانين خاصة و كذلك الأبناك و التأمين و الملكية الصناعية.
إذن القاضي التجاري المتخصص قد تطرح عليه مسألة متعلقة بالشركات بتسييرها أو باستغلالها أو بسوء تصرف مسييرها أو مسألة تتعلق بالتأمين أو بالأبناك.
إذن فماهي المصادر التي يعود إليها القاضي ليستمد قراره ؟
هناك فصل صريح بمدونة التجارة المادة 2 :
يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين و أعراف و عادات تجارية أو بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية  للقانون التجاري.
و هته يمكن أن تكون داخلية أو خارجي.
بمعنى أن القاضي إن يجد حل في القوانين الداخلية، يرجع إلى الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب [ أي اتفاقية صادق عليها المغرب تنشر في الجريدة الرسمية ] فتصبح بمثابة قانون،
و العرف أيضا يعد بمثابة القانون و هو ما درج عليه الناس إلى أن اكتسب صفة الإلزام فأصبح مثل القانون و إذا لم يجد الحل في العرف ينتقل إلى العادة التجارية هي أيضا ما درج عليه الناس و لكنها لا تكتسب صفة الإلزام و لا يفترض علم القاضي بها و إذا لم يطبقها لن يتعرض حكمه للنقض لأنها ليست من مسائل الواقع.
و أخيرا القانون المدني ( قانون الإلتزامات و العقود ) ما لم تتعارض مقضياته مع مبادئ القانون التجاري مثلاَ :
مبدأ حرية الإثبات في القانون التجاري.
مبدأ تقييد الإثبات في القانون المدني ( قانون الإلتزامات و العقود )
لا يمكن تطبيق قانون الإلتزامات و العقود على نازلة تجارية لتعارض مبادئه مع مبادئ القانون التجاري.
لكن يمكن للقاضي الإستئناس بالإجتهاد القضائي أو مواقف الفقه إن لم تكن النصوص القانونية الصريحة، فلا اجتهاد مع وجود النص
بل و يمكن أن يلجأ القاضي إلى نصوص أجنبية شريطة أن تكون متقاربة كالنصوص القانونية الفرنسية.
مصادر القانون التجاري المغربي :
القانون التجاري المغربي في نصوصه نجده قد استلهم مبادئه من مجموعة من المدارس
المدرسة الأنغلوساكسونية
المدرسة الجرمانية
المدرسة اللاتنية
الشريعة الإسلامية

و إذا قرأنا نصوصه نجد أنه اعتمد النظرية الشخصية و النظرية الموضوعية فبالرجوع إلى المادة الاولى من مدونة التجارة :
ينظم هذا القانون القواعد المتعلقة بالأعمال التجارية و التجار
بمعننى أنه جمع بين النظرية الموضوعية [ الأعمال التجارية ] و النظرية الشخصية [ التجار ].
النظرية الموضوعية : هي التي تعتبر أن القانون التجاري يطبق على الأعمال التجارية حتى و لو قام بها الشخص المدني.
النظرية الشخصية : تقول بأن القانون التجاري يطبق على التاجر حتى و لو قام بعمل تجاري.
لكن المشرع المغربي لا يتبع النظرية الموضوعية لوحدها أو نظرية الشخصية لوحدها و إنما يتبع النظريتين معاَ بشروط.

تطور القانون التجاري

 تطور القانون التجاري :

عرفت التجارةقواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور الأولى وكان القائمون بالتجارة يمثلونطائفة خاصة في المجتمع لها عاداتها وتقاليدها. وما من شك في أن التجارة كانتمعروفة عند الكثير من الشعوب القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر الأبيضالمتوسط حيث مكنها موقعها الجغرافي من ممارسة التجارة ولن نتعرض في هذا المقام إلىدراسة تفصيلية لنشأت القانون التجاري في مختلف العصور والأزمان لذلك سوف نقترح علىإيضاح تطور نشأت القوانين والأحكام التجارية بصفة عامة.
ـ في العصورالقديمة :
تمتد نشأتالقانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت الأعراف التجارية عند شعوب البحر الأبيضالمتوسط وقدماء المصريين والآشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقدوالاقتراض والفائدة واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما البوليصة والسندللأمر ولعل أهم الدلائل على ذلك ظهور عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حامورابيفي عهد البابليين 1000 سنة قبل الميلاد منها ما يتعلق بعقد الشركة وعقد القرض فلمتكن هذه القواعد سوى تقنين للأعراف التي كانت سائدة آنذاك.
وعرفالفينيقيون والإغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصةبالتجارة البحرية وتركوا تراثا هاما في ذلك الفرع من القانون مثل الأحكام الخاصةبمبدأ الخسارة المشتركة أو العوار المشترك.
ولا يفوتناالتنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع الميلادي إذ ظهرتأنظمة جديدة في مجال التجارة كشركات الأشخاص ونظام الإفلاس والكمبيالة ( السفتجة )في عهد الرومان.
لما اتسعترقعة الإمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا وبعض أجزاء آسياظهرت فيها حركة تقنينية واسعة لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوقوالواجبات غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغمظهور كثير من المعاملات التجارية مثل الشركات، كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرىكالمصارف بسبب استخدام النقود المعدنية وإمساك الدفاتر التجارية.
ولعل السببفي عدم إشمال المجموعات المدنية الرومانية لمثل هذه القواعد التي تنظم التجارة هوأن الرومان كانوا يتركون القيام بهذه الأعمال للرقيق والأغراب اعتقادا منهم أنهاأعمال دنيا.
على أنه لمااندمج القانون المدني وأصبح هذا الأخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميعالتصرفات القانونية وعلى جميع الأفراد أصبح القانون المدني الروماني يحتوي علىجميع الأحكام والقواعد الخاصة بالتجارة سواء البحرية أو البرية إلى جوار الأحكامالمدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع الرومان دون تفرقة بين تاجر وغيرتاجر ذلك أن الرومان كانوا يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع التصرفات.
غير أنه وفيالفترة ما بين القرن 11 وحتى القرن 16 جاء القانون التجاري أكثر وضوحا واستقلالاعن القانون المدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبيةفي القرن الحادي عشر ويمكن القول أن قواعد القانون التجاري والبحري قد وصلت فيتطورها في هذا العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففيإيطاليا وجدت أسواق عالمية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من الأشخاص في ممارسةهذا النوع من النشاط وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرتبينهم وقامت هذه الطائفة بانتخاب قناصل من كبار التجار يختصون في الفصل فيالمنازعات التي تنشأ بين التجار وذلك وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرتبينهم. (*1)
ـ في الفترةما بين القرن 17 حتى نهاية القرن 18:
أصبح القانونالتجاري خلال هذه الفترة قانونا مهنيا خلق بواسطة التجارة وليطبق على التجار كماتميز القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا قانونا دوليا يطبق خلال هذهالفترة على دول أوروبا الغربية.
أما في العصرالحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بلاد أوروبا وخاصة المدن الفرنسية كانوباريس ومرسيليا ولما ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعاتقانونية لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر الملك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنينالعادات والتقاليد الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس 1673ـ 1681 وهي خاصةبالشركات والأوراق التجارية والإفلاس ويطلق عليها مجموعة سافاري وتبعتها مجموعةخاصة بالتجارة البحرية وتعتبر هذه الأوامر الملكية مرجعا وافيا للقانون التجاريوالبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات وكان القانون التجاري في أول أمره قانوناشخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري وبعد إلغاء نظام الطوائف عقبالثورة الفرنسية 1789 وإعلان مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام 1801 لوضع مشروعالقانون التجاري على أساس هذه المبادىء الجديدة فأخد القانون التجاري طابعاموضوعيا حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبحالتاجر هو من يتخذ الأعمال التجارية حرفة معتادة له ولم يعد التاجر من هو مقيدبالسجل التجاري.
ـ نطاق ومجالالقانون التجاري :
اختلف كثيرمن الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري وكان هذا الاختلاف عن عمد وذلك لانتماءكل فريق منهم إلى نظرية معينة دون غيرها وكان نتيجة هذا الاختلاف أن ثار التساؤل،هل القانون التجاري هو قانون التجار ؟ أم هو القانون الذي يحكم الأعمال التجارية ؟ويمكن رد الآراء التي قال بها الفقهاء إلى نظريتين، الأولى وهي النظرية الموضوعية ThéorieObjective والثانية هي النظريةالشخصية Théorie Subjective وسنتناولهما فيما يلي :
ـ أولا ـالنظرية الموضوعية : (*1)
وفحوى هذهالنظرية عند القائلين بها، أن القانون التجاري تحدد دائرته بالأعمال التجارية
Actes de Commerce وتطبق أحكامه على هذه الأعمال دون ارتباط بشخصالقائم بها سواء كان يحترف التجارة أو لا يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذييمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة، أما إذا استمر الشخص في مزاولة النشاطعلى سبيل الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، وهي صفة لا يعترف بها القانون طبقالمفهوم هذه النظرية، إلا لإخضاع التاجر لالتزامات معينة كالقيد في السجل التجاريوالخضوع للضرائب التجارية وإمساك الدفاتر التجارية وشهر الإفلاس. (*2)
وكانتالدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها، الأول جانبفني يستند إلى نص المادتين 637 – 631 من القانون التجاري الفرنسي، وتقضي المادة631 من القانون المذكور على عقد الاختصاص بالمحاكم التجارية بالنظر في المنازعاتالخاصة بالمعاملات التجارية.
دون أن تحددهذه المعاملات وأنواعها على سبيل الحصر وكذلك ما قضت به المادة 638 من ذات القانونعلى أن المحاكم التجارية لا تختص بنظر المنازعات المرفوعة على التجار بسببتعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء لاستعمالهم الخاص بعيدا عن نشاطهم التجاري.
ـ وكان تفسيرهذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية الموضوعية يوحي بأن العمل التجاري، دون سواه،هو معيار تحديد نطاق القانون التجاري.
ـ أما عنالجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية، لما تؤدي إليه النظرية الموضوعية من تدعيملمبدأ الحرية الاقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا فيالعصور السابقة، وطالما كان حائلا يعوق ازدهار التجارة وتقدمها، بسبب منع هذاالنظام لغير طائفة التجار مباشرة الأعمال التجارية. (*1)
ـ ثانيا ـالنظرية الشخصية : (*2)
ويرىالقائلون بهذه النظرية، أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا، حيث أن أصلهقانون مهني، ينظم نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقا لهذهالنظرية يجب تحديد المهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترفمهنة تجارية يعتبر تاجرا، يخضع في نشاطه للقانون التجاري، وعلى ذلك فإن عنصرالاحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري.
وقد يكونعنصر الاحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده، لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون الألمانيباشتراط القيد في السجل التجاري كشرط لازم ولاكتساب صفة التاجر أنظر أكثم أمينالخولي المرجع السابق صفحة 7 حيث يقول ” ويظهر طابع الشخص للقانون الألمانيهنا في أن أعمال هذا الفريق من التجار، ويسمون التجار بالقيد في السجل التجاري فيمباشرة حرفتهم لا تعتبر تجارية ولا تخضع للقانون التجاري إلا لصدورها ممن قيد فيسجل بحيث تكون مدينة لو صدرت من شخص غير مقيد.
ويبرر أنصارهذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعدوالنظم التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية الأمر الذي أصبح به القانونالتجاري قانونا مهنيا وأنه على الرغم من إلغاء نظام الطوائف، وانتشار مبدأ الحريةالاقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة ما يشاء من النشاط إلا أن القواعدالتجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي وكذلك أبقت التشريعاتالحديثة على المحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في المنازعات التجارية دونسواها.
موقف القانون الجزائري :
إذا نظرناإلى القانون الجزائري الصادر بالأمر رقم 59 لسنة 1975 نجد أن المادة الأولى منهتنص على أن ” يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له” وقضى في المادة الرابعة بأن ” يعد عملا تجاريا بالتبعية، تلك الأعمالالتي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة والالتزامات بينالتجار “.
وعلى الرغممن أن المشرع الجزائري أخذ هذين النصين بالنظرية الشخصية إلا أنه لم يلبث أن أخذبالنظرية الموضوعية حين عدد الأعمال التجارية بحسب موضوعها في المادة الثانية،والأعمال التجارية بحسب الشكل في المادة الثالثة.
وفضلا عن أنالمشروع الجزائري حدد في هذه المواد الأربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري،فإنه نظم بنصوص واضحة الأحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاترالتجارية والقيد في سجل التجاري وملاكا ذلك.
ولهذا فإننانرى أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج، حيث لا نجد قواعده جميعا من طبيعة واحدة،وإنما استلهمت بعض أحكامه النظرية الشخصية، والبعض الآخر اعتنقت النظرية الموضوعية

أهمية القانون التجاري

أهمية القانون التجاري هناك عدّة أسباب أدّت إلى ظهور القانون التجاري وأصبح مستقل عن القانون المدني، لذلك يعود أهمي القانون التجارية إلى:

  • السرعة: منَ المَعروف أنّ روح التجارة هيَ السرعة، لأنّ المُشتري (المستهلك) يشتري البضاعة ليستهلكها أو ليتحفظ بها فَهو يوزنُ الأمور ويصبر عندَ عمليّةِ الشراء، بينما التاجر الذي يَسعى إلى تحقيق المكاسِب الماديّة خوفاً مِن تقلّباتِ الأسعار وتفادي تلفِ البضاعة يقوم بعمليّةِ إبرام العديد منَ العمليات التجاريّة خلال اليوم، وبالتالي هنا أتت حاجتُ التاجر إلى هذه القوانين والقواعد المَرنة التي تتّفق مَع طبيعة النشاط الذي يمارسهُ وأقل شكليّة منَ القوانين المدنيّة، لذلك يجوز إثبات التصرفات القانونيّة بمختلفِ الوسائل منها (الكتابة، الشهود، اولقرائن، والدفاتر التجاريّة، والفواتير) وهذه الحريّة فِي العمليّة التجاريّة سهّلت على التجار عمليّات البيع وإبرام العقود.
  • الائتمان: القانون التجاري يهتمُّ اهتماماً كبيراً بمنحِ المَدين أجلاً لوفاءِ العَهد، لأنّ التاجر يحتاجُ إلى وقتٍ حتّى يقومَ بوفاءِ العهد وتنفيذهُ، لأنّ أغلبَ التجار يقومونَ بشراء الكثير من البضاعة وتحتاج إلى وقت حتّى يتم بيعها وكسبِ المال، وبالتالي القواعد التي توفّرها القانوان التجاري مِثل (الأوراق التجاريّة، الشيكات، والبنوك) فهيَ تدعم التاجر وأيضاً تحميهِ منَ الإفلاس، وبالتالي السرعة والائتمان هُم أهمّ نقطتين لوجودِ القانون التجاري واستقلاليّتهِ عَن القانون المدني.

نطاق القانون التجاري

هناك نظريّتان يتمُّ التطرُّق إليهما عند تحديد المجال الذي سيتمّ فيه تطبيق القانون التجاريّ:

  • النظريّة الشخصيّة (الذاتيّة): يُعَدُّ الشخص الأساس لتطبيق القانون التجاريّ في هذه النظريّة؛ فإن كان تاجراً يمارس مهنته، فإنّ القانون التجاريّ يُطبَّق عليه، وإن كان غير تاجر، فإنّه لا يخضع لهذا القانون، بل يخضع للقانون المدنيّ حتى وإن مارس أعمالاً تجاريّة، ومن عيوب هذه النظريّة أنّها تتطلَّب من المُنظِّم تحديد الحِرف، والمِهن جميعها التي من خلالها يحصل الفرد على صفة تاجر، فيصعب عليه تحديد المِهن التي من الممكن أن تنشأ في المستقبل، والتي يُمنَح من يكتسبها صفة التاجر، ومِيزة هذه النظريّة أنّها تمنحُ الصفة التجاريّة لكافّة الأعمال التي يُمارسُها التاجر، حتى المدنيّة منها.
  • النظريّة الموضوعيّة (المادّية): يُنظَر إلى العمل التجاريّ في هذه النظريّة على أنّه أساس تطبيق القانون التجاريّ، بغضِّ النَّظَر عن الشخص إن كان تاجراً، أم لا، أمّا إن كان العمل تجاريّاً، فإنّه يخضع للقانون التجاريّ، سواء كان مَن مارسه تاجراً، أو غير ذلك، فهذه النظريّة تُطلق على القانون التجاريّ (قانون الأعمال التجاريّة)، وما يعيبُ هذه النظريّة أنّها تتجاهل أهمّية العمل التجاريّ، إضافة إلى الصعوبة في جَمْع الأعمال التجاريّة، وحَصْرها؛ بسبب سرعة التطوُّر في نوعيّة الأعمال.
السابق
نصائح هامة لعلاج التهابات بطانة الرحم
التالي
دواء أتروميد- اس atromid-s فرط شحميات الدم

اترك تعليقاً