الأسرة في الإسلام

مظاهر الاحسان الى ذوي القربى

مظاهر الإحسان في القرآن

من مظاهر الإحسان

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [سورة لقمان: 3].

إنَّ أولى الناس برحمة الله تعالى هم أهل الإحسان.

وَالإِحْسَانُ فِي كلِ شَيءِ أَعْلَاه وَذِرْوَتُه:

فَالإِحْسَانُ فِي الاعتقادِ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ لِجِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْإِحْسَانُ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»[1].

وَالإِحْسَانُ فِي العَطَاءِ أن تُعْطِي بِغَيرِ حِسَابِ: «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ»[2].

وكذلك أَنْ تنفقَ على مَنْ لا تلزمك نفقَتُهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾[3].

حتى عِنْدَ الطلاقِ فقد أَمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ الزوجَ بالإحسان في الطلاق، الذي هو حَدَثٌ مؤلمٌ إذا كان لا بد منه، وأن يجعل من إحسانهِ مكافأةً لنهاية عِشْرَته مع الزوجةِ، فيحسن إليها في الطلاق؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾[4].

يحسن إليها بأداء حقوقها، ويحسن إليها بالمتعة، ويحسن إليها بحفظها في أولادها، ويحسن إليها بحفظ أسرارها، ويحسن إليها بستر مساوئها وذكر فضائلها، ألم يقل الله تعالى: ﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾؟ [5]

وَلا يَجْعَلُ مِنْهَا أُحْدُوثَةً، تَلُوكُهَا ألسنةَ الحُسَّادِ، أوْ فَاكِهَةً يُتَفَكهُ بهَا فِي الْمَجَالِسِ، ليُشفي غيظًا، أو يطفئ حقدًا.

ومن كان من أهل الإحْسَانِ كان أولى الناس بإحْسَانِ اللهِ إليه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ﴾.

واللهُ تعالى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، حتى فِي ذَبْحِ البَهِيمَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا – أَوْ قَالَ: إِنِّي أَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا – فَقَالَ: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا، رَحِمَكَ اللَّهُ»

طرق الإحسان

مظاهر الإحسان في الحياة اليومي

مظاهر الإحسان في حياتنا اليوميّة فهي كثيرة، وأهمّها ما يأتي:

الإحسان في عبادة الله عزوجل

الإحسان في العبادات يعني أن يؤدي الإنسان عبادته مهما كان نوعها من صلاة، أو صيام، أو حج، أو غيرها بالطريقة الصحيحة والسليمة، واستكمال شروطها وأركانها، واستيفاء سننها وآدابها، وهذا لا يتمّ للعبد إلا إذا كان شعوره قوياً بمراقبة الله عزوجل.

الإحسان إلى الوالدين

يكون الإحسان إلى الوالدين ببرهما وطاعتهما في غير معصية الله عزّ وجل، والاستماع إلى توجيهاتهم ونصائحهم وطلب استشارتهم والأخذ برأيهم حتى لو لم يعحبنا الرأي أو النصيحة، فيجب أن نظهر دائماً لهم بأننا لا نستغني عن آرائهم، ومحاولة توفير حاجاتهم ورغباتهم الداخلية وما يتمنون بكل فرح وسرور دون لفظ أو نطق عبارات جارحة، والصبر على تغيّر نفسياتهم وطباعهم عند كبرهم، وتقديم الهدايا التي تبهج قلوبهم.

الإحسان إلى الجار

لا شكَّ أن مظاهر الإحسان إلى الجار عديدة، ومن أهمّ هذه المظاهر ردّ السلام عليه وإجابة دعوته، وكفّ الأذى عنه، وتحمّل ما يصدر منه، والبِشر في وجهه، وتفقّده وقضاء حوائجه، وستره، وصيانة عرضه. الإحسان إلى اليتامى والمساكين الإحسان لليتامى يكون بالمحافظة على أموالهم، وصيانة حقوقهم، وتأديبهم وتربيتهم على مكارم الأخلاق، والرأفة بهم، والمسح على رؤوسهم، بينما يكون للمساكين بسدِّ جوعهم، وستر عورتهم، وعدم احتقارهم أو السخرية منهم أو تحقيق الضرر لهم.

الإحسان إلى الحيوان

من صور الإحسان إلى الحيوان إطعامه والاهتمام به، وحدُّ الشفرة عند ذبحه، وأن لا تحدَّ الشفرة أمامه، وعدم تحميله أكثر من طاقته، والرفق به، وعدم ضربه أو تعذيبه أو حبسه لفترة زمنية طويلة.

الإحسان إلى ذوي القربى

الإحسان إلى الأقربين يكون بصلة الأرحام وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع الشرور عنهم، وتختلف صور الإحسان حسب حاجة الموصول وقدرة الواصل، فإذا كان القريب الموصول محتاجاً لشيء معين والواصل قادراً على فعله فإنه سيصله بهذا الشيء، لهذا فإن الإحسان إلى ذوي القربى ووصالهم يختلف حسب قرب الرحم منَّا وبعدهم عنَّا، وبشكلٍ عام يكون الإحسان إليهم بزيارتهم واستضافتهم وتفقّدهم والسؤال عنهم وتقديم المال لهم كصدقة أو هدية.

الإحسان في الجدال والكلام

مجادلة الناس بأحسن وأفضل طرق المجادلة حتى يظهر الحق وتبطل الأفكار الفاسدة، ويكون الإحسان في الكلام بمخاطبة ومحاورة الناس بالكلمات الطيبة.

أنواع الإحسان

أنواع الإحسان اعلم أن دين الإسلام مبني على أمرين الاعتقاد والعمل فالله سبحانه أشار الى الأول بقوله أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وإلى الثاني بقوله وَهُوَ مُحْسِنٌ أي في الانقياد لربه بأن يكون آتيا بجميع ما كلفه به على وجه الإجلال والخشوع وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الموافقة لذين الإسلام، ومن هنا سنبين أنواع الإحسان:

• الإحسان مع الله

يكون الإحسان مع الله بحسن العبادة أي أن يعبد الإنسان ربه كأنه يراه فيأتي من العبادة أفضلها وأكملها، في عبده كأنه يراه، وذلك أعلى أنواع الإحسان “أن تعبد الله كأنك تراه”، إذا لم تعبد الله كأنك تراه وتطلبه، فاعبده كأنه هو الذي يراك عبادة خائف منه، هارب من عذابه وعقابه، متذلل له “فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

• الإحسان مع الخلق

إحسان إلى عباد الله تعالى، وذلك بإيصال جميع أنواع الخير لهم، ومن أعظم الإحسان إلى الخلق دعوتهم إلى الله، وتعليمهم ما ينفعهم في دينهم، وما يكون سبباً لسعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة وأعظم الناس إحساناً إلى الخلق هم الأنبياء وأتباعهم الذين يحملون الخير للبشرية

 • الإحسان مع الحيوانات

حثت النصوص على أن الإحسان إلى الحيوانات والرفق بهم هو من الإحسان، وأن الإحسان إليهم يؤدي إلى المغفرة والرحمة من الله تعالى، بل هو من أقوى أسباب المغفرة الله تعالى للإنسان.

أمثلة على الإحسان

فوائد الإحسان

1- للإحْسَان ثمرة عظيمة تتجلَّى في تماسك بنيان المجتمع، وحمايته مِن الخراب والتَّهلكة ووقايته مِن الآفات الاجتماعيَّة.
2- المحسن يكون في معيَّة الله عزَّ وجلَّ، ومَن كان الله معه فإنَّه لا يخاف بأسًا ولا رهقًا.
3- المحسن يكتسب بإحسانه محبَّة الله عزَّ وجلَّ.
4- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة حيث يكونون في مأمن مِن الخوف والحزن.
5- المحسن قريب مِن رحمة الله عزَّ وجلَّ.
6- الإحْسَان هو وسيلة المجتمع للرُّقي والتَّقدُّم، وإذا كان صنوه، أي: العدل وسيلة لحفظ النَّوع البَشَريِّ فإنَّ الإحْسَان هو وسيلة تقدمه ورقيِّه؛ لأنَّه يؤدِّي إلى توثيق الرَّوابط وتوفير التَّعاون.
7- الإحْسَان وسيلة لإزالة ما في النُّفوس مِن الكدر وسوء الفهم وسوء الظَّنِّ ونحو ذلك.
8- الإحْسَان في عبادة الخالق يمنع عن المعاصي.
قال ابن القيِّم: (فإنَّ الإحْسَان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي، فإنَّ مَن عبد الله كأنَّه يراه، لم يكن كذلك إلَّا لاستيلاء ذكره ومحبَّته وخوفه ورجائه على قلبه، بحيث يصير كأنَّه يشاهده، وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية، فضلًا عن مواقعتها، فإذا خرج مِن دائرة الإحْسَان، فاته صحبة رفقته الخاصَّة، وعيشهم الهنيء، ونعيمهم التَّام، فإن أراد الله به خيرًا أقرَّه في دائرة عموم المؤمنين)  .
9- الإحْسَان إلى النَّاس سببٌ مِن أسباب انشراح الصَّدر:
الذي يحسن إلى النَّاس ينشرح صدره، ويشعر بالرَّاحة النَّفسيَّة، وقد ذكر ابن القيِّم في (زاد المعاد) أن الإحْسَان مِن أسباب انشراح الصَّدر، فقال: (… إنَّ الكريم المحسن أشرح النَّاس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق النَّاس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا)   .
10- الإحْسَان إلى النَّاس يطفئ نار الحاسد.
(إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحْسَان إليه، فكلَّما ازداد أذًى وشرًّا وبغيًا وحسدًا ازددت إليه إحسانًا، وله نصيحةً، وعليه شفقةً، وما أظنُّك تصدِّق بأنَّ هذا يكون، فضلًا عن أن تتعاطاه، فاسمع الآن قوله عزَّ وجلَّ: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصِّلت: 34-36] وقال: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [القصص: 54]… هذا مع أنَّه لا بدَّ له مع عدوِّه وحاسده مِن إحدى حالتين، إمَّا أن يملكه بإحسانه فيستعبده وينقاد له ويذلُّ له، ويبقى مِن أحبِّ النَّاس إليه، وإمَّا أن يفتِّت كبده ويقطع دابره إن أقام على إساءته إليه، فإنَّه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه ومَن جرَّب هذا عرفه حقَّ المعرفة، والله هو الموفق المعين بيده الخير كلِّه لا إله غيره، وهو المسؤول أن يستعملنا وإخواننا في ذلك بمنِّه وكرمه

الإحسان إلى الناس

إنّ الإحسان إلى الناس يعني الإنعام عليهم، وهناك إحسان بين العبد وربّه، وهذا الإحسان أعلى مراتب الدين، وهي أن يعبد العبد الله كأنّه يراه، ومن الإحسان أن يسعى العبد إلى نفع الناس وكشف كربهم، وهو من صفات الأنبياء عليهم السلام، فيبّر المسلم بالخلق ويحسن إليهم، فيخدمهم، ويسايرهم، وهذا دليل على نقاء السريرة وصفاء القلب، كما أنّ المحسنين إلى الناس هم أول المستفدين من الإحسان، فيجنون ثمرات ذلك في أنفسهم وأخلاقهم، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا ۛإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

الإحسان مع الله

السابق
فوائد زيت إكليل الجبل للبشرة
التالي
كيفية علاج تجاعيد الجبين

اترك تعليقاً