ديني

عمرو بن العاص (فاتح مصر)

أعمال عمرو بن العاص

تميّز عمرو بن العاص بالشجاعة، والحكمة، والذكاء، والدهاء، وكان له الفضل في رفع لواء الإسلام والمسلمين في بلاد الشام،

ومن أهمّ أعماله:

  • ولّاه الرسول في غزوة ذات السلاسل
  • وحارب المرتدّين بعد وفاة النبيّ
  • وتولّى قيادة جيش في معركة اليرموك وهزم الروم
  • وفتح عدّة مُدن من فلسطين، منها: غزة، وعمواس، ويافا، كما فتح مصر وحكمها بعد أن هزم الروم وكسر شوكتهم، وأسّس مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان؛ لنقل الغنائم إلى الحجاز عن طريق البحر

 

وصف شكل عمرو بن العاص

قصة عمرو بن العاص كاملة

عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ يُكنى أبا عبد الله وأبا محمد، من فرسان قريش وأبطالهم المعدودين، كان معدوداً من دهاة العرب وشجعانهم وذوي آرائهم، ولذلك أرسلته قريش إلى النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده، وقد قال عنه الذهبي في كتابه سِيَر أعلام النبلاء: ” عمرو بن العاص بن وائل، الإمام أبو عبد الله، ويقال أبو محمد السهمي، داهية قريش، ورجل العالم، ومن يضرب به المثل في الفطنة، والدهاء، والحزم ” ، وقال عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أسلم الناسُ، وآمن عمرو بن العاص ) رواه الترمذي وحسنه الألباني

بعد صلح الحديبية الذي كان مقدمة ومفتاحا لفتح مكة، أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة ـ رضي الله عنهم ـ، وقد أسلم بإسلام هؤلاء كثير من أهل مكة واتّبعوا دين الحق، وبذلك قويت شوكة الإسلام، وأصبح فتح مكة أبوابها أمراً لا شك فيه . قال ابن القيم: ” كانت الهدنةُ مقدِّمةً بين يدي الفتح الأعظم، الذي أعز اللهُ به رسوله وجندَه، ودخل الناس به في دين الله أفواجًا، فكانت هذه الهدنة بابًا له ومفتاحًا ومؤذنًا بين يديه، وهذه عادة الله في الأمور العظام التي يقضيها قدرًا وشرعًا أن يوطِّئَ لها بين يديها بمقدِّمات وتوطيئات تؤذنُ لها وتدل عليها ” .

وقد روى ابن هشام في السيرة النبوية، وأحمد في مسنده قصة إسلام عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ فقال: ” عن حبيب بن أبي أوس الثقفي، قال: حدثني عمرو بن العاص مِنْ فِيه، قال: لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش، كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكراً، وإني قد رأيت أمراً، فما ترون فيه؟، قالوا: وماذا رأيتَ؟، قال: رأيتُ أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنَّا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن مَنْ قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خير، قالوا: إنَّ هذا الرأي، فاجمعوا لنا ما نهديه له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم (الجلد)، فجمعنا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده، قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه، فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها (كفيتها) حين قتلت رسول محمد، قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحبا بصديقي، أهديت إلي من بلادك شيئا؟، قال: قلت: نعم، أيها الملك، قد أهديت إليك أدما كثيرا، قال: ثم قربته إليه، فأعجبه واشتهاه ثم قلت له: أيها الملك، إني قد رأيت رجلا خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال: فغضب، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا (خوفاً) منه، ثم قلت له: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله!، قال: قلت: أيها الملك، أكذاك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال: قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟، قال: نعم، فبسط يده، فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت أصحابي إسلامي ” .

اجتماع عمرو وخالد في دخول الإسلام :

يُكمل عمرو ـ رضي الله عنه ـ الحديث فيقول: ( ثم خرجت عامدا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأسلم، فلقيتُ خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟، قال: والله لقد استقام المنسم (تبين لي الطريق ووضح)، وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم، فحتى متى (لا نُسلم)؟، قال: قلتُ: والله ما جئت إلا لأسلم، قال: فقدمنا المدينة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( يا عمرو، بايع، فإن الإسلام يجب (يقطع ويمحو) ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها، قال: فبايعته، ثم انصرفت ) .

لما أسلم عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقربه ويدنيه منه، وقد بعث إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوماً وقال له: (خُذْ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتِني، قال: فأتيته وهو يتوضأ فصعَّدَ فيَّ النَّظَرِ ثم طَأطأَهُ فقال: إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلِّمُكَ اللَّهُ ويغنِّمُكَ، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: قلت: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: يا عمرو، نِعمَ المال الصالح للمرء الصالح ) رواه أحمد .
لقد أدرك عمرو ـ رضي الله عنه ـ فضل السابقين عليه من الصحابة، وأدرك أيضًا تقدير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقدراته، وأن عليه أن يبذل الكثير للَّحاق بمن سبقوه بإنجازاتهم العظيمة .. وذلك لأن عمْراً ـ رضي الله عنه ـ ليس رجلًا عاديًا يقنع باعتناق الإسلام فقط دون أن يكون له دور في حياته ومستقبله، ومن ثم فهو يبحث عن أعمال يخدم به هذا الإسلام العظيم، ليعوض ذلك الفرق الذي قطعه وسبقه به أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وبقية المهاجرين والأنصار ـ رضي الله عنهم ـ أجمعين .
وإذا كان عمرو ـ رضي الله عنه ـ صاحب دور بارز في الجاهلية، فليس من المُتَوَقَع أن يخبو وهجه ودوره بعد إسلامه، خاصة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يستثمر طاقات وإمكانيات أصحابه نحو الأفضل والأسمى، وقدْ كان، فبعد أن ترك عمرو ـ رضي الله عنه ـ تلك الأصنام والأوثان وشرُفَ بالتوحيد والإسلام، ولَّاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إمرة جيش المسلمين في ” ذات السلاسل ” بعد إسلامه بشهرين، ثم استعمله على عمان، وسار بعد ذلك ـ رضي الله عنه ـ على مشارف أعظم دولتين في العالم فارس والروم، في فتوحات وانتصارات للإسلام والمسلمين، فهو الذي افتتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية .. ويكفيه فخراً وشرفاً أن مصر دخلت الإسلام على يديه ..

وفاته :

توفي عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ بمصر في العام الثالث والأربعين من الهجرة النبوية، وقد تجاوز عمره التسعين سنة، وقد روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نحو أربعين حديثاً .

عمرو بن العاص عند الشيعة

هويته الشخصية
اسمه وكنيته
اسمه: عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي السهمي.

كنيته: أبا عبد اللَّه، وأبا محمد.

نسبه
أبوه: العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بْن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، ونقل المفسرون أنَّ العاص بن وائل نزلت فيه عدة آيات، ومنها قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾،فقد كان من كبار المستهزئين بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم،وكذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾،فإنَّ العاص وقف مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُكلمه، فقال له جمع من صناديد قريش: مع من كنت واقفا؟ فقال: مع ذلك الأبتر، فأنزل الله تعالى سورة الكوثر وسمى شانئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم العاص بن وائل بالأبتر.

كان العاص نديما لهشام بن المغيرة، وأدرك الإسلام، وظلّ على الشرك، ومن (الزنادقة) الذين ماتوا كفارا وثنيين.

أمه: النابغة، كانت أمة رجل من عنزة فسُبيت، فاشتراها عبد الله بن جدعان، فكانت بغيا ثم عُتقت، ووقع عليها أبو لهب، وأميّة بن خلف، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل، في طهر واحد، فولدت عمرا، فادعاه كلهم، فحكمت فيه أمه، فقالت: هو للعاص لأن العاص كان ينفق عليها، وقالوا: كان أشبه بأبي سفيان.

ولادته ووفاته
لم يُذكر لولادة عمرو بن العاص تاريخ محدد، ولكن ذكروا عنه أنه كان أسن من عمر بن الخطاب، فقد كان يقول: إِني لأذكر الليلة التي ولد فيها عمر.

قيل: أنه مات سنة 43 هـ، وقيل: سنة 47 هـ، وقيل: سنة 48 هـ، وقيل: سنة 51 هـ، وكان موته بمصر، وصلى عليه ابنه عبد اللَّه، ودفن بالمقطم، عن عمر ناهز التسعين عاما.

زوجاته وأولاده
ولد لعمرو بن العاص ولدين، وهما:

عبد الله بن عمرو، وأمه: ريطة بنت منبه بن الحجاج بن عامر.
محمد بن عمرو، وأمه من بلي،لا عقب له.
إسلامه
ذُكِرَ في قصة إسلامه أنه كان رسول قريش إلى النجاشي لكي يُسلّم من عنده من المسلمين لهم من الذين هاجروا للحبشة، فلم يُسلمهم النجاشي لهم، وقال لعمرو بن العاص: يا عمرو، وكيف يعزب عنك أمر ابن عمك، فوالله إنه لرسول اللَّه حقا! فأخذ عمرو بكلام النجاشي وخرج من عنده مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلم عام خيبر، وقيل: أسلم عند النجاشي، وهاجر إِلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: كان إسلامه في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، وقدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة العبدري وأعلنوا إسلامهم.

مناصبه

تولى عمرو بن العاص عدة مناصب حكومية، وهي:

قال عروة: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن العاص في بلي، وهم أخوال العاص بن وائل، وبعثه فيمن يليهم من قُضَاعة وأمّره عليهم، وهي سرية ذات السلاسل، وذكرت بعض المصادر التاريخية أن هذه السرية كانت بقيادة أمير المؤمنين علي عليه السلام،ثم سيّر أبو بكر عمرو بن العاص أميرا إلى الشام، ثم ولاه عمر بن الخطاب فلسطين وسيّره بجيش إلى مصر فافتتحها وبقي واليا على مصر إلى أن مات عمر بن الخطاب فأمره عليها عثمان بن عفان أربع سنين، ثم عزله عنها واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فاعتزل عمرو بفلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانا، وكان يطعن على عثمان، فلما قتل عثمان سار إِلى معاوية، وعاضده، وشهد معه صفين، ثم سيّره معاوية إِلى مصر فأخذها من يد محمد بن أبي بكر، وهو عامل لعلي عليه السلام عليها بقتله، واستعمله معاوية عليها إِلى أن مات فيها.

بحث عن عمرو بن العاص pdf

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B5-%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%AF-pdf

عمرو بن العاص ومعاوية

وكان السبب أنه لما أحيط بعثمان خرج عمرو بن العاص من المدينة وقال‏:‏ من لم يستطع نصر هذا الرجل فليهرب فسار وسار معه ابناه فبينما هو في بعض الأماكن مر به راكب فقال‏:‏ ما الخبر قال‏:‏ تركت الرجل محصورًا ثم مكثوا أيامًا فمر بهم راكب فقال‏:‏ قتل عثمان وبويع لعلي‏.‏

فارتحل عمرو وابناه يبكي بكاء المرأة ويقول‏:‏ واعثماناه حتى نزل دمشق وبلغه مسير طلحة والزبير وعائشة فقال‏:‏ استأنِ وانظر ما يصنعون فأتاه الخبر بأن طلحة والزبير قتلا فارتج عليه أمره فقيل له‏:‏ إن معاوية يحرض على الطلب بدم عثمان فقال لابنيه‏:‏ ما تريان فقال عبد الله‏:‏ أرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس على إمام فتبايعه فقال محمد‏:‏ أنت ناب من أنياب العرب فلا أرى أن يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوت ولا ذكر فقال‏:‏ أما أنت يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في آخرتي وأسلم لي في ديني‏.‏

وأما أنت يا محمد فأمرتني بالذي هو أنبه لي في دنياي وشر لي في آخرتي‏.‏

ثم خرج عمرو حتى قدم على معاوية فرأى أهل الشام يحضون معاوية على الطلب بدم عثمان فقال‏:‏ عمرو أنتم على الحق اطلبوا بدم الخليفة المظلوم – ومعاوية لا يلتفت إليه – فدخل إلى معاوية فقال له‏:‏ والله إن أمرك لَعَجب لا أراك تلتفت إلى هؤلاء أما إن قاتلنا معك فإن في النفس ما فيها حتى نقاتل من تعلم فضله وقرابته ولكنا إنما أردنا هذه الدنيا فصالحه معاوية بعد ذلك وعطف عليه‏.‏

إسلام عمرو بن العاص

عن حبيب الثقفي قال: حدثني عمرو بن العاص من فيه فقال: لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوًا منكرًا، وإني قد رأيت أمرًا فما ترون فيه؟ قالوا: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن تلحقوا بالنجاشي فتكونوا عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدى محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خير، قالوا: إن هذا لرأي، قلت: فاجمعوا لنا ما نهديه له، وكان أحب ما يُهدى إليه من أرضنا الأُدم – الجلود المدبوغة -، فجمعنا له أدمًا كثيرًا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده إذا جاءه، عمرو بن أمية الضمري، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال: فدخل عليه، ثم خرج من عنده، قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه، فضربت عنقه. فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول رسول الله.

قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحبًا بصديقي، أهديت إليَّ من بلادك شيئًا؟ قال: قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت إليك أدمًا كثيرًا، قال: ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطينه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال: فغضب، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقًا منه، ثم قلت له: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟! قال: قلت: أيها الملك، أكذلك؟ قال: ويحك يا عمرو: أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خلفه كما ظهر موسى على من على فرعون وجنوده. قال: قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي، وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت أصحابي إسلامي.

ثم خرجت عامدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم – مثل يضرب للأمر الواضح – وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم، حتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئت إلا لأسلم، قال: فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم، وبايع، ثم دنوت فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجبُّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها”. قال: فبايعته، ثم انصرفت

عمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب

ذهب كل من الحكمين إلى كل فريق على حدة، وأخذا منهما العهود والمواثيق أنهما أي الحكمان آمنان على أنفسهما، وعلى أهليهما، وأن الأمة كلها عونٌ لهما على ما يريان، وأن على الجميع أن يطيع على ما في هذه الصحيفة، فأعطاهم القوم العهود والمواثيق على ذلك، فجلسا سويًا، واتفقا على أنهما يجلسان للحكم في رمضان من نفس العام، وكان حينئذ في شهر صفر سنة 37 هـ.

متن صحيفة التحكيم
كتبت صحيفة التحكيم على النحو التالي: ” بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى علي على أهل الكوفة و من معهم من شيعتهم من المؤمنين و المسلمين، و قاضي معاوية على أهل الشام و من كان معهم من المؤمنين و المسلمين، إنا ننزل عند حكم الله عز و جل وكتابه، و لا يجمع بيننا غيره، و إن كتاب الله عز وجل بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وَجد الحكمان في كتاب الله عز وجل عملا به، وما لم يجدا في كتاب الله عز وجل فالسُنّة العادلة الجامعة غير المفرقة”.

الذين شهدوا التحكيم من الفريقين
وشهد هذا الاجتماع عشرة من كل فريق، فمن أصحاب علي بن أبي طالب شهد كلا من: عبد الله بن عباس، الأشعث بن قيس الكندي، و سعيد بن قيس الهمداني، حجر بن عدي الكندي، عقبة بن زياد الحضرمي…

و شهد من أصحاب معاوية بن أبي سفيان كلا من: أبو الأعور السلمي، حبيب بن مسلمة الفهري، عبد الرحمن بن خالد المخزومي، يزيد بن الحر العبسي، حمزة بم مالك الهمداني…

التقاء الحَكمين
اجتمع الحكمان في دومة الجندل بأذرح، وكان عمرو بن العاص المفاوض من قبل جيش معاوية بن أبي سفيان، وأبو موسى الأشعري المفاوض من قبل جيش علي بن أبي طالب، وتوقف القتال وأذن علي بالرحيل إلى الكوفة، وتحرك معاوية بجيشه نحو الشام، وأمر كل منهما بإطلاق أسرى الفريق الآخر وعاد كل إلى بلده.

 

السابق
دواء إريترودار فورت – Erythrodar Forte لعلاج التهاب حب الشباب الشائع الخفيف إلى المتوسط.
التالي
دواء إزرين – eserine يستخدم العلاج كدرياق

اترك تعليقاً