أنظمة دولية

تعريف منظمات المجتمع المدني

نشأة منظمات المجتمع المدني

تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني من خلال تمتعها بالاستقلالية وبتعدد مصادر قوتها المادية والبشرية، وتوافر نظام اجتماعي ديمقراطي حديث يسمح بوجودها ونشاطاتها وحمايتها، ومن المعروف ان الأنظمة الشمولية أو المركزية وسيطرة الدولة على المؤسسات يعيق من عمل ونشاط مؤسسات المجتمع المدني فهي مؤسسات وسيطة بين الحكم والشعب ومن شأنها ان تخفف الأعباء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تقع على كاهل الحكم، وبسبب أزمة الديمقراطية في العالم الثالث وفي الوطن العربي بشكل خاص يلاحظ ان النشأة التاريخية لمؤسسات المجتمع المدني كانت مأزومة في مراحل عديدة.

وفي الأردن يقوم المجتمع المدني على حوالي (12) فئة من التنظيمات الاجتماعية التي تعكس بنية المجتمع المدني وتضم في إطارها 2000 منظمة، فيما يصل عدد أعضاءها إلى حوالي 800.000 شخص وما يميز هذه المنظمات انتشارها في العديد من المدن والقرى الأردنية.

ورغم وجود حالة من الصراع البسيط والمواجهة بين المجتمع المدني والحكم إلا ان الواقع يقتضي فهم اعمق لدور منظمات المجتمع المدني باعتبارها شريك للدولة في تحمل مسؤوليات وأعباء التنمية، ومن هنا ينبغي إيجاد المعادلة اللازمة للتوفيق بين دوريهما في المحافظة على استقلالية منظمات المجتمع المدني من جهة واحترام سيادة الدولة من جهة أخرى.

أ-مكونات المجتمع المدني

  • الأحزاب السياسية.
  • الجمعيات الاجتماعية والخيرية.
  • النقابات المهنية .
  • الروابط والهيئات الثقافية.
  • منظمات البيئة .
  • الأندية الرياضية والشبابية.
  • منظمات حقوق الإنسان والتنمية الديمقراطية.
  • المنظمات النسائية .
  • النقابات العمالية.
  • منظمات أصحاب العمل .
  • جمعيات الحماية والرعاية الصحية.
  • منظمات على حواف المجتمع المدني (تنطبق عليها مواصفات منظمات المجتمع المدني، لكنها تقوم بأعمال ذات صلة بالمجتمع المدني مثل مؤسسات النفع العام).

ب- منظمات المجتمع المدني وتشكلها في الأردن

مرحلة ما قبل النكبة

نشأت مؤسسات المجتمع المدني في المرحلة الأولى في الفترة ما بين 1921-1948 حيث بدايات تبلور الدولة الأردنية رغم النظام الاجتماعي ذو الطبيعة العشائرية العائلية وتطورات المسألة الفلسطينية التي ألقت بثقلها على علاقة الحكم بالمواطنين، وهذا ما عكسته القوانين التي صدرت في تلك الفترة مثل (قانون العقوبات المشتركة لسنة 1928، وقانون النفي والأبعاد لسنة 1928، وقانون الاجتماعات العامة لسنة 1933 وقانون الجمعيات لسنة 1936.

ومع ذلك حاول الحكم التوفيق بين الشرعية الشعبية ووجود المحتل البريطاني من جهة أخرى، وهذا ما أبرزه قيام المجلس التشريعي الأردني في الفترة ما بين 1929-1946، والسماح بإنشاء التنظيمات المدنية والأحزاب، وكذلك السماح بحرية الاجتماع والتعبير والنشر في حدود الممكن.

أبرز مظاهر التشكل في تلك المرحلة :

  • إصدار القوانين :
  • قانون العقوبات المشتركة لسنة 1928
  • قانون النفي والإبعاد لسنة 1928
  • قانون الاجتماعات العامة لسنة 1933
  • قانون الدفاع لسنة 1935
  • قانون الجمعيات لسنة 1936
  • إقامة المجلس التشريعي في الفترة ما بين 1929-1946
  • السماح بإنشاء التنظيمات المدنية والأحزاب
  • السماح بحرية الاجتماع والتعبير والنشر
  • ظهور المنظمات المدنية الأردنية:
  • نشأة الغرف التجارية.
  • الجمعيات الاجتماعية .
  • النوادي الرياضية والثقافية والسياسية .
  • الأحزاب السياسية.
  • جمعيات ونوادي اجتماعية ورياضية ذات طابع ديني واثني

مرحلة ما قبل النكسة:

تتميز هذه المرحلة بأهمية خاصة نظرا لانعكاس الأحداث الفلسطينية على تركيبة القوى المختلفة في النسيج المدني الأردني حيث شهدت هذه المرحلة انبعاث عدد من المنظمات نتيجة الهجرة الكثيفة اللاجئين الفلسطينيين وضم الضفة الغربية للأردن بعد حرب عام 1948.

مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين

مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني 

نجحت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، ولأكثر من عقدين من الزمن، في أن تلعب دورًا رئيسيًا كقِطاع ومكون أساسي ضمن منظومة العمل الفلسطيني على المستوى الوطني والمجتمعي، وأخذ هذا القطاع دوره الكامل والذي فاق بمراحل عدة دور الحكومات والسلطة السياسية في إدارة وتوفير العديد من الخدمات الأساسية للفلسطينيين وتقديم المساعدات والدعم في شتى المجالات، فقد عايشت منظمات المجتمع المدني جميع مراحل معاناة الفلسطيني في مناطق تواجده وشتاته، بالإضافة إلى دوره في رصد وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تؤثر على جميع جوانب الحياة في الأرض المحتلة. في الوقت الذي واصل به المانحون الدوليون سعيهم لضمان أن تكون المساعدة التي يقدمونها لتلك المنظمات موجهة لتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني بأنسب الطرق وأكثرها فعالية وكفاءة ممكنة.

بالنظر إلى خصوصية الحالة الفلسطينية، كبيئة محتلة، وما تمر به من ضياع في سيطرتها على الأرض والمياه والحدود والإيرادات والانقسام السياسي والإداري إضافة الى التخطيط العنصري لبيئة تسودها التساؤلات والشكوك، ومع استمرار الانتهاكات المنظمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل الاحتلال الإسرائيلي وحروبه المتكررة واعتداءاته على الكيانات والمنشآت والبنى التحتية، فقد نتج عن تلك الحالة الصعبة عجز كبير من قبل مكونات المجتمع والاقتصاد الفلسطيني لاستغلال إمكاناته على جميع الأصعدة، وفي ظل هذه الظروف، أصبحت حياة ومقومات الشعب الفلسطيني مرتبطة بشكل كبير على التمويل الخارجي وتدفقات ومساعدات الجهات الدولية المانحة.

ووفقًا للبيانات المقدمة من وزارة المالية (ورقة محدثة عن وضع التمويل، نوفمبر 2018)، فإن تمويل العمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة وصل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، إذ لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2018 سوى 217 مليون دولار أمريكي وهي الأقل على الإطلاق، بالرغم من الاحتياجات المتزايدة، ويكافح الشركاء في المجال الإنساني لتلبية الاحتياجات الملحة للأشخاص المتضررين من الأزمات في جميع مناطق الأرض الفلسطينية المحتلة.

تقدم الأونروا باعتبارها واحدة من أكبر المنظمات الدولية الإنسانية العاملة لأجل الفلسطينيين وأقدمها، خدمات التعليم الأساسي والخدمات الطبية الأساسية لملايين اللاجئين الفقراء في لبنان والأردن وسوريا والأراضي الفلسطينية. في العام 2018، خفضت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية التمويل عن الأونروا ثم قطعته، النقص المتتابع في التمويل تلاه تدابير تقشف وتخفيض للتكاليف ومنع الأونروا من توسيع برامجها بالتزامن مع ازدياد أعداد اللاجئين واحتياجاتهم.

ومؤخراً أوقفت هولندا وسويسرا تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، بعد أن أبلغ قسم الأخلاقيات في الوكالة عن مزاعم فساد وسلوكيات سيئة كالاستغلال الجنسي والمحسوبية والتمييز العنصري.

لطالما كان الاتحاد الأوروبي مؤيدًا قويًا للفلسطينيين وسعيهم لتقرير المصير، فقد حقق التمويل الأوروبي نجاحات متباينًة في الحفاظ على العديد من الكيانات المجتمعية للفلسطينيين، وبناء قدرات العديد من المنظمات الفلسطينية، وكذلك ضمان الاستقرار والأمن المعيشي ومنع الانهيار المالي والاقتصادي.

في 25 أيار (مايو) 2018، نشرت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية تقريرًا بعنوان “مسار المال: الملايين التي قدمتها منظمات الاتحاد الأوروبي للمنظمات غير الحكومية التي لها صلات بالإرهاب والمقاطعة ضد إسرائيل”، حيث اتهم التقرير الإسرائيل الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بمنح الملايين للمنظمات غير الحكومية التي لها “صلة بالإرهاب” والتي تعزز” المقاطعة ضد إسرائيل”. وقد ردد التقرير مزاعمه وكرر اتهامه للاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية الأوروبية والفلسطينية، فردت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية “فيديريكا موغريني” على التقرير في خطاب شجبت فيه المزاعم بأن الاتحاد الأوروبي يدعم التحريض أو الإرهاب باعتباره “لا أساس له وغير مقبول” وكتبت أن “الاتهامات الغامضة وغير المثبتة لا تخدم إلا المساهمة في حملات التضليل“.

وفي أكتوبر 2018، صوتت لجنة ميزانية البرلمان الأوروبي لتجميد 15 مليون يورو كمساعدات للسلطة الفلسطينية بسبب التحريض على معاداة السامية في الكتب المدرسية، حيث قالت اللجنة بأنها “تحتوي في جميع المواضيع على صور عنيفة وخطاب يحرض على الكراهية -خاصة ضد إسرائيل- وتمجيد للجهاد والاستشهاد”، مع الإشارة إلى أن الكتب المدرسية للفلسطينيين مولها الاتحاد الأوروبي لعام 2017.

ويندرج تحت هذه السياسة الدولية في التقليصات كذلك إعلان برنامج الأغذية العالمي خفض المساعدات الغذائية لنحو 190 ألف فلسطيني بسبب نقص التمويل، في يناير 2019.
التعاطي الجديد والشديد ضد اتهامات الفساد وادعاءات السلوكيات غير الأخلاقية لا تعالج غالباً بوقف ومنع التمويل عن المنظمات الدولية، خاصة وأن تلك الاتهامات قد ظهرت وواكبت ظروف سياسية مشبوهة على المستوى الدولي، في وقت يستهدف به الفلسطيني وقضيته، هذه الاتهامات الموجهة للمنظمات غير الحكومية المستفيدة من تمويل الاتحاد الأوروبي تمتثل بطبيعة الحال لقواعد الشفافية والمساءلة الصارمة من الاتحاد الأوروبي للحيلولة دون وصول هذه المساعدات والتمويل لدعم الإرهاب أو لغرض الاحتيال. التدقيقات المالية التي يجري العمل بها تكون إجبارية من قبل شركات محاسبة مستقلة يتم اختيارها والدفع لها من قبل الاتحاد الأوروبي، وتقوم بدورها بالتدقيق والتصديق على جميع النفقات المتعلقة بالمشاريع الممولة، وتفترض أن يتم التبليغ من طرفهم عن أي انتهاكات مشتبه بها لقوانين الاتحاد الأوروبي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي الآونة الأخيرة، تحولت المناقشات الجدية في المجتمع الدولي من كونها تدور عما إذا كانت المساعدات الدولية للفلسطينيين – كواحدة من أعلى مصروفات المساعدات للفرد في العالم – قد تمت إدارتها بشكل فعال، إلى التساؤل حول تسبب المساعدات بالضرر ومساهمتها في عدم تحقيق حل دائم وشامل. الحديث هنا عن تحول الحرب ضد إسرائيل بمعناه “محاولات تدمير إسرائيل من خلال القوة العسكرية والهجمات الإرهابية” إلى مفهوم الحرب السياسية “للقوة الناعمة” التي تستهدف إسرائيل من خلال “الوسائل غير العنيفة“.

بالتزامن مع ذلك، نشرت وسائل الإعلام في إسرائيل مقالات عدة تدور حول استخدام منهجين رئيسيين لإلحاق الضرر بالسمعة المهنية ونزاهة منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، أولاً: شيطنة المنظمات غير الحكومية التي تدعم حركة المقاطعة الدولية التي يقودها الفلسطينيون والتي تمارس ضغوطًا على إسرائيل لإنهاء انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي، حيث تقوم وسائل الإعلام في إسرائيل بالضغط على الحكومات والبرلمانات الأوروبية لقطع التمويل بشكل نهائي عن المنظمات غير الحكومية الفلسطينية التي تدعم حركة المقاطعة، في ظل أيضاً استهدافها للمنظمات غير الحكومية بتهمة “الانتماء للإرهاب” لأنها فقط تدعو إلى اتخاذ تدابير ضد المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية وضد الاحتلال.

ثانياً: تركز وسائل الإعلام الإسرائيلية على تشويه سمعة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية عبر ربطها بالجماعات المسلحة، من خلال الادعاءات أن لها صلات مزعومة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالتحديد، والتي أدرجتها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. تقول وسائل الإعلام في إسرائيل إنها كشفت العلاقات بين المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ومع ذلك، لم تقدم أي دليل على أن المنظمات المتهمة قد شاركت في أي أنشطة إرهابية أو عنف، كما أنها لم توضح كيف يرتبط عمل المنظمات -البحث الميداني، والتوثيق، والعمل القانوني، والادعاء الدولي- بأي شكل من الأشكال بالإرهاب.

كما تستهدف هذه الخطة منظمات المجتمع المدني بشكل مباشر، بطريقة أو بأخرى لتوجيه الرأي العام ضدها عن طريق “التسمية والتشهير” مما عرّض منظمات ونشطاء المجتمع المدني للهجوم والمنع من الحركة والسفر.

وفي تقرير مراقب المنظمات غير الحكومية في فبراير/شباط 2019، ذكر التقرير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ناقش مع رئيسة وزراء المملكة المتحدة “تيريزا ماي” التمويل البريطاني للمنظمات غير الحكومية المتطرفة والنشطة في الصراع، ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضاً وزير الخارجية الدنماركي إلى قطع التمويل عن الجماعات الفلسطينية المشاركة في حملات المقاطعة ضد إسرائيل، ووفقاً لصحيفة هآرتس اليومية الإسرائيلية، قدم نتنياهو إلى وزير الخارجية قائمة بالمنظمات الفلسطينية والإسرائيلية التي تتلقى تمويلا دنماركياً حيث تدعي إسرائيل بأنها متورطة في جهود مقاطعة اسرائيل.

وقد عبرت المنصة الدولية لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، عن ذلك بالقول: أنه في خضم حملة التشويه الشرسة هذه وعدم كفاية التمويل، تباينت استجابات منظمات المجتمع المدني في فلسطين بين التكيف أو المقاومة أو إقفال أبوابها، حيث تلاشت بعض منظمات المجتمع المدني نتيجة لزيادة الضغط وللأسف، قررت وقف أنشطتها، في حين اختار آخرون إيجاد مزيج متوازن من التكيف والمقاومة.

وأشارت المنصة الدولية في تقريرها، إلى أنّ هذا التقليص في التمويل أدى إلى وقف أو إضعاف المشاريع والبرامج في منظمات المجتمع المدني التي تقدم خدماتها لملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في مجالات الصحة، والتعليم، وتحسين سبل العيش ومعالجة البطالة ومشاريع البنية التحتية، وهو أيضاً ما تسبب بتسريح عشرات الموظفين العاملين في تلك المنظمات.

وقد ختمت المنصة الدولية تقريرها عن السياسات التي تدفع بالجهات المانحة الدولية لوقف وتقليص تمويلها الموجه لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وحالة التدهور الحاصلة في عمل تلك المنظمات وفعاليتها، والتي جاءت في ظل ما وصف به تقرير للبنك الدولي بأن الاقتصاد الفلسطيني يمر بمرحلة “السقوط الحر” في إشارة إلى أن الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي في ازدياد مستمر. وقد أشارت المنصة الدولية في نهاية تقريرها، بأن مستويات البطالة في قطاع غزة قد تخطت حاجز 54% في الربع الثاني من عام 2018، بينهم أكثر من 70% من الشباب و78% من النساء عاطلين وعاطلات عن العمل، وقد ارتفعت مستويات الفقر إلى 53% وانعدام الأمن الغذائي إلى 68%. كما أن القوة الشرائية المنخفضة والتدهور الاقتصادي وما ينجم عنه، كلها مؤشرات خطيرة تنذر بكارثة إنسانية وشيكة.

مؤسسات المجتمع المدني في مصر

المجتمع المدني في مصر

يشير مصطلح المجتمع المدني إلى مجموعة كبيرة من المنظمات غير الحكومية والمنظمات التي لا تهدف إلى الربح ولها وجود في الحياة العامة، وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية، أو خيرية.

تعد منظمات المجتمع المدني عناصر فاعلة و قنوات هامة في تقديم الخدمات الاجتماعية وتنفيذ برامج التنمية حيث تلعب خبرات المجتمع المدني وتجاربه دوراً متمماً للعمل الحكومي

وترجع أهمية المجتمع المدني في مصر لما يمكن أن تقوم به مؤسساته من دور في تفعيل مشاركة عدد أكبر من المواطنين في تقرير مصائرهم والتفاعل مع السياسات التي يمكن أن تؤثر إيجاباً على حياتهم، لذا تسعى مؤسسات المجتمع المدنى في مصر إلى خلق دور مؤثر وفعال في المجتمع يهدف إلى التنمية مع وجود علاقة متوازنة بينها وبين الحكومة أساسها الاحترام المتبادل.

مقومات المجتمع المدني

مقومات المجتمع المدني

1) الطوعية:
وتعني أن تنظيمات المجتمع المدني باختلاف أنواعها وأهدافها، تتأسس بناء على الرغبة المشتركة لأصحابها، وانطلاقا من إرادتهم الحرة، أو الطوعية، وبالتالي فهي غير مفروضة من طرف أي جهة، ولا يتم إحداثها استجابة لتعليمات أو توجيهات الحاكمين وذوي النفوذ، أو غيرهم، وتمارس نشاطاتها التي تستجيب للأهداف التي سطرتها لنفسها بعيدا عن أي ضغط أو تأثير خارجي.
وعادة ما تنبع الرغبة في تكوين هيئات المجتمع المدني، من شعور الأفراد بانتمائهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، وبكونهم معنيين بما يحدث فيه سلبا أو إيجابا، ووعيهم بما لهم من مسؤولية تجاهه، وبأهمية الانخراط في قضاياه بالاشتراك مع الآخرين، وما يقتضيه ذلك من تطوع وتضامن وتعاضد وتعاون من أجل الصالح العام، ثم الإحساس بلذة تحقيق النتائج، وجني الثمار، التي تعود بالنفع على المجتمع ككل، وعلى أفراده من خلال العمل المشترك.

2) التنظيم:
إن الحرية والتلقائية التي تطبع تأسيس الجمعيات التي تندرج ضمن مفهوم المجتمع المدني، لا تعني العشوائية أوعدم الضبط، لأن وجود كل واحدة من هذه الجمعيات يخضع للقوانين السائدة والتي تتيح حرية تأسيسها من جهة، كما تخضع في تسييرها وقيامها بمهامها لقوانينها الأساسية، وأنظمتها الداخلية من جهة ثانية، وبذلك تتميز عن الجماعات والمكونات التي عرفتها مجتمعات عربية وإسلامية في الماضي كالقبيلة والعشيرة والزاوية.
وتقوم العلاقة بين أعضاء الجمعية على أساس التكافؤ واحترام كل الآراء والاجتهادات، في إطار العمل الجماعي لفريق يتوخى تحقيق نفس الأهداف، وهي علاقات أفقية، وليست رأسية أوعمودية، مثل العلاقة بين الأجير والمؤجر، أو بين السلطة والمواطن، أو بين شيخ الزاوية والأتباع، مما يجعل الجمعية إطارا يتيح ويشجع كل الأعضاء على الابتكار والإبداع، والمساهمة الإيجابية في الوصول إلى الغايات المشروعة المشتركة.

3) الاستقلال عن الدولة:
كما أن هيئات المجتمع المدني لا تؤسسها الدولة، ولا تُحدث بإيعاز منها، فهي لا تكون أداة تُسخر من طرفها لخدمة أهدافها السياسية، إنها منظومة ذاتية التأسيس والاشتغال، وحينما تفقد أي جمعية استقلاليتها عن الدولة، وعن نفوذ السلطات العمومية، فإنها تفقد بذلك العنصر الجوهري الذي يميز المجتمع المدني الذي تتبلور في نسيجه رغبات أفراده، ويخضع لنظام خاص به، وله منهجيته؛ وتأكيدا لمبدأ الاستقلالية فإن جمعيات المجتمع المدني تعرف في الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وفي المؤسسات الدولية عموما، بالمنظمات غير الحكومية، وتختصر إسمها ب (O.N.G.).
واستقلال المجتمع المدني عن الدولة لا يعني بالضرورة أنه نقيض أو خصم لها، أو لا توجد بينهما أي صلة، وإنما تفيد أن علاقته بها لا تتسم برابطة التبعية، وعندما تكون هناك أوراش تساهم فيها الدولة والمجتمع المدني في نفس الوقت، فإن طبيعة العلاقة في هذه الحالة تكون مبنية على الشراكة والتعاون، ووظيفة المجتمع المدني وإن كانت لا تختلف في مجالات تدخلها عن تلك التي تهتم بها مؤسسات الدولة، فإنها قد لا تكون من بين أولوياتها، ولذلك يصف البعض دور المجتمع المدني بأنه مكمل للمهام التي تقوم بها مصالح الدولة، ويسد الفراغ أو النقص في بعض الخدمات التي تهم العموم، أو تهم فئات معينة.
غير أن علاقات التكامل بين المجتمع المدني والدولة على النحو المذكور، لا تتحقق إلا في الدولة الديموقراطية التي تكون فيها السيادة للأمة، والشعب مصدر السلطات، وتتميز بشفافية تدبير الشأن العام، وتخضع فيها كل العلاقات لسيادة القانون، أما إذا كانت الدولة تقيد الحريات، وتنهج أسلوب القمع مع الأفراد والجماعات، فإن هيئات المجتمع المدني في هذه الحالة، إن وجدت، تكون قوة معارضة.

4) خدمة الصالح العام:
إن أعمال ومبادرات منظمات المجتمع المدني لابد أن تصب في خدمة الصالح العام، من خلال تقديم خدمات لفائدة المجتمع، أو بعض الفئات المستهدفة منه، وهناك مجالات كثيرة ومتنوعة لاشتغال المجتمع المدني، في بلد يعاني من التخلف، ويعرف الكثير من الاختلالات والخصاص، ومن هذه المجالات: الأعمال الاجتماعية التي تستهدف الفئات المحتاجة، ورعاية الأشخاص المعاقين، وحماية الطفولة، والاهتمام بقضايا المرأة والشباب، ومحاربة الأمية، والوقاية الصحية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعميم مفاهيمها وثقافتها، ونشر قيم المواطنة، وحماية البيئة، والمساهمة في تنمية الحواضر والقرى، ومحاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وترسيخ مقومات الهوية الوطنية، وما تتميز به من غنى وتنوع، والنهوض بالفنون، والتشجيع على الإبداع، وخلق فضاءات للتنشيط الثقافي والرياضي والترفيهي، وغير ذلك من المجالات التي يمكن للمجتمع المدني أن يساهم من خلال الاشتغال بها في تنمية المجتمع والنهوض به، دون أن تكون الغاية من وراء ذلك هي التجارة أو الربح، أو المصلحة الذاتية للأعضاء.

5) عدم السعي للوصول إلى السلطة:
على الرغم من كون أنشطة وأهداف المجتمع المدني لا تبتعد عن مجالات الشأن العام، وأن بعض الجمعيات تشكل أحيانا قوة ضاغطة على السلطات العمومية، وتقوم بانتقاد العمل الحكومي، فإنها لا تسعى من خلال ذلك للوصول إلى السلطة، ومن هذه الزاوية يتميز المجتمع المدني عن الأحزاب السياسية التي من طبيعتها أن تعمل للوصول إلى الحكم.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك من يتوسع في مفهوم المجتمع المدني فيعتبر الأحزاب السياسية جزءا منه، غير أن أهداف الأحزاب ومنهج عملها مغايران، فهي تتنافس في الاجتهادات والبرامج التي تهم مختلف مجالات الشأن العام، وتقوم بعرضها على الرأي العام، وعلى الناخبين لنيل ثقتهم، والوصول بالتالي إلى الحكومة لتنفيذ تلك البرامج؛ بينما أي جمعية من المجتمع المدني لا تتدخل في كل المجالات، وإنما تختار أن تقدم خدمات معينة في مجال محدد، ولا تدخل في المنافسة الانتخابية التي تعني الأحزاب السياسية.

6) عدم اللجوء إلى العنف:
إذا كان من حق منظمات المجتمع المدني أن تقوم بالاحتجاج على السياسة التي تتبعها السلطات العمومية في مجال ما، أو في مواجهة إحدى الظواهر السلبية في المجتمع، ومن حقها أيضا ممارسة الضغوط لتحقيق فوائد للمجتمع، ومكتسبات للشرائح الاجتماعية التي تدافع عن مصالحها، فإنها لا يمكن أن تستعمل في ذلك إلا الوسائل السلمية المتحضرة، والمتمثلة في رفع المطالب، وإبداء الملاحظات، والحوار مع الجهات المعنية، واستعمال وسائل الإعلام والاتصال لتوضيح مواقفها، ويمكنها أن تلجأ إلى التظاهر السلمي إذا اقتضى الأمر ذلك؛ ولا يمكنها مطلقا اللجوء إلى العنف، لأن المجتمع المدني من المفروض أن يساهم في تهذيب السلوك العام، وليس في ترهيب المجتمع، ويعبئ الطاقات لخدمة الصالح العام، ولا يهيج الناس من أجل التخريب، ويعمل على نشر قيم التضامن والتسامح، ولا يزرع الحقد والكراهية.
ولذلك فإن التنظيمات التي لا تتورع عن استعمال العنف، وتمارس الإرهاب بأي شكل من الأشكال، مهما كانت أهدافها المعلنة، لا يمكن أن تندرج ضمن المجتمع المدني، لأنها تجعل نفسها ضد أمن وسلامة واستقرار المجتمع، وبالتالي تكون ضد الأهداف النبيلة، والرسالة الحضارية التي يضعها المجتمع المدني على عاتقه.

رسائل ماجستير عن منظمات المجتمع المدني

اضغط هنا لتحميل ملف رسائل عن منظمات المجتمع المدني

السابق
طريقة سلق ورق العنب المصري
التالي
كيف نعرف لون عيون المولود

اترك تعليقاً