ديني

ما هو حق الله على العباد

ما هو حق الله على العباد أهم سؤال في حياتك

جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما سأله الرسول عليه الصلاة والسلام ما حق الله على العباد، فكان جوابه عليه الصلاة والسلام أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، كما هو واضح في الحيث الشريف: (يا معاذُ هل تَدري ما حقُّ اللَّهِ على العِبادِ؟ وما حقُّ العبادِ على اللَّهِ؟ قلتُ: اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: فإنَّ حقَّ اللَّهِ على العبادِ أن يعبُدوهُ، ولا يُشرِكوا بِهِ شيئًا، وحقُّ العبادِ على اللَّهِ، إذا فعَلوا ذلِكَ أن لا يُعذِّبَهُم)،[١] فالحديث دليل على عظمة توحيد الله عزّ وجل في العبودية وعدم الشرك به شيئاً، وذلك للخروج من دائرة الكفر، فالكفار عنده شيء من العبادة ولكن كان يشرك بالله عزّوجل، وهذا من باب الحقّ الواجب على العباد.

قصص عن حق الله على العباد

حق الله على العباد خطبة مكتوبة

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله.

وبعد: فنقف اليوم مع حديث يرويه لنا أعلم الأمة بالحلال والحرام، معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، حديث يُكتَب في رأس قائمة الأحاديث الأعظم منزلة في ديننا، حديث ما ينبغي أن تغيب شمسه عن أفئدة المؤمنين برب العالمين، ولاعن عقول المنتظرين لنصر الله، ولاعن نفوس المتشوقّين إلى نعيم الله.

يقول معاذ -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم-, على حمار يقال له عفير, ليس بيني وبينه الا مؤخرة الرّحل, فقال لي: “يا معاذ بن جبل”. قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك! قال: “يا معاذ بن جبل، أتدري ما حق الله على العباد؟”. قلت: الله ورسوله أعلم! فقال: “حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا”.

ثمّ سار ساعة فقال: “يا معاذ بن جبل”. قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك! قال: “هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟” إذا فعلوا ذلك ولم يقل إذا عرفوا ذلك؛ فإنّ المعرفة وحدها كالأماني لا تكفي ولا تنجي، “هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟” قال: “أنْ لا يعذبهم” أن لا يعذبهم.

فمن زُحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، “قال أتدري ما حق الله على العباد؟”. قال: “أن يعبدوه، أن يكونوا عبادا لله، أن يحْيوا وأن يموتوا عباداً لله، أنْ يحققوا وصف العبودية لله تعالى في حياتهم.

إن أعظم وصف وأكرم وصف يمكن أن يوصف به الإنسان في هذه الحياة الدنيا هو وصف العبودية لله، فاخلع يا أيها الإنسان على نفسك ما شئت من الأوصاف الدنيوية الزائلة, وليخلع عليك الناس ما شاءوا وما شئت من الألقاب المصطنعة البائدة، فلا قدر لذلك كله، ولا شرف لك بذلك كله، ما لم تكن قرينة لوصف “العبودية لله”.

ذلك الوصف, الذي زهد فيه بعض الناس اليوم ورغبنا عنه, ولكن الله اختاره لأحبّ خلقه إليه، ولأعظمهم منزلة عنده، اختاره لسيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) [الإسراء:1]، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ) [الكهف:1]، (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) [الجن:19].

جاء النبي ذات يوم جبريل -عليه السلام-, فقال له: يا محمد، إن الله يُخيرك بين أن تكون عبدا نبيا, وبين أن تكون ملكا نبيا ويجعل لك بطحاء مكه ذهبا. فقال: لا يا أخي جبريل، بل أكون عبدا نبيا. فهذا ما اختاره لنفسه سيد ولد آدم -صلى الله عليه وسلم-.

أتدري ما حق الله على العباد؟” ما حقّ الله؟ حقّ الله، “حَقّ”: ما أثقلها من كلمة! ما أصدقها من كلمة! حق الله. (وَالْوَزْنُ يَومَئِذٍ الْحَقُّ) [الأعراف:8].

قال: “حق الله على العباد: أن يعبدوه“. فحقّ الله عليك أيها الإنسان أن تعبده، أن تكون عبدا لله، هذا ليس أمراً اختياريا، ولا نافلة، ولا تبرُّعاً، ولا مِنَّةً من جنابك لله رب العالمين، بل هو حق عليك، متحتّم عليك، دَيْنٌ في عنقك، واجب في ذمتك, لازم عليك، أنْ تكون عبدا؛ إنما هو أمر إلهي، وفرض رباني، وحق سماوي عليك أيها الانسان.

أيها الإخوة: استمعوا ماذا قال نبيكم: قال: “أتدري ما حق الله؟” الله، لا البشر. إن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بهذا التعبير وبهذا الكلام، ينفض قلبك، وينتهر كيانك، ويهز مشاعرك، ويذكرك جيدا بأن الحقّ الذي يطلبه منك ليس لأيّ أحد، إنما يطالبك بحق الله العظيم الجليل، أنْ تؤديه وأنْ تقوم به.

نعم, أن تقوم بالعبودية والطاعة، هذا حق لله الخالق عليك أيها المخلوق من العدم، (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئَاً؟) [مريم:67].

أن تقوم بالعبودية، هذا حق عظيم لله رب العرش العظيم، الذي ما قدَرْناه حقّ قدره، يقول ابن عمر -رضي الله عنه-: قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر ذات يوم: (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعَاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر:67].

وقال: “يُمَجّد الربّ نفسه، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم”. فرجف المنبر برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى قلنا: لَيَخِرَنَّ به.

هذا الربّ هذا الإله العظيم الجليل -قال لك محمد، صلى الله عليه وسلم- إنّ حقه عيك أن تعبده، فهل أنت ملبٍّ دعوته؟ وخاضع لربه؟.

لقد لبى حق الله هذا الملائكة المقربّون، والأنبياء المرسلون، ولستَ -يا أيها الإنسان- بخير منهم، (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدَاً لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) [النساء:172].

فجبريل أمين الوحي قام بحق العبودية لله, وآدم أبو البشر، وإبراهيم أبو الأنبياء -عليهم السلام-، ومحمد سيد الخليقة -صلى الله عليه وسلم-, والصدِّيق خير الأمة، كلهم كان عبداً لله العظيم الجليل، وقام بحقّ العبودية لله.

ولكن أناسا مسلمين اليوم نكثوا العهد مع الله تعالى، فلم يقوموا بحقّ العبودية لله، فصَمّوا آذانهم، ونكسوا رؤوسهم، وعبدوا سراب الدنيا الخادع، لا يبالون بحق الله في أن يعبدوه، آخر شيء يفكّرون به هو حق الله.

ولكن الويل والثبور إذا قصّر أحد في حقّهم، إذا تجاوز أحد حقّهم! أما حق الله رب العالمين فهذا لا بأس بأن يهدر، وأن يؤخر، وأن ينسى، وأن يضيع، لقد قدم بعض المسلمين اليوم وبعض المتسلطين والحاكمين كل الحقوق على حق الله.

يقول ابن الجبير: وحَقُّ الله آكَد عليك من حق أبيك وأمك، وولدك وزوجك والناس أجمعين.
“أتدري ما حق الله على العباد؟”.
أيها الأخوة: ماذا تنتظر حتى تقوم بحق الله؟ ما الذي تنتظره حتى تنفر منه إلى حق الله فتعبده؟ ماذا تنتظر؟ ألا تأخذ بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما نصَحَك قائلا: “بادروا بالأعمال سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسيا, أو غنى مطغيا, أو مرضا مفسدا, أو هرما مفندا, أو موتا مجهزا…”.

ماذا تنتظر؟ ألم تعلم بعد أن تعبد الله وتطيعه أن هذا هو حق الله ليس بحاجة إلى تفكير ولا إلى مشورة ولا إلى تردد؟ بادِرْ وبَكِّر وقم واقطع حبائل الأماني والغفلة، واتصل بحبل الحق والعصمة.

أيها المسلم! أيها المؤمن! أيها الإنسان! ما يمنعك أن تقوم بحق الله؟ لِأيِّ شيء نضيع حق الله رب العالمين؟ ما يمنعك؟.

ما يمنعك؟ الشهوات والملّذَّات؟ في الحديث: “يؤتَى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، فيُغمَس غمسة واحدة في النار، ثم يسأله الله: ذقتَ في حياتك نعيما؟ فيقول مقسما بالله: لا والله يا رب! ما ذقت في حياتي الدنيا نعيما قط”.

المال؟ في الآية الكريمة: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة:35].

الأهل؟ في الآية الكريمة: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس:34-37].

الرزق والوظيفة؟ في الحديث: “لقد نفث فيَّ الروحُ القدُس: إنه لن تموت نفسٌ حتى تسكتمل رزقها وأجَلَها”.

اللهو ومتعلقات الدنيا؟ في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ولا أَولادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون:9].

“أتدري ما حق الله على العباد؟”.

أيها الأخوة: أمْرُنا -والله!- عجيبٌ عجيب! أنا أريد أن أعرف شيئا واحدا: ماذا نريد من الله حتى نؤديه حقه؟ ماذا نريد من الله حتى نعبده؟ ماذا نريد من الله؟ كتباً؟ أنزل الله إلينا أحسن كتبه. رسلاً؟ أرسل إلينا أشرف خلقه. مساجد؟ تملأ الدنيا. نِعَماً؟ وهبنا الله الجسد والقوة والعافية، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
ماذا نريد من الله؟ الجنّة؟ (وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) [يونس:25], التوبة؟ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء:27]، الأجر؟ (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلَاً) [الكهف:30], السعادة؟ (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97].

عجيب أمر هذا الانسان! يقول الله تعالى في الحديث القدسي: “إني والجن والإنس في نبأ عظيم, أخلق ويُعبَد غيري, وأرزق ويُشكر غيري, خيري إلى العباد نازل وشرهم إليّ صاعد, أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم, ويتبغَّضون إليَّ بالمعاصي وهم الفقراء إليّ!”.

ماذا نريد من الله؟ لماذا نُصِرّ على نُكْران الجميل؟ لماذا يتغافل الناس عن حق الله في أن يعبد ويطاع رغم إحسانه إليهم؟ ماذا نريد من الله أكثر من ذلك؟.

ولكن، لا! لا يا أيها المتهاون بحق الله العظيم! لا يا أيها المتغافل عن حق الله العظيم! فالله عزيز وشديد العقاب، قد حَذّرك نفسَه، فقال: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران:28، 30].

فاحذر الله جيدا! إن الله خلَّد إبليس في النار لأمرٍ رفَضَه, وأهبط آدم من الجنة لنهْيٍ ارتكبه, وقطع يد السارق في ربع دينار، ورجم الزاني رجم الموت لشهوة دقائق، وأدخل إمرأة النار بهرة حبستها, وأحبط عمل رجل لتألّيه على الله، فكيف بك وقد أهدرت حق الله في أن يعبد؟.
أيها المتهاون بحق الله العظيم, لا تلومنَّ غدا إلا نفسَك، إذا اشتدت وطأة الملائكة على روحك وهي تنزعها من جسدك، إذا ضمّك القبر حتى اختلفت أضلاعك، إذا طردتك الملائكة عن حوض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

لا عليك أيها المتهاون بحق الله! لا عليك أيها المتغافل عن عبادة الله! لا عليك! غدا ستخَفّ موازينك، واليوم ستنقضي لياليك، وستمضى غفلات عمرك، وستمضي أنت وحدك، وحدك، ستغادر هذه الدنيا، وستدع ما تملك فيها، شئت أم أبيت!.

وستُطْوَى صحُفُك، وتتوقف قصة حياتك، وسيُنسَى ذكرك، ولكن ستمضي إلى ربك ، ستمضي إلى صاحب الحق هذا الذي قال: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر:92-93].

ستمضي إلى الله صاحب الحق هذا، وستقف بين يديه، فبماذا أنت مجيبٌ ربَّك؟ إذا قال لك: لِمَ؟ لِمَ؟ لِمَ لَمْ تؤدّني حقّي؟ إذا قال لك: لِمَ لَمْ تعبدني؟ ماعذرك؟ بماذا أنت مجيب؟ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ؟) [المؤمنون:115].

“يا معاذ، أتدري ما حقّ الله على العباد؟”. قال: “أن يعبدوه”. أنْ يعبدوه. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: “يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟“.

أيها الأخوة: كما يقول السلف الصالح: إن العبد حياته كلها دائرة بين أمرٍ ونهي، ومعصية ونعمة, فأما حقه في الأمر فأَنْ تلتزم به, وأما حقه في النهي فأَنْ تجتنبه, وأما حقه في المصيبة فأَنْ تصبر عليها, وأما حقه في المعصية فأنْ تتوب منها, وأما حقه في النعمة فأَنْ تشكره عليها.

فاسلك -يا أيها الإنسان- طريق العبودية لله تعالى، وأَدِّ ربَّك حقَّه يعطك فضله، ويُدْخِلْك نعيمه، اسلك -يا أيها الإنسان- طريق العبودية لله، فبها وحدها تشعر بأنك إنسان، وبأنّ لك كرامة، وبأنّ لحياتك قيمة.

اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئا يا رب العالمين.

 

بحث عن حق الله وحق العباد

ق في الاسلام منحة إلهية ثابتة ومقدسة ، وسواء كانت مرتبطة بحقوق الله على عباده من عبادات خالصة او دعاء ،او مرتبطة بحقوق العباد على العباد ، فانها تصب اخيرا في مصلحة الانسان اذ انه الهدف من هذه الحقوق كلها ، بل ان حقوق الله تعالى خاصة هي حقوق المجتمع ، فالله الغني عن العالمين لا يريد حقا من احد،وانما اراد من الصاق الحقوق بذاته ان يحمي الانسان ويحافظ على المجتمع ، ومن اللافت هنا ان الخالق عز وجل رتب وأوجب على نفسه حقوقا للعباد ، مع انتفاء الوجوبية والندية هنا ، ومبعث ذلك تأكيد عفوه ورحمته وحبه لخلقه ، والزاما بما فرضه عليهم من واجبات ومسؤوليات.

لايوجد في الاسلام حق الا وله هدف او من ورائه مصلحة ، حتى وان لم تصل الافهام الى اكتشافها او فهمها ، فالصلاة وان كانت حقا خالصا لله تعالى ، فمصلحة العباد فيها واضحة وكذلك باقي العبادات ، وفي الشريعة الاسلامية اتفق الفقهاء على ربط الحقوق بالكليات الخمسة ، اذ ان الدين كله يتعلق بحماية الجماعة وتميكن الانسان من عمارة دنياه وتحقيق سعادته ، وفي الحديث الشريف الذي رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه ثمة اشارة نبوية واضحة ما يريده الله من عباده وما يمنحه بالتالي لهم.

قال معاذ: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله ، قلت: الله ورسوله اعلم. قال: حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا .

ووظيفة الشريعة الاسلامية التي هي مصدر الحقوق ان توضح وتبين للناس حقوقهم لكي لا يمارسوا العدوان على غيرهم ، ولا يتنازلوا عنها ايضا لما يترتب على هذا التنازل من تفريط في حقوقهم الشخصية وحقوق الجماعة ، والتوضيح هنا تكفلت به الاحكام المختلفة التي جاءت بها الشريعة ، سواء كانت هذه الاحكام في دائرة التكليف او في دائرة العقوبات وما تتضمنه من حدود وقصاص ، وفي ذلك تفاصيل كثيرة قدمها فقهاؤنا حول طبيعة هذه الحقوق واقسامها وما يجوز التنازل عنه او قبول التعويض به او ما يمكن ان يغلب فيه حق الله على حق العباد والعكس او ما هو حق مشترك بين الخالق والمخلوق.. الخ ، والخلاصة ان حقوق الله تعالى كلها هي حقوق للجماعة ولمصلحة العامة ، وبذلك فان ربطها بالخالق تعظيما لها جاء لحمايتها من العبث ومنع الانسان من التفريط بها لانها لا تتعلق بفرد او مجتمع واحد.. وانما بالأمة كلها.

تخريج حديث حق الله على العباد

حديث معاذ فأخرجه مسلم، حديث (30)، وأخرجه البخاري في “كتاب التوحيد” “باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى” حديث (7373)، وأخرجه أبو داود مختصرا في “كتاب الجهاد” “باب في الرجل يسمي دابته” حديث (2856)، وأخرجه الترمذي، في “كتاب الإيمان” “باب ما جاء في افتراق هذه الأمة” حديث (2643)، وأخرجه ابن ماجة في “كتاب الزهد” “باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة” حديث (4296).

السابق
كيف ننسي من نحب
التالي
كيف تعرف انك تحب

اترك تعليقاً