سبب تسمية السورة بهذا الاسم
سميت هذه السورة بسورة الأنعام لورود ذكر الأنعام فيها في قوله تعالى “وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا”، ولأن أكثر آياتها تتحدث عن جهالات المشركين وتقربهم إلى الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل.
سبب نزول سورة الأنعام في المجمل
نزلت سورة الأنعام لما قال المشركون لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- خبرنا يا محمد عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ فرد عليهم بقوله “الله قتلها” فقالوا له “فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الكلب والصقر حلال وما قتل الله حرام، أي حرام أكله؟ فنزلت هذه السورة وفيها بعض أحكام أكل الميتة والدم .
وفي رواية أخرى أنه لما حرم الله أكل الميتة كتب مجوس أهل فارس إلى مشركي قريش، وكانوا أولياؤهم قبل الإسلام وبينهم مكاتبة، فكتبوا إليهم “إن محمدًا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام، فتسبب ذلك في حيرة بعض المسلمين ووقع في أنفسهم شيئًا، فنزلت السورة.
سبب نزول سورة الأنعام تفصيلًا
تناولت سورة الأنعام الكثير من القضايا والمواضيع التي تشمل أصول الإيمان والعقيدة، مثل قضية البعث والحساب وقضية الألوهية وقضية الرسالة والوحي، وفي هذا تختلف عن السور التي سبقتها في النزول، والتي كانت تتناول الحديث عن أركان الإسلام وأحكامه، مثل سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة.
1- سبب نزول قوله تعالى “قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم”
قال عكرمة أن هذه الآية نزلت فيمن كانوا يئدون البنات من بني مضر وبني ربيعة خوفا من عار السبي أو الفقر، وكان الرجل منهم يشترط على زوجته أن تئد جارية وتستحي آخري، حتى إذا كانت الجارية من بني أهلها أو قال لها أنت علي كظهر أمي إن عدت ولم تئديها أرسلت إلى نسوتها فحفرن لها حفرة ووضعنها فيها عند رؤيته قادمًا ووضعن عليها التراب.
2- سبب نزول آية ” وما قدروا الله حق قدره”
قال ابن عباس ومجاهد وابن جرير أن هذه الآية نزلت قريش، حيث كانوا ينكرون وجود الله ورسالة رسول الله ويزعمون أن كلامه هذا من كلام البشر، وقيل أنها نزلت في يهودي يدعى فنحاصًا حيث كان يقول
” ما أنزل الله على بشر من شيء”
والراجح أنها نزلت في قريش لأن اليهود كانوا يؤمنون بالكتب السماوية.
3- سبب نزول آية ” وهو الذي أنزل جناتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ”
نزلت هذه الآية في فرضية زكاة الزروع، وقد ورد عن ابن عباس أن الرجل فيهم كان يحصد زرعه ويمتنع عن إخراج زكاته ويبخل بما آتاه الله، فنزلت هذه الآية “وآتوا حقه يوم حصاده” حتى يعلم الناس بفرضية إخراج زكاة الزروع.
4- سبب نزول آية “قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون”
هناك عدة أقوال في سبب نزلوا هذه الآية، فقال السدي أن أبا جهل اختلى بالأخنس بن شريق الذي سأله عما إذا كان محمدًا صادقًا فيما يقول أم لا، فأكد له أبو جهل أنهم ما جربوا عليه كذبًا قط، غير أن استحواذ بني قصي على كل شيء في قريش، بما في ذلك النبوة، حال بينهم وبين الإيمان به، وقال مقاتل أنها نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل الذي كان يكذب النبي في العلن ويسر إلى أهله بصدق حديثه ونبوته.
5- سبب نزول آية “ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله”
نزلت هذه الآية عندما قال المشركين لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-
“يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا أو لنهجون ربك”
فنهى الله المسلمين في هذه الآية عن سب الأصنام حتى لا يسب المشركين رب العالمين.
6- سبب نزول آية “ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه”
سبب نزول هذه الآية هو نفس سبب نزول سورة الأنعام الذي ذكرناه في السابق، حيث سأل المشركين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ فقال لهم الله قتلها، فتعجبوا من أن ما يقتل النبي وأصحابه حلال، أي حلال أكله، وما يقتل الله حرام، بحسب زعمهم، فلما وقع في أنفس بعض المسلمين شيئًا من سماع هذا الكلام نزلت هذه الآية.
7- سبب نزول آية “أومن كان ميتًا فأحييناه”
ذهب بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في عمر بن الخطاب- رضي الله عنه، ولكن الرأي الغالب أنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب، حيث سمع وهو على غير الإسلام أن أبا جهل رمى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بفرث وهو يصلي بالكعبة فذهب إليه رافعًا قوسه وهو يقول
“أتسب محمدًا وأنا على دينه؟”
وأعلن إسلامه في الحال.
8- سبب نزول آية “قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم”
قال زعماء قريش ورؤساء مكة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- “يا محمد ما نرى أحدًا يصدقك بما تقول من أمر الرسالة، وقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة، فأرنا من يشهد أنك رسول الله كما تزعم” فنزلت هذه الآية لإسكاتهم وتطييب خاطر النبي وتأييده.
9- سبب نزول آية “ومنهم من يستمع إليه”
نزلت هذه الآية لما استمع الوليد بن المغيرة وأبو سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وأمية وأبي ابني خلف وشيبة بن ربيعة إلى كلام الله من رسول الله ثم قالوا للنضر
“يا أبا قتيلة، ما يقول محمد؟” فقال “والذي جعلها بينه ما أدري ما يقول، إلا أني أراه يحرك شفتيه يتكلم بشيء، وما يقول إلا أساطير الأولين”.
10- سبب نزول آية “وهم ينهون عنه وينأون عنه”
نزلت في عم الرسول- صلى الله عليه وسلم- أبي طالب الذي كان يحمي النبي- صلى الله عليه وسلم- من أذى المشركين ويحول بينه وبينهم، غير أنه لا يؤمن به وبما جاء ويرفض الإسلام.
11- سبب نزول آية “ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه”
ورد عن خباب بن الأرت أنه قال
“كنا ضعفاء عند النبي- صلى الله عليه وسلم- بالغداة والعشي، فعلمنا القرآن والخير، وكان يخوفنا بالجنة والنار وما ينفعنا، وبالموت والبعث، فجاء الأقرع بن حابس التميمي وعينة بن حصن الفزاري فقالا لرسول الله “إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك” فقال النبي “نعم”.
12- سبب نزول آية “وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها”
قال مشركو مكة لرسول الله “يا محمد، إنك تخبرنا أن موسى كانت معه عصا ضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، وأن عيسى كان يحيي الموتى، وأن ثمود كانت لهم ناقة، فأتنا ببعض تلك الآيات حتى نصدقك، فقال رسول الله:
“أي شيء تحبون أن آتيكم به؟” فقالوا “تجعل لنا الصفا ذهبًا” قال “فإن فعلت تصدقوني؟” قالوا “نعم، والله لئن فعلت لنتبعك أجمعين.”
وهنا قام الرسول- صلى الله عليه وسلم- يدعوا الله بذلك، فجاءه جبريل وقال “إن شئت أصبح الصفا ذهبًا، ولكني لم أرسل آية لم يصدق بها إلا أنزلت العذاب، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم” فقال الرسول:
“اتركهم حتى يتوب تائبهم” فنزلت هذه الآية.
ظروف نزول سورة الأنعام
يساعد على معرفة سبب نزول سورة الأنعام الإلمام بالظروف التي نزلت فيها، وتوقيت ذلك كذلك، وقد نزلت سورة الأنعام في مكة ليلًا جملةً واحدةً، إلا بعض آياتها نزلت بالمدينة، وقد نزل حولها 70 ألف ملك يسبحون الله، ففي حديث ابن عباس:
“نزلت سورة الأنعام جملةً واحدةً بمكة حولها سبعون آلف ملك يحفونه بالتسبيح.”
