احكام الشريعة الإسلامية

ما هو زواج المسيار وما حكمه؟

ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ وصف الله تعالى رِباط الزواج في كتابه العزيز بأنه الميثاق الغليظ، وحَثّ النبي على الترغيب في الزواج المنضبط شرعيًا وتيسير أمره، لكن مع الوقت ظهرت أنواع من عقود الزواج مثل المسيار، ف ما هو زواج المسيار وما حكمه؟، إليكم بمقالنا معلومات مفصلة عنه.

ما هو زواج المسيار وما حكمه؟

سنجيب عن سؤال ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ بتعريفه أولًا، ثم بيان أراء العلماء في حكمه:

معنى زواج المسيار لغة

كلمة المسيار لغة جاءت من الفعل ‘سار’ أي ‘مشي’، ومعنى سير الكلام أي إذاعته وانتشاره بين الناس، وتطلق الكلمة أيضًا على الزيارة السريعة التي لا تطول، يقال ‘ساير الرجل صاحبه’ يعني جاراه، وسُمّي الزواج بالمسيار لأن الزوجة تساير زوجها وتجاريه تخفيفًا لأعبائه.

معنى زواج المسيار شرعا

هو عقد من عقود الزواج المستوفاة لجميع شروط وأركان العقد الصحيح، لكن المرأة تتنازل فيه عن بعض حقوقها الشرعية مثل توافر المسكن أو نفقة الزوج عليها أو مبيته عندها، وتكون هذه التنازلات عن رضًا وتوافقٍ فيما بينهما أي بغيرِ إكراه للمرأة على التنازل.

حكم زواج المسيار

اختلف الفقهاء في حكم زواج المسيار أو كما يسميه البعض زواج الإيثار، فبعضهم أجازه استنادًا إلى صحة العقد وتوافر شروطه، ومنهم من أجازه مع التأكيد على كراهيته وحجتهم في ذلك أنه زواج مهين للمرأة وينقص من قدرها، ومن الفقهاء من منعه ولم يجزه وقالوا بأنه يخالف مقاصد الزواج الشرعية من السكن والمودة.

أنواع زواج المسيار

بعد أن أجبنا على سؤال ما هو زواج المسيار وما حكمه نأتي لذكر أنواع هذا الزواج، وهو على نوعين:

الزواج بغير إشهار

ويعني ذلك أن يتم عقد الزواج بحضور الزوجين والشاهدين فقط، ولا يُشْهر الزواج بين عامة الناس بل يظل سرًا يقتصر على الخمسة أفراد الحاضرين أثناء العقد.

حكمه

  •  أجاز جمهور العلماء من الحنابلة والحنفية والشافعية صحة عقد النكاح بهذا الشكل بدون إشهار، وقالوا بأنه مكتمل الشروط والأركان.
  • وقالوا بأن حضور شاهدين عدلين ينفي عن عقد النكاح صفة السرية، وأنه بحضورهما تحقق شرط الإشهار حتى وإن تواصوا فيما بينهما على كتمانه.
  • وخالف المالكية رأي الجمهور واعتبروا أن إجراء عقد النكاح بهذا الشكل يعتبر سرًا، وبذلك يكون العقد فقد ركن الإشهار فهو غير صحيح.
  • وقال المالكية بضرورة معاقبة كاتب العقد والشاهدين والزوجين، وأن يفسخ العقد بطلقة واحدة ما لم يكن مر على الزواج مدة زمنية طويلة يقدر طولها بحسب ما تعارف عليه الناس.
  • واستدل المالكية على وجوب الإشهار بين عامة الناس من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت”، وهو ما لا يحدث في حالة زواج المسيار سرًا.

الزواج بدون صداق

الصداق هو المهر الذي يجب للمرأة على زوجها، ويُسَن تسميته في عقد النكاح، فقال تعالى:

“وآتوا النِّساء صَدُقَاتِهن نِحْلَة”.

ومعنى نخلة يعني عطية يعطيها الزوج لزوجته مقابل الاستمتاع بها، وفي زواج المسيار ربما تتنازل المرأة عن حقها في المهر الذي شرعه الله لها.

حكمه

  • إذا ارتضت المرأة الزواج بدون صداق فهي تسمى في الشرع مُفَوِّضَة، أي لا تُعَيِّن مهرها ويفوض التعيين إلى أحد الزوجين أو غيرهما.
  • أجاز جمهور العلماء زواج التفويض أي بغير تعيين المهر واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:

” لا جُنَاح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تَمَسُّوهُن أو تَفْرِضُوا لَهُن فَريضة”.

  • وقالوا بأن الطلاق لا يكون إلا في حالة الزواج الصحيح، فدل ذلك على جواز النكاح بغير تعيين للمهر.
  • اختلف المالكية مع الجمهور في حكم الصداق، فقالوا بأنه ركن من أركان عقد الزواج أو شرط من شروطه، فلا يصح الزواج بدون مهر.

آراء العلماء المعاصرين في زواج المسيار

بعد أن بينا لكم ما هو زواج المسيار وما حكمه، لابد من معرفة آراء بعض العلماء المعاصرين في هذا الزواج ومدى جوازه.

رأي الشيخ بن باز في زواج المسيار

ورد للشيخ بن باز رحمه الله بجريدة الجزيرة الصادرة بعدد (8768)، جوابًا عن سؤال وُجِّه له حول حكم زواج المسيار، فقال رحمه الله أن هذا الزواج مباح بشرط أن يستوفي شروط النكاح الشرعية من حضور الولي والرضا بين الزوجين ووجود شاهدين عدلين أثناء العقد، وأن يَسْلم الزوجين من وجود مانع لإتمام الزواج.

واستدل الشيخ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:

“المسلمون على شروطهم”.

وأضاف رحمه الله بأن الزوجة إذا اشترطت على زوجها أن تبقى في بيت أهلها، أو أن زوجها يأتيها نهارًا لا ليلًا، أو أنه يأتيها في أيامٍ معينةٍ دون غيرها، فلا بأس بذلك لكن يشترط إعلان عقد الزواج وعدم الإخفاء.

رأي الشيخ الألباني في زواج المسيار

أجاب الشيخ الألباني عن سؤال ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ فكانت إجابته رحمه الله بعدم جواز هذا النكاح ووجوب منعه، وحجته في ذلك أن القصد من الزواج هو “السكن” وهو ما لا يتوفر في زواج المسيار.

واستدل على ذلك بقوله عز وجل:

“ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرونَ”.

وأضاف الشيخ أن عدم تواجد الزوج ببيته سيؤثر حتمًا على تربية الأبناء وعلى أخلاقهم.

رأي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ

قال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن شرط عقد الزواج الصحيح، يكون بتعيين الزوجين ووجود الولي وحضور الشاهدين ورضا طرفي العقد، فعند توافر الشروط وإعلان الزواج ولم يسر لا من قبل الزوج ولا الزوجة أو وليها، وأقام الزوج وليمة العرس، فإن ذلك يعتبر نكاحًا سليمًا صحيحًا، بغض النظر عن تسميته.

ما الفرق بين زواج المسيار وزواج النهاريات والليليات؟

تقدم الحديث عن ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ وذكرنا آراء العلماء المعاصرين في شأنه، ولم نذكر آراء العلماء القدامى لأن زواج المسيار لم يكن معروفًا عندهم بشكله الحالي، إنما هو من أنواع الزواج المستحدثة في عصرنا الحديث، ولكن:

  • لكن نود القول أن زواج المسيار وإن كان حديثًا في مسماه إلا أنه قديمًا في معناه وروحه، فقد وُجِد شبيه له منذ قرون وذكره الفقهاء في كتبهم وهو زواج النهاريات أو الليليات.
  • وفي هذا النوع من الزواج يشترط الرجل على زوجته أن يعيش معها في النهار فقط ولا يأتيها في الليل، أو يحدث العكس بأن يشترط عليها أو تشترط هي عليه أن يبيت عندها في الليل فقط دون النهار.
  • أما عن حكمه فقد منعه بعض العلماء ومنهم من تقبله مع أن شرطه فاسد وذهب بعض العلماء لكراهيته.
  • ويَفْرِق هذا الزواج عن المسيار أن زوجات النهاريات أو الليليات يذهبن إلى منازل الأزواج ولا يملكن منازل أخرى، وأن تنازل الزوجة في المسيار عن حقها في مبيت زوجها عندها، لها أن ترْجِع فيه بمعنى أن هذا التنازل ليس ملزمًا لها.

ما الفرق بين زواج المسيار والزواج العرفي؟

بعد أن وضحنا ما هو زواج المسيار وما حكمه؟ نتعرض للزواج العرفي الموافق للشرع والفرق بينه وبين زواج المسيار:

  • فالزواج العرفي الموافق للشرع مثله مثل عقد النكاح الصحيح المستوفي للشروط والأركان، لكنه لا يُوثَّق رسميًا في الجهات الحكومية المختصة.
  • يختلف زواج المسيار عن الزواج العرفي الموافق للشرع، فالأول يوثق رسميًا في الجهات الحكومية، أما العرفي فإنه لا يتم توثيقه أبدًا وإن كان معلنًا عرفيًا.
  • يختلف الزواج العرفي عن المسيار في أن العرفي يسري عليه ما يسري على الزواج الصحيح، فيكون للمرأة حق شرعي في المبيت والإنفاق، أما في زواج المسيار فإن المرأة تُسقِط عنها حقها في المبيت والنفقة.

ما الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة؟

يختلف زواج المتعة عن زواج المسيار من عدة أوجه منها:

  • زواج المتعة محدد بزمن معين، لكن المسيار ليس محدد بوقت ولا ينتهي إلا بالطلاق الصريح.
  • لا يوجد طلاق في زواج المتعة ويتم فراقهما بانتهاء المدة المتفق عليها، بعكس زواج المسيار فلابد فيه من طلاق.
  • زواج المتعة لا تسري عليه أحكام الزواج الشرعي من النفقة والسكن والطلاق وعدة الزوجة والتوارث بين الزوجين، لكن يتم فقط إثبات نسب الأبناء، أما المسيار فتسري عليه جميع أحكام الزواج الشرعية بخلاف وجوب النفقة والمبيت أو السكن.
  • لا يشترط في زواج المتعة وجود الولي أو الشهود، لكن في المسيار يشترط لصحة العقد وجود الولي والشهود.
  • في زواج المتعة يتمتع الرجل بعدد غير محدد من النساء، لكن في المسيار ليس له إلا التعدد الشرعي بأربع نساء فقط، حتى وإن كان زواجه منهن جميعًا زواج مسيار.

أسباب زواج المسيار للمرأة

تلجأ المرأة للزواج عن طريق المسيار لعدة أسباب نذكر منها:

  • الخوف من العنوسة بسبب تعقيدات أمور الزواج وارتفاع تكاليفه، مما يدفعها للتساهل مع الزوج والتخفيف عنه.
  • ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع مما يهدد بناء الأسرة، فتلجأ المرأة المطلقة للبحث عن رجل يحميها وتعيش في رعايته.
  • لكي تعف المرأة نفسها عن الحرام وتشبع رغباتها الجنسية، فلا شك أن المرأة مثلها مثل الرجل تحتاج لإشباع غريزتها في إطار شرعي.
  • رغبة المرأة في الأمومة فهي غريزة فطرية وضعها الله فيها، فخوفها من كبر سنها يجعلها تفقد الأمل في أن تصبح أمًا.
  • عندما تكون المرأة مقتدرة ماديًا تستطيع التنازل بسهولة عن بعض حقوقها كالمهر مثلًا أو حقها في توفير مسكن لها.
السابق
جدول مقاسات أحذية الأطفال حسب العمر
التالي
الاستعلام عن تأشيرة السعودية برقم الجواز 1442

اترك تعليقاً