نذكر لكم في المقال التالي مدة حكم الخلفاء الراشدين والمقصود بالخلافة ما كان سائد من نظام حكم كانت بدايته عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تعني (الإمامة، الحكم، أو الإمارة)، أما الخلافة بمعناها العام هي الخلافة على الناس كافة في جميع البلاد، وكانت بداية الخلافة الراشدة منذ العام الحادي عشر هجرياً عقب حادثة سقيفة بن ساعدة.
كان أول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد تم اختياره ليكون خليفة رسول الله بعد موته بالحكم عن طريق سقيفة بني ساعدة الواقعة بالمدينة المنورة التي كانت معروفة باسم يثرب آنذاك، بينما مدة الخلافة الراشدة فقد بلغت تسعة وعشرون عاماً حيث بدأت بالعام (632م)، وانتهت بعام (661م)، أما ما سوف نعرضه فيما يلي هو مدة حكم كل خليفة من الخلفاء الراشدين وأبرز ما حدث من أمور في تلك الحكم تلك.
مقدمة عن الخلفاء الراشدين
الخُلفاء الراشدين هُم من قاموا بتشكيل الخلافة الراشدة التي بدأ مدة حكمها سنة الحادي عشر هجرية، وكان أوّل الخُلفاء هو أبو بكر الصديق، وثانيهم أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، وثالثهم الخُلفاء عثمان بن عفّان، ورابعهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، وكانت بداية الخلافة الراشدة عقب وفاة الحبيب المصطفى عليه صلوات الله وسلامه، حينما اجتمع الأنصار بسقيفة بني ساعدة لكي يبايعوا سعد بن عبادة.
كان الأنصار ينقسمون آنذاك إلى الأوس والخزرج، وفور وفاة النبي الكريم بدأ ذلك الاجتماع حينما شعر الأنصار أنهم بحاجة ماسة لمن يتولى حكم البلاد وشؤون المسلمين، وفي ذلك الوقت وصلت أنباء ذلك الاجتماع إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي سارع بدوره إلى أبو بكر الصديق رضي الله عنهم فاتجهوا إلى سقيفة.
بدأت المجادلات والمناقشات حول من هو أحق بتولي الخلافة حيث رأى الأنصار أنهم أحق بها لأنهم نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، أما المهاجرين فكانت حجتهم أقوى إذ أنهم أول من آمن بمحمد صلوات الله عليه وسلامه، مما جعل الأنصار يقترحوا اقتسام الخلافة ما بين الأنصار والمهاجرين بحيث يتولى أمير من الأنصار وآخر من المهاجرين الخلافة، ولكن رفض أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الاقتراح وتمت مبايعة أبي بكر الصديق ليبدأ حكمه ويكون أول الخلفاء الراشدين.
مدة حكم الخلفاء الراشدين
سوف نوضح فيما يلي مدة حكم كل من الخلفاء الراشدين مع إيضاح ترتيب تولي كلاً منهم الخلافة:
الخليفة أبو بكر الصديق
- وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه المعتوق من النار وقد دامت فترة خلافته وحكمه ما يقرب من عامين حيث بدأت بالعام الحادي عشر هجرياً وانتهت بالعام الثالث عشر هجرياً، ومن أهم الأحداث التي تمت في عهده (ردة العرب عن دفع الزكاة ولكن ذلك سرعان ما تم إنهائه بعد قيام عدة حروب، كما قام بتوجيه جيوش المسلمين إلى بلاد الشام وغيرها من أجل الفتوحات، ووفقاً لوصية الرسول الحبيب قام بنفاذ جيش أسامة بن زيد لفتح بلاد الشام، ثم انتهت خلافته بوفاته عام 13هـ.
الخليفة عمر بن الخطاب
- بوصية من الخليفة أبو بكر الصديق قبل وفاته تولى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب الخلافة التي بدأت عام ثلاث عشر هجرية وانتهت بالعام الثالث والعشرون هجرية، وفي عهده تم إنجاز العديد من الأمور الهامة فهو أول من قام باتخاذ التاريخ الهجري بمثابة بداية للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من قام بإنشاء الدواوين.
- ومن أهم الإنجازات التي حدثت في عهده الخليفة عمر ابن الخطاب كثرة الفتوحات الإسلامية التي شملت العديد من البلاد منها (بلاد فارس، مصر والعراق)، وقد توفي طعناً على يد أبي لؤلؤة المجوسي بخنجر مسموم، وكان قبل وفاته قد وضع قانون الشورى ليتم عن طريقه اختيار من سيأتي بعده من الخلفاء.
الخليفة عثمان بن عفان
- بعد وفاة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة ليكون بذلك هو ثالث الخلفاء الراشدين وقد تمت توليته بناء على تطبيق واتباع قانون الشورى الموضوع من قبل أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب، وقد تم اختيار ستة من الصحابة بكي يطبق بينهم الشورى واختيار أحدهم للخلافة وهم (عثمان بن عفّان، عليّ بن أبي طالب، سعد بن أبي وقاص، عبد الرحمن بن عوف، طلحة بن عُبيد الله، والزبير بن العوام).
- ومن شروط قانون الشورى أن يتم الاتفاق على الخليفة واختياره في غضون ثلاثة أيام ليقع الاختيار على عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث بدأت فترة خلافته بالعام الثالث والعشرون هجرية حتى العام الخامس والثلاثون هجرية.
- وفي عهده تم القيام بالكثير من الإنجازات من بينها أنه هو أول من قام بجمع القرآن الكريم، وفي فترة خلافته تم فتح الشام وطرابلس وأرمينية، قبرص وغيرهم، وهون من قام بإنشاء أول أسطول إسلامي وظل الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه يباشر أمور خلافته إلى أن أن قامت الثورة ضده وانتهت فترة خلافته باستشهاده بعد حكم استمر اثني عشر عاماً، وقد لقب بذي النورين لأنه تزوج اثنتين من بنات الرسول.
الخليفة علي بن أبي طالب
- تمت مبايعة الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه من قبل المسلمون وهو ابن عم الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك عقب استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه، لتبدأ مدة حكم رابع الخلفاء الراشدين علي ابن أبي طالب بالعالم الخامس والثلاثون هجرية.
- وفي عهده دارت الكثير من الأحداث الهامة والمفصلية منها معركة الجمل بالعام السادس والثلاثون هجرية التي خرج بها كلاً من طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم مطالبين بالقصاص لعثمان بن عفان رضي الله عنه الذي مات مقتولاً ببيته أثناء قراءته القرآن بفترة الفتنة الكبرى.
- كما واجه علي ابن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم الذي كان رافضاً لمبايعة الإمام علي حيث دارت بينهم معركة صفين، وظل علي يباشر مهام الحكم والخلافة حتى استشهد على يد عبد الرحمن بن ملجم بضربة سيف أدت إلى وقاته بالعام الأربعون هجرية، وقد تولى الخلافة بعده ابنه الحسن بن علي رضي الله عنه ولكن فترة حكمه كانت قصيرة جداً حيث لم تتجاوز ستة أشهر.
عصر الخلفاء الراشدين
- كان المجتمع السكاني في ظل الخلافة الراشدة متماسكاً مترابطاً قوياً، وكان الغالبية العظمى منهم يتحدثون العربية مع وجود أقلية يتحدثون غيرها من اللغات مثل العبرانية، الفهلوية، القبطية، الآرامية، والرومية، الكرجية، والبربرية، والكردية، أما الديانة الرسمية والسائدة كانت الإسلامية مع وجود أقليات يدينون بديانات أخرى منها المسيحية واليهودية، الصابئية والمجوسية.
وبذلك فإن الخلافة الراشدة أو الدولة الراشدية تعد أولى دول الخلافة الإسلامية التي نشأت عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول عاصمة لها كانت المدينة المنورة منذ عام 632م حتى عام 656م، ثم صارت مدينة الكوفة هي العاصمة منذ عام 656م حتى عام 661م، وكانت رايتهم سوداء اللون، أما العملة الرسمية فكانت الدرهم والدينار، ويقوم فيها نظام الحكم على الشورى وليس الوراثة، كذلك فقد كانت تضم واحداً وثلاثين دولة.