الخليج العربي

أهم منهجيات التغيير في المؤسسات

أهم منهجيات التغيير في المؤسسات

كثيراً ما يُسأل القادة “ما هي أفضل منهجية لإدارة التغيير؟”؛ وعلى عكس ما كان معروفاً قبل عقدٍ من الزمن، يوجد اليوم عدد كبير من منهجيات التغيير والنماذج التي يمكن الاختيار من بينها؛ ففي حين أنَّ العمليات والأنشطة والأدوات تختلف باختلاف المنهجية، يشترك العديد منها في المبادئ والممارسات نفسها، حيث يعدُّ التنفيذ الشامل والمتسق لأي منهجية تغيير تختارها أكثر أهمية من تحديد المنهج المناسب.

عادة ما تختار المنظمات منهجية واحدة، فضلاً عن الانتقال من منهجية إلى أخرى، ولذلك أسبابٌ وجيهة؛ فما هي أسباب رغبة الشركات في اتباع منهجية تغيير واحدة؟

يوفر اختيار منهجية واحدة للتغيير الفوائد الآتية:

  • يعزز اللغة المشتركة وطريقة التفكير في إدارة التغيير بين القادة والأفراد.
  • يوفر مجموعة متسقة من الأنشطة والأدوات عبر المنظمة خلال فترة التغيير.
  • يمنع تداخل المنهجيات المتنافسة التي تسبب الارتباك للعاملين وإضاعة وقت القيادة.
  • يكون أسرع وأكثر فاعلية من حيث التكلفة من بناء نهج داخلي من الصفر.

فإذا بحثنا في أبرز المنهجيات المستخدمة في التغيير، نكاد نخلُص إلى القائمة التالية:

  1. خارطة طريق قائد التغيير (Being First’s Change Leader’s Roadmap).
  2. دلتا التغيير لمجموعة بوسطن الاستشارية (Boston Consulting Group’s Change Delta).
  3. نموذج بريدجيز للتحول الانتقالي (Bridges’ Transition Model).
  4. التغيير المرتكز على الأفراد (Change First’s People Centered Implementation (PCI) Model).
  5. نموذج التغيير السريع والتحول في حالات الطوارئ (Emergent’s Accelerating Change & Transformation (ACT) Model).
  6. نموذج شركة جنرال الكتريك لتسريع التغيير (General Electric’s Change Acceleration Process (CAP).
  7. منهجية التنفيذ السريع الخاصة بشريك إدارة التنفيذ (Implementation Management Associate’s Accelerated Implementation Methodology (AIM)).
  8. نموذج كوتر لقيادة التغيير (Kotter’s 8-Step Process for Leading Change).
  9. منحنى التغيير – نموذج كابلر-روز (Kubler-Ross’ The Change Curve).
  10. نموذج ليوين للتغيير (Lewin’s Three Stages of Change).
  11. نموذج بريتشيت لإدارة التغيير (PRITCHETT’s Change Management Model).
  12. نموذج بروسي أدكار للتغيير ( Prosci’s ADKAR).
  13. نموذج فيرال للتغيير (Viral Change).

النموذج الأول، نموذج بريدجيز للتحول الانتقالي (Bridges’ Transition Model):

يساعد نموذج بريدجيز للتحول الانتقالي المؤسسات والأفراد على فهم الجانب الشخصي والإنساني للتغيير، وإدارته والعمل به على نحو أكثر فاعلية، ويحدد المراحل الثلاث التي يمر بها الفرد في أثناء التغيير:

  • إنهاء الوضع الحالي.
  • المنطقة المحايدة.
  • البداية الجديدة.

طور”ويليام بريدجز” (William Bridges) نموذج بريدجيز للتحول الانتقالي، واستُخدِم من قبل القادة والمستشارين الإداريين لأكثر من ثلاثين عاماً.

ما الفارق بين التغيير والانتقال؟

التغيير: هو حدث أو موقف خارجي، أو استراتيجية عمل جديدة، أو تحول في القيادة، أو اندماج، أو منتج جديد، أو قوانين جديدة تفرضها الدولة أو الجهات التشريعية، أو تغيير في نمط الأعمال.

حين تركِّز المنظمة على النتيجة المرجوة التي سينتجها التغيير، تكون في حقيقتها استجابة للأحداث الخارجية؛ ولاحظ هنا أنَّ التغيير يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة.

بينما الانتقال: هو العملية النفسية الداخلية التي يمر بها الناس عندما يستوعبون ويتصالحون مع الموقف الجديد الذي يُحدِثه التغيير، ويدرك القادة الأذكياء عاطفياً أنَّ التغيير يمكن أن يضع الناس في أزمة؛ لذا فإنَّ نقطة البداية للتعامل مع الانتقال ليست النتيجة، بل النهايات التي تحتِّم على الناس ترك الوضع القديم وراءهم، فلن يكون التغيير ناجحاً إلَّا إذا عالج القادة والمنظمات الانتقال الذي يمر به الأشخاص في أثناء التغيير.

يعدُّ دعم الأشخاص خلال فترة الانتقال -بدلاً من المضي قدماً- أمراً ضرورياً إذا كان التغيير قد نُفِّذ كما هو مخططٌ له، وهذا هو مفتاح الاستفادة من فرص الابتكار وخلق المرونة التنظيمية.

ما هي عملية إدارة الانتقال؟

تعالج إدارة الانتقال في المؤسسات النفسية الداخلية التي يمر بها الأشخاص في أثناء التغيير، وتتضمن إدارة الانتقال الناجحة الخطوات الآتية:

  1. التواصل مع المنظمة من أجل فهم أسباب الحاجة إلى التغيير.
  2. جمع المعلومات حول المتضررين من التغيير لفهم تأثيره عليهم وكسبهم مستقبلاً كمخرجات حيوية للتغيير.
  3. القيام بمراجعة داخلية لقياس مدى استعداد المنظمات للانتقال.
  4. توجيه القادة حول كيفية تأثير التغيير في الأفراد في المنظمة، ممَّا يساعدهم على قيادة الانتقال بفاعلية.
  5. رصد تقدم وتطور الأفراد في أثناء مرورهم بالمراحل الثلاث للانتقال.
  6. مساعدة الأفراد على فهم قدرتهم على المساهمة إيجاباً في التغيير وأهمية دورهم في المنظمة.

ما هي خطوات نموذج بريدجيز للتحول الانتقالي؟

1. البداية تبدأ من النهاية:

يبدأ الانتقال بالنظر إلى النهايات، وفي حين قد يبدو هذا متناقضاً، لكنَّه صحيح لنجاح الانتقال؛ إذ تبدأ المرحلة الأولى من التغيير عندما يحدد الأشخاص ما سيخسرونه، ويتعلمون كيفية إدارة هذه الخسائر بحكمة؛ فهم يحددون ما سيتركونه وما سيحتفظون به؛ والذي قد يشمل: العلاقات أو العمليات أو أعضاء الفريق أو المواقع التي يُتخلَص منها.

من المفارقات أنَّ الانتقال يبدأ بنهاية، بحيث تبدأ المرحلة الانتقالية الأولى لنموذج (Bridges Transition) عندما يدرك الموظفون أنَّ التغيير يحدث بالفعل، وقد يكون لذلك عواقب مختلفة حسب كل شخص، فقد يفقد الموظف (ناصر) -على سبيل المثال- بعد 25 عاماً وظيفته بسبب الأتمتة (Automation).

يبدأ الناس في هذه المرحلة في تحديد ما سيخسرونه، وكيف يمكنهم الحد من خسائرهم، وما يمكنهم إنقاذه للمستقبل؛ ويمكن أن تكون هذه المرحلة عاطفية للموظفين، فقد تتولد مشاعر القلق والحزن والإحباط والوحدة أو حتى الاكتئاب؛ لذا يجب على القادة تقديم الدعم المناسب إلى الموظفين في هذه المرحلة، لكن للأسف نادراً ما يحدث هذا حقيقة.

أدوار القائد في هذه المرحلة:

توجد العديد من الأشياء التي يمكن للقائد القيام بها لتسهيل الانتقال إلى التغيير:

  • شرح الغرض من التغيير بوضوح.
  • احترام وتقدير مشاعر الموظفين.
  • توضيح فوائد التغيير المخطط وغاياته البعيدة.
  • توضيح ما سيتغير وما سيبقى كما هو.
  • التواصل باستمرار مع الأفراد ودعمهم.

2. المنطقة المحايدة:

يمر الناس بمرحلة يختفي فيها القديم ولا يعمل الجديد بصورة كاملة، فتحدث هنا عمليات إعادة الاصطفاف والتنظيم النفسية الحاسمة، وهي جوهر العملية الانتقالية، والوقت بين الارتباط بالواقع القديم والشعور بالهوية الجديدة؛ حيث تُنشَأ عمليات جديدة، ويتعلم الأفراد ما هي أدوارهم الجديدة.

قد يمر بعض الأشخاص بهذه المرحلة بسرعة أكبر من غيرهم، ويميل الموظفون خلال هذه المرحلة إلى انعدام الصبر، حيث يغلب عليهم الارتباك وفقدان الأمان، وقد يؤدي التعود على العمليات أو الإجراءات أو العلاقات الجديدة إلى زيادة عبء العمل لديهم.

لقد اتُخِذت أصعب الخطوات الآن، لكنَّ العديد من الموظفين ما زالوا يعانون من مشكلات مختلفة، حيث يشعرون بانعدام الأمن، وضعف الروح المعنوية، والقلق بشأن وضعهم، والاستياء والخوف من المستقبل.

أدوار القائد في هذه المرحلة:

توجد العديد من الإجراءات التي يمكن للقادة اتخاذها لتسهيل التغيير:

  • الرد السريع على الملاحظات.
  • تقديم التدريب أو أشكال أخرى من المساعدة.
  • إظهار فوائد التغيير ومزاياه.
  • التعامل مع أي مشكلات قد تنشأ بحكمة وهدوء.

3. البداية جديدة:

تنطوي البدايات على تفاهمات وقيم ومواقف جديدة، وتتميز بإطلاق الطاقة في اتجاه جديد؛ فهي تعبير عن هوية جديدة.

تتيح التحولات المدارة جيداً للأشخاص إنشاء أدوار جديدة ومسؤوليات مع فهم الغرض منها، وفهم الدور الذي سيلعبونه وكيفية المساهمة والمشاركة بصورة أكثر فاعلية في البدايات الجديدة؛ ونتيجة لذلك، يشعرون بإعادة التوجيه والتجديد، وبأنَّهم على خطى بدايات جديدة.

لقد جرى في هذه المرحلة قبول التغييرات بالكامل، والعمل على تطوير مهارات ضرورية لبيئة العمل الجديدة؛ كما بدأت النتائج والفوائد الأولى لكل الجهود بالظهور الآن.

تعني الهوية الجديدة نتيجة انتقال مُدار بصورة صحيحة أنَّه يمكن للموظفين تطوير فهم جديد وفعَّال لكل شيء يقومون به، والتفكير في الطرائق التي يمكنهم من خلالها المساهمة بفاعلية بحيث يكونون جزءاً من البيئة الجديدة.

تعدُّ المشاعر التي يمر بها الموظفون خلال هذه المرحلة أكثر إيجابية ممَّا كانت عليه في المراحل السابقة، ويظهر هذا جلياً في عملهم والنتائج التي يحققونها؛ فبعد الانتقال السلس، سيكون الموظفون في هذه المرحلة نشطين ومتشوقين للتعلم ويشعرون بالتفاعل مع المنظمة.

أدوار القائد في هذه المرحلة:

من أجل بناء أساس قوي للمستقبل، توجد بعض الأشياء الأخرى التي يمكن للقائد الاستمرار في القيام بها خلال هذه المرحلة:

  • العمل على العاطفة الجديدة والمعاني المرتبطة بها.
  • الاتساق في السلوك وطرائق التواصل وآليات اتخاذ القرار مع البداية الجديدة.
  • إظهار وإبراز النجاحات التي أحدثها التغيير.
  • الاحتفاء بالنتائج المرحلية والإنجازات البسيطة من أجل تنمية إحساسٍ إيجابي بالتغيير.

النموذج الثاني، التغيير المرتكز على الأفراد (PCI):

إنَّ التغيير المتمحور حول الأشخاص والمعروف بالاختصار (PCI) استراتيجية إدارة التغيير التي تركز على النظر في الموارد البشرية واستيعابها، والتي ستكون مسؤولة عن تنفيذ التغيير.

هذا النموذج هو أبلغ رد على الاتهام القائل أنَّ معظم استراتيجيات إدارة التغيير لا تتمحور حول الأفراد، وأنَّ الأفراد هم أحد الأسباب الرئيسة المرتبطة بالتغييرات داخل المنظمة؛ لكن في الحقيقة، يمكن للإدارة من خلال التركيز على الأفراد في المنظمة أن تخلق مشاركة أكبر ونتائج أفضل في النهاية؛ إيماناً بأنَّ الأفراد هم مسؤولون حقيقة عن النجاح النهائي لمبادرة التغيير، إذ يحتاج الناس إلى الشعور بأنَّ التغييرات داخل المنظمة ستكون مفيدة لهم وتستحق التضحيات قصيرة الأمد التي ستُطلَب منهم من أجل تحقيق نتائج أفضل على الأمد الطويل.

توجد ستة عوامل نجاح حاسمة يجب التركيز عليها من أجل تنفيذ PCI بنجاح، وهي كما يأتي:

  1. القيادة الفعالة: يحتاج الموظفون إلى الشعور بالثقة بقيادتهم، والتأكد من صحة المعلومات التي يتلقونها منهم، وإلى الشفافية التي يطمحون إليها خلال عملية التغيير.
  2. عمليات المشاركة الوطيدة: يحتاج الناس إلى الشعور بعلاقة قوية بالمنظمة عموماً والقيادة خصوصاً، والتي يمكن أن تتضمن المكافآت والتقدير والاستثمار في التعلم والتدريب، وكونهم شركاء في التغيير.
  3. وجود رعاة داخليين للتغيير: إنَّه لمن الهام أن يكون لديك رعاة قادة للتغيير على المستوى الداخلي للمؤسسة يمكنهم بناء وتعزيز علاقات وطيدة مع الموظفين، وأن يكونوا قدوة لهم ويتواصلوا معهم بإيجابية واستمرار.
  4. إظهار الجوانب الإيجابية من التغيير: القيادة بحاجة إلى التأكيد على الجدوى والجوانب الإيجابية للتغيير وإيصال وجهة نظر ورسالة الإدارة العليا إلى الموظفين بشأن التغيير.
  5. إبراز الأداء المالي المستدام: يجب إبراز المستقبل المالي القوي للموظفين والشركة في أثناء التغيير، فضلاً عن الحاجة إلى التسامح في أثناء هبوط منحنى التعلم التنموي مع بدء التغيير.
  6. بناء رؤية مشتركة للتغيير: يجب أن يكون التغيير شفافاً وواضحاً لجميع الموظفين، بحيث يكون لكل شخص رؤية مشتركة لما سيبدو عليه المستقبل الناجح.

النموذج الثالث، نموذج ماكينزي (McKinsey 7-S):

يعدُّ نموذج ماكينزي (McKinsey 7-S) مثالياً للمؤسسات التي ليست على ثقة تامة بحاجتها إلى التغيير، ولكنَّها تعلم أنَّ هناك شيئاً ما خاطئ، وهو نموذج قياسي آخر للتغيير التنظيمي.

لقد اقترح مستشارا ماكينزي “توم بيتر” و”روبرت وترمان الابن” النموذج في كتابهما الأساسي “في البحث عن التميز”، ويركز النموذج على سبعة عناصر أساسية يجب أن تمتلكها المنظمات من أجل تحقيق أداء جيد، حيث يمكن للمنظمات الرجوع إلى هذه العناصر لمعرفة أين يكمن التغيير وإعادة التنظيم الضروريين لضمان التعزيز المتبادل لكل عنصر من العناصر السبعة للحفاظ على أداء الجودة.

تنقسم العناصر السبعة في نموذج ماكينزي إلى مناطق “ناعمة” و”صلبة”، ويعدُ كلٌّ من الاستراتيجية والهيكل والنظم عناصر صلبة يسهل تحديدها وإدارتها مقارنة بالعناصر الناعمة؛ ومن ناحية أخرى، فإنَّ المناطق الناعمة هي أساس المنظمة على الرغم من صعوبة إدارتها، وغالباً ما تخلق ميزة تنافسية مستدامة.

العناصر السبعة لنموذج ماكينزي (McKinsey 7-S Framework) هي:

 

1. الهيكل (Structure):

الهيكل هو الطريقة التي يحدث وفقا لها تنظيم الشركة، أي نُظم القيادة والمساءلة التي تشكل الهيكل التنظيمي.

2. الاستراتيجية (Strategy):

تشير الاستراتيجية إلى خطة عمل جيدة التنظيم تسمح للشركة بصياغة خطة عمل لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة، معززة برؤية ورسالة الشركة وقيمها.

3. الأنظمة (Systems):

يُقصَد بها أنظمة الأعمال والبنية التحتية والتقنية للشركة التي تحدد سير العمل وسلسلة اتخاذ القرارات داخل الشركة.

4. المهارات (Skills):

تشكل المهارات القدرات والكفاءات الكامنة في الشركة، والتي تُمكِّن موظفيها من تحقيق أهدافها بطريقة احترافية.

5. النمط وقواعد السلوك (Styles):

يُؤسَّس لاتجاهات كبار الموظفين في الشركة ومدونة قواعد السلوك (Code of conduct) من خلال طرائق تفاعلهم واتخاذ القرارات الرمزية، والتي تشكل أسلوب الإدارة في قيادة المؤسسة.

6. الموظفون (Staff):

أي الموظفين وإدارة المواهب وجميع الموارد البشرية المتعلقة بقرارات الشركة، مثل أنظمة التدريب والتوظيف والمكافآت.

7. القيم المشتركة (Shared Values):

تشكل الرسالة والأهداف والقيم أساس كل مؤسسة، وتلعب دوراً هاماً في محاذاة جميع العناصر الرئيسة الأخرى للحفاظ على تصميم تنظيمي فعال.

النموذج الرابع، منحنى التغيير لكوبلر روس ( Kubler-Ross’ The Change Curve):

تعدُّ “إليزابيث كوبلر روس” -طبيبة نفسية مشهورة عالمياً- مبتكرة “منحنى التغيير”، بالإضافة إلى “مراحل الحزن الخمس” التي أوجزتها في كتابها “حول الموت والاحتضار”؛ وتهدف كلتا المنهجيتين إلى مساعدة الأفراد والجماعات على قبول التغيير عاطفياً ومادياً أو جسدياً.

تركز نظرية كوتر “نموذج منحنى التغيير” على الأشخاص الذين هم المسؤولون في النهاية عن تنفيذ التغيير فعلياً، وإنَّ كلَّاً من منحنى التغيير ومراحل الحزن الخمس هي نفسها في الغالب، والتي تنقسم إلى المراحل التالية:

  • الإنكار أو الصدمة: يحدث عندما يقاوم الموظفون الاعتراف بأنَّ التغيير يجب أن يحدث؛ مما يستدعي التواصل المكثف والانتقال البطيء إلى التغيير.
  • الغضب: يحدث عندما يزداد خوف الناس واستياؤهم من التغيير، ويتطلب من القادة قَبول هذا الغضب ومناقشته وتوفير الدعم.
  • المساومة: تحدث عندما يحاول الموظفون تعديل التغييرات المقصودة، ويتطلب الأمر حينها الاستماع إلى هذه التعليقات مع الحفاظ على ثباتهم في الأجزاء الأساسية من التغيير.
  • الاكتئاب: يحدث عندما يبطئ الموظفون الإنتاجية بسبب الحالة المزاجية السيئة أو اليائسة تجاه التغيير، ويتطلب في حينه الحد من الاحتكاك في الأنشطة، وتنفيذ برامج المكافآت للنجاحات الصغيرة.
  • القبول: يحدث عندما يُنفَّذ التغيير بالكامل، ويتسوجب الأمر حينها الاحتفال بهذا الاعتراف، والاستمرار في ترسيخ هذه التغييرات.

النموذج الخامس، نموذج ساتير للتغيير (Satir Change):

طورت المعالجة الأسرية “فيرجينيا ساتير” نموذج (Satir Change) ، وكانت فكرتها الأساسية هي أنَّ التحسين ممكن الحدوث دائماً؛ ووفقاً لذلك، أنشأت نظاماً للتغيير يساعد على تحسين حياة الناس من خلال تغيير الطريقة التي يرون العالم بها ويعبرون بها عن أنفسهم.

عنصر من عناصر نظام ساتير هو نموذج التغيير المكوَّن من خمس مراحل، والذي يصف تأثيرات كل مرحلة في المشاعر والتفكير والأداء وعلم وظائف الأعضاء.

إنَّه لمن المؤكد أنَّ هنالك تشابهاً مع منحنى تغيير (Kübler-Ross) الذي سبق شرحه، رغم وجود بعض الاختلاف أيضاً؛ خاصة بالنسبة إلى الجزء الذي يسمح بالتنبؤ بتأثير التغييرات على الأداء، وهو أيضاً السبب الرئيس وراء إساءة استخدام هذا النموذج.

يعتقد معظم الناس أنَّ هذا النموذج يضمن أداء إيجابياً في النهاية، وهذا اعتقاد خاطئ؛ فرغم أنَّ المفهوم الأساسي للنموذج هو أنَّه قد يكون هناك دائماً تحسن إيجابي من عملية التغيير، فإنَّ هذا النموذج ليس سوى جزء من نظريتها.

قبل الغوص في تفاصيل النموذج، لاحظ أنَّ نموذج ساتير للتغيير (Satir Change) يركز على التتبع بدلاً من التأثير في الأداء؛ ودون استخدام نموذج داعم لمعالجة هذه الآثار السلبية، لن يتبقى لك سوى وسيلة لقياس تأثير التغيير. لا يعدُّ هذا أمراً سيئاً دائماً، ولكن ضع ذلك في حسبانك حين البحث عن طريقة لدعم تغييراتك بفاعلية.

فيما يأتي المراحل الخمس لنموذج ساتير للتغيير (Satir Change):

  • تأخر الوضع الراهن.
  • المقاومة.
  • الفوضى.
  • الدمج.
  • الوضع الراهن الجديد.

1. مرحلة تأخر الوضع الراهن:

تسمى المرحلة الأولى من النموذج بمرحلة تأخر الوضع الراهن “Late Status Quo”، وهي اللحظة التي تقف فيها الأشياء حالياً، ونقطة البداية قبل إدخال التغيير.

في هذه المرحلة، يكون الأداء عادة متسقاً مع طريقة العمل القديمة عموماً، وتكون الفِرق مرتاحة في موقعها الحالي، وتُحدَّد التوقعات بسهولة، وتوجد الخبرة والمعرفة حول سيناريوهات العمل الحالية، وعادة ما تكون التحديات ضئيلة في هذه المرحلة، حيث لا يفكر الناس في التغيير؛ ذلك لأنَّهم لا يشعرون بالحاجة إليه؛ لذلك، من الهام تحفيز الإبداع والاستماع والتعلم حتى يتمكن الناس من التفكير “خارج الصندوق” ورؤية أي إمكانية للتحسين.

2. مرحلة المقاومة:

يُنشَأ التغيير عادة كعنصر خارجي، ويمكن أن يكون تقنية جديدة، أو عملية جديدة، أو تغييراً في الوظيفة، إلخ.

عادة ما تؤدي المرحلة الثانية من النموذج إلى المقاومة، ويمكن مواجهتها على أي مستوى في المؤسسة (من المديرين التنفيذيين إلى موظفي الخطوط الأمامية)، وعادة ما تكون مصحوبة بالإنكار.

تؤدي المقاومة فوراً إلى هبوط حاد في أداء الفِرق ينعكس عادة على أداء الأفراد، وتُعدُّ علامة أولى على أنَّ الأمور لا تسير على ما يرام، واللحظة التي يلزم فيها بلورة أسباب التغيير وتحديد الأهداف والقيمة بعد التغيير.

لسوء الحظ، إنَّها أيضاً أصعب جزء في نموذج ساتير للتغيير (Satir Change)؛ ففي كثير من الحالات، لا يُتعرَّف على العنصر الغريب: “الإنكار”، ويُضفَى الطابع المؤسسي على المقاومة على المستوى التنظيمي، وبالتالي فإنَّ الانتقال إلى المرحلة التالية غالباً ما يكون نتيجة لذلك.

3. مرحلة الفوضى:

المرحلة الثالثة هي الفوضى؛ والتي يمكن أن تحدث سواء إن كنت تقود برنامج التغيير في مؤسستك، أم كان التغيير يجري في مؤسستك وأنت تقف موقف المتفرج.

يُحدِث نموذج ساتير للتغيير (Satir Change) فارقاً هاماً بين التغيير الذي يُتلقى سلباً، والذي غالباً ما يؤدي إلى عدم العودة من الفوضى مطلقاً؛ والتغيير الذي يُوجَّه إيجاباً؛ وهو الاختلاف الرئيس في افتراض أنَّ التغيير قد يؤدي إلى أداء إيجابي.

على أي حال، هذه المرحلة هي المكان الذي تسود فيه العواطف، لذا ستكون هنالك دائماً ردود أفعال سلبية وتراجع في الإنتاجية، والطريقة الوحيدة للمضي قدماً هنا هي الإصغاء الفعال؛ لذا اطرح الأسئلة وفكر في تنفيذ نظام الدعم.

4. مرحلة التكامل:

للخروج من مأزق الفوضى؛ تحتاج المؤسسة إلى فكرة تحويلية/تغيرية؛ وبمعنى آخر: شيء ما يُخرج المؤسسة من الفوضى، ويعيد منحنى إنتاجية المؤسسة إلى الأعلى.

يجب أن يكون الهدف من عملية التغيير تعريف الفكرة التحويلية في أسرع وقت ممكن، حيث سيساعد ذلك في تقصير فترة الفوضى وتحسين الأداء، وقد يحدث هنا سوء فهم في تطبيق أو شرح النموذج.

يعتقد بعض الناس أنَّ التغيير يُطبَّق قبل مرحلة الفوضى، وهذا غير صحيح؛ إذ يخلق العنصر الخارجي الذي ذكرناه في مرحلة المقاومة الحاجة إلى التغيير، لكنَّ التغيير الفعلي يحدث فقط عندما تأتي الفكرة في مكانها الصحيح؛ ونحن لا نتحدث هنا عن لحظة إلهام أو سطوع مفاجئ للفكرة بطريقة سحرية، بل نتحدث عن وجود قناعات بأنَّ التغيير يجب تبنيه لمغزاه والحاجة إليه.

5. مرحلة الوضع الراهن الجديد:

المرحلة الأخيرة هي عندما يستقر الوضع الجديد وتصبح التغييرات هي القاعدة، حيث يحدث تبني التغيير على نحو واسع وكامل، وتعمل جميع الفِرق وفقاً للعمليات الجديدة؛ فإذا وُضِع اتجاه تغيير مناسب، فيجب أن يكون الأداء أعلى في هذه المرحلة؛ حيث من الهام التحقق من التأثير الكلي للتغيير في الأداء ومراقبته، وفهم الدروس المستفادة منه، وتهيئة المشهد للعمليات المستقبلية أيضاً.

مثال تطبيقي على نموذج ساتير للتغيير (Satir Change):

اسمحوا لي أن أقدم مثالاً توضيحياً حول كيفية تطبيق هذا النموذج: “إدارة العمليات في مؤسسةٍ تستخدم نظاماً الكترونياً -لنفترض أنَّه يُسمَّى (SAS)- لإدارة عملياتها، وهذا ما يُسمَّى مرحلة (Late Status Quo)”.

مع مرور الوقت، توقفت الشركة التي أنتجت النظام المذكور عن دعم البرنامج الحالي (عنصر خارجي/ تغيير خارجي)، وبدأت المشكلات تتسلل في النظام (SAS). إنَّ قيادة إدارة العمليات ومشغلو النظام والمستخدمون سعيدون بالوضع الحالي؛ فقد اعتادوا العملَ بهذه الطريقة (مرحلة المقاومة).

تبدأ أخطاء النظام (SAS) الصغيرة تكرر ويتسع نطاقها، وتبدأ التأثير في الإنتاجية (مرحلة الفوضى)، ويبدأ فريق المشروع في هذه المرحلة جمع متطلبات نظام جديد، ويشمل: اختيار برنامج آخر مطور، واختيار شركة جديدة تزود الشركة بنظام بديل لــ (SAS)؛ بحيث تقوم تلك الشركة الجديدة ببناء النظام والبدء في تنفيذه، وتستمر الإنتاجية في هذه الفترة في الانخفاض حتى يبدأ القادة في اعتماد البرنامج الجديد والعمليات المرتبطة به، وتوجيه الموظفين إلى التدرُّب عليه واستخدامه؛ وهذا هو الوقت الذي يبدأ فيه التكامل؛ أي تبدأ الإنتاجية في التحسن وتترسخ الحماسة.

هذه هي اللحظة التي يجب أن يتوفر فيها الدعم لضمان حل جميع المشكلات بمجرد مواجهتها، والممارسة هي المفتاح خلال هذه المرحلة لضمان بلورة عادات ومعرفة جديدة.

الخلاصة:

لا شك أنَّ اتباع منهجية محددة للتغيير أحد أهم أسرار نجاح التغيير في المؤسسات؛ لذا نقدم فيما يأتي أربع نتائج بحثية حول منهجية إدارة التغيير:

1. المنهج منظم هو المسهم الثاني أو الثالث في نجاح مشروع التغيير:

في ثلاث من الدراسات الخمس الأخيرة لأفضل ممارسات إدارة التغيير، استُشهِد باستخدام منهج منظم لإدارة التغيير باعتباره ثاني أكبر مساهم في النجاح بعد الدعم والرعاية من القيادة التنفيذية؛ حيث يعمل المنهج المنظم لإدارة التغيير على نقل المؤسسات بعيداً عن مجرد الاستجابة لمقاومة التغيير، ويوفر إطاراً قوياً لإشراك الموظفين المتأثرين وحشدهم لخدمة التغيير.

2. استخدم 70% من المشاركين في الدراسة منهجاً منظماً للتغيير:

أشار المشاركون أيضاً إلى ما إذا كانوا يستخدمون نهجاً منظماً لتغيير الإدارة أم لا، وأظهرت البيانات الواردة في دراسة عام 2017 انخفاضاً طفيفاً في عدد المشاركين الذين يتبعون منهجية معينة لإدارة التغيير، بينما زادت نسبة المشاركين الذين يستخدمون منهجية أكثر من الضعف بين عامي 2003 و2013؛ كما يستخدم 7 من كل 10 مشاريع منهجية منظمة لإدارة التغيير وفي 2017، بينما استخدم ما يقرب من 8 من كل 10 في دراسة 2013.

3. اختيرت منهجية إدارة التغيير لسهولة الاستخدام:

ذكر عدة عوامل لاختيار منهجية إدارة التغيير، وكان المعيار الرئيس هو سهولة استخدام المنهجية؛ فعندما تكون إدارة التغيير معقدة، تفشل في اكتساب قوة دفع في المنظمة، ويُنظَر إليها على أنَّها مشكلة أكثر من كونها أداة تقدم قيمة للمؤسسة وللمشروع؛ ومع ذلك، يمكن للمنهجيات التي يسهل استخدامها وشرحها للآخرين أن تكتسب قوة دفع كبيرة وتصبح مكوناً حيوياً لأنشطة المشروع.

4. بدأت أنشطة إدارة التغيير في وقت مبكر:

تبادل مشاركون في عدد من الدراسات البيانات حول بدئهم أنشطة إدارة التغيير خاصتهم، ومتى سيبدؤون أنشطتهم في المشروع التالي، وأظهرت البيانات تحيزاً ساحقاً نحو بدء إدارة التغيير في وقت مبكر من مشروع التغيير.

يمكن أن تكون أنشطة إدارة التغيير التي أُطلِقت في بداية المشروع أكثر استباقية في معالجة الجانب الإنساني/ الشخصي في التغيير؛ فعندما تُدخَل إدارة التغيير كإضافة في وقت متأخر من المشروع، فعادة ما يكون ذلك بمثابة عقلية “مكافحة الحرائق” والمساعدة في السيطرة على الضرر؛ وليس لقيادة التغيير.

رغم الاختلاف الكبير في المنهجيات التي طرحناها في هذا المقال، وتباين المنهجيات التي تستخدمها الآن في إدارة التغيير أو تنوي استخدامها مستقبلاً؛ فهذه الدراسات البحثية دلائل قاطعة على أهمية ودور منهجيات إدارة التغيير في إنجاح التغيير وقيادته إلى بر الأمان باحترافية وأقل الأضرار، وفي زمن قياسي.

 

السابق
قصة نجاح إيفان شبيغل مؤسس تطبيق سناب شات
التالي
دواء زيزال – Xyzal لعلاج أعراض التفاعل التحسسي والحساسية

اترك تعليقاً