تعليم

9 نصائح للتعلم الفعال عن بعد

9 نصائح للتعلم الفعال عن بعد

إذا كنت تخضع لدورة أو تسعى إلى نيل شهادة جامعية في الوقت الحالي، فمن المحتمل أن تتلقى معظم دروسك من المنزل بدلاً من التواجد في مكان فعلي؛ وهذا ما يُسمَّى التعلم عن بُعد، والذي ترافقه غالباً بعض التحديات الفريدة.

فكيف تتعلم بفاعلية عن بُعد؟ وكيف يمكنك استيعاب المادة والتعلم بوتيرة متسارعة؟ والأهم من ذلك، كيف تجد المتعة فيها وتحافظ على الحافز في التعلم؟ هذا ما سوف تتعلمه في هذا المقال.

لقد قسمنا المقال إلى ثلاثة أجزاء:

  • تعلم طريقة إعداد بيئة التعلم خاصتك لزيادة كفاءتك عند التعلم عن بُعد.
  • توضيح كيف يمكنك أن تعد نفسك عقلياً للتعلم؛ فإذا لم تكن مستعداً للتعلم وتلقي المعلومات، فلن تستوعب المادة بسهولة.
  • شرح كيف يمكنك بسهولة تطبيق أكثر تقنيات التعلم السريع فاعلية.

ما هو التعلم عن بُعد؟

إنَّه لمن السهل الخلط بين التعلم عن بُعد والتعلم عبر الإنترنت؛ لذا من الهام جداً قبل البدء تحديد ماهية التعلم عن بُعد وكيف يختلف عن التعلم عبر الإنترنت.

إنَّ الفارق الرئيس بينهما هو أنَّ التعلم عن بُعد يشير إلى تصميم الفصول الدراسية أو الدورات التدريبية لتُدرَّس شخصياً عبر الإنترنت، كما يحدث الآن خلال جائحة كورونا؛ في حين أنَّ التعلم عبر الإنترنت (التعليم الإلكتروني) هو عندما تُصمَّم الفصول الدراسية خصيصاً لتُؤخَذ عبر الإنترنت، كالدورات التي تُدرَّس في موقع يوديمي (Udemy) أو إيديكس (EdX).

كيف تُجهِّز بيئة جيدة للتعلم الفعال؟

قبل البدء ببعض تقنيات التعلم السريع الأكثر تقدماً، نحتاج إلى ذكر بعض الأساسيات أولاً؛ فقد يكون من الصعب دون هذه الأساسيات التطبيق الفعال لتقنيات التعلم السريع التي سنتحدث عنها لاحقاً:

1. تخصيص مساحة للتعلم:

لتتعلم بفاعلية، يجب عليك أن تركز تركيزاً جيداً على ما تتعلمه؛ حيث إنَّ وجود مساحة تعليمية مخصصة معدة بطريقة تُشعِرك بالراحة مفيدٌ جداً للتركيز، ويجد الكثير من الأشخاص أنَّ هذا الأمر مفيد للغاية، ويرجع ذلك إلى سببين:

  • الارتباط: بما أنَّك تربط هذه المساحة بالتعلم، فستكون أقل تشتتاً، وتجد أنَّه من السهل الوصول إلى الحالة الصحيحة من الصفاء الذهني الذي يؤدي إلى التعلم الفعال.
  • جعل التعلم حدثاً ممتعاً: إذا كان لديك مساحة لطيفة مع جو مريح، فمن المرجح أن تربط التعلم بشيءٍ تستمتع به.

2. التخلص من المشتتات:

بمجرد إعداد بيئة التعلم المخصصة، تخلص من كل مصادر التشتيت، والتي تشمل كل شيء، بدءاً من الأشخاص والتلفاز والراديو وعلامات التبويب المفتوحة الأخرى على جهاز الكمبيوتر، ووصولاً إلى هاتفك المحمول.

كلنا مختلفون، ويتشتت انتباهنا بأشياء مختلفة؛ لذا، عند معرفة ما يشتتك، تخلص منه؛ حيث يساعدك ذلك على معرفة نفسك، والتركيز على ما تريد تعلمه.

3. تخصيص وقتٍ للتعلم:

إذا لم يكن التعلم أو الدراسة هو النشاط المفضل لديك، فسيساعدك تخصيص وقت محدد كل يوم للتعلم على التغلب على ذلك؛ فعندما تقطع وعداً على نفسك بالالتزام بوقت صارم لمراجعة ملاحظاتك وتعديلها، فلن يكون لديك خيار آخر عندما يحين ذلك الوقت؛ أمَّا إذا كان الخيار متروكاً لك تماماً لاختيار موعد الدراسة، فيمكنك في هذه الحالة تأجيلها أحياناً؛ ونتيجة لذلك، لن تتمكن من ترسيخ عادة الشروع في الدراسة، فالعادة هي أعظم حليف لك لأنَّ لديها قدرة غير عادية على تسهيل الأمور الصعبة.

يقول جريج ماكيون (Greg McKeown) في كتابه المذهل “الجوهر” (Essentialism): “إنَّ تعلم مهارات جديدة أساسية ليس بالأمر السهل؛ لكن بمجرد إتقانها وجعلها تلقائية، نحظى بانتصار هائل؛ ذلك لأنَّ المهارة تبقى معنا لبقية حياتنا، وينطبق الشيء نفسه على الروتين”.

تهيئة دماغك للتعلم الفعال:

يمكن أن يكون ما تفعله قبل جلسة التعلم بأهمية ما تفعله في أثناء الجلسة؛ فإذا لم تكن في حالة ذهنية تُمكِّن عقلك من تلقي المعلومات الجديدة بسهولة، فقد تُهدِر نصف جلسة التعلم خاصتك.

سنقدم لك في القسم التالي 3 نصائح حول طريقة الوصول إلى الصفاء الذهني الصحيح حتى تتمكن من الوصول إلى حالات التركيز الشديد واستيعاب المادة بسهولة:

4. التطلع إلى جلسة تعلم خاصة:

يقول جيم كويك (Jim Kwik)، الخبير المشهور عالمياً في التعلم والذاكرة: “يعتمد التعلم على الحالة النفسية والمزاجية”، ويعني هذا أنَّ حالتك المزاجية تؤثر في مدى كفاءة تعلمك، ونقدم لك فيما يأتي طريقة عمل الذاكرة وفقاً لجوشوا فوير (Joshua Foer)، مؤلف الكتاب الرائع “المشي على سطح القمر مع أينشتاين” (Moonwalking with Einstein): “أنت ستتذكر الأشياء عندما تربطها بحدث ما، فإذا كنت في عطلة أو كانت لديك تجربة رائعة، فمن المحتمل أن تتذكر هذا الحدث لأنَّ له تأثيراً عميقاً في عواطفك؛ ونتيجة لذلك، فمن المحتمل جداً أنَّك ستتذكر الكثير ممَّا قيل لك في ذلك الحدث لأنَّك تربط ما قيل بما شعرت به عاطفياً خلاله”.

البشر مخلوقات عاطفية بشكل لا يصدق، حيث تتأثر الطريقة التي نتعلم بها الأشياء ونحفظها أيضاً بحالتنا العاطفية؛ فإذا كنت تواجه مشكلة في التعامل بحماسة مع جلسات التعلم، فحاول أن تدرك ما هو الشيء العظيم فيه؛ فبالنسبة إلى العديد من البالغين، التعلم هو أكثر الأشياء متعة التي ستحدث اليوم، واستراحة من العمل وجميع الالتزامات.

الآن، سنقدم لك أداة بسيطة وفعالة من شأنها اختراق عقلك للتطلع إلى جلسة التعلم خاصتك، حيث سيأخذك هذا إلى حالة ذهنية متحمسة وإيجابية.

5. تحديد النوايا:

طور مؤسس ميندفالي (Mindvalley) فيشين لاخياني (Vishen Lakhiani) أداة عقلية رائعة تُسمَّى تحديد النية التي تهيئ يومك للنجاح، فهي الأداة المثالية إذا كنت تسعى دون جدوى إلى البقاء إيجابياً فيما يتعلق بتجربة التعلم عن بعد؛ وأفضل شيء هو أنَّ الأمر لا يستغرق سوى دقيقة أو اثنتين، ومن السهل القيام به، حيث يمكنك القيام بذلك في أي مكان أو في أثناء تحضير قهوتك في الصباح.

إليك كيف تعمل هذه الطريقة:

تابع مجريات يومك، وقسِّمه إلى أجزاء، بحيث قد يكون الجزء الأول هو روتينك الصباحي قبل الذهاب إلى العمل، يليها تنقلاتك إلى مكان العمل، ثم الساعات التي تقضيها فيه؛ في حين قد تكون الأجزاء الأخيرة هي الوقت الذي يلي العمل مباشرة، ووقت العشاء، ثم الأنشطة المسائية، ثم النوم.

تخيل أنَّ كل جزء من هذه الأجزاء يسير على ما يرام بصورة ملحوظة، وأنَّك تمر في رحلة خالية من التوتر إلى مكان العمل، أو أنَّك تقضي يوم عمل مثمر بصورة غير اعتيادية، أو تقضي وقتاً ممتعاً مع زملائك؛ وعندما تصل إلى الجزء الذي يتضمن جلسة الدراسة، تخيل أنَّه سيكون من المثير حقاً تعلم شيء جديد.

يُطلَق على هذه الطريقة اسم “تحديد النوايا”؛ ذلك لأنَّك تقسِّم يومك إلى أجزاء، وتنتج نوايا حسنة لكل جزء. ربما تفكر: لماذا عليَّ أن أتخيل أنَّ كل جزء من اليوم يجب أن يسير على ما يرام وليس فقط الجلسة المخصصة للدراسة، والتي هي محور التركيز في هذه المقالة؟ حسناً، يوجد سبب لذلك، وهو تخيُّل أنَّ كل جزء من يومك يسير على ما يرام يضمن لك أنَّ أقسام يومك التي عادة ما تكون صعبة لن تؤثر سلباً في جلسة الدراسة؛ ومع ذلك دعونا لا نخدع أنفسنا، حيث نعلم جميعاً أنَّ الصباح السيئ يمكن أن يفسد بقية اليوم، وهذا هو سبب أهمية تحديد النوايا الحسنة لكل جزء من اليوم؛ فكل ما نفعله مترابط ببعضه بعضاً.

6. إعادة ضبط أفكارك ومشاعرك:

لنفترض أنَّك مررت بيوم طويل ومرهق، وعليك أن تدرس لمدة ساعتين رغم ذلك؛ كيف من المفترض أن تركز بالكامل على تعلمك عندما تكون الأحداث التي حدثت معك على طول اليوم تشغل عقلك وتفكيرك؟

يمكنك ذلك باستخدام تقنية إعادة الضبط، حيث تزيل هذه التقنية التراكمات العاطفية من عقلك، وتعيد ضبط أفكارك حتى تتمكن من متابعة ما يُفترَض أن تفعله بعقل صافٍ وخالٍ من كل المشتتات، حيث سيمكِّنك هذا من التركيز بنسبة 100٪ على المَهمَّة التي تقوم به.

تُسمَّى هذه التقنية بتقنية إعادة الضبط لأنَّها تعمل إلى حد كبير بالطريقة نفسها التي يعمل بها زر إعادة الضبط أو إعادة التشغيل لجهاز الإنترنت أو الكمبيوتر؛ وإليك كيف تعمل: اجلس على الكرسي بجوار مكتب الدراسة، وأغلق عينيك، وخذ نفساً عميقاً، وعُدَّ ببطء تنازلياً من عشرة إلى صفر، واستشعر الهدوء مع اقترابك من الصفر؛ ثم خذ في الدقيقتين التاليتين شهيقاً وزفيراً ببطء وعمق مع تركيز انتباهك على أي شيء آخر سوى حقيقة أنَّك تتنفس شهيقاً وزفيراً، وأخيراً افتح عينيك؛ لقد أجريت للتو إعادة ضبط سريع لنظامك الداخلي بأكمله، ويمكنك الآن التعامل مع جلسة التعلم خاصتك بعقل أقل تشتتاً.

لقد تحدث المؤلف والمدرب عالي الأداء والكفاءة بريندون بورشارد (Brendon Burchard) في مقابلة عن هذه الفكرة بأسلوب مشابه، وأطلق عليها “التأمل السريع لمدة 2-3 دقائق”، واقترحه كطريقة لعدم حمل التراكمات العاطفية التي تواجهك في جزء من يومك إلى الجزء التالي.

تقنيات التعلم السريع للتعلم عن بُعد:

تحدثنا حتى الآن عن طريقة إعداد نفسك والبيئة المحيطة بك لزيادة كفاءة تعلمك؛ أمَّا الآن، فقد حان الوقت للتركيز على جلسة التعلم الفعلية، حيث يحدث هنا السحر.

7. تدوين الملاحظات:

تدوين الملاحظات أمر هام للغاية إذا كنت تريد التعلم بسرعة وكفاءة؛ ولكن رغم ذلك، لا يزال عدد قليل من الناس يعرفون طريقة استخدام ملاحظاتهم بالفعل بعد تدوينها؛ لذا لنوضح ذلك أكثر، فمثلاً: إذا كنت تشاهد محاضرة على شاشة الكمبيوتر، فدوِّن ملاحظات سريعة لكل ما تراه هاماً مباشرة بعد المحاضرة، وراجع ملاحظاتك، واجمع كل نقاطك الرئيسة على ورقة واحدة، وحاول عدم تضمين أي ملاحظة غير هامة.

السبب في أنَّ هذه الطريقة مفيدة هو أنَّ الحصول على نظرة عامة على الموضوع بأكمله يجعل من السهل فهم الصورة الكبيرة للموضوع الذي تتعلمه، حيث إنَّ وجود جميع النقاط الرئيسة بدقة في صفحة واحدة يخفف من شعورك بالإرهاق والتعب؛ فإذا كان في الإمكان جمع النقاط الرئيسة على مساحة في صفحة واحدة، فثق أنَّه يمكنك تعلمها بسهولة؛ وإذا كان معلمك قد قدم لك بالفعل قائمة بالنقاط الرئيسة، فمن المغري التفكير في أنَّ هذا يعفيك من الالتزام بتدوين الملاحظات بنفسك، ولكن من الهام أن تدون ملاحظاتك الخاصة بطريقتك الخاصة.

8. استخدام تقنية فاينمان (Feynman):

يقول ألبرت آينشتاين (Albert Einstein): “إذا كنت لا تستطيع أن تشرحها لطفل يبلغ من العمر ست سنوات، فأنت نفسك لا تفهمها”، وهذا ما تدور حوله تقنية فاينمان؛ فهي تقنية تعليمية طورها واستخدمها الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل ريتشارد فاينمان (Richard Feynman).

استخدام تقنية فاينمان سهل:

افترض أنَّك تشرح لطفل ما مفهوماً تتعلمه، حيث يمكنك كتابته أو قوله بصوت عالٍ؛ ثم حدد أجزاء الشرح التي تواجه صعوبة في إيصالها بوضوح، ولاحظ الثغرات في فهمك لها؛ ثم اقرأ عن المفهوم مرة أخرى وحاول تبسيط الشرح مرة أخرى؛ وكرر هذه العملية حتى تتمكن من شرح المفهوم بثقة ولغة مبسطة.

لماذا تقنية فاينمان فعالة للغاية؟ عبَّر “شين باريش” (Shane Parrish) عن ذلك بطريقة جيدة: “نستخدم أحياناً المصطلحات واللغة المعقدة لإخفاء ما لا نفهمه؛ لهذا السبب تكشف تقنية فاينمان عن المدى الحقيقي لمعرفتنا”؛ فعندما تشرح شيئاً ما بأسلوبك الخاص، فأنت مجبر على التفكير فيه حقاً؛ وهذا هو بالضبط السبب في أنَّ التدريس هو أحد أفضل تقنيات التعلم؛ فإذا كنت تريد أن تتعلم شيئاً جيداً حقاً، فعلِّمه لشخص ما.

9. استخدام أسلوب التكرار المتباعد:

التكرار المتباعد هو الأسلوب الأكثر فاعلية لترسيخ شيء ما في ذاكرتك طويلة الأمد، كما أنَّه أسلوب حفظ يعتمد على زيادة الوقت تدريجياً بين كل مرة تراجع فيها المادة التي تتعلمها؛ حيث يعدُّ التكرار ضرورياً إذا كنت تتوقع أن تتذكر شيئاً طويل الأمد، والتكرار المتباعد هو أحد أكثر أنظمة التكرار الهيكلية نجاحاً لهذا الغرض.

اختبر علماء النفس التكرار المتباعد، وأثبتوا أنَّه أكثر نجاحاً من تكرار المواد التي سبق وتعلمتها على فترات عشوائية؛ هذا لأنَّك تستفيد من تأثير التباعد النفسي لدماغك، والذي يشمل مراجعة المواد في المرحلة التي تكون فيها على وشك نسيانها.

تنشأ هذه التقنية من عمل عالم النفس هيرمان ابنجهاوس (Hermann Ebbinghaus)، فقد طور شيئاً نسميه اليوم منحنى النسيان (forgetting curve)، وفيما يأتي رسم بياني يوضح أنَّه في كل مرة نتذكر فيها المعلومات نفسها بنشاط، يستغرق الأمر وقتاً أطول حتى تتلاشى من ذاكرتنا.

أفضل طريقة لبدء الاستفادة من التكرار المتباعد هي باستخدام تطبيق مثل أنكي (Anki)، حيث سيُباعد هذا التطبيق الفواصل الزمنية تلقائياً بناء على مدى تذكرك للمعلومات التي تراجعها.

الخلاصة:

كما ذكرنا في هذه المقالة، فهذه هي الطريقة التي تزيد بها كفاءة تعلمك للتعلم عن بُعد في 3 خطوات سهلة:

  1. إعداد بيئتك الخاصة لزيادة قدرتك على التركيز.
  2. تجهيز نفسك للتعلم.
  3. استخدام تقنيات التعلم السريع.

الأمر متروك لك لاتخاذ الإجراءات وتطبيق النصائح والتقنيات المذكورة أعلاه، وتذكر أنَّ أصعب جزء في تنفيذ أمر صعب هو البدء به؛ وبمجرد البدء، تكون قد تجاوزت الجزء الأسوأ.

السابق
تمتص الجذور الماء من التربه عن طريق
التالي
متى تتساوى السرعة اللحظية والمتوسطة

اترك تعليقاً