ديني

كيف تحقق محبة المسلمين

تعريف المحبة بين الناس

المحبة هي نوع خاص من أنواع الحب وتدل على الحب اللامحدود واللامشروط. بخلاف المعنى العام للحب، فإن المحبة لا تمثل الحب البيولوجي بين البشر. بل تدل على الحب المطلق تجاه شخص ما أو فكرة ما أو الله من بعيدا الجنس أو العاطفية مع محبوب كما يفهم من كلمة “حب”.

المحبة كلمة تستعمل في الفلسفة والدين للدلالة على العلاقة المعطاء الخالصة. ففي الإسلام، المحبة هي العلاقى التي تجمع المؤمنين فيما بينهم ومع البشر. وفي الصوفية، تصف علاقة الصوفي مع خالقه. وفي المسيحية، تدل على درجة احب الله تجاه البشرية كما تدل على الحب الذي بشر به يسوع ودعا الناس لتطبيقه حتى تجاه الأعداء. وهو الحب الذي أطلقه أفلاطون ويعرف بالحب الأفلاطوني.

كيف تحقق محبة المسلمين

بالمعاملة الحسنة بينهم والحرص على الود ومراعاة مصالح بعض البعض وعدم تعمد المسلم لأخيه المسلم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم”

ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: “تهادوا تحابوا “

الألفة والمحبَّة

أسباب الأُلْفَة والمحبة

هناك أسبابٌ كثيرةٌ تؤدِّي إلى الأُلْفَة والمحبَّة، وتقوي الروابط والعلاقات بين أفراد المجتمع المسلم فمنها:
1- التَّعارف ومعاشرة النَّاس:
قال صلى الله عليه وسلم: ((الأرواح جنودٌ مجنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف))  (1) .
2- التَّواضع:
إنَّ (خفض الجنَاح ولين الكَلِمَة وتَرْك الإغلاظ مِن أَسبَاب الأُلْفَة واجتماع الكَلِمَة وانتظام الأَمر ولهذا قيل: مَن لانت كلمته وجبت محبَّته وحَسُنَت أُحدُوثته، وظمئت الْقُلُوب إلى لقائه وتنافست في مودته)  (2) .
قال ابن عثيمين: (وظيفة المسلم مع إخوانه، أن يكون هيِّنًا ليِّنًا بالقول وبالفعل؛ لأنَّ هذا ممَّا يوجب المودَّة والأُلْفَة بين النَّاس، وهذه الأُلْفَة والمودَّة أمرٌ مطلوبٌ للشَّرع، ولهذا نهى النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام عن كلِّ ما يوجب العداوة والبغضاء)  (3) .
3- القيام بحقوق المسلمين والالتزام بها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حق المسلم على المسلم خمسٌ: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس))  (4) .
(فهذه الحقوق التي بيَّنها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كلَّها إذا قام بها النَّاس بعضهم مع بعض، حَصل بذلك الأُلْفَة والمودَّة، وزال ما في القلوب والنُّفوس مِن الضَّغائن والأحقاد)  (5) .
ومن ذلك:
4- إفشاء السَّلام:
قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيُّها النَّاس أفشوا السَّلام، وأطعموا الطَّعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا باللَّيل والنَّاس نيام، تدخلوا الجنَّة بسلام))  (6) .
(قال الإمام الرَّازي: الحكمة في طلب السَّلام عند التَّلاقي والمكاتبة دون غيرهما: أنَّ تحيَّة السَّلام طُلِبت عند ما ذكر؛ لأنَّها أوَّل أسباب الأُلْفَة، والسَّلامة التي تضمنها السَّلام هي أقصى الأماني فتنبسط النَّفس -عند الاطِّلاع عليه- أيَّ بسطٍ، وتتفاءل به أحسن فأل)  (7) .
5- زيارة المسلم وعيادته إذا مرض:
فزيارة المسلم لأخيه المسلم تبعث على الحبِّ والإخاء، ولا سيَّما عند المرض، مع ما أعده الله من الأجر والثواب له قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوَّأت مِن الجنَّة منزلًا))  (8) .
6- الكلام اللَّين:
فالكلام اللَّين والطَّيب مِن الأسباب التي تؤلِّف بين القلوب، قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا [الإسراء: 53].
7- التَّعفُّف عن سؤال النَّاس:
قال صلى الله عليه وسلم: ((وازهد فيما في أيدي النَّاس يحبَّك النَّاس))  (9) .
8- السَّعي للإصلاح بين النَّاس:
قال تعالى: فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ [الأنفال: 1].
9- الاهتمام بأمور المسلمين والإحساس بقضاياهم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنون كرجل واحد، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسَّهر))  (10) .
10- التَّهادي:
لا شك أن تقديم الهديَّة يزيد مِن الأُلْفَة والمحبَّة والتَّقارب بين المهدي والـمُهْدَى إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((تهادوا تحابُّوا))  (11) .
11 – حسن الخلق:
قال الغزالي: (اعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق، والتفرق ثمرة سوء الخلق‏، فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف والتوافق وسوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد والتدابر ومهما كان المثمر محمودًا كانت الثمرة محمودة)  (12) .
وقد أرجع الماورديُّ أسباب الأُلْفَة إلى خمسة أسباب رئيسة: وهي: الدِّين والنَّسب والمصاهرة والمودَّة والبرُّ، فقال:
1- (فأمَّا الدِّين: وهو الأوَّل مِن أسباب الأُلْفَة؛ فلأنَّه يبعث على التَّناصر، ويمنع مَن التَّقاطع والتَّدابر. وبمثل ذلك وصَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فروى سفيان عن الزُّهري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث))  (13) .
وهذا وإن كان اجتماعهم في الدِّين يقتضيه فهو على وجه التَّحذير مِن تذكُّر تراث الجاهليَّة وإحَن الضَّلالة. فقد بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب أشدُّ تقاطعًا وتعاديًا، وأكثر اختلافًا وتماديًا، حتى إنَّ بني الأب الواحد يتفرَّقون أحزابًا، فتثير بينهم بالتَّحزب والافتراق أحقاد الأعداء، وإحَن البعداء…
2- وأما النَّسب: وهو الثَّاني مِن أسباب الأُلْفَة؛ فلأن تعاطف الأرحام حميَّة القرابة يبعثان على التَّناصر والأُلْفَة، ويمنعان مِن التَّخاذل والفرقة، أنفة مِن استعلاء الأباعد على الأقارب، وتوقيًا مِن تسلُّط الغرباء الأجانب. وقد رُوِي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((إنَّ الرَّحم إذا تماسَّت تعاطفت))  (14) .
3- وأمَّا المصاهرة: وهي الثَّالث مِن أسباب الأُلْفَة، فلأنَّها استحداث مواصلة، وتمازج مناسبة، صدرا عن رغبةٍ واختيار، وانعقدا على خيرٍ وإيثار، فاجتمع فيها أسباب الأُلْفَة ومواد المظاهرة. قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً  [الرُّوم: 21] يعني بالمودَّة المحبَّة، وبالرَّحمة الحنو والشَّفقة، وهما مِن أوكد أسباب الأُلْفَة…
4- وأمَّا المؤاخاة بالمودَّة، وهي الرَّابع مِن أسباب الأُلْفَة؛ لأنَّها تكسب بصادق الميل إخلاصًا ومصافاة، ويحدث بخلوص المصافاة وفاءً ومحاماةً. وهذا أعلى مراتب الأُلْفَة، ولذلك آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه؛ لتزيد ألفتهم، ويقوي تضافرهم وتناصرهم …
5- وأمَّا البرُّ، وهو الخامس مِن أسباب الأُلْفَة، فلأنَّه يوصِّل إلى القلوب ألطافًا، ويثنيها محبَّة وانعطافًا. ولذلك ندب الله تعالى إلى التَّعاون به، وقرنه بالتَّقوى له، فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2].
لأنَّ في التَّقوى رضى الله تعالى، وفي البرِّ رضى النَّاس. ومَن جَمَع بين رضى الله تعالى ورضى النَّاس فقد تمَّت سعادته، وعمَّت نعمته)  (15) .

المحبة في الإسلام

المحبة في الإسلام

المحبة هي شعار دين الإسلام وغاية تشريعه فيقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.. [آل عمران : 31]، فشرط المحبة الإيمان واتباع الرسول في أوامره ونواهيه، والمحبة في الإسلام لا تكون إلا لله، خالصة لوجه، وليست خاضعة لمصالح متقلبة أو أغراض دنيوية.
وإتيانها مجردة خالصة لله في أصلها يجلب ويحصل أنفع المصالح وأليقها بالإنسان والكون، فالمحبة في شرعنا تقوم على أساس عقلي وروحي منضبط، تتحقق عند تحققه وتنعدم بفواته، وهذا الأساس يجعل المحبين يراعون حقوق الله فيما بينهم. ووجود هذا الأساس يحمي من الفوضى العاطفية التي تجعل الكل يحب لا لسبب ثم سرعان ما يكره أيضا لا لسبب، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك. اللهم وارزقني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب. اللهم ما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب”.

المحبة بين أفراد المجتمع

مجتمع المحبة

المجتمع الإسلامي هو مجتمعُ المحبة، فأمَّةُ الإسلام أمة متحابة متوادة متراحمة متعاونة على البرِّ والتقوى؛ يقول – تعالى -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، كانت كذلك على مرِّ العصور، وما تزالُ في كثيرٍ من قطاعاتِها كذلك، ولله الحمدُ والمنَّة.

ولكنَّ البعد عن القيمِ الإسلامية، والإقبال على الدُّنيا أثَّر شيئًا من التأثيرِ على عددٍ من الناس، فحرموا من السَّعادةِ التي كان يحياها آباؤهم، وعليهم أن يعودوا إلى رياضِ المحبة والتوادِّ والتراحم، فذلك يحقِّقُ لهم الحياةَ السعيدة الكريمة في الدُّنيا، والفوزَ بمرضاةِ الله.

ليس هناك حياةٌ أحلى من الحياةِ التي يسعد بها المرءُ بحبه للآخرين وحبِّ الآخرين له، يعيشُ وصدره خالٍ من الضغائن والكراهية والحقد والحسد، بل يكون صدرُه مملوءًا بالحبِّ والودِّ والرحمة للآخرين.

إنَّ الحاجةَ إلى التذكيرِ بأهمية المحبة في المجتمعِ حاجةٌ كبيرة، لا سيَّما ونحن نُواجَه بحربٍ فكرية واجتماعية وعسكرية.

إنَّ كلَّ مسلم أخٌ لكلِّ مسلم؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10].

وهذه الأخوةُ التي تتبعها المحبةُ درجاتٌ من القريب، والجار، والصديق، والزميل، والخادم، والأستاذ، والتلميذ، كلهم إخوة يجبُ على المسلم أن يحبَّهم في الله، قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله…، ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه..))؛ رواه البخاري برقم (660)، ومسلم (1031).

وقال في الأرِقَّاء: ويدخلُ في مفهومِهم الخدم، قال صلواتُ الله عليه: ((هم إخوانُكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يدِه فليطعمْه مما يأكلُ، وليلبسْه مما يلبس ولا يكلفه من العملِ ما يغلبه، فإنْ كلَّفه ما يغلبه فليعنْه عليه))؛ رواه البخاري برقم (6050)، ومسلم (1661)، وأبوداود (5157)، والترمذي (1945).

أجل، إنَّ الرحمةَ والمحبة بين المسلمين هي الصفة التي تميز المجتمعَ الإسلامي الحق؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

إنَّ الرحمةَ التي تكون بين المسلمين رحمةٌ تكاد تصلُ إلى درجةِ الذل كما جاء في برِّ الوالدين، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]؛ أي: كن رحيمًا بهما رحمةً تصلُ إلى درجةِ الذُّل.

والمسلمون أمةٌ واحدة تقوم بين أفرادِها المحبةُ والأخوة والألفة والولاء؛ قال تعالى: ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنفال: 63]، إنهم متحابون متراحمون، بعضُهم أولياء بعض؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

إنَّ هذه الصفاتِ هي مقوماتُ أمة الإسلام؛ وهي: (الإيمان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله)، ومن توافرت فيهم هذه الصفاتُ سيرحمهم الله، ما أعظمها من مكافأة!

هذا وقد ربط رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الإيمانَ بالتحاب، وجعل دخولَ الجنَّةِ محصورًا بالإيمان؛ فقال: ((لا تدخلون الجنَّةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا)).

ثم دلَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الوسيلةِ التي توصل إلى التحاب؛ فقال: ((أولاَ أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؛ أفشوا السَّلامَ بينكم))؛ رواه مسلم برقم (54). فإفشاءُ السلام وسيلةٌ من وسائلِ إيجاد التحاب بين أفراد الأمة.

موضوع عن المحبة

موضوع تعبير عن المحبة بين الناس.

الحب أساس العلاقات السوية بين بني البشر، وأقوى من روابط الدم والنسب، الحب إنكار للذات، وتحرر من قيود النفس. يسمو به الإنسان إلى كل ما هو خير وجميل، ولا يشعر بنعيمه إلا من ذاق كأسه، وأصطلي بناره، هو نبض الحياة والأمل، ومتحف المشاعر الجميلة، والأحاسيس الرقيقة، والشعور الخفي الذي يعطي الإنسان الإحساس بالوجود.
الحب كأس مليء بالهوى ولا بد أن يشرب منه كل من له قلب ينبض، وروح تحيى، ونفس تعيش، الحب كالنور والنار، نور في العطاء ونار عند الحرمان، والحياة بالحب جحيم يطاق ..وبدون حب نعيم لا يطاق.
الحب طاقة قاهرة، خلاقة قادرة، أوضح من الشمس، وأجلى من النور، وأسرع من الضوء، وأقوى من الذرة، يحيل الشيطان الى ملاك، والمجرم الى قديس، والوحش الى حمل وديع، والخامل الى شعلة نشاط.
الحب أساس كل خير، وأساس كل فعل طيب؛ لأنه عطاء متدفق، وبذل متجدد ومنح دائم وتضحية بلا مقابل.
الحب هو النزوع والميل القلبي والانعطاف الكلي نحو الشيء سعيا وراء تحقيق التوازن الداخلي وإشباع غريزة “الأنا”، الحب هالة قدسية، وثوب رحماني يلف الجسد ليبقيه عذرياً نقياً ويشع حياءً وإباءً.
وللحب في نفوس المعذبين وقع. يعيشون في عالمه، أحرقتهم مرارة العبارة على كل وتر عزفته أنامل الزمن، فكان للمرارة في أفئدتهم أكبر الأثر.
الحب في طهارة الألفاظ والمعاني.. كلمة يذهب إليها الظامئون لينهلوا منها عذباً فراتاً.. تنهض بها روحهم، ودواء شاف تحيى بها قلوبهم.
هو شعور غريب، فيه عنف وفي الوقت ذاته هو تجسيد للبراءة والعفوية، فيه نارٌ تحرق وحنانٌ لا حدود لتدفقه، ونتوق إليه بوجع، ونتمنى أن نهرب منه.
قال عنه شيخ الفقهاء وأديب الأدباء ابن حزم في رسالته في الحب – طوق حمامة: الحب أوله هزل، وآخرة جد، وهو لا يوصف بل لابد من معاناته حتى تعرفه، والدين لا ينكره، والشريعة لا تمنعه، إذ القلوب بيد الله عز وجل، وقد أحب من الخلفاء المهديين والأئمة الراشدين كثيراً.
وقال عنه ابن أكثم: الحب سوانح للمرء تؤثرها النفس ويهيم بها القلب. انه ناشئ يستغرق القلب في محاسن المحبوب، ويذهله عن مساوئه.
إن الحب جليس ممتع، وأليف مؤنس وصاحب مالك قاهر، مسالكه لطيفة، ومذاهبه غامضة، وأحكامه جائرة، ملك الأبدان وأرواحها، والقلوب وخواطرها، والعيون ونواظرها، والعقول وآرائها، توارى عن الأبصار مدخله، وغمض في القلوب مسلكه.
وسئل الشاعر حماد الراوية عن الحب فقال: أصله الفكر، وعروقه الذكر، وأغصانه السهر، وأوراقه الأسقام، وثمرته المنية.
والحب أنواع:
1) حب الأمومة وهو الحنان.
2) حب الطفولة وهو الحب البريء.
3) وحب العاطفة وهو ميل شخص نحو شخص من الجنس الآخر.
4) وحب العظمة وهو الطموح.
5) وحب الاستطلاع وهو الفضول..
6) وحب الظهور وهو الأنانية.
7) وحب الحياة وهو اللهو والمرح.
8) وغير ذلك من أصناف الحب.
لكن أقدس الحب وأعظمه حبان: حب الله عز وجل، ثم الوطن.
وقد يكون الحب سعادة وهناء ومرحا، وقد يكون مزعجا من دموع وتنهيدات، وقد يكون أحياء لذكريات حلوة درست مع الزمن ..!!
ولكن الحب في كل هذه الحالات دفق شعور مرهف، وإحساس وفيض ورقه ناعمة.
والحب الحقيقي لا يتقلب مع الأيام، بل يزرع في نفس المحب أخلص صفات المروءة من شجاعة وسخاء، وعفة وشهامة أخلاق.

السابق
الحب ف سن المراهقة
التالي
كيف اجعله يغار بجنون

اترك تعليقاً