قصص وحكايات

قصة قصيرة جدا

قصة قصيرة جدا للأطفال

المزارع المخادع

يُحكى أن مزارعاً مخادعاً قام ببيع بئر الماء الموجود في أرضه لجاره مقابل مبلغ كبير من المال، وعندما جاء المزارع الذي اشترى البئر ليستخدم الماء الموجود فيه في اليوم التالي قال له الرجل المخادع: اذهب من هنا أيها الرجل فأنا قد بعتك البئر لكنني لم أبعك الماء الموجود فيه، دُهش الرجل مما سمع وتوجه إلى القاضي ليشتكي المزارع المخادع له بعد محاولات عديدة لإقناعه بأن البئر والماء الذي فيه من حقه، سمع القاضي القصة وأمر الرجل المخادع بالحضور، ثمّ طلب منه أن يعطي الرجل بئره إلّا أنّه رفض، فقال له القاضي: حسناً، إن كانت الماء لك والبئر لجارك فهيّا قم وأخرج ماءك من بئره إذن، جُنّ جنون الرجل المخادع وعرف أنّ الخديعة لا تضرُّ إلّا بصاحبها.

الدجاجة الذهبية

يُحكى أنّ مزارعاً وزوجته كانا يملكان في مزرعتهما دجاجة جميلة ذهبية اللون، وكانت هذه الدجاجة تضع كل يوم بيضة ذهبية يبيعانها ويسدا بها حاجتهما، إلى أن فكّر هذا المزارع يوماً بأن يقوم بذبح الدجاجة لاستخراج ما يحويه بطنها من بيضات ذهبية يبيعها ويحصل من خلالها على الكثير من المال، أخبر المزارع زوجته بما ينويه فحاولت نصحه بألّا يفعل ذلك إلّا أنّه لم يقبل، أعد المزارع السكين وشقّ بطن الدجاجة للحصول على البيضات الذهبية التي تخيّلها، فلم يجد فيه إلأ الدم والأحشاء، فجلس وزوجته يبكيان ويندبان حظهما، فقد خسرا بسبب الطمع دجاجتهما الذهبية التي كانت مصدر رزقهما اليومي.

قصص قصيرة مؤثرة

يحكى أن رجلا كان يتمشى في أدغال افريقيا حيث الطبيعة الخلابة وحيث تنبت الأشجار الطويلة، بحكم موقعها في خط الاستواء وكان يتمتع بمنظر الاشجار وهي تحجب اشعة الشمس من شدة كثافتها ، ويستمتع بتغريد العصافير ويستنشق عبير الزهور التي التي تنتج منها الروائح الزكية.

وبينما هو مستمتع بتلك المناظر سمع صوت عدو سريع والصوت في ازدياد ووضوح والتفت الرجل الى الخلف واذا به يرى اسدا ضخم الجثة منطلق بسرعة خيالية نحوه , ومن شدة الجوع الذي الم بالأسد أن خصره ضامر بشكل واضح . أخذ الرجل يجري بسرعة والأسد وراءه وعندما اخذ الأسد يقترب منه رأى الرجل بئرا قديمة فقفز الرجل قفزة قوية فإذا هو في البئر وأمسك بحبل البئر الذي يسحب به الماء وأخذ الرجل يتمرجح داخل البئر وعندما أخذ انفاسه وهدأ روعه وسكن زئير الأسدواذا به يسمع صوت زئير ثعبان ضخم الرأس عريض الطول بجوف البئر وفيما هو يفكر بطريقة يتخلص منها من الأسد والثعبان اذا بفأرين أسود والآخر أبيض يصعدان الى أعلى الحبل , وبدءا يقرضان الحبل وانهلع الرجل خوفا وأخذ يهز الحبل بيديه بغية ان يذهب الفأرين , وأخذ يزيد عملية الهز حتى أصبح يتمرجح يمينا وشمالا بداخل البئر وأخذ يصدم بجوانب البئر , وفيما هو يصطدم أحس بشيء رطب ولزج ضرب بمرفقه واذا بذالك الشيء عسل النحل تبني بيوتها في الجبال وعلى الأشجار وكذلك في الكهوف , فقام الرجل بالتذوق منه فأخذ لعقة وكرر ذلك ومن شدة حلاوة العسل نسي الموقف الذي هو فيه , وفجأة استيقظ الرجل من النوم فقد كان حلما مزعجا  !!!

وقرر الرجل أن يذهب الى شخص يفسر له الحلم , وذهب الى عالم واخبره بالحلم فضحك الشيخ وقال : ألم تعرف تفسيره ؟؟

قال الرجل: لا.

قال له : الأسد الذي يجري ورائك هو ملك الموت , والبئر الذي به الثعبان هو قبرك , والحبل الذي تتعلق به هو عمرك , والفأرين الأسود والأبيض هما الليل والنهار يقصون من عمرك .

قال : والعسل يا شيخ ؟؟

قال : هي الدنيا من حلاوتها أنستك أن وراءك موت وحساب .

قصص قصيرة معبرة

البسمة صدقة

هو رجل بسيط يعمل في أحد المصانع التي تختص في تجميد الأسماك ولكنه يتمتع بالبشاشة والحبور مما يزيد من محبة الناس له دون حتى أن يكون قريبًا منهم، وقد توجه كعادته كل يوم إلى عمله ولم يكن في حسبانه ما سيمر به إذ قضى يوم عمله كالمعتاد إلى أن حل موعد الانصراف إلا أنه قبل أن ينصرف توجه إلى ثلاجة التبريد لإنهاء بعض العمل ولكن للقدر كلمة أخرى، إذ نتيجة خطأ ما اغلق باب ثلاجة التجميد على الرجل وظل يصرخ وينادي ولكنه لم يجد استجابة فقد غادر كافة العاملين والموظفين بالمصنع، فظل الرجل حبيس ثلاجة التبريد لعدد من الساعات خارت فيها قواه وشارف على الموت إلا أنه فجأة تم فتح ابواب ثلاجة التبريد وتم إنقاذه بعد أن كان على وشك الموت وكان هذا المنقذ هو حارس المصنع.

سألوا هذا الحارس ما الذي جعلك تدخل إلى المصنع؟، فقال دخلت بحثًا عن هذا الرجل، فاستغربوا وسألوه لما وكيف عرفت أنه مازال بالداخل؟، فقال الحارس أنا في هذا المصنع منذ ما يزيد عن الخمسة وثلاثين عامًا أعمل به ولا يلاحظني أحد أو يخاطبني أحد إلا هذا الرجل فهو كلما حضر في الصباح استقبلني بابتسامته ووجهه البشوش وسؤاله عن حالي وكذلك عند خروجه يودعني بتلك البسمة على وعد باللقاء، وفي هذا اليوم انتظرته بين الوجوه الخارجة من المصنع إلا انني لم أجده فاعتقدت أنه تخلف لأن لديه عمل بالداخل وظللت انتظر خروجه إلى أن الأمر طال كثيرًا فقررت الدخول إلى المصنع والبحث عنه.

قدر ما تمتلك

كان هذا الرجل يتمتع بالثراء ولكن ابنه الوحيد كان مدلل لا يقدر قيمة ما يمتلك وهنا قرر ابيه أن يريه حياة الفقراء حتى يقدر ما يمتلكه وما يعيش فيه، وبالفعل أخذ ابنه وعاش في مزرعة لأناس فقراء وبعد انتهاء المدة سأله الأب ابنه ما رأيك؟، في البداية شكر الابن اباه، فسأله الاب لما؟، فقال يا ابي لقد عرفت كم نحن فقراء بعد معيشتي بينهم فقد رأيت هم يمتلكون جدول بينما نمتلك بركة في الحديقة، هم يملكون ارض على مد البصر بينما نحن نمتلك حديقة حدودها السور، هم يأكلون ما يزرعون ونحن نأكل ما نشتري، هم يعملون ويتعاونون للحصول على مستوى مناسب بينما نحن نمتلك الخدم، هم يمتلكون أصدقاء وجيران يحتمون بهم بينما نحن نمتلك أسوار وجدران عالية تحمينا، فحقًا شكرًا أن عرفتني كم نحن فقراء وهذا ما ادهش الاب.

قصص قصيرة مضحكة

القردان والموز

يُحكى أنه كان في الغابة قردان صديقان أحدهما منحوس والأخر محظوظ بكل الأشياء، وفي يوم من الأيام اتفق القردان على أن يذهبا إلى مزرعة على مقربة منهما لجلب الموز وتناوله، ووضعا خطة لذلك تقتضي أن يبقى القرد المنحوس على الأرض فيما يصعد القرد المحظوظ إلى شجرة الموز ليقطفه ويلقيه للمنحوس في الأسفل، رأى المزارع القردان وهما يسرقان الموز فأمسك القرد المنحوس وأبرحه ضرباً فيما هرب القرد المحظوظ وهو يمسك قطف الموز، وفي المرة الثانية تكرر ما حصل وأبرح المزارع القرد المنحوس ضرباً أيضاً، إلى أن قرر القردان أن يتبادلا الأدوار فصعد القرد المنحوس ليقطف الموز هذه المرة، فيما بقي المحظوظ على الأرض، وعندما رآهما المزارع أمسك القرد المحظوظ ليضربه، إلّا أنّه قرر أن يضرب القرد الموجود في أعلى الشجرة هذه المرة لا الموجود في أسفلها كما يفعل دائما، وبذلك أُبرح القرد المنحوس ضرباً للمرة الثالثة على التوالي فيما فرّ القرد المحظوظ ضاحكاً.

الخليفة والشاعر

يُذكر أنّ خليفةً أنشد قصيدة أمام مدعوويه وحاشيته، وكان بينهم شاعر، فبعد أن انتهى الخليفة من إلقاء قصيدته التفت إلى الشاعر وسأله: هل أعجبتك القصيدة يا شاعر؟ أليست بليغة؟ فأجابه الشاعر: لا أشم بها رائحة البلاغة والله! فغضب الخليفة وأمر أن يُحبس هذا الشاعر في الاصطبل مع الخيول والحمير، فظلّ الشاعر محبوساً في الاصطبل شهراً كاملاً، ولمّا أُفرج عنه الخليفة وعاد إلى مجلسه عاد الخليفة إلى إلقاء الشعر، وقبل أن ينتهي من الإلقاء نهض الشاعر وهمَّ بالخروج من المجلس خلسة، فلمحه الخليفة ثم سأله: إلى أين يا شاعر؟ فأجاب الشاعر: إلى الاصطبل يا مولاي!

قصص قصيرة هادفة

الكلب الشرير المؤذي

كان يا ما كان كان هناك كلب عرف عنه أنه كلب مؤذي حيث كان عندما يمر أي شخص يبدأ في التسلل خلفه وعضه دون سابق انذار، مما أتعب الجميع حتى صاحبه لذا فكر صاحبه في حل لتلك المشكله، فأحضر جرس وقام بتعليقه في رقبته حتى يشعر به الناس عندما يتحرك ويتجنبوا أذاه.

ولكن الكلب استخدم هذا الجرس للتفاخر حتى انه ظل يتجول في كل السوق مع جرسه المعلق برقبته، إلى أن قابله كلب عجوز فسأله ما هذا العرض الذي تقوم به، أتعتقد بأن هذا الجرس يعد مصدرًا للفخر، كلا يا صغير فتعليق هذا الجرس برقبتك ما هو إلا مصدر للخزي فهو انذار يخبر الجميع بأنك كلب سئ وأنه يجب تجنبك.

الراعي الكذاب

كان هناك فتى يعمل برعي الغنم وفي يوم كان في عمله يرعى قطيع من الغنم ولكنه قام بالصياح ذئب هناك ذئب فخرج أهل القرية فزعين وهم يعتقدون أن هناك ذئب ولكنهم وجدوا الفتى الراعي يضحك ولا يوجد أي ذئاب فعرفوا أنه يكذب، إلا أن الفتى أعاد هذا الامر بضع مرات أخرى وفي كل مرة يخرج إليه اهل القرية خائفين فيكتشفوا كذبه.

ولكن في أحد المرات وصرخ الفتي أن الذئب قد جاء وكانت هذه المرة حقيقية حيث بدأ الذئب في مهاجمة قطيع الغنيم بالفعل فأخذ الفتى الراعي يصيح حتى يقوم أحد بنجدته وإنقاذ الغنم، ولكن لم يخرج إليه احد اعتقادًا منهم أنه يكذب مرة اخرى فقد عهدوه كاذبًا حتى قضى الذئب على القطيع بأكمله.

حكاية الفأر والضفدع والصقر

كان هناك فأر وكان يعيش على اليابسة ولكن دفعه سوء حظه إلى التعرف على ضفدع كانت اغلب حياته في الماء كما أنه يستمتع بالأذى، وفي أحد الايام قام الضفضع المؤذي بربط الفأر به وبدءوا في التجول في السفوح كالعادة وتناول الطعام واخذ الضفدع يتجول وهو جار الفأر معه مقتربًا من البحيرة التي يعيش بها إلى أن وصل على حافة البحيرة، وفجأة قفز الضفدع إلى الماء وهو في غاية الاستمتاع فهو أخيرًا في بيئته التي يحيا بها ويحبها ومع قفزه في الماء سحب الفأر معه والذي لم يتحمل الماء فبدأ في الاختناق إلى أن غرق ومات فبدأت جثته في الطفو على سطحا البحيرة وهو مازال مربوط بالضفدع ،وكان هناك من يراقب ما يحدث وقد كان أحد الصقور فانقض على جثة الفأر يحملها بين مخالبه ومعه الضفدع المربوط به والتهمهما معا وكان هذا هو جزاء الضفدع المؤذي الذي خان ثقة صديقه.

قصة قصيرة عن الحب

فى قديم الزمان ‏حيث لم يكن على الأرض بشر بعد ‏كانت ‏الفضائل والرذائل , تطوف العالم معاً وتشعر بالملل الشديد , ذات يوم وكحل لمشكلة الملل المستعصية اقترح الإبداع لعبة وأسماها الأستغماية أو الغميمة , أحب الجميع ‏الفكرة والكل بدأ يصرخ : ‏أريد أنا ان أبدأ .. أريد انا ‏أن أبدأ , الجنون قال :- أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد وأنتم ‏عليكم مباشرة الأختفاء , ثم أنه اتكأ بمرفقيه على شجرة وبدأ واحد , اثنين , ثلاثة وبدأت الفضائل والرذائل ‏بالأختباء.

وجدت ‏الرقه ‏مكاناً لنفسها فوق ‏القمر , وأخفت ‏الخيانة ‏نفسها في كومة زبالة , وذهب ‏الولع ‏بين الغيوم ومضى ‏الشوق ‏الى باطن الأرض , الكذب ‏قال بصوت عالٍ :- سأخفي نفسي تحت الحجارة ثم ‏توجه لقعر البحيرة , واستمر ‏الجنون :- ‏تسعة وسبعون , ‏ثمانون , واحد ‏وثمانون , خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل ‏تخفيها ماعدا ‏الحب كعادته لم يكن ‏صاحب قرار وبالتالي لم يقرر ‏أين يختفي وهذا غير مفاجيء ‏لأحد , فنحن نعلم كم هو صعب ‏اخفاء الحب . تابع ‏الجنون :- ‏خمسة وتسعون , ستة وتسعون , سبعة وتسعون , وعندما ‏وصل ‏الجنون ‏في تعداده الى :- المائة قفز ‏الحب ‏وسط أجمة من الورد واختفى بداخلها فتح ‏الجنون ‏عينيه ‏وبدأ البحث صائحاً :- أنا آتٍ ‏إليكم , ‏أنا آتٍ إليكم .

كان ‏الكسل ‏أول من ‏أنكشف لأنه لم يبذل أي جهد في ‏إخفاء نفسه ثم ظهرت ‏الرقّه ‏المختفية في القمر , وبعدها خرج ‏الكذب ‏من قاع البحيرة مقطوع النفس واشار الجنون على ‏الشوق ‏ان يرجع من باطن الأرض , الجنون ‏وجدهم ‏جميعاً واحداً بعد الآخر ماعدا ‏الحب كاد يصاب بالأحباط واليأس في بحثه عن ‏الحب واقترب الحسد من الجنون , ‏حين اقترب منه ‏الحسد همس في أذن الجنون قال :- ‏الحب ‏مختفاً بين شجيرة الورد إلتقط ‏الجنون ‏شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ في ‏طعن شجيرة ‏الورد بشكل طائش ولم يتوقف الا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب .

ظهر ‏الحب من تحت شجيرة الورد ‏وهو يحجب عينيه بيديه والدم يقطر من ‏بين أصابعه , صاح ‏الجنون ‏نادماً :- يا إلهي ماذا فعلت بك ؟ لقد افقدتك بصرك ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك ‏البصر ؟ أجابه ‏الحب :- ‏لن تستطيع إعادة ‏النظر لي , لكن ‏لازال هناك ما تستطيع ‏فعله لأجلي ) كن دليلي ( . وهذا ماحصل من يومها يمضي ‏الحب ‏الأعمى ‏يقوده ‏الجنون ولهذا عندما نحب احدا نقول له أحبك بجنون ” .

قصة قصيرة للتعبير

لم تكن جانيت ذات السبعة أعوام تدري أنه سيأتي يومٌ تُشرق فيه الشمس عليها، وجسمها ليس ككل البنات، حيثُ تنمو أذناها عند الصباح، وتعودان لحجمها الطبيعي عند المساء، أما عن شعرها ففيه خُصلٌ ضوئية تعمل عند دخولها مناطق مُظلمة، لم تُفشي جانيت سرها لأمها، ولا لصديقاتها في المدرسة اللواتي غالباً ما سيبادرنها بوابلٍ من السُخرية، لذا فضلت أن تحتفظ بسرها، لكنها لم تستطع أن تتكيف مع الأمر بعد فترة.

بدأت حكاية جانيت عندما قصدت مع والديها نهر الخوف الذي يخترق قريتها النائية من جهة الغرب، كانت الجدات في تلك القرية تقص الحكايا المرعبة حول النهر، مفادها أنه إذا غابت الشمس على أحدٍ بجانب النهر، فسيحصل له العجب العجاب، وهذا ما حصل لجانيت، فلم تكن تنصاع لأمر والدتها حين أقبل الغروب على استعجالٍ ذات مساء، وأصرت جانيت على اختبار قصص العجائز، وظلت بجانب النهر لساعات ما بعد الغروب، وما كان منها إلا أن تقهقه ضاحكةً حتى صار النهر كائناً أزرق غير مُخيفٍ بالقدر الذي يدفع طفلةً بعمر جانيت للهرب، فقد كانت عيني الكائن الأزرق تفيضان بالكثير من الحنو والرأفة، فيما صارت جانيت تُحدق مشدوهةً لما يحصل، وعندما اقترب الكائن ليُحيط جانيت من كل ناحية، ثم يرفعها بيديه المئتين لمسافة عشرين متراً عن الأرض، بدأت دقات قلب جانيت تتسارع خوفاً، لكن هذا الشعور لم يدم طويلاً.

عادت جانيت لتقهقه ذات الضحكة التي أطلقتها عند جلوسها قرب النهر، فقد صار الكائن يُدغدغها من كل ناحية لتضحك، ويخلق بذيله نافورةً من الماء ويُجلسها فوقها، شعرت الطفلة أنها تود البقاء مع ذلك الكائن النهري الذي لم يسبق لأحدٍ رؤيته أو اللعب معه، لكنه أومأ لها قبل أن يعود لوضعه الطبيعي بضرورة المغادرة إلى المنزل، والعودة في اليوم التالي بعد الغروب، لكنها غادرت دون أن تعود في اليوم التالي.

شعرت جانيت في طريق عودتها إلى المنزل مساءً أن الفرحة العارمة تغمر قلبها الصغير، فيما راحت تُقلد حركات الكائن الأزرق بكثيرٍ من الدُعابة والمرح، وقبل أن تكمل دندنتها وخلوها المجنون مع نفسها، كان صوت أمها سارباً من المنزل مُحاسباً ولائماً تأخرها، ظناً منها أن طفلتها الفضولية سلكت طريقاً آخر للذهاب إلى صديقتها قبل أن تعود إلى النهر. منذ ذلك اليوم تصحو جانيت من نومها على صوت أذنيها وهي تزداد حجماً، فيما تتعمد الذهاب إلى السرداب لتتمتع بإضاءة خصلات شعرها، فتؤرجحها يُمنةً ويُسرة، ثم تدخل في موجة ضحك هستيرية تمتد لعدة دقائق متواصلة، وفي إحدى الأيام قررت جانيت العودة إلى النهر بعد غياب الشمس، وذلك بعد أن بذلت جُهداً كبيراً لإقناع والدتها بالذهاب إلى حفلة عيد ميلاد صديقة لها تسكن قرب النهر.

جلست جانيت ساندةً جسمها على إحدى الأشجار المجاورة للنهر تنتظر انسحاب الشمس وراء التلال البعيدة، وحين غربت اختفى ركود الماء في النهر، لتبدأ بعدها بالتجمع كالمرة الماضية، بعدها خرج الكائن مُداعباً لجانيت مرة أخرى، ولم يقطع انسجامهما سوى صوت خطى عجوزٍ يمشي بحزم رغم تقدمه في العمر، عاد الكائن إلى وضعه الطبيعي سريعاً، فيما أسرعت جانيت للاختباء وراء إحدى الأشجار، أطل بعدها العجوز بملامح لم تكن باديةً بسبب الظلام، لكن انعكاس ضوء القمر والنجوم على سطح النهر، أظهرت ملامح العجوز التي تحمل الكثير من الأسى، ظلت جانيت ترقب العجوز الذي بادر بالجلوس على حافة النهر، ثم شرع بالبكاء مُنادياً على أرواح من فقدهم غرقاً في النهر كما بدا لها.

أحست جانيت بحزنٍ شديد، وخافت أن تكون قصة الرجل حقيقية، كما خافت أن يسحبه النهر إلى جانب الأرواح التي أخذها في السابق، بعدها بقليل حصل ما كان متوقعاً، فقد خرج الكائن النهري وابتلع الرجل، شهقت جانيت لتكتم أنفاسها بعد ثوانٍ، فلم يكن بمقدورها تحمل فظاعة المشهد، فيما اقترب الكائن النهري منها، وذلك بعدما سحب الرجل إليه، ولم يختلف قبل مجيء العجوز، فقد حاول أن يُداعبها ثانيةً، الأمر الذي لم تتقبله جانيت، وفرت باكيةً إلى المنزل، ولم تعد إلى النهر منذ ذلك الوقت، لكنها ظلت تتساءل يومياً بكثير من الحزن والعجب والخوف: لماذا أنا بالتحديد؟

في إحدى المرات هرعت أم جانيت إليها بعد أن شاهدت أذنيها تكبران، وأعلمت جانيت أمها عن السبب الذي ظل حبيس صدرها لأيام، مما دفعها إلى اصطحاب صغيرتها إلى أحد المبروكين في القرية حتى يُخلصها من لعنة النهر، وهذا ما حصل بالفعل، فقد نامت جانيت منذ ذلك الحين لثلاثة أيامٍ متواصلة، وبعدما استيقظت عادت لطبيعتها السابقة، ومُحي من ذاكرتها أنها ذهبت في يوم من الأيام إلى النهر، وأصابها ما أصابها.

السابق
خواطر عشق قصيره
التالي
قصة عن التعاون

اترك تعليقاً