ديني

التسامح في الاسلام

التسامح في الاسلام

اهمية التسامح في حياتنا

إنّ التسامح هو الصفح والعفو عند المقدرة والإنسانُ المسامح هو مَن لديه القدرةُ على نسيانِ ما مضى من الأحداث والمواقف المؤلمة وترك فكرة الانتقام، وينبع هذا الخلق من الإيمان بأن جميع الناس خطّاؤون وليس بالضرورةِ أن تكون الإساءة الصادرة منهم مقصودة، وفي هذا المقال سيتمّ التحدّث حولَ أهمية التسامح على الفرد والمجتمع، بالإضافة إلى التحدث عن أهمية الأخلاق الحميدة عمومًا.

حثَّ الإسلام على التحلي بالأخلاق الفاضلة والحميدة ومنها التسامح، فإذا سادَ التسامحُ في المجتمع فإنه سيعطي نتائجَ إيجابيّة على المجتمعات وبين الأفراد، ومن الفوائد التي تقرُّ أهمية التسامح على الفرد والمجتمع:

  • الإسهام بغرس المحبّة في نفوس أبناء المجتمع، والتخلص من العداوة والبغضاء التي ترافق فكرة الانتقام، قال تعالى: “ولَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم”.
  • الإسهام بالتخلّص من المشكلات التي تنجم عن تراكم المواقف بين الأفراد، مما يفتح المجال أمامهم للتركيز في البناء والتطوير والنهوض بالمجتمع.
  • المحافظة على صحّة الفرد ووقايته من الأمراض التي قد تفتكُ بجسدِه بسبب العداوة والبغضاء، لأن التسامح يسبّبُ الراحةَ النفسيّة والاسترخاء.
  • تحسين قدرة الفرد على ضبط نفسه وتدريبها على عدم الانفعال والعصبية والتفكير بطريقة سلبية.
  • تحفيز الفرد ليكون ذو شخصية إيجابية ومرحة وأكثر انشغالًا بتنمية نفسه وتطويرها لتلبية طموحاته.
  • الفوز بمحبة الآخرين وتقديرهم؛ لأن الإنسان المسامح يعفو عن الزلات والغلطات التي قد تحدث من دون قصد.
  • كسب مغفرة الله تعالى والفوز بمحبته وجنته، والفوز بالعزة يوم القيامة، قال تعالى: “ولْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

مظاهر التسامح

من مظاهر التسامح : ما وجد بين المسلمين من أخوة ومحبة لم تعرفِ الدنيا لها مثيلاً، وهذا مقتضى الإيمان الذي يربط بين أهله برباط العقيدة الوثيق؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].

وقد أثبت التاريخُ والواقع أنْ لا رباطَ أقوى من العقيدة، وأن لا عقيدة أقوى من الإسلام، ومن ثمرات هذا الإخاء الحقِّ: التعاطفُ والتراحم، وهو ما صوره الحديثُ الشريف: ((مَثَل المسلمين في توادِّهم وتعاطفهم وتراحمهم كمَثَل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الأعضاء بالحمَّى والسهر)).

وكذلك “التساند والتعاون”، وهو المظهر العملي للإخاء والتراحم، والتعاون الإسلامي مجاله البر والتقوى، وليس الإثم والعدوان؛ كما بيَّن ذلك القرآن الكريم: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

ولهذا حرم الإسلام الربا والاحتكار؛ لِما فيهما من استغلال القويِّ للضعيف، وقد مثَّل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ((المؤمن للمؤمن كالبنيان؛ يشد بعضُه بعضًا)).

وهو يشمل التعاونَ بين أفراد الشعب وفئاته بعضهم وبعض، أو بين الشعب والحاكم.

وأيضًا “التكافل والتضامن”؛ بحيث ينهض القوي بالضعيف، ويعود الغني على الفقير، ولا يضيع عاجز ولا مسكين في هذا المجتمع، والحد الأدنى في ذلك هو فريضة الزكاة – الركن الثالث في الإسلام – والتكافلُ الإسلامي يستوعب كلَّ جوانب الحياة ماديةً ومعنوية؛ فهو تكافل معيشي وعلمي وأدبي وعسكري، إلى غير ذلك.

فوائد التسامح في الاسلام

للتسامح العديد من الفوائد والثمار، يُذكر منها:

  • بذل الرحمة بالمسيء، وتقدير جانب الضعف البشري لديه.
  • امتثال أوامر الله سبحانه، وطلب العفو والمغفرة منه.
  • توثيق الروابط والعلاقات الاجتماعية التي تضعف بسبب الإساءة والجناية من الأفراد على بعضهم البعض.
  • نيل رضا الله سبحانه، وتحقيق التقوى في القلب، إذ إنّ التسامح صفةً من صفات المتقين.
  • الشعور بالراحة والسكينة في النفس، إضافةً إلى الاستقرار والطمأنينة.
  • نشر الألفة والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع.
  • كسب المتسامح محبة الله ومحبة الناس.
  • نيل العزة والمنعة والقوة، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزّاً).

احاديث عن التسامح في الإسلام

يؤكد الرسول –صلى الله عليه وسلم– على ضرورة حب الخير للناس وعلى التسامح والعفو في عدة أحاديث منها:

  • عن أبي هريرة –رضي الله عنه– قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: “لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ” [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وينهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث المسلمين عن عدة أمور تسبب الكره والبغضاء بين الناس منها التحاسد؛ وهو أن يتمنى المسلم زوال النعمة عن أخيه المسلم، والتناجش، يعني أن يزيد في السلعة وهو لا يريد الشراء بقصد الإيذاء، والتباغض وهو فعل أي عمل يؤدي إلى نشر البغض بين الناس، ويدعو -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بأن يتآخوا بينهم في جلب المنافع ورد الضرر، ويؤكد على ضرورة صلاح القلب؛ فبه تصلح سائر الجوارح.
  • عن أَنسٍ -رضي الله عنه-، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن من تمام الإيمان أن يحب المؤمن لأخيه كل ما يحبه لنفسه من الصحة والسمعة الحسنة وعموم الخير؛ فهي تعم الطاعات والخير في الدنيا والآخرة، وهذا يسير على القلب السليم.
  • قيل: يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أفضلُ؟ قال: “كلُّ مَخمومِ القلبِ صَدوقُ اللِّسانِ، قالوا: صَدوقُ اللِّسانِ نعرِفُه، فما مَخمومُ القلبِ؟ قال: هو التَّقيُّ النَّقيُّ لا إثمَ فيه ولا بَغيَ، ولا غِلَّ، ولا حسَد” [المصدر: الترغيب والتهريب | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].

نتائج التسامح

للتسامح نتائج نفسية واجتماعية:

النتائج النفسية لاحظ علماء الطبّ السلوكيّ أنّ للتسامح آثاراً إيجابيّةً كثيرةً تعود على الفرد من الناحية النفسية، وهي: انخفاض ضغط الدم، والتقليل من التوتر، حيث أشارت دراسة أجريت على مئةٍ وسبعة طالبٍ جامعيٍّ لقياس مدى التسامح عندهم من خلال تذكّر مواقف شعروا فيها بالخيانة، فوجدوا أنّ عشرين طالباً ممن صنفوا على أنّهم غير متسامحين؛ أظهروا نتائج سلبيةً في معدلات ضغط الدم، وازداد لديهم التوتر العضلي في الجبهة، وذلك مقارنةً مع عشرين من الطلاب المتسامحين، هذا ويشار إلى أنّ التسامح يزيد احترام ومحبة الآخرين، وينشر الطمأنينة والرخاء بين أفراد المجتمع، عدا عن محبة الله -عزّ وجلّ- للفرد المتسامح، لقول الله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

النتائج الاجتماعية تخلّق الأنبياء في دعوتهم بخلق التسامح؛ لما له من أثرٍ في إزالة البغض والكراهية بين الناس، وتزكية النفوس، وتطهير القلوب، والدعوة إالى قَبول الطرف الآخر حتى وان اختلف معه في توجّهاته ومعتقداته، والحدّ من المشاعر السلبية، كما يلعب التسامح دوراً مهماً في بناء العلاقات الاجتماعية، وتوثيق الصلة بين أفراد المجتمع، وتأصيل مبدأ التكافل والتكاتف المجتمعيّ.

السابق
فوائد صلة الرحم
التالي
أهم المناطق السياحية في تونس

اترك تعليقاً