ديني

ما هو الوقف في الاسلام

أنواع الوقف

  • الوقف الخيري: وهو أن يوقف المال على إحدى جهات الخير التي لا تنتهي، ومدارُ هذا الوقف على حبس مالٍ مُعيّنٍ على ألّا يكون ملكًا لأحد، وتكون بذلك مع ريعها لإحدى جهات البرّ؛ وذلك لتكون الفائدة عامّة على جميع المسلمين دون تعيين جهة معيّنة، فيُستعمل هذا الوقف للفقراء والمساكين وطلبة العلم، وقد يدخل قسم من ريعه لبناء المساجد ودور الاستشفاء وغير ذلك.
  • الوقف الأهليّ أو الذرّي: وهو أن يكون ريع المال أو العين المحبوسة للواقف نفسه أو لغيره من الأشخاص الذين يُعيّنهم بذاتهم أو بوصفهم سواء كانوا من أقاربه أم من غيرهم كأن يقول الرجل: “وقفتُ أرضي على نفسي مدّة حياتي، ثمّ على أولادي بعد وفاتي”، فالفرق بين نوعي الوقف هو الجهة التي يُوقفُ عليها؛ فإن كانت الجهة هي عموم المسلمين ومنافعهم فإنّ الوقف يكون خيريًّا، وأمّا إن كان الوقف خاصًّا بالرّجل وأهله وأقاربه أو غيرهم كان الوقفُ أهليًّا أو ذريًّا، والله أعلم.

شروط الوقف في الإسلام

يشترط لصحة الوقف ما يلي:
1- أن يكون الواقف أهلاً للتبرع، مالكاً لما سيقفه.
2- أن يكون الموقوف مالاً متقوَّماً، معلوماً، مملوكاً للواقف.
3- أن يكون الوقف عيناً معلومة يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها.
4- أن يكون الوقف على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء.
5- أن يكون الوقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو صنف كالفقراء، أو شخص كزيد مثلا.
6- أن يكون الوقف مؤبداً غير مؤقت، منجّزاً غير معلق، إلا إذا علقه بموته فيصح ويكون وصية.

تعريف الوقف في القانون

الوقف : هو حبس العين المملوكة والتصدق بمنفعتها على جهة بر لا تنقطع.

أول وقف في الإسلام

مسجد قباء يعد أول وقف ديني في الإسلام ، أما أول وقف خيري استثماري في الإسلام ففيه خلاف ، حيث يوجد أكثر من وقف في عهد النبوة ، منها ما يلي :

1- وقف النبي صلى الله عليه وسلم لأموال مخيريق اليهودي

مخيريق كان حبرا عالما من علماء اليهود ، وكان ثريا كثير الأموال ، وقد علم صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته بصفته وعلمه وحكمته ، ومال إلى دين الإسلام حتى إذا جاء يوم غزوة أحد ، وكانت يوم سبت قال لجمع من اليهود : يا معشر يهود ، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم حق . قالوا اليوم يوم سبت ، قال لا سبت لكم ، ثم أخذ سلاحه وانطلق ، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأحد ، وكان قد أوصى إن قتل في أحد فأمواله للنبي صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها بما أراه الله ، فقاتل مع المسلمين حتى قتل .

وبعد مقتل مخيريق آلت أمواله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سبع حوائط – أي بساتين – فجعلها صدقة ، قال السهيلي ” فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال مخيريق وكانت سبع حوائط ، أوقافا بالمدينة لله” [1] ، كما حكى ابن كثير عن محمد بن كعب القرظي قوله : وكانت – أي حوائط مخيريق أول وقف بالمدينة [2].

2- وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرضا له بخيبر

روى عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يارسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها))، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يبتاع، ولا يورث أو لا يوهب، قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه [3].

3- وقف عثمان رضي الله عنه بئر رومة

عن عثمان  بن عفان رضي الله عنه  ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: ” من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي ” [4] وكانت البئر ملكا لرجل من مزينة يسقي عليها بأجر ويعنت الناس بسعره فحث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة على شرائها محفزا لهم بثوابها العظيم عند الله في الجنة ، فاشتراها عثمان رضي الله عنه ووقفها لله .(وللحديث بقية ـ بإذن الله ـ في المقال القادم).

أهمية الوقف في الإسلام

أعطى الإسلام لنظام الوقف أهمية كبيرة، جعلت الجميع يتسابق إلى تحصيل ثوابه بشتى الوسائل والسُبل؛ فالوقف سبيل لخدمة الدنيا بصحيح الدين؛ لصيانة البشرية بحماية المجتمع من مخاطر الحقد والحسد والكراهية ونشر الفوضى، بانتشار السرقة والسلب بالإكراه، فكان الوقف لتجفيف منابع جرائم تقع بسبب حاجة المحتاج؛ فتلجئه إلى الانحراف، وتدفعه إلى ارتكاب ما حرم الله تعالى.

الإسلام جعل من الوقف حماية للمجتمع، وسبباً للتماسك بين أفراده، وسبيلاً إلى سل سخائم الحقد والكراهية، بغرس عوامل التعاون والتعاضد، وكلها فروض تلزم بالوقف الضامن لقدسية المال الخاص؛ الذي يكون من نصيب الأغنياء والأثرياء، وهو المحافظ على روح المحتاج من الجوع والفقر والمرض؛ لذا تعددت وجوه البر وعمل الخير وصنوف الإنفاق التي توضع في مواضعها؛ بحيث لا تؤخذ من القادرين الموسرين الأثرياء كالزكاة؛ بل يخرجونها هم بمحض الرغبة في فعل الخيرات، يفيد منها أصحاب الحاجات كافة؛ من فقراء وطلاب علم وأرامل وأيتام وأبناء سبيل.. إلى سائر الأعمال التي تخدم العامة؛ كالمساهمة في بناء المساجد، والمدارس، والمساكن، وشق الترع، وحفر الآبار، وإماطة أذيات الطريق. دعا الإسلام إلى التعامل بنظام الوقف، وجعله تعاوناً ملموساً بمنطق الدين وعاطفة الإنسانية التي تؤكدها الفطرة السليمة، وترتب عليها جزاء الإحسان الإلهي، سواء أكان ذلك في الدنيا أو الآخرة، ثواباً حسناً من عند الله، ومكافأة ربانية بالقرض الحسن أو المضاعفة بالأجر.

فالحسنة بعشر أمثالها وزيادة لا نقصان، فما عند الله هو خيرٌ أملاً، وأبقى ازدهارًا وتنمية، مصلحة متداخلة مع المحتاجين والفقراء والمساكين، وإصلاح الأبنية والسبل ودور العبادة، وإيواء المهاجرين، سواء في المناطق المنكوبة، أو المُمتحنة بتقلبات الطبيعة صيفاً وشتاء.

لقد جعل الإسلام الوقف في منزلة كبرى، بل جعله من أولويات المجتمع المسلم؛ فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أوقف في الإسلام أرضاً على فقراء المسلمين، تلاه عثمان بن عفان الذي اشترى بئر “رومة”، وأوقفها على سقيا الناس، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم نظام الوقف، وطبقه التطبيق العملي في بناء مسجد قباء بأموال المسلمين، كما قال جابر بن عبدالله: “لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا مقدرة إلا وقف”.

فالوقف يسد كبار الاحتياجات، ويعطي الأمل للمحتاج، ويرفع المجتمع من وهدة السقوط في مساوئ الأخلاق والأعمال، وينهض به بروح التعاون؛ وينزع الأحقاد.

لقد شُرع الوقف من أجل المنفعة العامة والخاصة، فحينما يشعر الفقراء والمحتاجون وأصحاب الطلبات المعاشية المأزومة بقلة الموارد، وتضغطهم الحياة، يجدون في الوقف متنفساً حيث يقدم لهم العون، ويشعرون بالتضامن.

السابق
دواء أكتامون – actamone لمنع نوبات الربو
التالي
دواء أكامون – AKAMON لحالات اضطرابات القلق

اترك تعليقاً