ديني

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام سؤالٌ يطرحه عنوان المقال الرئيس، ولكن قبل الخوض في الإجابة على هذا السؤال لا بدّ من بيان أنّ فريضة الحجّ هي إحدى أركان الإسلام الخمس، وقد جاء في الحديث الصّحيح الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”،[1] ويكون الحجّ فريضةً على من استطاع إليه سبيلا.[2]

فريضة الحج

قبل الخوض في إجابة سؤال كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام لا بدّ من التعريف بشكلٍ أكبر بفريضة الحج، والحجّ هو زيارة البيت العتيق الذي بناه سيّدنا إبراهيم عليه السلام بمدينة مكّة المكرّمة، ولا يزال النّاس يقصدون البيت بالحجّ منذ قيامه، وكما أنّ الحجّ ركنٌ من أركان الإسلام، فله فضائل كثيرة سيتمّ ذكر بعضها فيما سيأتي:[3]

  • الحجّ واحدٌ من أعظم الأعمال عند الخالق سبحانه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ. قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ”.[4]
  • أجر الحجّ يعادل أجر الجهاد في سبيل الله، فمن لم يستطع الجهاد بذاته أو ماله، ينوب عن ذلك أن يخرج لأداء فريضة الحجّ.
  • الحجّ المبرور يستوجب السرور وجزاؤه جنّات النّعيم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ“.[5]
  • الحجّ المبرور وسيلةٌ لتكفير الذنوب وغفرانها، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ”.[6]

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام

نزولًا عند العمل بقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}،[7] وانطلاقًا من كونه خاتم النبيّين وسيّد الخلق والمرسلين، كان لا بدّ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يحجّ إلى بيت الله، والجدير بالذكر عند إجابة السؤال القائل: كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام ، أنّه لا بدّ من معرفة ذلك قبل وبعد البعثة، وقبل وبعد الهجرة.

حجة الرسول قبل البعثة

إنّ الإجابة على سؤال كم حج الرسول عليه الصلاه والسلام قبل البعثة فيها بعض الأقاويل التي تفيد أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قبل حمل أمانة تبليغ رسالة الدّين الإسلاميّ، ومن العلماء الأئمّة التي أوردت ذلك:

  • ابن حجر: والذي يرى أنّ العرب قبل البعثة كانوا دائمًا ما يحرصون على القيام بمناسك الحجّ، وأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قبل بعثته ليكون خاتم الأنبياء كان يشارك آله فيها، ولكن لم يرد أيّ قولٍ حول عدد الحجّات التي حجّها النبيّ قبل البعثة.
  • الكشميريّ: والذي يرى أنّ العرب عامّةً وقريش خاصّةً كانوا في كلّ عامٍ يقفون في مزدلفة، وأمّا الخصوص في قريش أنّهم لا يذهبون إلى عرفات، ولكنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يذهب مع العامّة إلى عرفات، وأيضًا لم يرد أيّ قولٍ حول عدد الحجّات التي حجّها النبيّ قبل البعثة.

حجة الرسول بعد البعثة

بعد بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وحمله لواء الإسلام وتبليغ الرّسالة، كان لزامًا عليه أن يكون قدوةً في الأمور التي يبلّغها لسائر المؤمنين، وأمّا عن إجابة سؤال كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام بعد البعثة فهي تنقسم إلى قسمين الأوّل منها قبل هجرته إلى المدينة المنورة، والشطر الآخر بعد هجرته إلى المدينة، والإجابة تكمن فيما سيأتي من المقال.

حجة الرسول قبل الهجرة

إنّ فريضة الحجّ من الأمور التي كانت مشهورة ومعروفة قبل دخول الإسلام عند العرب، فلمّا كان الإسلام واقعًا في أرض مكّة، ما كان من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أن يأمرهم بالحجّ بالطريقة التي عرفوها عن سيّدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك قبل أن يكون الحجّ فريضة، وقد جاء في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثلاثَ حِجَجٍ: حَجَّتَينِ قبلَ أنْ يُهاجِرَ، وحَجَّةً بعدَما هاجَرَ معَها عُمْرةٌ”،[8] ورجاله ثقات، وعلى ذلك فإن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد حجّ مرّتين قبل أن يهاجر من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة.[9]

حجة الرسول بعد الهجرة

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام بعد الهجرة؟ سؤالٌ تكمن الإجابة عليه فيما ثبت في الأثر، وهو أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد حجّ مرّةً واحدةً بعدما كان الحجّ فريضةً على المؤمنين، وكان ذلك بعد هجرته الشريفة إلى المدينة المنوّرة، وهي الحجّة التي سُمّيت بحجّة الوداع، وقد ورد في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه: “قلتُ لأنسِ بنِ مالكٍ كمْ حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال حجةً واحدةً واعتمرَ أربعَ عُمرٍ عُمرةٌ في ذي القعدةِ وعمرةُ الحديبيةِ وعمرةٌ معَ حجتِهِ وعمرةُ الجِعرانةِ إذْ قسَّمَ غنيمةَ حُنينٍ”،[10] وعدد مرّات حجّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد الهجرة من الأمور التي لا خلاف فيها بين العلماء، فهي حجّة الوداع لا غيرها، والتي كانت العاشرة بعد الهجرة.[11]

حجة الوداع

بعد الخوض في إجابة السؤال الذي يطرحه عنوان المقال: كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام كان لا بدّ من التوسّع أكثر في الحجّة الوحيدة التي حجّها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن فرض الحجّ على المسلمين، ألا وهي حجّة الوداع، فبعد أن أكرم الله سبحانه المسلمين بفتح مكّة، ودخل النّاس في دين الإسلام أفواجًا، فرض الله على المسلمين الحج، وقد خرج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأداء هذه الفريضة في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة في السنة العاشرة بعد الهجرة، وهي الحجّة التي ودّع بها النبيّ أصحابه الكرام، وقد قال في خطبته: ” يا أَيُّها الناسُ خُذُوا عَنِّي مناسكَكم ، فإني لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بعد عامي هذا“،[12] ولم ينته النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا وقد علّم المسلمين بمناسك الحجّ كلّها، وأخبرهم بما يجوز فيه وما يحرم عليهم، فكانت تدعى إلى جانب كونها حجة الوداع بحجّة البلاغ وحجّة الإسلام، وبعد أشهرٍ قليلة من حجّة الوداع فاضت روح النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الشريفة إلى خالقها سبحانه وتعالى.[13]

متى فرض الحج

إنّ الحجّ لم يكن فرضًا فور نزول الإسلام، وذلك بسبب الأذى والمعاداة من المشركين للمسلمين، ولأنّ مكّة المكرّمة كانت تحت سيطرة كفار قريش، ولكن بعد أن رزق الله المسلمين فتح مكّة، كان الحجّ فرضًا من الله على المسلمين، وقد قال تعالى في سورة آل عمران: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}،[14] وقد كان الأمر في فريضة الحجّ في عام الوفود، والذي يُصادف العام التّاسع بعد الهجرة، والجدير بالذّكر أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يحجّ في العام التاسع للهجرة، وإنّما أخّر ذلك إلى العام العاشر، وكان ذلك لكثرة الوفود إلى الحجّ في ذلك العام، ولأنّه أراد أن يكون حجّه للمسلمين فقط.[15]

كم مرة اعتمر الرسول عليه الصلاه والسلام

الخوض في الحديث عن فريضة الحجّ وعن عدد المرّات التي حجّ بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، يدفع إلى ذكر عدد المرّات التي اعتمر فيها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أيضًا، ولقد جاء في الحديث الصحيح حول مرّات العمرة التي قام بها النبي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “اعْتَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ في ذِي القَعْدَةِ، إلَّا الَّتي كَانَتْ مع حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ في ذِي القَعْدَةِ، وعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ في ذِي القَعْدَةِ، وعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ في ذِي القَعْدَةِ، وعُمْرَةً مع حَجَّتِهِ”،[16] وقد كان اعتماره -عليه الصلاة والسلام- في شهر ذي القعدة، والحكمة من ذلك هي مخالفة مشركي الجاهليّة في هذا الأمر، والذين كانوا ينظرون إلى الاعتمار في شهر ذي القعدة من الأمور الفاجرة التي لا يجب القيام بها.[17]

كم مرة حج الرسول عليه الصلاه والسلام مقالٌ فيه تمّ التعريف بفريضة الحجّ، والخوض في ذكر عدد مرات حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قبل البعثة وبعدها، وقبل الهجرة وبعدها، كما تمّ التعريف بحجّة الوداع أو ما تسمّى بحجّة البلاغ وحجّة الرسالة، وبيان متى فرض الحجّ على المسلمين، كما تمّ ذكر عدد المرّات التي اعتمر بها النبيّ عليه الصلاة والسلام.

السابق
حرف ومهن الانبياء
التالي
من هم العشرة المبشرين بالجنة وأسباب تبشيرهم

اترك تعليقاً