ديني

ما معنى المعجزة

تعريف المعجزة عند أهل السنة

هي عبارة عن دليل وإثبات سواء كان حسي أو معنوي، ولا يستطيع أيّ أحد من البشر على المجيء بمثلها؛ لأنّها من عند الله سبحانه وتعالى، والمعجزة مخصّصة لأنبياء الله تعالى ورسله، ليكون دليل على صحّة نبوتهم ورسالتهم، التي بعثوا من أجلها إلى الأقوام وهي التوحيد لله تعالى، فأيّد الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياءه بمعجزات مختلفة، لكي يستطيعوا مواجهة الأقوام الذين بعثوا إليها، فمعجزة سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم القرآن الكريم، وقد عجز البشر عن المجيء بسورة أو آية واحدة مثله، وهناك تعريف آخر للمعجزة تمّ إيجاده من قبل العديد من العلماء وهو أن المعجزة هي حدوث أمر معيّن يؤيّد به الله سبحانه وتعالى للإنسان الذي سوف يحمل الدعوة والنبوة، ليتحدّى بها كل من يقف في طريق دعوته، فهي أمانة يحملها النبي والرسول.

بعض معجزات الأنبياء

لكلّ نبيٍّ من أنبياء الله أو رسولٍ من رُسُله مُعجزة على الأقلّ يتميز بها، وقد جاء ذكر بعض مُعجِزات الأنبياء في كتاب الله، بينما ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعضها الآخر في أقواله التي صحّت نسبتها إليه، أمّا باقي مُعجِزات الأنبياء التي لم يأتِ لها ذكرٌ في كتاب الله وسنة رسوله، فقد نُقِلت إلينا عن أنبياء الله بالتناقل والرواية حتى بلغت حدّ الشهرة، أما أبرز المُعجِزات التي تفرَّد بها بعض الأنبياء فمنها ما سيأتي بيانه في الفقرات الآتية:

مُعجِزة نوح عليه السّلام

بعد أن دعا نوح -عليه السّلام- قومه إلى الإيمان بالله ولم يؤمنوا به -رغم أنّه أطال العهد فيهم- حينها أمره الله -سبحانه وتعالى- بصنع سفينةٍ ليحمل فيها مَن آمن معه، وقد كانت تلك السفينة من المُعجِزات التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لنوح عليه السّلام؛ حيث كانت في حينها سابقةً لم يشهد لها الناس مثيلاً، كما أنّ لها من الخصائص ما يميّزها عن غيرها من السُّفن التي جاءت بعدها، فكيف لسفينة مثلها أن تسير في البحر تتلاطمها الأمواج دون أن تتحطّم أو تغرق، وتنجو بمن عليها من البشر والدّواب! قال تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)، ومن إعجاز تلك السفينة كذلك أنّ جميع من لم يركب فيها أغرقه الطوفان حتّى لو التجأ إلى مكانٍ بعيد اعتقد أنه سُينجيه من الطوفان، فلم ينجُ إلا من ركب السفينة ممّن آمن من قوم نوح عليه السّلام، وذلك بحدِّ ذاته إعجازٌ منقطع النظير لا يمكن تخيُّله أو حتى تصوّر الميزات التي احتوتها تلك السفينة، حتّى جعلتها غير قابلة للتحطّم أو الغرق، مع أنّها مصنوعةٌ من الأخشاب

مُعجِزة صالح عليه السّلام

تميّز نبي الله صالح -عليه السّلام- بمُعجِزةٍ لم يُعطَ أحدٌ غيره من الناس مثلها، كغيره من أنبياء الله الذين آتاهم الله ممّا عنده من الأمور الخارقة للعادات، فقد أيّد الله -سبحانه وتعالى- نبيّه صالحاً بناقة؛ أخرجها الله لقوم صالح من الصّخر، بعد أن طلبوا منه ذلك حتى يصدّق نبوّته وما جاءهم به من عند الله، ورغم أنّ مجرد إخراج الناقة من صخرة صمّاء يُعدّ مُعجِزةً بحدّ ذاتها إلا إن تلك الناقة كانت في جميع تفاصيلها مُعجزةً؛ حيث كان من إعجازها أن خُصِّص لها شرب يوم من النبع الذي يشرب منه قوم صالح، فتشرب بقدر ما يشرب قوم صالح جميعهم، بينما كان لقومه شرب يومٍ آخر غير يوم شرب الناقة، وكان من إعجازها كذلك أن تعطيهم يوم شربها لبناً ليشربوه بقدر ما أخذت من نبعهم فيكفيهم ذلك اليوم، حتّى عقرها أحدهم بعد مؤامرةٍ دبّرها القوم لأجل ذلك، فعذّبهم الله بفعلتهم.

مُعجِزة سيّدنا إبراهيم عليه السّلام

بعد أن دعا سيّدنا إبراهيم -عليه السّلام- قومه إلى عبادة الله وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، وحاجَجَهم لأجل ذلك بكل الوسائل والسُّبل، كذّبوه وآذوه، فحطّم أصنامهم ليُثبت لهم ضعفها وقلّة حيلتها، وأنها مجرّد حجارة لا تضرّ ولا تنفع، فلمّا عجز القوم عن دفع حجج إبراهيم الكثيرة والتي توافق جميعها المنطق وتخالف ما يعتقدون، حينها أجمعوا على حرقه بالنار حتى لا تتضرّر آلهتهم التي أصبح إبراهيم يُهدّدها بدعوته الحقة، قال تعالى في وصف حالهم: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ*قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ).

ولحرق سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، جمع قوم إبراهيم حطباً كثيراً، ثمّ جعلوا ذلك الحطب في حفرة عميقةٍ من الأرض، وأشعلوا النار فيها، فكان لهيبها مرتفعاً جداً، وشررُها من عِظمه يتطاير، ثمّ وضعوا إبراهيم -عليه السّلام- في منجنيقٍ؛ مخافة أن يصيبهم شررها أو حرُّها الشديد، وألقوه في النار، فقال حينها: (حسبي الله ونعم الوكيل)، وقد أتاه جبريل وهو في الهواء، فقال له: (ألك حاجة؟ فقال: أمَّا إليك فلا، وأمّا من الله فبلى)، حينها جاءت المُعجِزة الإلهيّة لإبراهيم بقول الله تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)،[٥] فلم تحرقه تلك النار على عِظَمها وشدّة حرِّها، ولم تحرق سوى وَثاقِه الذي ربطوه به، فكانت تلك المُعجِزة خرقاً لجميع الأعراف والعادات؛ إذ إنّ من الطبيعي أن تحرق النار جميع ما تلمسه أو تقترب منه، لكنها لم تؤذِ إبراهيم مجرّد إيذاء

مُعجِزات سيّدنا موسى عليه السّلام

مُعجِزات نبيّ الله موسى -عليه السّلام- كثيرةٌ متعددة، بل إنّها أكثر من أن تُذكر، وذلك لكونه اُرسل إلى قومٍ معروفين بقوّة سحرهم، والتَّحكم بالأبصار، والتلاعب بعقول الناس، لذلك كانت مُعجِزاته تتلاءم مع القوم الذين اُرسل إليهم، أمّا أهمُّ مُعجِزات موسى عليه السّلام، فمنها ما يأتي:

مُعجِزة العصا: هي أبرز مُعجِزاته على الإطلاق؛ حيث كان فيها العديد من الميزات، فقد تحوّلت إلى حيّة تسعى، فتوهّم من يراها أنّها كائنٌ حيّ، كما تحولت إلى حيّة ابتلعت عصيَّ قوم فرعون وحبالهم؛ لمّا جرى بينهم وبين موسى التنافس.

مُعجِزة يد موسى: كانت تنقلب يد موسى -عليه السّلام- إلى بيضاء لا سوء فيها بمجرد أن يدخلها في جيبه، وقد حصل ذلك عندما ذهب إلى فرعون يدعوه إلى الإيمان بالله.

مُعجِزة انفلاق البحر: لما فرَّ موسى ومن معه من فرعون وجنده، ضرب موسى بعصاه البحر فانفلق إلى فلقتين، وتشكّل لهم فيه طريقٌ، فاستطاعوا النجاة من فرعون وجنده.

مُعجِزة الرّجز(العذاب): أنزل الله -سبحانه وتعالى- الرجز والعذاب بشتّى الأصناف على قوم فرعون؛ ليؤمنوا بموسى، وقد تنوّعت مُعجِزات الرجز، فمرّةً يأخذهم بالقحط والجدب، ومرّة بالدّم، ومرة يبعث إليهم الجراد والقُمَّل والضفادع، وغير ذلك من الآيات والمُعجِزات.

مُعجِزات سيّدنا عيسى عليه السّلام

مُعجِزات نبي الله عيسى كذلك كثيرة، ولعلَّ أظهرها وأهمَّها على الإطلاق مولده بلا أبٍ وكلامه في المهد ليُخبر الناس بصدق قول أمّه مريم، ويبلغهم أنّه نبيّ الله إليهم، ومن مُعجِزاته أنّه كان يصنع من الطين طيراً ثمّ ينفخ فيه فيطير بأمر الله، وأنه كان يُبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويُنبئ الناس بما يدّخرون في بيوتهم، كما كان عيسى -عليه السّلام- يُحيي الموتى بأمر الل

مُعجِزات سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام

إنّ معحزات نبيّ الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- تربو على الألف كما يقول الإمام ابن قيم الجوزيّة، أمّا أعظم تلك المُعجِزات على الإطلاق فهي القرآن الكريم، وهو كلام الله التي تحدى الله بها قريش وهم أهل الفصاحة والبلاغة، فعجزوا عن الإتيان ولو بسورةٍ من مثل القرآن أو أدنى من ذلك، ومن مُعجِزات رسول الله ما حصل وانتهى، ومنها ما حصل وما زال باقياً حتى يشاء الله، فالقرآن العظيم مُعجِزة الله الخالدة والآية الباقية الدائمة، فلا يمكن أن يتغير أو يتبدَّل، أما مُعجِزات رسول الله التي انتهت فمنها:

  • ما جرى في حادثة الإسراء والمعراج، وفي هذه الحادثة وحدها عددٌ من المُعجِزات.
  • انشقاق القمر.
  • تكثير القليل من الطعام بين يدي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.
  • أن ينبع الماء من بين أصابعه؛ حتى يشرب منه الجيش.
  • حنين الجذع إليه بعد أن فارقه وانتقل إلى المنبر.
  • سلام الحجر عليه في مكة.
  • شفاء المرضى بإذن الله تعالى.

ما الغاية من المعجزة

1. بيان قدرة الله سبحانه وتعالى، وذلك أن خرق العادة أمر متعذر على الناس فعله، فإذا أجراه الله على يد رسله، كان ذلك دليلا على سعة قدرة الله وأنه المتصرف في الأسباب الكونية لا أن الأسباب هي المتصرفة في الكون .

2. بيان رحمة الله بعباده، إذ لم يكتف سبحانه بإرسال الرسل وإنزال الكتب الموافقة لما فُطر الناس عليه من التوحيد، وإنما أيد رسله بالمعجزات حتى لا يكون للناس عذر في رد ما جاء به الرسل من الحق والدين.

3. بيان حكمة الله البالغة؛ إذ لم يرسل رسلا دون أن يؤيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، وذلك أن من غير الحكمة أن يرسل المرء شخصا في أمر غاية في الأهمية من غير أن يزوده بما يدل على صحة رسالته من أمارة أو دليل، فكيف برسالة عظيمة من أحكم الحاكمين ؟!

4. رحمة الله بالرسول الذي أرسله؛ إذ لو أرسله من غير معجزات وآيات تدل على صدقه، لما صدقه الخلق ولكان عرضة للسخرية والهزء والتكذيب، فكان إرساله بالآيات المعجزات من رحمة الله به؛ ليتسنى له إقناع الخلق بطريقة لا يستطيعون معارضتها، ولا يمكنهم ردها إلا جحوداً وعناداً .

 

شروط المعجزة

الأول : أن تكون المعجزة فعلا لله تبارك وتعالى ؛ ذلك لأن المعجزة تصديق للرسول الذي أرسل الله ، فلا بد أن تكون المعجزة آية من الله ، وهذه الآية قد تكون قولا كالقرآن الكريم ، وقد تكون فعلا كفلق البحر  لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، وقد تكون تركا كعدم إحراق النار لسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام .

الثاني : أن يكون هذا الأمر خارقا للعادة ، بيان ذلك : أن الحياة كما نعلم ارتبطت فيها الحوادث بأسبابها ، وهذا ما اعتاده الناس وألفوه ، والمعجزة لا بد أن تكون خارجة عن هذا المألوف ، وهذا شأن معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فلم يألف الناس أن تتحول العصا الى حية ، أو أن النار لا تحرق ، أو ان البلغاء يعجزون عن أن يأتوا بمثل كلام بليغ .

الثالث : أن تكون معارضتها غير ممكنة ، بمعنى أن الناس لا يقدرون أن يأتوا بمثلها ، إذ لو أمكن الإتيان بمثلها لم تصلح أن تكون معجزة .

الرابع : أن تكون هذه المعجزة ظهرت على يد من ادعى النبوة ، فلو أتى غير من ادعى النبوة بما هو خارق للعادة ، فإن ما أتى به لا يسمى معجزة ، ومن هنا يجب أن نتجنب هذا الخطأ الشائع بني الناس وهو إطلاق المعجزات على ما يفعله بعض الناس في أيامنا هذه ، فالمعجزات إنما هي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولا يصح أن نصف أي عمل جاء به غيرهم بأنه معجزة .

الخامس : أن يكون موافقا لما دعاه النبي ، فلو معجزتي إحياء الموتى ، ولكن الذي حصل على يديه نطق الحجر مثلا لم تكن هذه معجزة .

السادس : أن لا يكون هذا الأمر مكذبا لصاحبه ، فلو قال مثلا معجزتي نطق الجبل ، ونطق الجب فقال : أنت كاذب ، لا تكون هذه معجزة .

السابع : أن تكون المعجزة بعد ادعاء النبوة ، أما إذا كانت قبل دعوى النبوة فلا تكون معجزة وإنما يسمى ذلك إرهاصا ، ومثال ذلك كلا سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام في المهد

السابق
دواء أدرينالين – ADRENALINE لعلاج الربو الحاد
التالي
دواء ادريوسيل – adrucil لعلاج تقرن الجلد السفعي

اترك تعليقاً