ديني

مراحل الدعوة الإسلامية

تعريف الدعوة الإسلامية

الدعوة في الإسلام هي الدعوة إلى دخول الإسلام، والإيمان به وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وهو بحسب المفهوم الإسلامي قيام المسلم ذي الأهلية ـ في العلم والدين ـ بتبصير الناس بأمور الدين، وحثهم على الخير، وإنقاذهم من شر واقع، وتحذيرهم من سوء متوقع، على قدر الطاقة، ليفوزوا بسعادة العاجل والآجل، ويُختصر تعريف الدعوة بأنه معرفة الدين ودعوة الناس إليه، ويُسمى المُسلم المُتطوع للدعوة بـالداعي أو الداعية، وهو الشخص الذي تطوّع لنفسه لهذا العمل، وهو الذي يدعو الناس إلى الإسلام عن طريق الحوار وإقامة الحُجج بغرض التبليغ وإيصال الرسالة، وُردت أدلة شرعيّة من القرآن والسنة النبوية وكذلك على بعض آثار صحابة نبي الإسلام محمد بأن أساس الدعوة هي اللين والرحمة والتعامل بخُلقٍ حسن، لا الغِلظة والفظاظة، كما يؤمن المُسلمين بأنه لا يُوجد إكراه في الدعوة ولا إجبار، وتكون الاستجابة بالاختيار. لا تكون الدعوة فقط في غرض الدخول في الإسلام، بل الدعوة في العمل بواجباته وأركانه، والتخلي عن ما يناقضه، فالدعوة تكون على المُسلمين وبشكلٍ أكبر على غير المسلمين.

الدعوة السرية

بُعث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في بيئةٍ وثنيّةٍ جاهليّةٍ، أضاع أهلها قيم الرسالات السماويّة وانتكست فِطرتهم ومفاهيمهم حتى انقلب عندهم الحقّ باطلاً، وصارت الفضيلة بينهم رذيلةً، فما كان من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في ظلّ هذه الأحوال إلّا أن يبدأ دعوته سرّاً؛ حتى لا تفشل الدعوة العظيمة بالهجوم السريع عليها، فسمّيت هذه المرحلة بالدعوة السريّة، وبدأ -عليه الصلاة والسلام- فيها بدعوة أهله وأقرب الناس إليه، فبدأ بزوجته خديجة -رضي الله عنها-، والتي سارعت بالاستجابة إليه والإيمان بدعوته، ثمّ دعا ابن عمّه عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فسارع بإجابة دعوته كذلك، ودعا أيضاً بناته جميعاً فأسلمن معه، وانطلق بعدها في توسيع دائرة دعوته لتشمل أصحابه، فكان أبو بكر -رضي الله عنه- أوّل الملبين والمستجيبين، ومضى كُلّ من أسلم مع النبيّ بدعوة من يعرفه ويثق به، حتى أسلم على أيديهم ما يزيد عن أربعين رجلاً وامرأةً، واستمرت الدعوة سريّةً لأكثر من ثلاث سنواتٍ، حيث كان النبيّ يعلّم صحابته فيها التوحيد، والإيمان، ومحاسن الأخلاق، واختار دار الأرقم بن أبي الأرقم مكاناً لهذه الدعوة المباركة، وممّا شُرع في هذه الفترة من العبادات صلاة ركعتين في الصباح وركعتين في المساء، حيث كان المسلمون حينها يؤدّونها بالخفاء كي لا يفتضح أمرهم، وبقي الناس يتوافدون إلى الإسلام ويدخلون فيه إلى أن تشكّلت جماعة المسلمين الأولى، وصار الوقت مناسباً للانتقال إلى الدعوة الجهريّة.

موقف قريش من الدعوة الإسلامية

كان موقف قريش من الدعوة الإسلامية وصاحبها فى بداية أمرها موقف الاستهزاء والسخرية، فكان إذا مر بهم الرسول صلى الله عليه وسلم أو رأوه يصلى عند الكعبة يتغامزون ويتضاحكون ويسخرون منه، ولكنهم لم يتجاوزوا ذلك إلى الايذاء الفعلى، فقد كان المجتمع المكي ينظر إلى دعوة محمد كدعوة من سبقه من أمثال (أمية بن أبى الصلت)، (وقص بن ساعده) سرعان ما تنتهى وتندثر وطالما أنه لا يتعرض لآلهتهم فلا خوف منه.

ولكن بدأ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يزدادون يوما بعد يوم ونزلت الآيات التى تطعن فى الأصنام (آلهة قريش). وتعير قريشا بأنها تعبد آلهة لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، وسفه عقولهم التى لا تبصر الحق من الضلال والظلمات من النور.

هنا بدأ الإيذاء الفعلى من قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه من المسلمين وأوصى بعضهم بعضا بالنكاية بهم ليفتنوهم عن دينهم فقام أبو طالب بحماية محمد صلى الله عليه وسلم والزود عنه ضد قريش.

وجدت قريش أنها لا تستطيع أن تنال محمد صلى الله عليه وسلم بكبير أذى طالما أنه يتمتع بحماية عمه أبى طالب ومن ثم اجمعوا أمرهم على أن يكلموا أبا طالب فى شأنه فذهب إليه وفد من أشرافهم يطلبون منه- خاصة وهو على مثل دينهم –أن يكف محمد صلى الله عليه وسلم عن سب آلهتهم وعيب دينهم وتسفيه أحلامهم وضلال آبائهم، أو يترك محمد صلى الله عليه وسلم لهم يفعلون به ما شاءوا.

فردهم أبو طالب رداً جميلا – ولكنهم وجدوا أن هذه المقابلة لم تفدهم شيئا وأن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكف عن الطعن فى آلهتهم، والعيب فى آبائهم وأبو طالب يشمله بحمايته والزود عنه، فذهبوا إليه مرة ثانية وأخبروه بأنهم لا يصبرون على شتم آبائهم وطعن آلهتهم وخيروه بين أمرين، إما أن منع ابن أخيه عن دعوته وإما أن يعلنوها حربا عليه وعلى ابن أخيه حتى يهلك أحد الفريقين.

فوجم أبو طالب وأصابه هم شديد فهو بين أمرين أحلاهما مر، فهو أما أن يترك قريشا تسوم محمد صلى الله عليه وسلم العذاب، وإما أن يشترك معهم فى حرب غير مأمونه العواقب، لذا استدعى محمد صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالت قريش، وقال له : (ابق على نفسك وعلي ولا تحملني من الامر ما لا أطيق).

فظن الرسول صلى الله عليه وسلم أن عمه قد تخلى عن نصرته فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: (والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على ان اترك هذه الامر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته)، وخرج رسول الله باكيا فناده ابو طالب وقال له: اذهب يا ابن اخى فقل ما احببت فوالله لا أسلمك إلى شئ تكرهه ابدا.

رأت قريش أن تجرب وسيلة أخرى مع أبى طالب علها تفيد، فاختاروا أقوى شباب قريش وأجملهم وأشعرهم وهو عماره بن الوليد، وذهبوا به إلى أبى طالب ليسلموه له ليتخذه ولدا فى مقابل ان يسلمهم محمداً ليقتلوه فقال لهم أبو طالب : لبئس ما تسوموننى به أتعطونى إبنكم أغذية لكم واعطيكم ابنى لتقتلوه وهذا والله لا يكون أبدا.

ولما لم تجد قريش وسيلة للنيل من محمد اتجهت إلى من أسلم بها فسامتهم سوء العذاب وصبته على رؤسهم صبا، فلما رأى ذلك أبو طالب دعا بنى هاشم وبنى المطلب إلى حماية الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته ومنعه من قريش فأجابوه كلهم مسلمهم وكافرهم إلا أبا لهب فإنه أمعن فى غيه وضلاله.

رأت قريش أن تجرب اسلوبا آخر عله ينجح، ولكنه فى هذه المرة لن يكون مع أبى طالب ولكنه مع صاحب الدعوة نفسه محمد صلى الله عليه وسلم وهو اسلوب الحيلة والإغراء بالمال والجاه، فأرسلوا إليه عتبه بن ربيعة فقال يفاوضه منه إن كنت تريد بهذا الامر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا لملكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه اموالنا حتى نبرئك منه.

فلما فرغ عتبة طالب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستمع منه فقرأ عليه {حم * تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} فلما سمع عتبه أخذ ينصت إليه حتى انتهى الرسول إلى آية السجدة فسجدها وقال : أسمعت يا أبا الوليد، قال سمعت، قال : فأنت وذاك.

ثم عاد إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : لقد جاء أبو الوليد بغير الوجه الذى ذهب به، فسألوه ما وراءك فقال إنه سمع كلاما ما سمع بمثله قط فلا هو بشاعر ولا كاهن ولا ساحر، وطلب منهم ان يخلوا بينهم وبين محمد وأن يتركوه لشأنه، فإن يقتله العرب فقد كفوهم شره، وان يظهر عليهم فسيكونون أسعد العرب به فملكه ملكهم وعزه عزهم فقالت قريش:لقد سحرك محمد والله يا أبا الوليد فقال عتبه:هذا رأيى فاصنعوا ما بدالكم.

وجدت قريش أن الإغراء بالمال والجاه لم يجد فتيلا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأن دعوته مستمرة فى الذيوع والانتشار، لذا نهجوا معه أسلوبا أخر فطالبوه بالمعجزات حتى يصدقوه اجتمعوا يوما عند الكعبة وبعثوا إليه وطلبوا منه أن يسأل ربه أن يفرج عنهم الجبال التى ضيقت عليهم مكة، وأن يفجر لهم فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وأن يحيى آباءهم ومنهم قصي بن كلاب حتى يسألوه إن كان ما جاء به حقا أم باطلا، فإن فعل ذلك صدقوه وعرفوا أنه رسول الله إليهم.

فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما بعثنى به فإن تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وإن تردوا علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم، ثم سألوه أن يسأل ربه أشياء لنفسه، بأن يبعث ملكا يصدقه بما يقول، وأن يجعل به جنانا وقصوراً وكنوزا من ذهب وفضة فإنه يقوم فى الأسواق ويلتمس المعاش كما يفعلون، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بفاعل، ما أنا الذى يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيرا فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وأن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم

وقريش فى طلبها لهذه المعجزات من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت لتؤمن برسالته إذا تحققت، بل كانت ستتمادى فى غيها وعنادها، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بهم، فهو يعرف أن سنة من قبله من الرسل إذا سألوا ربهم المعجزة لقومهم فتحققت فكذب القوم حق عليهم العذاب، ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يرد لقريش هذا المصير، فقد سألته ان يجعل لهم الصفا ذهبا حتى يؤمنوا.

فقال : وتفعلوا، قالوا : نعم فدعا ربه فأتاه جبريل : فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم أبواب الرحمة والتوبة قال : بل التوبة والرحمة.

و يقول الله تعالى فى شأن مطالبتهم لمحمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات وعدم إيمانهم بها لو تحققت {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} ، وقوله {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآَيَاتِ إِلا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا}.

بدأت أخبار الدعوة الإسلامية تتجاوز حدود مكة وتتسرب إلى بعض البلدان القريبة منها فرأت قريش أنه وقد قرب موعد الحج واجتماع الناس من سائر البلاد إلى مكة فلابد لهم من كلمة يقولونها لهم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، واتفقوا على أن يقولوا لهم إنه ساحر وجاء ليفرق بين الابن وأبيه وبين الزوج وزوجته.

هادفين من ذلك إلى صرف الناس عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن كان لمقالتهم هذه عكس ما أرادوا إذ نبهت العقول في سائر بلدان شبه الجزيرة إلى الدعوة المحمدية، وأخذ الناس في هذه الأقطار يتسمعون أخبارها ويتساءلون عن البني الجديد وعن حقيقة دعوته وبذلك انتشر ذكرها في سائر بلاد العرب من حيث أرادت قريش كتمانها ومحاصرتها.

كم استمرت دعوة الرسول جهرا

استمرت دعوة النبي مدة 23 سنة منذ نزل عليه الوحي وقضى الرسول جزء من الدعوة في مكة قدره 13 عاماً  والجزء الآخر في المدينة المنورة وقدره 10 أعوام ، ولكن اول 3 سنوات في مكة المكرمة كانت الدعوة سراً حتى نزلت الآية الكريمة : فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين فخرجت الدعوة جهراً طيلة 20 عاما

تاريخ الدعوة الإسلامية

اضغط هنا لتحميل ملف تاريخ الدعوة الى الاسلام

بداية الدعوة الإسلامية في مكة

الدعوة الإسلامية pdf

السابق
مراحل تدوين القرآن الكريم
التالي
ما فائدة البردقوش للمبايض

اترك تعليقاً