أمراض الغدد

كيف يعمل الإنسولين

ماهو الأنسولين

هو هرمون تفرزه غدة البنكرياس، حيث يتم تصنيعه ضمن خلايا خاصة هي خلايا بيتا الموجودة في جزر لانغرهانس في البنكرياس (يحتوي بنكرياس الشخص البالغ الطبيعي على حوالي مليون جزيرة من جزر لانغرهانس)، ويفرز إلى الدم مباشرة. وهناك ينتقل ويرتبط مع مستقبلات خاصة به موجودة على جدار الخلية فيفتحها ويسمح للسكر بالدخول للخلية والاحتراق وإنتاج الطاقة. فالأنسولين إذاً هو المفتاح الخاص بفتح هذه المستقبلات الموجودة على الخلية.

كيف يعمل الإنسولين

يؤدّي الإنسولين العديد من الوظائف من أجل تحقيق التوازن بين الطعام المتناول والاحتياجات الأيضية للجسم؛ إذ يتحكّم بشكل أساسيّ في كيفية استخدام الجسم للكربوهيدرات الموجودة في أنواع معينة من الأطعمة؛ والذي ينتج عن تكسيرها أحد أنواع السكر المعروف بسكر الجلوكوز؛ وهو مصدر الطاقة الرئيسية في الجسم كما ذكرنا؛ ويَعبُر الجلوكوز بعد ذلك ضمن الدورة الدموية فترتفع نسبة السكر في الدم، ونتيجة لذلك تستشعِر خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس هذا الارتفاع فتُفرِز هرمون الإنسولين؛ الذي يعمل كمفتاح يمكّن خلايا الجسم من الحصول على الجلوكوز من الدم واستخدامه لإنتاج الطاقة؛ ولوصف هذه العملية بشكل دقيق، يمكن القول أنّ خلايا الجسم جميعها تقريباً -بما في ذلك الخلايا الدهنية والعضلية- تمتلك مستقبلات للإنسولين على سطحها الخارجي، وعند ارتفاع مستوى السكر في الدم يرتبط الإنسولين بمستقبلاته على سطح الخلية الخارجي، ويرسل إشارة للخلية تؤثر في ناقلات سكر الجلوكوز الموجودة داخل الخلية، وتحركها إلى سطحها، وبذلك ينتقل الجلوكوز من مجرى الدم عبر هذه النواقل إلى داخل الخلية، وباستمرار هذه العملية يعود مستوى الجلوكوز في الدم إلى المستوى الطبيعي، وبالتالي يقل إفراز الإنسولين من البنكرياس، وفي هذا السياق يجدر التنويه إلى أنّه كلما زاد مستوى السكر في الدم زادت كمية الإنسولين المُفرزة من قبل خلايا البنكرياس لضمان بقاء سكر الدم ضمن الحدود الطبيعية؛ إذ إنّ ارتفاع السكر عن المستوى الطبيعيّ لفترة طويلة قد يُسبب عددًا من المشاكل الصحية.

هذا ويجدر بيان أنّه في حال كانت كمية السكر الموجودة في الدم تفوق حاجة الخلايا؛ فإنّه يتم تخزين الجلوكوز الزائد عن حاجة الجسم على شكل جلايكوجين (Glycogen) في الكبد ليتم استخدامه فيما بعد وتحويله عن طريق هرمون الجلوكاجون (Glucagon) إلى جلوكوز، وذلك عند انخفاض نسبة السكر في الدم وحاجة الجسم إليه مستقبلًا، وذلك خلال عملية تُعرف بتحلل الجلايكوجين (Glycogenolysis)، ليتم إطلاق سكر الجلوكوز بعد ذلك إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سكر الجلوكوز في الدم وتزويد الجسم بحاجته منه، وعلى هذا يمكن القول إنّ الإنسولين والجلوكاجون يتبادلان العمل طيلة اليوم للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود المقبولة.

ما معنى مقاومة الإنسولين؟

عندما تأكل قطعة من الحلوى، ويصل السكّر الموجود بداخلها إلى مجرى الدّم، يبدأ البنكرياس بإطلاق هرمون الإنسولين الذي يساهم في إدخال السكر إلى الخلايا، والتي تستعمله بدورها في إنتاج الطاقة، ولكن! مع مرور الوقت، وبسبب الارتفاع المفرط في مستويات سكر الدّم قد يفقد الجسم قدرته على استخدام هرمون الإنسولين بشكلٍ فعّال، ويرتفع كلًّا من مستوى السكّر ومستوى الإنسولين في مجرى الدّم، وهو ما يعرف بمقاومة الإنسولين (Insulin resistance)، وربما يستمرّ البنكرياس بكل قواه في إفراز كميات من الإنسولين تفوق طاقته بهدف المحافظة على بقاء مستويات السكر طبيعة في الدم، ممَّا يؤدي إلى إنهاكه، وينتج عن ذلك تطوّر مرض السكري، وغالبًا ما ترتبط مقاومة الإنسولين بعوامل عديدة، كالسمنة، والتدخين، وعدم ممارسة التمارين الرياضية.

أعراض مقاومة الإنسولين

لا يصاحب الإصابة بمقاومة الإنسولين ظهور أيّة أعراض واضحة على الشخص المصاب في الغالب، ولا يمكن الكشف عن الإصابة بهذه المشكلة إلّا عن طريق إجراء بعض الاختبارات التشخصيّة، بما فيها فحوصات الدم التي تكشف عن مستوى سكر الجلوكوز في الجسم، وهذا ينطبق على بعض المشاكل الصحيّة الأخرى التي قد تترتب على مقاومة الإنسولين مثل ارتفاع نسبة الدهون الثلاثيّة (Triglycerides)، وانخفاض نسبة الكولسترول الجيد (HDL Cholesterol) في الجسم، وارتفاع ضغط الدم، فمثل هذه الحالات لا تُسبب في الغالب أعراضًا، ومن العلامات التي قد تظهر على الشخص المصاب بمقاومة الإنسولين ما يأتي:

  • ارتفاع نسبة السكّر في الدم عند إجراء اختبار السكّر الصوميّ (بالإنجليزية: Fasting glucose test) عن 100 ملغرام لكل ديسيلتر، إذ إنّ هذا الفحص يُوضّح كيفية تعامل الجسم مع السكر، ويجدر إجراؤه قبل تناول الطعام والشراب، ولذلك يُفضل أن يكون ذلك في الصباح الباكر.
  • انخفاض نسبة الكولسترول الجيد -المعروف علميًا باسم البروتين الدهني مرتفع الكثافة- عن 40 ملغراماً لكل ديسيلتر عند الرجال، وعن 50 ملغراماً لكل ديسيلتر عند النساء.
  • ارتفاع ضغط الدم عن المعدّل الطبيعيّ بحيث يصل إلى 130/80 أو أكثر.
  • وصول نسبة الدهون الثلاثيّة في الدم إلى 150 ملغراماً لكل ديسيلتر أو أكثر عند إجراء تحليل الدهون الثلاثيّة.
  • زيادة محيط الخصر عمّا يقارب 100 سنتيمتر أو أكثر لدى الرجال، وما يقارب 90 سنتيمتراً أو أكثر لدى النساء.
  • ظهور بقع جلديّة مخمليّة وداكنة تُعرَف بالشواك الأسود (Acanthosis nigricans).
  • ظهور علامات جلديّة تُعرَف بالزوائد الجلديّة (Skin tags)، والزوائد الجلدية هي نتواءت تظهر على الرقبة، وتحت الإبطين، وفي المنطقة التناسلية، وتحت الثديين، وعلى الظهر والصدر في العادة، وإنّ هذه الزوائد غير مؤلمة ولكن قد يشعر المصاب بالانزعاج عند ملامستها الثياب أو المجوهرات أو ما شابه.
  • من الممكن أن يتعرض المصاب لانخفاضات متكررة في مستوى السكر في الدم أيضاً، وذلك بسبب اضطراب عمل البنكرياس، ومن الأعراض والعلامات التحذيرية لهبوط سكر الدم: التعرّق، والإرهاق، ورجفة اليدين، وتسارع دقات القلب.

رجيم مقاومة الأنسولين

توجد مجموعة من النصائح والتعديلات التي يمكن إجراؤها على نمط الحياة للمساعدة على السيطرة على مشكلة مقاومة الإنسولين ومنع تطوّر الحالة، نبيّن منها ما يأتي:

  • اتّباع نظام غذائيّ صحيّ: يساعد اتّباع نظام غذائيّ صحيّ على السيطرة على مشكلة مقاومة الإنسولين وتقليل فرصة ظهور المضاعفات، وتجدر الإشارة إلى وجود بعض أنواع الحميات الغذائيّة التي يُنصح باتّباعها؛ حيث تركّز هذه الحميات على التركيز على تناول الخضروات، والفواكه، والألياف، واختيار الدهون الصحيّة، والحبوب الكاملة، والمكسرات، واللحوم الخالية من الدهون.
  • ممارسة التمارين الرياضيّة: إنّ لممارسة التمارين الرياضيّة بشكلٍ دوريّ من أهميّة في تنظيم العمليّات الاستقلابيّة في الجسم، والذي بدوره قد يمنع حدوث الاضطرابات الأيضية مثل مقاومة الإنسولين، كما يساعد على الحد من المضاعفات التي قد تترتب عليها في حال الإصابة بها.
  • خسارة الوزن الزائد: إنّ خسارة الوزن الزائد تساعد على منع تطوّر مشكلة مقاومة الإنسولين وكذلك تحدّ من خطر المضاعفات المترتبة عليها، كما تجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بمقاومة الإنسولين قد تزيد من فرصة اكتساب الوزن الزائد، وعندها قد تصبح خسارة الوزن أكثر صعوبة لأنّ المصاب قد يحتاج لبذل المزيد من الجهد لخسارة الوزن، ومن أجل ذلك يُنصح المصابون بمقاومة الإنسولين بممارسة التمارين الرياضية، واتّباع حميات غذائية صحية طويلة الأمد.
  • نصائح أخرى: قد يساعد الإقلاع عن التدخين والحصول على قسط كافٍ من النوم على السيطرة على مشكلة مقاومة الإنسولين ومنع تطوّر الحالة؛ إذ إنّ النوم غير الكافي قد يزيد من خطر إصابة الفرد بمقاومة الإنسولين، في حين أنّ الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يمكن أن يساعد في تنظيم الهرمونات التي تلعب دورًا في الشعور بالجوع وتقلل من خطر حدوث اضطرابات أيض الجلوكوز.

أضرار الأنسولين

عند الحديث عن أضرار الأنسولين، يعد انخفاض نسبة الجلوكوز في الدم من أكثرها شيوعًا وضررًا، وتم الإبلاغ عن حدوث ذلك عند حوالي 16٪ من مرضى السكري المصابين بالنوع الأول، في حين أنه في مرضى السكري من النوع الثاني كانت النسبة 10 ٪، ومن المهم تذكر أنه وعلى الرغم من كثرتها، إلا أن بعض استجابات الغدد الصماء المضادة لنقص السكر في الدم قد تصبح غير فعالة أو تنخفض في بعض المرضى، ويلاحظ على المصاب في هذه الحالة الارتباك، أو التعرق أو حتى عدم انتظام دقات القلب، الأمر الذي يمكنه أن يكون خطرًا ويتسبب في الإصابة بغيبوبة واضطرابات في القلب وحتى الموت، ولذلك ينصح الأطباء بمراقبة السكر في الدم أو البول، وخاصةً عند المرضى المعرضين لخطر الإصابة بهذا الانخفاض، أو أولئك الذين لا يميزون علامات وأعراض نقص الجلوكوز في الدم، ويذكر من أهم أضرار الأنسولين الأخرى:

  • زيادة الوزن؛ حيث تبدأ الخلايا في الحصول على الجلوكوز.
  • في مكان الحقنة، قد يلاحظ المريض ظهور طفح جلدي، أو نتوءات أو تورم.
  • القلق.
  • الاكتئاب.
  • يصاب بعض الأشخاص بنوبة من السعال عند استنشاقهم الأنسولين.

الأنسولين وزيادة الوزن

يعتبر زيادة الوزن أحد الاثار الجانبية الشائعة لدى الأشخاص الذين يتناولون الأنسولين ، فعندما تتناول الأنسولين، يستطيع الجلوكوز الدخول إلى الخلايا، فتنخفض مستويات الجلوكوز في الدم. وهذا هو الهدف العلاجي المرغوب. ولكن إذا تناولت سعرات حرارية أكثر مما تحتاج للحفاظ على وزن صحي للجسم – بحسب مستوى نشاطك – فسوف تحصل الخلايا على أكثر مما تحتاجه من الجلوكوز. يتراكم الجلوكوز الذي لا تستخدمه خلايا الجسم على شكل دهون.

السابق
ما هي وظيفة الغدة النخامية
التالي
الاستعلام عن مبلغ الضمان الاجتماعي

اترك تعليقاً