ديني

فضل الصلاة على وقتها

حكم الصلاة بعد فوات وقتها

فضل الصلاة على وقتها

إنّ للصلاة شأناً عظيماً في ديننا الحنيف، ويعدّ الالتزام بها وأداؤها في أوقاتها من أجلِّ وأسمى ما يتقرّب به المسلم إلى الله، كما ورد في حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: (سَأَلْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ)، وقوله -عليه السلام- “الصلاة على وقتها”؛ أي أداؤها في أوّل الوقت، فيتضح من الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عدّ أداء الصلاة في أوّل وقتها والمبادرة إليها من أفضل الأعمال البدنيّة التي يتقرّب بها المسلم إلى الله -تعالى-،وعليه فإن ترك المسلم صلاته لآخر الوقت يعدّ تهاوناً وتقصيراً منه في حق الصلاة، إلا إذا كان عنده عذرٌ مقبول. وللصلاة فضائل كثيرة، ينالها المسلم إذا حرص على أدائها ولم يتراخَ عنها، ومنها:

  • أحبّ الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها، وهي سببٌ في دخول الجنة، فقد وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يصلّي البردين؛ أي صلاتيّ الفجر والعصر بدخول الجنة.
  • سببٌ في مضاعفة وتعظيم الأجور؛ فقد ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(أصبِحوا بالصُّبحِ فإنَّهُ أعظمُ لأجورِكم)، مما يدلّ على أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يبكّر في صلاة الفجر وباقي الصلوات ولا يتركها لآخر وقتها.

مكانة الصلاة

الصلاة في الدين الإسلاميّ لها مكانة تميّزها عن سائر العبادات، وفيما يأتي ما يدلّ على عظمتها وعلوّ شأنها:

  • الصلاة عمود الدين، فلا يقوم الدين ولا يكتمل إلا بها.
  • هي ثاني أركان الإسلام وأعظمها بعد الشهادتين.
  • هي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة.
  • الصلاة فُرضت في السماء، عندما أُسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات العلا، على عكس العبادات الأخرى التي فرضها الله -تعالى- على عباده بواسطة الوحي جبريل -عليه السلام-، فَفَرْضها مباشرةً دون واسطة وحي يعطيها طابع سماوي مختلف.
  • ورود الصلاة في الشرائع السماوية الأخرى، ففي القرآن الكريم أمثلة كثيرة على ورود أمر الصلاة في شريعة إبراهيم وإسماعيل وموسى وزكريا -عليهم السلام-، ومن ذلك قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)، واهتمام الأنبياء -عليهم السلام- ببناء المساجد ما هو إلا دليل على تعظيمهم لشأن الصلاة، فالكعبة الشريفة بناها إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، والمسجد الأقصى بناه سيدنا سليمان بن داود-عليها السلام-، والمسجد النبوي بناه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
  • الصلاة لا تسقطُ عن المسلم بأيّ حالٍ كان، سواءً كان مريضاً أو مسافراً أو غير ذلك، وإنما تُخفّف عنه في أحكامٍ خاصة؛ وذلك لأهمّيتها.
  • عِظم أجر الصلاة دليلٌ على عِظم شأنها، والأدلة في ذلك كثيرة لا تُحصى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا).
  • جُعلت الصلاة سبباً في فلاح المسلم ونجاته، قال الله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ). كما أنّ تركها سببٌ للخزي والضياع في الدنيا والآخرة، والتقاعس عنها من صفات المنافقين.
  • الصلاة محاطةٌ بالكثير من الأوامر والنواهي التي تجعلها مقبولة عند الله -تعالى-، ومن ذلك أن الله أوجب الخشوع في الصلاة، واشترط الطهارة لقبولها، وشرع لها الأذان، وأمر ببناء المساجد وإعمارها، ونهى عن كل ما قد يُبطلها أو يشغل المسلم عنها.

آثار الصلاة على النفس

إنّ للصلاة آثاراً كثيرة تعود على المسلم إذا التزم بها؛ فهي تهذّبه وتربّيه، وتبعده عن الوقوع في المنكرات، قال الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)،وتجعل المسلم يُعظّم خالقه، ويقرّ بربوبيّته وألوهيّته في كل ركعة يصلّيها، كما تجعله حريصاً على التحلّي بمكارم الأخلاق؛ فيبتعد عن كل ما قد يبطل صلاته من غشٍّ وكذبٍ وظلمٍ. ومن أجمل ما تصقل به الصلاة نفس المسلم أنها تعينه على تحمل شدائد ومصائب الدنيا، وتعينه على الصبر، فلو تأمّلنا نصوص القرآن الكريم لوجدنا اقتران الصلاة بالصبر في كثيرٍ من الآيات، قال الله -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)وحسْب المصلّي ما ينعم به من سكونٍ وطمأنينةٍ، فهو في راحةٍ وسكينةٍ دائمةٍ مهما تغيّرت ظروف حياته، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (أرِحْنا بها يا بلالُ).

حكم الصلاة بعد فوات وقتها

الصلوات الخمسة المفروضة لها أوقات محدّدة، لكلٍّ منها وقتٌ معلوم يجب أن تُؤدّى فيه، فإنْ صلّاها المسلم في أوّل وقتها نال الأجر والثواب، وإن فاتته؛ أي انتهى وقتها يجب عليه أداؤها وقضاؤها، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

  • فوات الصلاة المفروضة بعذر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا). وعليه فإن من فاتته صلاةٌ من الفرائض أو أكثر بعذر؛ كالنوم أو النسيان، يجب عليه قضاؤها فوراً حال تذكّرها على مذهب الحنفية والمالكية، بينما ذهب الشافعية إلى أن قضاءها لا يجب على الفور، وإنما يسنّ له ذلك
  • فوات صلاة الفريضة بغير عذر: يجب قضاؤها فوراً دون تراخي، وعلى المسلم أن يحرص أن لا يعود لهذا الذنب مرّةً أخرى، ويتوب إلى الله -تعالى-.
  • فوات السنن الرواتب: يستحبّ للمسلم أن يقضي السنن الرواتب إن كانت الصلوات التي فاتته قليلة، أما إن كانت الفوائت كثيرة فيجوز له أن يقضي الفريضة دون السنن الرواتب، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الأحزاب، إذْ قضى الفرائض دون الرواتب، أما النوافل التي تؤدّى لسببٍ كالكسوف والاستسقاء فإن فاتت لاتُقضى، لأنه زال سببها.
  • فوات صلاة الجمعة: من فاتته صلاة الجمعة، فإنه يصلّيها أربعاً كصلاة الظهر.
  • فوات صلاة الوتر: تُقضى صلاة الوتر في النّهار من اليوم التالي، لكنّها تُصلّى شفعاً.

أما عن كيفية قضاء الصلوات الفائتة؛ فإنه يكون على الترتيب، فمن فاتته صلاة الفجر مثلاً وتذكّرها في وقت الظهر، فإنه يصلّي الفجر أولاً ثم الظهر، إلا إن لم يكن هناك متّسع لوقت الظهر، فإنه يصلّي الظهر أولاً ثم يقضي ما فاته، وأما من فاتته صلوات كُثُر لا يعلم المصلّي عددها، فعند الشافعية والحنابلة وجب أن يصلّي حتى يتأكّد أن ذمّته برئت من كل ما فاته، وعند الحنفية والمالكية يصلّي حتى يغلب على ظنّه أنّه أدّى ما عليه من الفوائت

السابق
عدد الركعات في كل صلاة
التالي
أين فرضت الصلاة ومتى

اترك تعليقاً