كيف يفكر النرجسي
يُعدّ حبّ الذات ضروريًا للفرد ليشكّل شخصيّةً سوية ومنتِجة كما عبّر عن ذلك عالم النفس والفيلسوف الألماني “إريك فروم”، ما يلعب دورًا في زراعة الثقة بالنفس وإنتاج الفرادة والتمييز المطلوبين لعدم تماهي شخصية الفرد مع المجتمع وذوبانها فيها كليًّا. لكنّ تضخم الذات المفرِط والمرتبط أحيانًا كثيرة بالأنانية والغرور قد يقود للنرجسية، أو ما يُعرف في علم النفس باضطراب الشخصية النرجسية.
استخدم سيجموند فرويد مصطلح “النرجسية” للمرة الأولى والذي استقاه من من الأسطورة اليونانية القديمة التي روت أن شخصًا يدعى “نرسيس” كان فائق الجمال يعشق ذاته للغاية حتى وصل به الأمر إلى أن يقفز في الماء حتى يلمس وجهه فغرق. ووفقًا لنظريّته التي طرحها عام 1941 عن الشخصية النرجسية، فيشير “فرويد” أنّ الشخص النرجسيّ يتميز بالتعجرف والغيرة من الآخرين، وفرط الحساسية تجاه آرائهم وانتقاداتهم وعدم تقبلها نهائيًا، بالإضافة إلى السخرية منها، فيرى نفسه متميّزًا فريدًا لا يشبه الآخرين، ويمتلك شعورًا متضخّمًا بأهميته، إلى جانب انشغاله في المبالغة بإنجازاته وأعماله، واستحواذ وهم التألق وخيال التميّز عليه.
يعتمد الشخص النرجسيّ على الآخرين من حوله للحصول على قيمته الذاتية وتضخيم أنانيته، فيعتقد أنه شخصٌ أساسيّ ذو أهمية قصوى ولا يُمكن الاستغناء عنه في حياة من حوله، سواء على مستوى العائلة أو العمل أو المجتمع الذي يعيش فيه. إلا أنّ علاقته بكلّ هؤلاء لا تكون مستقرة كما يبدو في معظم الأحيان، فيغلب على هذا الشخص افتقاره إلى الاستقرار النفسي والسلام الداخلي والثقة بالآخرين، إذ يعاني من القلق المستمر، وتتّسم علاقاته الاجتماعية بالتوتر بسبب انفعالاته حيال أيّ رأيٍ مخالف لآرائه وعدم تقبله الانتقادات الموجهة إليه.
يحدّث الشخص النرجسيّ نفسه دائمًا ويذكرها بحبّه لذاته وإعجابه وإعجاب الآخرين بها، “أنا أحبّ نفسي، وأعلم أنك تحبني أيضًا” لدرجة أنّهم يصلون لمرحلة كبيرة من التأكد والتيقن حيال حبّ الآخرين لهم، “لا أستطيع أن أتخيّل أنّ هناك أحدًا لا يحبّني!”. أو أن يحاول إظهار تميّزه وفرادته بقوله “أنا أفضل مدير في العالم”، “لا أحد يجابهني أو ينافسني في عملي”.
أما عن علاقاته بالآخرين والتي تتسم بالقلق وافتقارها للسلام والاستقرار، يتجنّب الشخص النرجسيّ الاعتذار عن أخطائه ولا يعترف بها، وإنما يصرّ على عدم الحاجة للاعتذار، بالإضافة إلى أنه يرى أنّ الآخرين مجبورون على تحمّله وتقبله كيفما كان ومهما فعل. كما يرى أنّ كلّ من حوله بحاجةٍ لها مقنعًا نفسه
سوف يتخبط الجميع بدوني”.
طريقة انتقام الشخصية النرجسية
اخذ اسم النرجسية من زهرة النرجس التي تنمو على حافات الانهار والبحيرات وتنحني لتعكس صورتها في الماء .
يعرف علم النفس التحليلي النرجسية بأنها التوضيف الليبيدي في الانا ، اي الحب الموجه الى صورة الذات .
والنرجسي هو الشخص الذي يحب صورته وذاته فقط ، ويتطلع لها دائما في المرايا ، ويعتقد انه افضل من غيره ، وان الله اصطفاه على الاخرين .
قال العالم النفسي جاك لاكان عن النرجسية انها تحوي خصائص الشبقية والعدوانية المدمرة ، ويكون صاحبها مفتتن بنفسه وصورته فقط ، وتفضي الحالة احيانا به الى العدوان النرجسي الانتحاري .
وهذه الصيغة المرضية توحي لصاحبها ان يصيغ عالمه الاسطوري لتصل الى قيمة انسانية عليا هي قيمة الآخر بصورته وصوته ، على اعتبار الاخر هو زورق النجاة في العالم الاجتماعي . والنرجسي كثير المغامرات النسائية ويعشق النساء .
في دراسة جامعية اجريت على مجموعة من الطلبة الجامعيين في غزة ، توصلت الدراسة الى ان النرجسية ترتبط ببعض السمات وانماط السلوك غير المرغوبة ، حيث يميل النرجسيون الى ان يكونوا اكثر رغبة في الانتقام ، واقل استعدادا للتسامح ، واكثر غضبا ، واندفاعية واكثر عدوانية ، ويميلون الى الانتحار عند فقدانهم لمكانتهم الاجتماعية او الحصول على التأييد لرغباتهم . ولديهم الرغبة في استغلال الاخرين لتحقيق مأربهم الشخصية .
النرجسي لايريد ان يعارضه احد او ينتقده . يرغب في الحصول على الشهرة والمال والنساء باي وسيلة كانت .
يريد ان يراه الناس جميعا سواء بسمعة جيدة او سيئة فلا فرق عنده .
يريد ان يخاف منه الجميع وان يبدوا اعجابا به . يكره النرجسي ان يكون متجاهَلا من الغير ، حلمه ان يكون كلي القدرة والحضور في المجتمع
خطورة الشخصية النرجسية
فدائما ما يرسم صاحب الشخصية النرجسية صورة عن نفسه تملؤها العظمة والفوقية، ويكون في حاجة للأضواء طوال الوقت، وينظر للآخرين على أنهم دمى يقتصر دورهم على إشباع حاجاته ورغباته، كما أنه يتقبل بصعوبة الانتقادات التي توجه له أو الآراء المغايرة لمعتقداته.
وتعد هذه أهم سمات الشخصية النرجسية، وفقا لخبير الصحة النفسية فيدل استايري، أحد أعضاء رابطة “الأطباء النفسيين بمدريد”.
ولا تبتعد الصورة التي ترتبط في أذهان العامة عن الشخصية النرجسية عن التوصيف العلمي، فهو هذا الشخص المغرم بنفسه، وإن كان الخبير يزيد على ذلك أنه “يعاني عجزا في تقبل الآخرين وصعوبة في التأقلم مع أشخاص آخرين، ما يجعله يشعر على المدى البعيد بالعزلة والوحدة”.
ولا يتسامح النرجسيون مطلقا مع الإحباط أو أي موقف لا يتوافق بالكامل مع توقعاتهم، ويعانون من صعوبة في الشعور بأحاسيس مثل التعاسة والحاجة العاطفية والضعف، ويقيمون المواقف على مبدأ كل شيء أو لا شيء، ولا يدركون مشاعرهم الحميمة وحاجاتهم العميقة على نحو جيد.
النرجسي والكذب
الأفراد الذين يعانون من اعتلال نفسي أو من النرجسية يتقمصون شخصيات مزيفة للتفاعل مع الآخرين بهدف إيهامهم بأنهم يشاركونهم اهتماماتهم. فضلا عن ذلك، يستغل هؤلاء الأشخاص مختلف أنواع التفاعلات الاجتماعية للهيمنة وللإيقاع بضحاياهم. وفي الأثناء، يمكن اكتشاف مكائد المصابين بالنرجسية من خلال تبين الخصائص الازدواجية المتطرفة التي يوظفونها أثناء التخاطب مع الآخرين، على غرار التركيز المفرط على الشخص المقابل والإفصاح بسهولة شديدة عن الكثير من التفاصيل الشخصية.
أولا، أن الشخص النرجسي عادة ما يفضي بمكنونات صدره بسرعة فائقة لمن حوله، حتى قبل أن يعرف ويتأكد ما إذا كان الطرف المقابل جديرا بالثقة. في الحقيقة، لا يعد هذا السلوك اعتباطيا، حيث يقوم النرجسيون بفرض أنفسهم وإثارة الاستعطاف وذلك لغايات محددة. ومن خلال هذا الأسلوب يستعجل النرجسيون إحكام قبضتهم على الضحية حتى يشرعوا في عملية التحكم والتلاعب.
ثانيا، أن الشخص النرجسي غالبا ما يعيد سرد قصص بطولاته أو فشله على مسامع الآخرين. وبالتالي، وجب الاحتراس من هذا السلوك والتركيز مع طبيعة المعلومات التي يتم تلقيها. وفي حال تفطنت أن الشخص الذي أمامك بصدد إعادة المعلومات ذاتها، فمن المرجح أنه بصدد استخدام أحد النصوص المعدة مسبقا.
وعموما، يتسم المرضى النفسيون بمهارة طبيعية في الكذب، مما يدفعهم إلى تجهيز محادثات وقصص بشكل مسبق.
الرجل النرجسي والخيانه
وفي أحيان أخرى تظن بعض الفتيات إنها في إمكانها تغير الشخص النرجسي، تظل تفكر في إنها ربما لم تحاول بقدر كافِ لتغييره أو تفهمه وفي الحقيقة إن هذا درب من الخيال فالشخص النرجسي لا يتغير أبدا، فالحقيقة إنه لا أحد يتغير. عندما تكونين في علاقة مع شخص نرجسي فإنه من الصعب جدا الخروج منها، من أخطر عيوب الشخص النرجسي إنه يجعلك تدمنينه، تشعرين بالخوف طوال الوقت من مفارقته، يجعلك تعتقدين إنك غير مكتملة من دونه، إنك غير قابلة للحب وأن المشكلة دائما بك، ولكن عندما تستجمعين شجاعته وتقررين الفرار من تلك العلاقة فأوكد لكِ إنه سيتبعك أينما ذهبتي، سيحاول إرجاعك بكل الطرق وسيفعل كل ما في وسعه لتعودين إليه مرة أخرى، سيرتدي قناع الطيبة والاهتمام والسند، سيعتذر عن كل ما فعله وسيتظاهر وكأنه لا يريد أن يخسرك أبدا وإنه لا يستطيع العيش دونك وهذا ليس لكونه يحبك ولكن لكونكِ ضحيته المفضلة التي يتغذى على وجودها وحبها له.
إنه بارع في اختلاق الأعذار يا عزيزتي، سيظهر نفسه وكأنه البريء في هذا الموقف وسيستغله أيضا كي تشكين في ذاتك وتفقدين ثقتك بنفسك واحترامك لها. سيجعلك تصدقين إنك شخص غير مرغوب فيه ولهذا فقد قام بخيانتك، ستصدقين إنها غلطتك وتشعرين بالضيق والأسف إنك لم تكوني معه وقتها بل كانت هي وإنه حقا لم يرد هذا ولكنه كان مضطرا، سيقوم بغسل دماغك مرات ومرات وقتما شاء.
اهمال النرجسي
إذا كانت علاقتك بالنرجسى قوية، فقد تجد نفسك في مشكلة معه، فلا داعى للهجوم عليه والدفاع عن نفسك، لكن التعامل معه بهدوء وتفهم يجعله يتراجع عن اتهماته. – لا داعي للمبالغة فى الوعظ، بل يجب على المقربين التعليق البسيط على سلوكيات النرجسي حتى لا يصاب بالإحباط والانفعال. ـ يجب الحفاظ على العلاقات الاجتماعية والتوازن النفسى، فدائما ما يفر الأصدقاء من الشخصية النرجسية، فالشعور بالانعزال مؤلم جدا بالنسبة له. ساعده في تحمل المسؤوليات تجاه نفسه وتجاه الغير، وشجعه على ذلك، لكن تجنب أن يكون ذلك بشكل مباشر. لا تنزعج إن لم يتعاون معك أو يرسل له رسالة هادئة أنه مسؤول عن كل تصرفاته
كيف اتخلص من الشخص النرجسي
يتطلب الانفصال عن الشخص النرجسي، المزيد من الحكمة ووضع الإستراتيجيات المناسبة، ليس بسبب شخصيته الفظة وحسب، ولكن حفاظا على سلامتك وحمايتك من براثن الانتقام، فهو شخص متلاعب بطبعه، لذا حافظي على هدوئك وقوتك لمواجهة هذا الطوفان العارم.
بحسب الطبيبة جوديث أورلوف: “يرتدي الشخص النرجسي قناع السحر والجاذبية، الذكاء والاهتمام، ولأنه كذلك يعرف كيف يجذب الآخرين ويقنعهم للعودة للحياة معه مرة أخرى، وبمجرد الاطمئنان لعودتك سيعود إلى سابق عهده، ويمارس الأنانية والتعالي من جديد”.
وتحث الدكتورة أورلوف أولئك الذين انفصلوا عن النرجسيين، بالتأكد من أنهم لا يشعرون بالتعاطف تجاه من حولهم، لذا احذري من أسلوب شريكك إذا ما حاول إقناعك بالرجوع إليه، أو يجعلك تشعرين بالذنب حيال قرارك بالانفصال، وتذكري أنها محاولات للتلاعب بمشاعرك؛ لتستمري في العلاقة فلا تنجرفي لمحاولاته وتشبثي برأيك وقرارك.
وأضافت: “تحتاجين لوضع الحدود بشكل واضح، فعندما تخرج منك كلمة لا، لا بد أن يدرك أنك تتفهمين عواقب النهاية جيدًا، وتأكدي من أنه لا يحبك حقًا فهو يحب نفسه فقط، فقد يصعب عليك التخلص من هذه العلاقة بسهولة والأفضل اقتلاعها من الجذور”.
هل يشعر النرجسي بالندم
لا يشعر النرجسي بالذنب لأنه يشعر أنه دائمًا على حقّ ولا يصدق أن أفعاله تؤثر على الآخرين ولذلك قد يقوم بأفعال شائنة وبغيضة للغاية كأن ينشر أحدهم صور امرأته عارية على الإنترنت دون أن يشعر أنّه قام بفعل خاطئ!.
الشعور بالخزي هو الإحساس بأن هناك شيء خاطئ ودائم ومخجل في هويّتك، في داخل النرجسي يوجد كل المشاعر المريضة من خوف وعدم أمان وقلق وخوف من الرفض والرغبة في الاختفاء من الناس حتى نفسه. النرجسي يشعر بالعار من كل هذه المشاعر بداخله ولكن إخفاءه للضعف وادعاءه الثقة يجعل من المستحيل أن تجد نرجسيا صادقًا أو حقيقيًا، فهو شخص زائف تمامًا.