التفسير

لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم وما هو سبب نزولها؟

لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم سؤال يبحث الكثيرون من الدارسين لعلوم القرآن الكريم عن إجابة له، حيث تحظى سورة التغابن باهتمام خاص نظرًا لفضلها المعروف، كما أن حولها بعض الاختلافات بين العلماء سنوضحها في هذا المقال، لذلك فهذا المقال عبر موقعنا سوف نتناول بعض المعلومات حول سور القرآن الكريم عمومًا وسورة التغابن خصوصًا.

لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم

هناك إجابتين لسؤال لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم، ومن المعروف أن معاني السور لم تنزل كوحي مع السور، وإنما تمت تسمية سور القرآن بعد جمعه حسب آراء الصحابة الكرام _رضي الله عنهم وأرضاهم_، وقد قاموا بتسمية السور حسب الأحداث المذكورة فيها أو لفظ معين قد ورد في السورة أو بحسب الأحكام الواردة في السورة، ومن المعروف أنه لم يرد ذكر أحاديث نبوية في شأن أسماء السور، وفي سورة التغابن قد ذهبوا إلى سبب تسميتها بهذا الاسم إلى فريقين، وفيما يلي توضيح الرأيين:

  • الرأي الأول: يقال أن سبب تسمية هذه السورة بهذا الاسم هو حدوث التغابن بين كل من الفريق المؤمن لعدم الإكثار من الطاعات والعبادات والفريق الكافر لعدم إيمانه واتباعه للشيطان.
  • الرأي الثاني: وهو الرأي الأدق والأشهر، أنها سميت بهذا الاسم نظرًا لورود لفظ التغابن بها، وهذا اللفظ لم يذكر في أي سورة أخرى من سور القرآن الكريم، وقد تم ذكر لفظ التغابن في الآية التاسعة من السورة حيث قال الله _تعالى_: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم * ﴾[التغابن:9].

اختلاف العلماء حول سورة التغابن

سورة التغابن هي سورة من سور الجزء الثامن والعشرون، وهي من السور الصغيرة نسبيًا فعدد آياتها ثماني عشر آية، وتشغل هذه السورة في المصحف الشريف رقم أربعة وستين في الترتيب، وهي سورة ترسخ بعض أصول العقيدة الإسلامية وتتحدث في آياتها عن التشريع، ولكن حدث اختلاف حولها بين العلماء، وانقسموا إلى ثلاث فرق حول مكان تنزيلها على الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وإليكم توضيح هذا الاختلاف:

  • الفريق الأول: يرى أكثر العلماء وأغلبيتهم وهو الرأي المشهور أن هذه السورة من التي أوحاها الله _تعالى_ إلى رسوله الكريم _صلى الله عليه وسلم_ في مكة المكرمة.
  • الفريق الثاني: يرى بعض العلماء كالضحاك والكلبي أن هذه السورة من السور المدنية، التي أوحى الله _تعالى_ بها إلى رسوله الكريم على أرض المدينة المنورة بعد الهجرة.
  • الفريق الثالث: يرى البعض وهم قلة أن هذه السورة نزل بعض الآيات منها في المدينة والبعض الآخر في مكة، ويستشهدون بما روي عن أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس عن ابن عبّاسٍ ( أنّ سورة الصّفّ نزلت بمكّة، وأنّ سورة الجمعة والمنافقين نزلتا بالمدينة، وأن سورة التّغابن نزلت بمكّة إلّا آياتٍ من آخرها نزلن بالمدينة).

سبب نزول سورة التغابن

عند إجابة سؤال لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم يجب أيضًا نجيب على سؤال ما سبب نزول سورة التغابن، وتعددت أسباب نزول هذه السورة المباركة بحسب تعدد الآيات فيها، ولكن معظمها كان يحمل معاني الترغيب في تفضيل دين الله عن أي شي آخر حتى وإن كان الأهل أو الولد أو النفس، وإليكم أسباب نزول الآيات:

  • نزلت الآيات الأولى حتى من سورة التغابن للتذكير بعظمة الله وقدرته على خلق السموات والأرض والملكوت والكون وكافة المخلوقات، ويتوعد الكفار بالعذاب الأليم والندم في الآخرة، ونصها كالتالي:
  • نزلت الآيات الأول من سورة التغابن حتى الآية الرابعة عشر للتذكير بعظمة الله _تعالى_ في خلق السموات والأرض والكون والإنسان، كما تؤكد هذه الآيات على فكرة الحساب بعد الموت وجزاء المؤمنين وجزاء الكفار.
  • يعتبر السبب الأشهر والأدق لنزول هذه السورة هو أنه عندما كان يسلم الرجل من قريش فيمنعه أهله من الذهاب إلى الرسول _صلى الله عليه وسلم_ ليعلن إسلامه، أو يريد الرجل أن يهاجر وراء الرسول _صلى الله عليه وسلم_ في المدينة المنورة فيمنعه أهله وأولاده من السفر أو يجبروه على ترك أمواله وأولاده في مكة ويخرج منها وحيدًا.
  • وكان في بعض الأحيان يحن الرجل إلى أولاده وأهله ويترك الهجرة ويظل مع الكفار في مكة، والآيات الدالة على هذه المعاني هي الآيات من الرابعة عشر إلى الثمانية عشر حيث قال الله _تعالى_: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) )
  • وهناك رأي يقول بأن بعض آيات سورة التغابن ذُكرت بعدما تعب المسلمون من العبادات النافلة الشديدة، فتورمت أقدماهم من كثرة الوقوف للصلاة، وخارت قواهم من الصيام، وأصابهم المرض والضعف، فنزلت بعض الآيات في سورة التغابن لتخفف عنهم هذا العناء وتخبرهم بأن العبادة تكون على قدر الطاعة.

أشهر الأقوال المأثورة عن سورة التغابن

هناك بعض الأقوال المأثورة عن بعض الصحابة أو التابعين في شأن سورة التغابن لإجابة سؤال لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم، أو لإجابة سؤال ما سبب نزول سورة التغابن، وإليكم أشهر هذه الأقوال:

  • قال ابن عباس: (كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده وقالوا: ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال، فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر، فأنـزل الله هذه الآية).
  • وقال عطاء بن يسار قان أن سورة التغابن نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، الذي كان غني وله الكثير من الأبناء، وعندما أراد أن يذهب إلى الرسول ويعلن إسلامه رفض أولاده ذلك وقالوا له إلى من سوف تتركننا، فرق قلبه ولم يذهب إلى النبي.
  • قال سعيد بن جبير أن سبب نزول الآية الكريمة (فاتقوا الله ما استطعتم)، أن بعدما نزلت الآية (اتقوا الله حق تقاته)، فحاول المسلمون أن يعملوا على طاعة الله بكل م أوتوا من قوة حتى تعبوا وأصابهم المرض وتورمت أطرافهم وترحت، فنزلت كي تخفف على المسلمين.
السابق
تفسير حلم سورة آل عمران في المنام
التالي
أجمل أحاديث قدسية عن رحمة الله مكتوبة تزلزل القلب

اترك تعليقاً