ديني

مفهوم الحجاب في الاسلام

تعريف الحجاب لغة واصطلاحا صيد الفوائد

تعريف الحجاب لغة :
قال في مختار الصحاح : ” الحجاب : الستر ، وحَجَبَهُ : منعه من الدخول ، ومنه الحجب في الميراث ، والمحجوب : الضرير ، وحاجب العين : جمعه حواجب ”
وقال في لسان العرب : ” حجب : الحجاب : الستر . حَجَبَ الشيء يَحْجِبُهُ حجبا وحجابا . وحَجَبَهُ : ستره . وقد احتجَب وتَحَجَّب إذا اكتن من وراء حجاب ”
تعريف الحجاب اصطلاحا :
” الحجاب كل ما ستر المطلوب ، أو منع من الوصول إليه . ومنه قيل للستر : حجاب ؛ لمنعه المشاهدة ، وقيل للبواب : حاجب ؛ لمنعه من الدخول . وأصله جسم حائل بين جسدين ” ، وقال في الكليات : ” كل ما يستر المطلوب ، ويمنع من الوصول إليه فهو حجاب ”

حكم الحجاب في الإسلام

حُكم الحجاب

اتّفق الفقهاء على أنَّ الحجاب فرضٌ على كلِّ مسلمةٍ بالغةٍ، فإذا بلغت المرأة دخلت سِنَّ التّكليف، وأصبحت مُخاطَبة بالأحكام الشرعيّة، وأصبح الالتزام بها واجباً، ومن بين هذه الأحكام الحجاب، ودليل وُجوبه ما جاء في قوله تعالى في سورة النّور: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)؛ فالآية الكريمة وغيرها من النُّصوص الشرعيَّة جاءت آمِرةً المؤمنات بالتزام الحجاب، وستر أجسادهنّ عن الرجال غير محارمهنَّ الذين بيّنتهم الآية الكريمة السّابقة وعدَّدتهم، فالحجاب واجبٌ على المؤمنة البالغة، تستُر به كامل جسدها ما عدا الوجه والكفَّين على قول جمهور الفقهاء، ولا يحلُّ لها نزع حجابها وكشف عورتها على غير المحارم إلّا لضرورةٍ، مثل: التّداوي والعلاج، أو الشَّهادة.

فوائد الحجاب في الإسلام

فرض الله الحجاب على النساء، وتعبّدهن به تعبّداً يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وتركه يؤدّي إلى الوقوع في الكبائر، وللحجاب فوائد عظيمة ومصالح كبيرة، وفيما يأتي بيان لها بشكلٍ مفصّل:

  • الحجاب طاعة لله -عز وجل- ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)،[٤] حيث تعيش المؤمنة مع هذا الأمر بالأمن والثقة واليقين.
  • الحجاب للمؤمنات؛ فالخطاب خاص بهنّ، بمعنى أن من التزمت بالحجاب كانت هي المؤمنة الحقّ بالله تعالى.
  • الحجاب طهارةً لقلب الرجل والمرأة، فالحكم نزل في نساء النبي، ويشمل نساء المؤمنين، والنساء والرجال في كل مكان وزمان بحاجة إلى طهارة القلب وعفّة النفس.
  • علامة شرعية على الحرائر العفيفات، وإن صلاح الظاهر فيه دليل على صلاح الباطن، والعفة لا تعرّض المرأة للأذى، خاصة من ضعيفي الإيمان.
  • مناسب للغيرة التي جُبل الإنسان السويّ عليها، وهي من آثار تكريم الإنسان، وتعني العاطفة التي تدفع الرجل لصيانة المرأة عن كل محرّم، وقد استقرت هذه الصفة في نفوس العرب منذ الجاهلية، كما إن الحجاب علامة الحياء، والحياء خلق كريم وشعبة من شعب الإيمان.
  • دعوة إلى مكارم الأخلاق؛ كالعفة والاحتشام والحياء، كما إنه يقطع الأطماع والخواطر الشيطانيّة عند كل من الرجل والمرأة.

الحجاب الشرعي في الإسلام

صفات الحجاب الشرعي

يجب أن يتوفّر في الحجابِ مجموعةٌ من الصفاتِ والهيئاتِ لكي يُعتبر حجاباً شرعياً موافقاً ومُطابقاً لما أمر الله سبحانه وتعالى وما أمر به رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن فرّطت المرأة في حجابها أو غَفلت وتناست إحدى تلك الصّفات لم يُطلق عليها لفظ الستر بالحجاب الشرعي الصحيح، والذي يَجبُ عليها هو الالتزام به كما أمر الشرع الكريم، وكامرأةٍ مسلمةٍ حريصةٍ على تطبيقِ شعائر الدين الإسلامي الحنيف، وكمسلمةٍ تسعى لنيلِ رضا ربّها سبحانه وتعالى، وترجو الفوز بجنّاتهِ، وأهمّ صفات الحجاب الشرعي ما يأتي:

  • أن يكونَ فضفاضاً؛ فلا يجوزُ أن يكون لباسُ المرأة ضيقاً يَصف أجزاءَ الجسمِ ويكشفها، وهذه الصفة تشمل جميع جسم المرأة، فالحجاب ليس محصوراً على تغطيةِ الرأسِ أو شعر الرأس أو جزءاً منه وسترهِ عن الآخرين من الرجالِ فقط، بل الأمر في الحجاب سترُ وتغطيةُ جميع البدن أيضاً كما نصت الشريعة الإسلامية السمحة على ذلك.
  • ألّا يكون الحجابُ رقيقاً؛ فيُظهِرُ ما تحتهُ من الجسد، أو يكشف تحته ثياباً تثير الفتنة لدى الرجالِ الأجانب، وقد بيّن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- لأسماء بنت أبي بكرٍ -رضي الله عنهما- عندما دخلت عليه بثيابٍ رقيقةٍ، فقال لها: (يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغتِ المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ)؛[٨] ذلك أنَّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لم يَعتبر ما كانت تلبسهُ أسماء بنت أبي بكر حجاباً؛ لأنَّه يُظهرُ ما تحتهُ مما يثيرُ الفتنة، ويبتعد عن مفهومِ السترِ والحجاب الشرعي المعروف في الدين الإسلامي.
  • البعد في شكل الحجاب عن التشبه بلباسِ الرجال؛ أي تشبُّه النساء بالرجال؛ ذلك أنّ تشبه النساء بالرجال منهيٌّ عنه في الدين الإسلامي؛ لما فيه من تغييرٍ لخلقِ الله ومخالفة لصفة الحجابِ الشرعي الصحيح؛ للحديث الوارد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: ( لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ؛ المتشبِّهاتِ بالرِّجالِ منَ النِّساءِ والمتشبِّهينَ بالنِّساءِ منَ الرِّجالِ)، فإنَّهُ يحرم على النساءِ التشبهَ بالرجالِ في جميع النواحي والمجالات في اللباسِ، وفي غير اللباس، وفي المقابل يحرم تشبُّه الرجال بالنساء.
  • ألّا يكونَ الحجابُ لباسُ شُهرةٍ؛ وذلك بأن يظهر فيه الكثير من الإسرافِ أو الخيلاء.
  • ألّا يكونَ الحجابُ من لباسِ أهل الكفرِ؛ كأن يكون معروف في ديانتهم، أو يكون من لباسُ أهل الفسقِ والمجونِ؛ وهو اللباس الذي اشتهر به أولئك بين عامة النَّاس كخصوصيّةٍ لهم، وكأن يحتوي أيضاً على رسوماتٍ لصُلبانٍ، أو تصاوير لأهل الكفرِ، أو كتابات بلغات أجنبية وعند ترجمتها تعطي معاني سيّئة وساقطة لا تليق بالمرأة المسلمة الطاهرة الشريفة العفيفة.
  • أن يكون الحجاب خالياً من رائحةِ عطر؛ بحيث يسهل الوصول إليها، أو إدراكها من قِبلِ الرجالِ غير المحارم، ويجدُها الرجالُ مُغريةً تُثيرُ الغريزة والفتنة لديهم عندما تصلهم رائحتها إن مرُّوا بقربها في الطريق، أو في السوق، أو في العمل.

أهمية الحجاب

فرض الله -تعالى- الحجاب على النساء المسلمات، ورتّب على من لم تلتزم به إثماً وذنباً كبيراً، وذلك لما للحجاب من أهميةٍ وفوائدٍ وثمارٍ عظيمةٍ تعود بالنفع على المرأة نفسها، وعلى المجتمع المسلم بشكلٍ عامٍ، وفيما يأتي بيان جانبٍ من هذه الأهمية الكبيرة:

  • الحجاب طاعةٌ وامتثالٌ لأوامر المولى جلّ وعلا، فالإيمان الحقيقي يكون بالاستسلام لما فرض الله -عزّ وجلّ- على الإنسان من واجباتٍ، ومنها: الحجاب في حقّ المرأة، فإذا قامت بارتدائه كانت مطيعةً لله منقادةً لشريعته، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
  • الحجاب علامةٌ على الإيمان عند مَن التزمت بلباسه، فالله -تعالى- إنّما استخدم لفظ الإيمان في حديثه عن النساء المأمورات بلباسه، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ).
  • الحجاب طهارةٌ ونقاءٌ لقلوب كلاً من الرجال والنساء، فالله -سبحانه- بيّن العلّة العامة من الحجاب في قوله عن أمهات المؤمنين: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)،[٨] ففي هذه الآية أرشد الله -تعالى- المؤمنين إذا أرادوا أن يسألوا نساء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- شيئاً أن يكون سؤالهم ذلك من وراء حجاب، وعلّل ذلك بكونه أطهر لقلوبهم جميعاً، وبما أنّ هذه العلة علّةٌ عامّةٌ فهي تدلّ على تعميم الحكم لحاجة الناس جميعاً في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى طهارة القلوب.
  • الحجاب يدلّ على عفّة مرتديته، وإذا ظهر على المرأة العفّة كان ذلك حامياً لها من أطماع ضعيفي الإيمان الذين يؤذون النساء المتبرجات، كما أنّ صلاح الظاهر فيه دلالةٌ على صلاح الباطن، قال الله تعالى: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ).
  • الحجاب دلالةٌ على الحياء، والحياء خلقٌ عظيمٌ دعا إليه الإسلام، وجعله الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- شعبةً من شعب الإيمان، وهو خصلةٌ من خصال الفطرة السليمة، يودعه الله في النفوس التي يريد تكريمها، وكلمة الحياء مأخوذةٌ من الحياة؛ لأنّ الحياة لا تستقيم دون خُلق الحياء.
  • الحجاب يتناسب مع مفهوم الغيرة السويّة، وهي تلك الغريزة القوية الموجودة في نفس الرجل السويّ، تدفعه لصيانة المرأة عن كلّ ما هو سيءٌ وشيّنٌ وعارٌ، وهي خصلة من صميم الإيمان، وهكذا فالحجاب يساعد الرجل في غيرته على صيانة المرأة، وحمايتها من كلّ ما يؤذيها.
  • الحجاب دعوةٌ لمكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات والخصال، مثل: الحشمة، والعفة ،والأدب وغيرها.
  • الحجاب يضيّق الطريق أمام الخواطر الشيطانية، ففيه وقايةٌ للمجتمع من الأذى، وحمايةٌ لقلوب الرجال والنساء من الأمراض، والخواطر الشيطانية التي تدفع إلى إطلاق البصر، وقذف المحصنات، وغيرها من هذه المظاهر.

الحجاب في القرآن

1. قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31

2. وقال تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/60 .

3. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/59

مشروعية الحجاب

السابق
فوائد زهرة النرجس
التالي
طريقة الرسم على الأظافر

اترك تعليقاً