مهارات

ما هو الإبداع وكيف يعمل؟ وهل يمكنني أن أصبح مبدعاً؟

ما هو الإبداع وكيف يعمل؟ وهل يمكنني أن أصبح مبدعاً؟

هل تعتقد أنَّك شخص مبدع؟ هل سبق وعزفت على آلة موسيقية أو رسمت لوحة ما؟ هل ألَّفت أغنية أو شاركت في مسرحية؟ هل أنت بارع في أيٍّ من هذه التجارب التي يُطلَق عليها “التجارب الإبداعية”؟ هل تمتلك أخاً أو قريباً فناناً أو صديقاً يبرع في الرسم أو العزف على الآلات الموسيقية أو يجيد الأدب؟ هل تساءلت مسبقاً عن سبب عدم قدرتك حتى على كتابة بطاقة معايدة لعيد ميلاد أو رسم أشكال بسيطة؟

يفترض الكثير من الناس أنَّ الإبداع موهبة فطرية، وأنَّ مجموعة خاصة من الناس مبدعون بطبيعتهم، في حين لا يمتلك الآخرون هذه القدرة الخاصة؛ فإمَّا أن تمتلك هذه الموهبة أو الغريزة  الإبداعية، أو لا تمتلكها أبداً؛ ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.

ما هو الإبداع؟

1. يحتاج الإبداع إلى نية:

يوجد اعتقاد خاطئ حول العملية الإبداعية، وهو أنَّ بإمكانك أن تكون مبدعاً عموماً؛ لكنَّ الإبداع الحقيقي لا يعني اختيار أفكار عشوائية تزعم أنَّك وجدتها وستصبح مبدعاً فيها، بل يعني امتلاكك وجهة معينة؛ لذلك عليك أن تسأل نفسك هذا السؤال: “ما المشكلة التي أحاول حلها؟”، بحيث يمكنك من خلال معرفة الإجابة البدء باستعراض قدراتك الإبداعية.

دعونا نجاري الفرضية القائلة أنَّ “الجانب الأيمن من الدماغ يختص بالإبداع، في حين يختص الجانب الأيسر بالتحليل والمنطق”، رغم عدم صحتها تماماً؛ ففي الواقع، ترتبط القدرات الذهنية -كالإبداع والتحليل والتفكير- بمناطق معينة في الدماغ، وليس بأحد جانبيه.

يُربَط الإبداع في كثير من الأحيان بالجانب الأيمن من الدماغ المسؤول عن الحدس والخيال؛ لذا فإنَّ قدراً كبيراً من التركيز يرتبط بالجانب الأيمن من الدماغ عندما يتعلق الأمر بالإبداع؛ ولكن، لتحقيق أقصى استفادة من ذلك، تحتاج إلى استخدام الجانبين الأيمن والأيسر من دماغك، ممَّا يعني استخدام الجانب التحليلي والمنطقي أيضاً.

قد يبدو الأمر غريباً ومفاجئاً بالنسبة إليك، لكنَّ الإبداع مرتبط بحل المشكلات، وينطوي هذا الأمر بطبيعته على المنطق والتحليل؛ لذلك لا يمكن إهمال دور الجانب الأيسر من الدماغ، حيث يحتاج الإبداع الكامل إلى أن يعمل كلا الجانبين بانسجام تام.

على سبيل المثال: عندما تبحث عن أفكار جديدة، سيرشدك الجانب الأيسر من دماغك إلى ما يجب أن تركز عليه، والذي يعتمد على هدفك المتعلق بالأفكار التي تبحث عنها؛ ثم يرشدك الجانب الأيمن إلى تجميع واستكشاف المعلومات بناء على تركيزك؛ وعندما تقرر تجربة هذه الأفكار الجديدة، يمنحك الجزء الأيمن حلولاً جديدة تختلف عن تلك التي تعرفها بالفعل، ثم يساعدك الجزء الأيسر على تقييم هذه الحلول وضبطها لاستخدامها خلال الممارسة؛ لذلك، فإنَّ المنطق والإبداع يعملان جنباً إلى جنب، وليس أحدهما على حساب الآخر.

2. الإبداع مهارة:

تأكد أنَّ الإبداع مهارة، وليس موهبة فطرية أو طبيعية لدى بعض الناس؛ ويعني ذلك أنَّه يمكن التدرب على الإبداع والابتكار وتحسينهما بصورة منهجية، ويمكن تعلم مهارة ما وممارستها من خلال تطبيق أساليب التعلم، كما يمكن قياس هذه المهارة وتحسينها باستخدام التغذية الراجعة، ويمكن ترقيتها باستمرار من خلال الممارسة المنتظمة؛ حيث يمر إبداعك بمراحل مختلفة من الكفاءة، ممَّا يعني أنَّ بإمكانك أن تصبح أكثر إبداعاً.

إذا كنت تعتقد أنَّ الإبداع غير ملائم لك أو أنَّك لا تملك موهبة الإبداع، ففكر في الأمر مرة أخرى؛ حيث يمكنك استخدام الإبداع في جميع جوانب حياتك، بل ويجب عليك القيام بذلك؛ ذلك لأنَّه يسمح لك بتجاوز روتينك الاعتيادي، ويخرجك من منطقة راحتك، ويمدُّك بالقدرة على النمو وتجربة الأشياء الجديدة، ويمنحك ميزةَ حل المشكلات والتوصل إلى حلول جديدة.

كيف يعمل الإبداع؟

يوجد مفهوم خاطئ آخر عن الإبداع، وهو أنَّه يُستخدَم فقط لخلق أمور جديدة أو مبتكرة تماماً؛ لكن لا صحة لهذا الاعتقاد؛ ذلك لأنَّه لا يوجد شيء جديد أو مبتكر.

لا يأتي شيء من العدم، وكل شيء مستمد من الإلهام؛ ويعني هذا أنَّ الإبداع يعمل من خلال ربط الأشياء ببعضها بعضاً من أجل الوصول إلى مغزى أو قيمة جديدة؛ وانطلاقاً من هذا المنظور، بإمكانك رؤية الكثير من الإبداع في العمل.

على سبيل المثال: في مجال التكنولوجيا، تجمع آبل (Apple) بين أجهزة الكمبيوتر التقليدية والتصميم والجماليات لابتكار طرائق جديدة لاستخدام المنتجات الرقمية؛ وفي مجال الموسيقى، قد يستوحي الموسيقي ألحانه من أنماط مختلفة من الموسيقى والآلات والإيقاعات لإنشاء نوع جديد تماماً من النوطات؛ وتدور كل هذه الأمثلة حول ربط الأفكار المختلفة، وإيجاد أرضية مشتركة بين الاختلافات، وخلق فكرة جديدة تماماً.

هل يمكنني أن أكون مبدعاً؟

الحقيقة هي أنَّ كل شخص لديه قدرة إبداعية فطرية معينة؛ ورغم ما قد يعتقده معظم الناس حول أنَّ الإبداع مهارة يمكن للجميع تعلمها وصقلها، فهي أيضاً ذات تأثير كبير يسمح لك بتوفير قيمة كبيرة من مدخلات قليلة نسبياً.

يجب أن تبدأ بتوسيع معرفتك الإبداعية، وتفكر خارج الصندوق؛ فالإبداع في جوهره هو القدرة على رؤية الأشياء بطريقة لا يستطيع الآخرون رؤيتها، وهو مهارة تساعدك على إيجاد وجهات نظر جديدة لخلق إمكانيات وحلول جديدة لمختلف المشكلات.

لذلك، عندما تواجه التحديات والمشكلات المختلفة، فإنَّك تحتاج إلى إيجاد حلول إبداعية بانتظام، فالإبداع مهارة لا تُقدَّر بثمن ويجب امتلاكها؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت تعمل في مجال المبيعات، سيساعدك امتلاك الإبداع في البحث عن طرائق جديدة للتعامل مع العملاء المحتملين والتواصل معهم؛ وإذا كنت تعمل مدرِّساً، فعليك أن تبحث باستمرار عن طرائق جديدة لإيصال رسالتك وتعليم طلابك.

تذكَّر أنَّ الإبداع يتمحور حول ربط الأمور ببعضها بعضاً من أجل استنباط مغزى أو قيمة جديدة، والتفكير الخارج عن المألوف للتوصل إلى حلول خلاقة للمشكلات في حياتك.

 

 

السابق
لماذا نفقد الحافز أحياناً؟ وكيف نحل هذه المشكلة؟
التالي
قصة نجاح إيفان شبيغل مؤسس تطبيق سناب شات

اترك تعليقاً