ديني

فضائل قيام الليل في رمضان

فضائل قيام الليل في رمضان

فضائل قيام الليل في رمضان

يختصّ قيام الليل في شهر رمضان بالعديد من الفضائل والبركات، ومنها ما يأتي:

  • يعلم المسلم أنّ قيام الليل سببٌ لغفران السيّئات، وتجاوُز الزلّات، وإقالة العثرات، وتقبُّل الطاعات، ويفعل ذلك اتِّباعاً لقول الحبيب المصطفى- صلّى الله عليه وسلّم: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
  • يحرص المسلم على قيام الليل اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي داوم على قيام الليل حتى تشقَّقت قدماه الشريفتان من طول القيام، وقد سألته عائشة -رضي الله عنها- مستغربةً من شدّة حِرصه على قيام الليل، فقالت: (لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).
  • يواظب المسلم في شهر رمضان على التزوُّد من الطاعات، فيجتهد في أداء صلاة النافلة، ويتحيّن الأوقات المباركة ليُصلّي فيها قيام الليل لعلّه يوافق ساعة الاستجابة التي أخبر عنها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ)
  • يتجنّب المسلم أن يكون من أهل الغفلة الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذِكر الله -تعالى-، وأبعدهم عن طاعته، وقد بيَّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك، فقال: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ)
  • يُعَدّ قيام الليل من الطرق التي تُهيّئ المسلم ليكون من أصحاب الجنّة، وقد ذكر النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- وَصف غُرف في الجنّة لمَن يقوم في الليل، فقال: (إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، و باطِنُها من ظَاهِرِها . فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ : لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، و باتَ قائِمًا و الناسُ نِيامٌ).
  • ينال المسلم بقيامه الليل الرحمة من الله -تعالى-، وقد دعا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالرحمة لكلٍّ من الزوجين إذا قام أحدهما يصلّي بالليل، ثمّ أيقظ الآخر للصلاة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (رحمَ اللهُ رجلاٌ قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ).
  • تُعَدّ صلاة الليل من الأمور التي تُربّي النفس الإنسانيّة على إخلاص العبادة والعمل لله -تعالى-؛ فقيام الإنسان وحيداً حيث لا يراه الناس يقطع عنه الرياء، وحبّ السُّمعة والشُّهرة.
  • جعل الله -تعالى- قيام الليل سبيلاً للمسلم حتى يصبح من أهل الإحسان، قال الله -تعالى- في كتابه العزيز مُبيِّناً صفات المُحسِنين: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
  • يدلّ قيام الليل على حبّ الله -تعالى- لعبده؛ فالله -تعالى- إذا أحبّ عبداً من عباده سهّل عليه طاعته، وحبَّب إليه عبادته، وشرح صدره للهدى والنور، وقد ذكر الله -تعالى- هذه النعمة التي تفضّل بها على نبيّه، فقال: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، فمن علامات توفيق العبد أن يشرح الله صدره وقلبه للطاعات، ويكون مقبلاً إليها؛ مُتشوِّقاً إلى أدائها، ومُحافظاً عليها، فيندم ويتألّم إذا فاته نصيبه من قيام الليل؛ لعلمه أنّه حُرِم لذّة الوقوف بين يدَي الله -تعالى-.
  • يُشير قيام الليل إلى تعلُّق العبد بالدار الآخرة وحبّه لها، وهذا ممّا يستوجب الثناء من الله -تعالى-، قال -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، فالخوف من الله -تعالى-، والرغبة فيما عنده من أعلى منازل العبوديّة، وقد أرشد النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- أمّته إلى أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-، وذكر منها ركعتَين يُصلّيهما المسلم في ظلمة الليل.
  • يُعَدّ قيام رمضان من خِصال الإيمان التي يبادر المسلم إلى امتثالها؛ احتساباً للأجر من الله -تعالى-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)
  • يبلغ به المسلم منزلة الشهداء والصالحين، وهذا من فضل الله -تعالى- وكرمه على عباده، ففي الحديث أنّ رجلاً أتى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يسأله عن منزلته إن هو أدّى الشهادتَين، وصلّى الصلاة المكتوبة، وأعطى الزكاة، وصام شهر رمضان، وقام ليله، فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ).
  • تنهى الصلاة المسلم عن اقتراف الفواحش والمنكرات، وهي سبب في البُعد عن المعاصي والآثام، قال -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، وبها يمحو الله -تعالى- الذنوب والسيِّئات

فضائل القيام في العشر الأواخر وليلة القدر

ميّز الله -تعالى- العشر الأواخر من رمضان عن بقيّة الأيّام، وجعل فيها ليلة القدر، وفضَّل فيها العمل الصالح، ومن ذلك قيام الليل، وفيما يأتي بيان لفضائل قيام الليل في العشر الأواخر، وفي ليلة القدر من شهر رمضان:

  • خصّ الله -عزّ وجلّ- ليالي العشر الأواخر من رمضان على سائر الليالي بالفضل والبركة، كما خصّ الله -تعالى- من الليالي ليلة القدر، روت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن عبادة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في العشر الأواخر، فقالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ)،وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على الاجتهاد بالعبادة والقيام في هذه الليالي المباركة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ).
  • فضَّل الله -تعالى- العبادة في ليلة القدر على عبادة ألف شهر، وهو ما يعادل عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة اشهر، وهذا من رحمة الله -تعالى- بالأمّة الإسلامية، فقد كانت أعمار الأقوام السابقة طويلة، أمّا أعمار أمّة الإسلام فهي قصيرة، فعوّضهم الله -تعالى- بليلة القدر، قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)،وقد خصّ الله -تعالى- الأمّة الإسلامية بليلة القدر، ورفع الله -تعالى- من شأن هذه الليلة، وبيّن لنبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- ما لها من فضل ورفعة قَدر عنده -سبحانه وتعالى-، وقد جعلها الله -عزّ وجلّ- في ليالي العشر الأواخر من رمضان، فقد رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ)
  • تنزُّل الملائكة الكرام في ليلة القدر بكثرة، قال -سبحانه-: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ)، وتهبط معهم السكينة، وتحلّ البركة والرحمة بالمؤمنين، فتشهد الملائكة تلاوة القرآن، وتحفُّ حلقات العلم والذكر بالرحمة والطمأنينة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
  • يغفر الله -سبحانه وتعالى- الذنوب؛ إذ وعد من يصوم شهر رمضان، ويقوم ليله إيماناً واحتساباً بمغفرة جميع ما مضى من الذنوب والمعاصي، قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، فخصّ الله تعالى ليلة القدر بهذا الفضل، وشرّفها على بقيّة ليالي شهر رمضان، ولهذا يحرص المسلم على الاجتهاد في العبادة في الليالي العشر الأواخر؛ التماساً لليلة القدر.
  • يحبس الله -تعالى- في ليلة القدر مردة الجنّ، وتُقيَّد أيضاً عفاريت الجنّ، ويفتح الله جميع أبواب السماء والجِنان، وتُغلق أبواب النيران، ويقبل الله -تعالى- توبة التائبين، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ) لذلك وصف الله -تعالى- هذه الليلة المباركة بالسلام، فقال -سبحانه وتعالى-: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)،] وقد وصف الله -تعالى- ليلة القدر في كتابه الكريم بالليلة المباركة، فقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ)؛ إذ ينشر فيها بركته، وفضله على الناس، ويعطيهم من خيره الكثير، ويُثيبهم الأجرَ العظيم.

اغتنام قيام الليل

يسعى المسلم في حياته إلى توثيق صلته بربّه وخالقه، فإذا هبط الليل، وجنَّ الظلام، قام المسلم مجتهداً بين يدَي الله -تعالى- يدعوه ويناجيه، ويتعرّض لنسائم رحمته؛ ففي جوف الليل يصفو الذهن، وتسكن النفس، ويتّصل القلب بخالقه، ويتهيّأ لنزول الخيرات، فيجمع المسلم في قيام الليل بين التفكُّر في آيات الله -سبحانه وتعالى-، ومعرفة كنوز القرآن الكريم وأسراره، وجمال الخضوع والانكسار بين يدي الله -تعالى- ولذّته راكعاً وساجداً، والأفضل للمسلم في شهر رمضان أن لا يكتفي بأداء صلاة التراويح، وإنّما يجعل لنفسه نصيباً من الصلاة في ثُلث الليل الأخير قُبَيل طلوع الفجر، فيقوم للتهجُّد، وقراءة الأذكار، وتلاوة آيات القرآن، والاستغفار في الأسحار، وقد نُقِل عن بعض الصالحين قوله إنّ نعيم أهل الجنة لا يشبهه شيءٌ في الدنيا سوى ما يجده أهل قيام الليل في قلوبهم من حلاوة مناجاة الله -تعالى-.

السابق
تعلم الصبر والجلد
التالي
فوائد السجود طبياً

اترك تعليقاً