رسائل

فهم ديناميكيات الرسائل النصية في العلاقات

فهم ديناميكيات الرسائل النصية في العلاقات

لقد سمعنا جميعاً بمقولة: “عندما تراقب الساعة، فإنَّها لا تتحرك أبداً”، ولكنَّ الكلام الأكثر دقة هنا هو أنَّ “الهاتف الذي تراقبه لن يرن أبداً”.

فعلياً، لا يوجد شيء أكثر إثارة للقلق من تَجَاهلك عندما ترسل رسالة نصية إلى شخص ما، مع احتمال رؤيته لهذه الرسالة دون الرد عليها؛ فقد أظهرت العديد من الدراسات في الواقع أنَّ الرسائل النصية قد تسبب قدراً كبيراً من القلق، وتشير الأبحاث أيضاً إلى أنَّ للرسائل النصية القدرة على تعزيز قوة علاقاتك أو عرقلتها؛ فهي تعدُّ سلاحاً ذا حدين.

بمعنى آخر: يمكن للرسائل النصية أن تقرب الناس من بعضهم بعضاً، أو تخلق حواجز فيما بينهم؛ وذلك بناءً على الدوافع الأساسية للأشخاص الذين يكتبونها.

اكتشف الباحثون أنَّه عندما يتعلق الأمر بالعلاقات، فلا يهم عدد  الرسائل النصية المرسلة بين الأشخاص، وإنَّما مدى توافقهم وتناغمهم من خلالها؛ واكتشف العلماء أيضاً أنَّه رغم كونها وسيلة عملية للتواصل، إلَّا أنَّها تسمح للناس بالهرب من وضعهم الحالي، حيث يرسل الأشخاص رسائل نصية لأنَّهم يشعرون بالملل، أو لأنَّهم يشعرون أنَّها الطريقة الأفضل للتعبير عن أنفسهم بدلاً من التحدث عبر الهاتف أو وجهاً لوجه.

ولكن، عندما تصبح الرسائل النصية الركيزة الأساسية للعلاقات، ستشكل عائقاً أمام بناء علاقات جدية مع الآخرين؛ وبالإضافة إلى ذلك، قد يكون إرسال الرسائل النصية بشكل متكرر ناتجاً عن الشعور بالوحدة، ممَّا يؤدي إلى تفاقم المشكلة عن طريق ابتعاد وانعزال الشخص المُرسِل على نفسه.

كيف تؤثر الرسائل النصية في العلاقات؟

يعدُّ إرسال الرسائل النصية أمراً جيداً؛ ولكن، تظهر المشكلات عندما تصبح هي وسيلة التواصل الأساسية؛ حيث يحدث سوء في التواصل في كثير من الأحيان، مسبباً تغيراً في مسار العلاقة بالكامل.

فيما يأتي بعض الطرائق التي تؤثر بها الرسائل النصية في العلاقات:

1. تُحسِّن الرسائل النصية اللطيفة العلاقة:

سيُشعِر إرسال رسالة مديح أو صورة مضحكة أو تعليق إيجابي الطرف الآخر بأنَّه أقرب إليك، وبأنَّك أكثر رضاً عن العلاقة؛ وبناءً على ذلك، احرص على إرسال ملاحظات مشجعة إلى شريكك بانتظام، وقلل من الرسائل المتعلقة بشراء الحاجيات والمهام العادية الأخرى.

2. تشير كثرة الرسائل إلى مشكلة كامنة:

عندما يراسل الشريك الطرف الآخر بإفراط، يعدُّ هذا إشارة تحذيرية؛ حيث يشير إرسال الرسائل دون توقف إلى أنَّ أحد الطرفين متعلق ومحتاج إلى الطرف الآخر، وأنَّه لا يشعر بالأمان والاستقرار؛ ويعدُّ هذا الأمر ضاراً للشخص المفرط بالإرسال، ويسبب الضغط أيضاً على الشخص المتلقي؛ فأنت تريد الارتباط بشخص يمنحك الأمان، ويمنحك القيمة والمغزى من التواصل معه.

تعدُّ الرسائل النصية المفرطة إشارة تحذيرية مبكرة للإساءة الرقمية أو ما يُسمَّى “عنف المواعدة الرقمية”، خاصة عندما تطلب معرفة مكان الشخص ومن معه وماذا يفعلون؛ حيث يمكن اعتبارها مقيدة ومسيئة؛ فإذا كنت في علاقة مع شخص يراسلك بإفرط، فربَّما يتوجب عليك الابتعاد عنه.

الأخطاء الشائعة للرسائل النصية:

يقيِّم الناس سلوك بعضهم بعضاً باستمرار، وتعدُّ الرسائل النصية الطريقة الأساسية التي يبدأ بها الأشخاص إجراء تقييمات حول العلاقة في وقت مبكر؛ فعندما تبدأ في لقاء شخص ما، قد تبدو عاداته في إرسال الرسائل النصية محيرة ومثيرة للاهتمام في الوقت نفسه.

فيما يأتي بعض الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الأشخاص عند إرسال الرسائل النصية في العلاقات:

1. استخدام الرسائل النصية كوسيلة للتعامل مع النزاع:

إذا واجهت مشكلة في العلاقة، فلا تحاول حلها أبداً من خلال الرسائل النصية؛ فهي ليست أداة لحل النزاعات؛ وبدلاً من ذلك، حدد وقتاً للتحدث مع الطرف الآخر شخصياً، إذ سيمنحك ذلك محادثة ذات مغزى أكبر تمكنكما من رؤية تعابير وجهيكما وسماع نبرة صوتيكما مباشرة، حيث تشكِّل هذه الأمور جزءاً بالغ الأهمية من التواصل الصحي بين الطرفين؛ وقد يُساء تفسير الأمور فيما بينكما عند استخدام الرسائل النصية للتواصل حول القضايا الحساسة.

2. طرحُ الكثير من الأسئلة:

يُظهِر طرح سؤال أو سؤالين أنَّك مهتم بشخص ما، ولكنَّ طرح العديد من الأسئلة قد يبدو وكأنَّه استجواب؛ وعندما يحدث هذا، يبدأ الشخص المتلقي الدفاع عن نفسه؛ لذا حدد أسئلتك بواحد أو اثنين فقط، حيث سيكون هناك متسع من الوقت لطرح الأسئلة وجهاً لوجه مع تقدم العلاقة.

3. إرسال محادثات طويلة من خلال الرسائل النصية:

لا ينبغي أن تكون رسائلك النصية طويلة جداً عموماً؛ فقد تكون الرسائل الطويلة أمراً مزعجاً للأشخاص المتلقين، لا سيما إذا كانوا مشغولين في العمل أو يحاولون إكمال مشروع ما.

4. الجدالُ عبر الرسائل النصية عندما تكون غاضباً:

تجنَّب إرسال الرسائل النصية عندما تكون غاضباً، وابتعد دون قول أيِّ شيء؛ فإذا كنت غاضباً أو على خلاف مع شخص ما، أغلق هاتفك فقط؛ وإذا لم تفعل ذلك، فأنت لن تندم على ما كتبته فحسب، وإنَّما لن تُفسَّر رسالتك بالطريقة التي تريدها. لذلك، خذ بعض الوقت كي تهدأ، ثمَّ تحدث مع الطرف الآخر وجهاً لوجه لحل المشكلة.

5. احترام أوقات الآخرين:

عندما يتعلق الأمر بمراسلة الأصدقاء والشركاء، فمن الهام أن تحترم جدول مواعيدهم؛ لذا امتنع عن إرسال الرسائل النصية في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من الليل.

كيف تعرف ما إذا كنت “منسجماً مع رسائل شريكك” أم لا؟

اكتشف الباحثون أنَّ ما تكتبه بالتحديد أو الطريقة التي تراسل بها شريكك ليس هو ما يخلق الرضا في علاقتكما، وإنَّما “الانسجام من خلال الرسائل النصية” هو ما يحقق ذلك الرضا.

بمعنىً آخر: عندما يتعامل كلا الشريكين مع الرسائل النصية بالطريقة نفسها، سيشعران بالسعادة بالتأكيد؛ إذ سترحب بشخص يرسل الرسائل النصية بالمعدل والسرعة نفسها التي تراسله بها؛ ولكن إذا كان شريكك يرسل الكثير من الرسائل أو القليل منها، ستنزعج في نهاية المطاف لا محالة.

فيما يأتي ثلاث إشارات تدل على أنَّك وشريكك منسجمان مع الرسائل المرسلة فيما بينكما:

1. أنتما تراسلان بعضكما بالمقدار نفسه:

سواءٌ كنتما تكتبان فقرات طويلة لبعضكما بعضاً، أم ترسلان بضع جمل قصيرة؛ فأنتما منسجمان طالما أنَّ رسائلكما متطابقة تقريباً.

من ناحية أخرى، ليس هناك ما هو أسوأ من أن ترسل رسالة عاطفية طويلة وتتلقى رداً من كلمة واحدة أو كلمتين فقط؛ وبالمثل، إذا كنت تفضل الرسائل النصية القصيرة، فقد يكون تلقي نص طويل أمراً مزعجاً أيضاً.

2. أنتما تبادران للمراسلة بانتظام:

يراقب الطرفان في المراحل الأولى لعلاقتهما من يبادر بالمراسلة أكثر؛ لذلك، ومع تقدم العلاقة، إذا بدأ شخص واحد بالمبادرة فقط، فيشير ذلك إلى وجود عدم توافق وانسجام في الرسائل النصية فيما بينهما؛ إذ من الناحية المثالية، يجب على الشريكين التواصل بوتيرة متساوية، وإلَّا حصلت مشكلة.

3. أنتما تراسلان بعضكما بعضاً بداعي الدردشة فقط:

يمثل هذا النوع من الرسائل حديثاً قصيراً، حيث تراسلان بعضكما بعضاً لإلقاء التحية والاطمئنان، أو ربَّما ترسلان لبعضكما صوراً مضحكة أو روابط لمقالات شيقة؛ وعندما ترسل هذا النوع من الرسائل النصية، يعدُّ هذا في الواقع علامة إيجابية ومؤشراً جيداً للرضا العام عن العلاقة فيما بينكما.

كلمة أخيرة:

إذا كنت تشعر بخيبة أمل متكررة من الطريقة التي يستجيب بها شريكك لك عبر الرسائل النصية، فخذ بعضاً من الوقت للتحدث عن ذلك معه؛ فرغم أنَّ مناقشة مخاوفك لن تؤدي بالضرورة إلى إحداث تغييرات، إلَّا أنَّك ستكتسب فهماً أفضل لتصرفاته وخلفيته على الأقل، وتفهم في المرة القادمة التي تصلك فيها رسالة مزعجة الدافع من ورائها، ولن تأخذ الأمر على محمل شخصي مجدداً.

السابق
الفرق بين الكفاءة والفعالية ومفهوم كل منهما
التالي
اذكر مثالين لبدع اعتقادية مع تعليل كونها بدعاً

اترك تعليقاً