ديني

مفهوم العفة في الاسلام

عفة المرأة

مفهوم العفّة

العفّة في اللغة هي: الكفّ عن الحرام، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فهي: التوسط بين المغالاة في اتباع الشهوة وبين الخمود الذي هو تفريطها، وهي ضبط النفس، والاقتصار على ما يُقيمها مع البعد عن الإسراف، ولقد اختار الله تعالى هذا الخُلق العظيم ليكون من أهمّ لبنات المجتمع الإسلاميّ، فكانت سورة النور نوراً يبعث بخُلق العفّة في روح الشباب المسلم ويعزّزه؛ لكثرة ما ذُكر فيها من الآداب والأخلاق التي يسعى إليها صاحب الفطرة السليمة، يقول الله تعالى: (سورة أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فقد افتُتحت السورة بذكر قُبح جريمة الزنا، ثمّ تسلسلت الآيات في ذكر العديد من الوسائل الوقائيّة، والتي منها القوليّ ومنها الفعليّ ومنها ما يتطلّب الإرادة القويّة، وليس بعد النور إلّا الظلام لكلّ من جانَب خُلق العفّة وأراد للفاحشة أن تسري في المجتمع فتهدم أركانه.

مظاهر عفّة المرأة المسلمة

وعد الله تعالى من تَخلّق بخُلق العفّة بالغنى في قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)،[٤] كما ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الله تعالى تكفّل بمعونة من أراد العفاف؛ لأنّه بالعفاف يرقى إلى منزلةٍ عاليةٍ، وبالتخلّي عن العفّة يتردّى حاله إلى درجةٍ دونٍ لا تليق بمسلمٍ، وللعفّة مجالاتٌ تُعرف بها، أهمّها: عفّة الفرْج، وتكون بصون فرْج المسلم والمسلمة عن كلّ ما حرّم الله تعالى، ولا بُدّ عند الحديث عن العفّة من ذكر رمز العفّة؛ يوسف عليه السّلام، فقد تعرّض للفتنة من امرأة العزيز التي كانت ذات جاهٍ وجمالٍ، فما كان منه إلّا أن ثبت مستذكراً جلال الله تعالى ومراقبته له، كما تكون العفّة بحفظ اللسان عن كلّ ما يُغضب الله تعالى، من الغِيبة والنميمة وقول الزور، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)،[٥] فعلى المسلم أن يستشعر مراقبة الله تعالى وينتبه لأقواله، فقد وعد الله تعالى من يقول الحقّ بأن يُصلح حاله، فمن صفات أهل الإيمان ابتعادهم عن قول السوء، فقد ذُكر أنّ رجلاً قصد وهب، فقال له: فلان ذكرك بسوءٍ، فردَّ عليه وهب بحكمةٍ كبيرةٍ قائلاً: أما وجد الشيطان بريداً غيرك،[٦] كما أنّ من تأمّل في قصة نبيّ الله موسى -عليه السّلام- مع المرأتين، وجد العديد من مظاهر العفّة، ومنها:

  • أنّ المرأتين حرصتا على أن يقفا بعيداً عن الرجال؛ لاجتناب الاختلاط. أنّهما لم تتكلما بما لا داعي له، فتحدّثتا كلاماً يجيب عن جميع الأسئلة المُحتملة بجملةٍ عفيفةٍ.
  • عفّة المرأتين كانت في قولهما، أمّا عفّة موسى عليه السّلام، فقد ظهرت في فعله؛ حين قام بالمساعدة دون طلبٍ منهما.
  • عند انتهاء موسى -عليه السّلام- من المساعدة، لم ينتظر الشكر منهما على ما فعل، وإنّما ذهب مبتعداً إلى الظلّ. العفّة في المشية، فقد وصف القرآن طريقة مشي إحداهما بأنّه كان على استحياء، ويخلو من التكسّر والتبرّج، يقول الله تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)،ولم تنسب الكلام لنفسها، بل نسبته إلى أبيها.

مجالات العفة

للعفة صور ومجالات، فهي لا تقتصر على عفة الفرج، وهو صور من صوره، إذ صحّ عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قوله: “مَنْ ضَمِنَ لي ما بينَ لَحْيَيْهِ ورجليهِ ضَمِنْتُ لهُ الجنَّة”، وفي ذلك بيان لصورتين من مصور ومجالات العفة، وهما عفة اللسان، وعفة الفرج، وسيأتي لاحقًا تفصيل كل مجال من مجالات العفة:

عفة الفرج

وهو أن يصون المسلم والمسلمة نفسه وفرجه عمّا حرم الله تعالى من الوقوع في هوة الرذيلة وقد جاء في القرآن الكريم إشارة إلى هذه العفة في قوله تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وعن عبد الرّحمن بن عوف -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: “إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئت”، وخير مثال على العفة، عفة سيدنا يوسف -عليه السلام-، فامرأة العزيز تراوده وهي ذات منصب وجمال، كما أنها هيأت له كل السبل التي تحقق لهما الخلوة التامة، ودون أن يكتشف ذلك أحداً، ولكنه يأبّى ذلك لاستحضار مُراقبة الله له وخوفه من غضبه، فقد كان عليه السلام خير رمز لتعريف العفة.

عفة اللسان

وهي أن يمسك المسلم لسانه عن كلّ ما لا يحبه الله تعالى من أقوال من غيبة ونميمة واستهزاء وسخرية وطعن في أعراض المسلمين وعن فحش القول وزوره، فالله تعالى أخبر بأنه سيحاسب البشر عن أقوالهم كما سيحاسبهم عن أفعالهم، فقد من الله تعالى على عباده بعينين ولسان وشفتين، وخيرهم بين طريق الخير والشر، وقال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[١١]، فقد وصَّى الله -عزّ وجلّ- عباده المؤمنين أن يتقوه فيما تنطق به الألسنة، فقال جل وعلا في كتابه المبين آمرًا عباده المؤمنين، وواعدًا إياهم بعظيم ما يكون من الخير في الدنيا والآخرة إذا اتقوا الله في ألسنتهم وحققوا تعريف العفة، أيْ عفة اللسان.

فوائد العفة

1- سلامة المجتمع من الفواحش:
فالمجتمع الذي يتصف بالعفة يكون بعيدًا من الفواحش والرذائل.
2- أن العفيف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
(ورجلٌ طلَبَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال إني أخافُ اللهَ)  (1)
3- العفة سبب للنجاة من الابتلاءات والمضائق:
فقد جاء في قصة أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة، أن أحدهم توسل إلى الله بقوله: ((اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار؛ فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها فقالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه  (2) ، فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، ففرج الله عنهم فخرجوا))  (3) .
4- إعانة الله لمن أراد العفاف:
إن الله سبحانه وتعالى تكفل بمقتضى وعده إعانة من يريد النكاح حتى يعفَّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة حقٌّ على الله عزَّ وجل عونهم: المكاتَب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله))  (4) .

العفة في القرآن والسنة

العفة في نصوص القرآن الكريم

ورد لفظ ” العفة” في القرآن الكريم في أربع آيات كريمات 1، على النحو الأتي: قوله تعالى من سورة البقرة: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة: الآية: 273).

قوله تعالى من سورة النساء: ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا). ( النساء: الآية6)

قوله تعالى من سورة النور: ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ? وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (سورة النور، الآية: 33).

وأخيرا قوله تعالى من سورة النور أيضا: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ( النور: الآية60).

العفة في السنة النبوية 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس شيئا)

قصص عن العفة

عند الحديث عن قصص في العفة، يأتي في مقدمة ذلك أنبياء الله ورسله جميعا، ثم صحابة رسول الله-رضوان الله عليهم أجمعين-، فهم أعف وأطهر الناس على الإطلاق..

وحسبنا عند ذكر القصص في العفة أن نشير إلى قصة نبي الله يوسف -عليه السلام- لشهرتها، ولحكاية القرآن لها..

قصة نبي الله يوسف عليه السلام:

هذا نبي الله يوسف عليه السلام تراوده امرأة العزيز عن نسفه، فيأبي: “مع إن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله عليه، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي ها هنا في غاية القوة، وذلك لوجوه:

أحدها: ما ركب الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة كما يميل العطشان إلى الماء والجائع إلى الطعام حتى إن كثيرا من الناس يصبر عن الطعام والشراب ولا يصبر عن النساء وهذا لا يذم إذا صادف حلال بل يحمد.

الثاني: أن يوسف عليه السلام كان شبا وشهوة الشباب وحدته أقوى.

الثالث: أنه كان عزبا لا زوجة له ولا سرية تكسر شدة الشهوة.

الرابع: أنه كان في بلاد غربة يتأتى للغريب فيها من قضاء الوطر ما لا يتأتى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه.

الخامس: أن المرأة كانت ذات منصب وجمال بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى موافقتها.

السادس: أنها غير آبية ولا ممتنعة، فإن كثيرا من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها لما يجد في نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها..”1..

مع كل هذه الدواعي إلا أنه قال: {مَعَاذَ اللّهِ}(سورة يوسف:23).

وما ذاك إلا لعفته وعصمة الله له: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ}(سورة يوسف:33).

فيوسف عليه السلام يدخل دخولا أوليا ضمن السبعة الأصناف الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: ((ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله))(رواه البخاري(1334) ومسلم(1712).

فإذا ذكرت العفة ذكر يوسف عليه السلام. وكذلك جميع أنبياء ورسله عليهم الصلاة والسلام.

عبارات عن العفة

  • العفة والحياء شيئان مترابطان.
  • العفة والحياء أساس واحترام كل امرأة.
  • بدون العفة والحياء لا معنى للحياة.
  • الحياء لا يمنعنا من عيش الحياة، وإنما نعيشها بشكل أفضل مع رضا الله.
  • جمال حياة المرأة هو الحياء.
  • أحيانا تكون عفة وحياء المرأة أشد جاذبية من جمالها.
  • الحياء تاج على رؤوس الأصحاء.
  • الحياء لا يأتي إلا بكل ما هو خير.
  • بالحياء تكوني كالكنز الثمين.
  • الحياء شعبة الإيمان فأكثر الناس حياء هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • ينظر الناس على حياء المرأة قبل جمالها.
  • إذا فقد الحياء من المرأة، أصبحت كالوردة التي تفقد رائحتها من كثرة شمها.
  • هناك شيء يقضي على الحياء وهو التصاغر.
  • سؤال الناس يذهب الحياء.
السابق
دواء ايكالتا Ecalta لعلاج داء المبيضات في الدم
التالي
دواء إيكسايم – Exym يستخدم للنزلات الحادة

اترك تعليقاً