العلوم الإنسانية

كيف ظهرت الفلسفة

نشأة الفلسفة تعريفها وأهميتها

الفلسفة

  • الفلسفة اصطِلاحاً يختلف تعريف الفلسفة اصطِلاحاً عند الفلاسفة؛ إذ يُعرّفها الفارابي بأنّها: (العلم بالموجودات بما هي موجودة)، أمّا عند الكنديّ فإنّ الفلسفة هي: علم الأشياء بحقائقها الكليّة؛ حيث يُؤكّد أنّ الكُليّة هي إحدى خصائص الفلسفة الجوهريّة التي تُميّزها عن غيرها من العلوم الإنسانيّة، ويرى ابن رُشد أنّ التّفكير في الموجودات يكون على اعتبار أنّها مصنوعات، و(كلّما كانت المعرفة بالمصنوعات أتمّ كانت المعرفة بالصّانع أتمّ)، أمّا إيمانويل كانت فيرى أنّ الفلسفة هي المعرفة الصّادرة من العقل
  • تعد الفلسفة أم العلوم كلها منذ ظهورها، بحيث كان الفيلسوف حينها يهتم بالعلوم الطبيعية والإنسانية معاً، يالبحث عن تفسير للظواهر الطبيعية والإنسانية على حد سواء، وغالبا ما يكون الفيلسوف قائداً أو ذو مكانة سياسية في مجتمعه، وكان يعتبر بصفته الأهم قائداً فكريا للمجتمع كونه ادخر عقله للتفكير بقضايا تهم أي كائن بشري في محاولة لتفسيرها وتحليلها.

ظهور الفلسفة

  • ظهرت الفلسفة بداية كأقدم تاريخ وصلنا عنها في القرن السادس قبل الميلاد على يد الفيلسوف طاليس 625 – 547 ق.م، على شاطئ أيونا وبدأت حقبة الفلسفة اليونانية القديمة كما نسميها اليوم حتى وصلت الفيلسوف سقراط في القرن الثالث قبل الميلاد 470 – 399 ق.م، بدأت الفلسفة بأسئلة محورية أهمها: تعرف ما هو أصل الوجود؟ وتعرف على ما هى طبيعة الأشياء؟ وهل يوجد عنصر ثابت لأصل الأشياء أم عنصر متغير؟
  • بدأت في الفلسفات القديمة عدة تفسيرات لأصل الأشياء أشهرها تفسير الفيلسوف ديمقريطس الذي عاش بالفترة بين طاليس وسقراط، والذي يقول بأن أصل كل شيء هو ذرات صغيرة متماسكة تتجمع بعضها فتكون الشيء كائنا كان أم جماداً لتعود وتتحلل وتتشكل على شكل آخر بعد زوال هذا الشيء، وهذه الذرات الصغيرة مكونة من أربع عناصر أساسية هي النار والهواء والماء والتراب، فالإنسان مثلا بالنسبة لديمقريطس مكون من هذه العناصر الأربعة المجتمعة على شكل ذرات، وبعد موته يتحلل، لتنفصل العناصر والذرات عن بعضها منطلقة لتعود وتشكل شيئاً آخر، وكان هذا التفسير سابقاً لعصره بشكل مبهر فنحن الآن نعلم عن طريق العلم أن كل شيء مكون من ذرات صغيرة تتحلل في حال انتهاء وجود الشيء لتعود إلى التراب أو الهواء وغيرها، وهذا ما جعل تفسير ديمقريطس لأصل الأشياء الأكثر شهرة حتى يومنا هذا.
  • بحكم مدن اليونان كانت مستقرة اجتماعياً وأمنياً وحدودها معروفة ولديها نظام تعيش وفقه على عكس المدن الأخرى التي كانت مشغولة في الحروب والغزوات إن كان في الغرب أو في الشرق ابتدأ اليونانيون التفكير في تحسين ظروف هذا المجتمع المتمدن منذ القدم وذلك بالبدأ في الالبحث عن أهداف الإنسان في الحياة ومنها تم البحث فلسفيا في مواضيع مثل الخير والشر والحدود والمباحات، فظهرت كتابات فلسفية عديدة تعنى بالالبحث عن ماهية الخير والشر وتعرف ما هو الذي يمنح الإنسان السعادة، فظهرت فلسفات مثل الفلسفة الرواقية، والفلسفة الأبيقورية، بحيث ترى الأولى أن المعرفة هي سر السعادة، ولكن نُقِضت هذه الفلسفة على يد سقراط كون الذين كانوا يروجون لها كانوا يستغلون ذلك لاستغلال الناس، ويقومون بطرح ما لديهم ويلتفون على الموضوع ويجعلونه مناسباً لمصالحهم، أما الأبيقورية فكان مبدأها أن الإنسان يحصل على السعادة عبر تجنب الألم والألم بدوره ينتج عن ما يحب وما يكره إذا زاد عن حده، فمثلا كثرة الطعام تؤدي لآلام في البطن مما يجعل الإكثار فيه شراً وهكذا.

أهمية الفلسفة :أهمية الفلسفة للفرد

  • تنمّي القدرات والمهارات عند المتعلم.
  • تقوّي السلوك العقلاني المنظم في الحياة النفسية، والاجتماعية، والفكرية، والدراسية للمتعلم، وتعززه.
  • تعزز امتلاك الثقافة الفلسفية والعلمية والقدرة على التعبير الدقيق، واليقظة الفكرية المنطقية والصارمة، والمراقبة الذاتية خلال الحوار الفلسفي والتعبير والتفكير.
  • تنمّي القدرة على مواجهة المشاكل، وإيجاد الحلول وبرهنتها. تزيد القدرة على الفهم، والاستدلال الصحيح، والقراءة، والتعبير.
  • تنمّي القدرة على التركيب، والتنظيم، والتحليل، والتصنيف، والتعليل. تنمّي وعي المتعلم لمحيطه وذاته.
  • تنمّي القدرة على إصدار الأحكام، والنقد، واتخاذ المواقف. تعرّف الفرد على التراث الفلسفي الإنساني، وتزيد قدرته على التجاوب معه.
  • توعّي الفرد بمبادئ حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، وتمثلها، وتساهم في الدفاع عنها.

أهمية الفلسفة للمجمتع

  • تزوّد المجمتع بمبادئ، وأصول، وغايات النظام الاجتماعي والتربوي اللذين يحكمان المجمتع، والحياة الاجتماعية فيه.
  • تعتبر مصدراً للمنظومة التربوية التي تتكون من المدرسة، والأسرة، والمجتمع التي تستمد مناهجها، ومبادءها، ومادتها، وغاياتها، وأهدافها من فلسفة المجتمع خاصةً وفلسفة الحياة عامةً.
  • تنشئ أفراد المجتمع نشأةً اجتماعية، عن طريق تربية الأطفال، وتثقيف الأفراد بشكلٍ مستمر، وبذلك يعي الفرد وجوده الاجتماعي، والذاتي معاً. تعرّف الفرد على الأصول الفلسفية للثوابت الوطنية.

متى ظهرت الفلسفة الإسلامية

  • ظهور الفلسفة الإسلاميّة تشير الكتب التاريخيّة إلى أنّ المسلمين قد عرفوا الفلسفة بعد اختلاطهم باليونانييّن القُدماء؛ ودلالة ذلك أنّ كلمة الفلسفة هي مصطلح يوناني الأصل تم تعريبه، وهو بالأصل فيلاسوفيا ومعناه محبة الحكمة؛ وفق ما جاء في كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمي عام 997م، المصادف 387 للهجرة، ويُشار إلى أنّ العلّامة المسلم الكندي هو أول فيلسوف مسلم سطع نجمه عام 252 هجري. يجدر بنا القول بأنّ الفلسفة الإسلاميّة موجودة منذ الأزل، منذ لحظة نزول القرآن الكريم؛ حيث يرادف كلمة فلسفة كلمة حكمة وهي ما جاء ذكره في القرآن الكريم، وتُستخدم غالباً بدلاً من الفلسفة التي تعتبر دخيلة إلى الفكر العربي الإسلامي؛ ويعتبر القرن التاسع هو عصر الذروة التي بلغتها الفلسفة الإسلاميّة بعد اطلاع المسلمين على الفلسفة اليونانيّة القديمة ولكن ليس عام ظهورها.

أين ظهرت الفلسفة الإسلامية

  • بدأت الفلسفة الإسلاميّة المبكّرة مع يعقوب بن اسحاق الكندي في القرن الثاني من التقويم الإسلامي (أوائل القرن التاسع الميلادي) وانتهت مع ابن رشد في القرن السادس الهجري (أواخر القرن الثاني عشر الميلادي)، وتزامن ذلك -على نطاق واسع- مع الفترة المعروفة باسم العصر الذهبيّ للإسلام. تميّزت وفاة ابن رشد بنهاية تخصّص معيّن من الفلسفة الإسلامية يدعى عادةً بالمدرسة المشّائيّة العربية بشكلٍ فعليّ، وانخفض النشاط الفلسفيّ بشكلٍ كبير في الدول الإسلامية الغربية مثل الأندلس وشمال إفريقيا.
  • استمرّت الفلسفة الإسلاميّة لوقت طويل في البلدان الشرقيّة الإسلاميّة، ولا سيما في الدولة الصفويّة الفارسيّة وفي الإمبراطوريات العثمانيّة والمغوليّة، حيث واصلت العديد من مدارس الفلسفة ازدهارها: السينوية (نسبةً إلى ابن سينا)، والرشدية (نسبةً إلى ابن رشد)، والفلسفة الإشراقيّة، والفلسفة الصوفيّة، وفلسفة الحكمة المتعالية، وفلسفة أصفهان.
  • قدّم ابن خلدون، في مقدّمته مساهمات مهمّة في فلسفة التاريخ. زداد الاهتمام بالفلسفة الإسلاميّة خلال حركة النهضة العربية “اليقظة” في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، واستمرّ حتى يومنا هذا.
  • كان للفلسفة الإسلاميّة تأثير كبير في أوروبا المسيحيّة، بحيث أدّت ترجمة النصوص الفلسفيّة العربيّة إلى اللاتينيّة “إلى حدوث تحوّل في جميع التخصّصات الفلسفيّة تقريبًا في العالم اللاتيني في العصور الوسطى”، مع تأثير قويّ بشكل خاصّ للفلاسفة المسلمين المتخصّصين بالفلسفة الطبيعية وعلم النفس والميتافيزيقيا.

نشأة الفلسفة في الشرق القديم

  • إن أصل الفكر الفلسفي وأصل الفكر العلمي هو الشرق القديم وليس اليونان. إن التاريخ المكتوب للحضارات الشرقية القديمة يعود إلى حوالي القرن الأربعين قبل الميلاد، بينما لم يكن لبلاد اليونان وجود أصلاً في ذلك التاريخ. فكيف نتصور أن الإنسان ظل خلواً من التفكير العقلي الفلسفي أو العلمي كل هذه القرون ليبدأ فقط مع اليونان وفي القرن السادس قبل الميلاد!!
  • إن دراسة فكرنا الشرقي القديم وتحليل نصوصه بعد التنقيب عن ما لا يزال مختفيا منها هو واجب علمي على أبناء تلك الحضارات الشرقية قبل أن يكون واجبا على مؤرخي الحضارة من الغربيين. والحقيقة التي أود الإشارة إليها أن لهؤلاء المؤرخين والآثاريين الغربيين كل الفضل في الكشف عن وثائق وبرديات الحضارات الشرقية القديمة وفي لفت الأنظار إلى أهمية الحضارات الشرقية القديمة ودورها الخطير في التأثير على نشأة الحضارة الغربية في بلاد اليونان. وما نفعله نحن الآن هو مجرد تأكيد على هذا الاتجاه في العودة إلى التأريخ الفلسفي بدءا من مساهمات الحضارات الشرقية القديمة رافضين خرافة المعجزة اليونانية في نشأة الفلسفة والعلم.

عوامل ظهور الفلسفة الإسلامية

العوامل الداخلية

  • الحروب الداخليّة التي نشأت في المجتمعات الإسلاميّة، والتي ساعدت على تطويرِ شكل النقاش في المواضيع العقائديّة تحديداً، ونتج عنها أسئلة جديدة وكثيرة تتمحورُ حولَ ارتكاب أفعال معيّنة، أو وجود أفعال تتعلّق بالعبادة، إضافةً إلى حريّة اختيار المكلّف وغيرها الكثير.
  • الفتوحات الإسلاميّة نتيجةَ إدخالها للكثير من غير المسلمين والذين ينتمون إلى شعوب مختلفة، حيث لم تتمكّن الدعوة العاجلة من السيطرة على وعي هؤلاء المسلمين، وتحريرهم من الترسّبات السابقة المتعلّقة بأديانهم.
  • توحيد جميع الفرق والديانات التي كانت منتشرة خلال حياة الرسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، من خلال نقض أقوالهم وتكذبيها وفقاً للحجج والأدلة المنطقيّة، فسار المسلمون على نهجِ القرآن من حيث الردّ على أقوال المخالفين؛ بإنشاء ما يسمّى الفلسفة الإسلاميّة.
  • انتهاء المسلمين من الفتوحات، والاستقرار والنظر والبحث حولَهم في جميع الأمور، الأمر الذي أدّى إلى اختلافهم في الكثير من وجهات النظر، وبالتالي اختلافِ الآراء والمذاهب.
  • الاختلاف في الكثير من المسائل السياسيّة الذي أدّى إلى خلافات دينيّة.

العوامل الخارجية

  • دخول الكثير من الناس الذين ينتمونَ لديانات مختلفة ومتنوّعة إلى الإسلام، من يهود، ومجوس، ونصارى، وصائبيّين، وبراهمة وغيرهم، حيث عملوا على إظهار معتقدات دياناتهم السابقة على الشكل الدينيّ الجديد لهم.
  • جعل الفرق الإسلاميّة الأولى، تحديداً المعتزلة منها، همّها الأول والوحيد هو الدفاع عن الدين الإسلاميّ، والردّ على مخالفيهِ وهذا ما جعل من البلاد الإسلاميّة عرضةً كبيرة لتنوّع واختلاف الآراء والديانات، حيث كانت كلّ فرقة تحاول إظهار وإبداء رأيها وإبطال المخالف منها.
  • قراءة الفلسفات اليونانيّة والحاجة إلى التكلّم عنها والنطق بها؛ من أجل الردّ عليها وإيجاد فلسفات خاصّة بالمسلمين.
السابق
كيف يعمل البنج
التالي
أكبر ثعبان في العالم

اترك تعليقاً