فوائد الصيام في الاسلام
شرع الله الصيام وجعله من أعظم العبادات في الإسلام، إذ إن صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة التي لا يصح إسلام العبد إلا بها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[٤] وقد كتب الله -تعالى- الصيام على أمّة الإسلام كما كتبه على من سبقهم من الأمم، وجعله من أعظم القربات، ورتّب عليه ثواباً لا حدود له، وللصيام الكثير من الفوائد الدينية، وفيما يأتي بيان بعضها:
- الصيام جنّة من الشهوات في الدنيا والعذاب في الآخرة: حيث إن الصوم وقايةٌ للعبد في الدنيا من الوقوع في المعاصي والشهوات، ووقايةٌ له في الآخرة من عذاب النار، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ) بالإضافة إلى ما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصيامُ جُنَّةٌ وحصنٌ حصينٌ من النَّارِ)،وما راوه عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيامُ جُنَّةٌ كجُنَّةِ أحدِكم مِن القتالِ)، والمقصود من الحديث النبوي الشريف أن الصيام يقي صاحبه من المعاصي وعذاب النار، كما يقي الدرع صاحبه من القتل في المعارك.
- الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة: فقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ، يقولُ الصِّيامُ: ربِّ إنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ بِالنَّهارِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، ويقولُ القُرْآن: ربِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، فيشَفَّعَانِ).
- الصيام سبب لدخول الجنة: يُعدّ الصوم سبباً من أسباب دخول الجنة، لا سيّما أن الله -تعالى- خصّص للصائمين باباً من أبواب الجنة الثمانية ليدخلوا منه؛ وهو باب الريان، مصداقاً لما رواه سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ).
- الصوم كفارة للخطايا والذنوب: حيث إن الصوم من الأعمال التي تكفّر الخطايا والذنوب، مصداقاً لما رواه حذيفة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومالِهِ، ونَفْسِهِ ووَلَدِهِ، وجارِهِ؛ يُكَفِّرُها الصِّيامُ والصَّلاةُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ بالمَعروفِ والنَّهْىُ عَنِ المُنْكَرِ)، والمقصود من الحديث النبوي الشريف أن الصيام من العبادات التي تكفّر الذنوب التي قد يصيبها الإنسان من خلال تقصيره في حق أولاده، أو جيرانه، أو أهله، أو الخطايا المترتّبة عليه بسبب انشغاله بأهله وماله وأولاده عن طاعة الله والعمل الصالح.
فوائد الصيام الجسدية
للصيام العديد من الفوائد الصحية على مستوى الجسد نذكر منها:
- يقي الجسم من الاورام يُعتبر الصيام واقٍ من الأورام السرطانية، فهو كما مشرط الجراح يزيل الورم السرطاني والخلايا التالفة والميته، فالجوع المفروض على الجسم يقوم بحث الأجهزة الداخلية على استهلام الخلايا الضعيفة في محاولة للتأقلم مع الجوع، وهنا فرصة ذهبية للجسم ليستعيد حيويته وصحته ونشاطه، وأيضاً يقوم الجسم باستهلاك الخلايا المريضة ليقوم الجسم بتجديد خلاياه من جديد، ويعمل الصيام على وقاية الجسم من الزيادات الضارة كالحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية والأورام في بداية التكون.
- يحمي الجسم من السكّر، فيهب البنكرياس فرصة للراحة، فتقليل الطعام في الجسم لقرابة العشر ساعات أو يزيد تقلّل من الطعام في الجسم، فتقلّ الحاجة لأنسلون الذي يفرزه البنكرياس، فيرتاح ليعتدل السكّر في الجسم ويستردّ صحّته.
- علاج لزيادة الوزن أقدر الأنظمة للتخلّص من الوزن، على أن يرافقه اعتدال في تناول الإفطار والسحور، فملئ المعدة سيأتي بنتائج عكسيّة، يوفضّل الإفطار على حبّة تمر وكأس من لماء واللبن، ثمّ التريّض، أو أداء الصلاة، ثمّ العودة لتناول الطعام باعتدل.
- علاج للأمراض الجلديّة فهو يقوم بتقليل نسبة الماء في الدم، فتقلّ نسبته في الجلد بالتالي؛ فيعمل هذا بالتالي على زيادة مناعة الجلد، ومقاومته للأمراض والبكتيريا، والمايكروبات والجراثيم المعدية، ويقلّل من وطأة الأمراض الجلديّة المنتشرة كالصدفيّة، ويقلّل من الحساسيّة والمشاكل الناتجة عن البشرة الدهنيّة، وتقلّ الإفرازات في الأمعاء فتقلّ السموم وتتناقص نسبة التخمّر في الجسم فتختفي البثور والدمامل.
- يقي الصيام من النقرص (داء الملوك) وهذا لأنّه في الأصل مرض ينتج عن زيادة الطعام وبالأخصّ اللّحوم، الصيام بتقليل كميّات الطعام سيقي منه بكل تأكيد.
- يحمي الجسم من الجلطات القلبيّة: فالصيام يقلّل من نسبة الكولسترول في الدم فلا تترسب على جدار القلب ويحمي القلب من الجلطات الناتجة عن وجود وثقل هذه المادّة. يقي من آلام المفاصل مع أنّه يعتبر من الأمراض التي لا علاج لها لكنّ الدراسات أثبتت أنّ الصيام علاج فعّال وحاسم لآلام المفاصل، لأنّ الصيام يخلّص الجسم من السموم، على أن يكون متتالياً بما لا يقلّ عن ثلاث أسابيع، وأثبتت الدراسات ذلك.
فوائد الصيام الاجتماعية
من الاثار الاجتماعية للصوم انه يعود النظام والاتحاد وحب العدل والمساواة وإيجاد عاطفة الرحمة وتنحية روابط الألفة والمسارعة إلى الإحسان والتسابق إلى الخيرات وصون المجتمع من الشرور والمفاسد.
فالصائم حين يكف نفسه عن ضروريات الحياة يدرك ما يعانيه الفقير من الجوع والحرمان وما يشعر به اليائس والمحتاج من الفاقة والعوز فترقى نفسه وتفيض بالحنان والعطف ويلين قلبه فيتفجر بالجود والسخاء، ولذلك فإن أفضل الصدقة هي الصدقة في رمضان، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» رواه أحمد والنسائي.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل ويفرج عن كل مكروب، كان جوده يجمع أنواع الجود من بذل العلم والمال وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ، ولهذا قالت السيدة خديجة في أول مبعثه: «والله لا يخزيك أبداً انك تصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق، ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثة.
فوائد الصيام النفسية
من فوائد الصيام النفسية والروحية والأخلاقية والتربوية وأثر الصوم في تربية شخصية المسلم:
- أثر الصيام في تنمية قيمة الصبر كبير جداً، كما يعمل على زيادة قدرة الإنسان على التحمل والتحكم بالشهوات والسيطرة على الذات واتباع النظام.
- الصيام تجربة روحية سامية، تقربك من الله عز وجل وتشعرك بالراحة والطمأنينة والسلام.
- رمضان هو فترة استراحة من ضجيج الحياة، حيث يمنحنا فترة هدوء وسلام لنركز فيها على علاقتنا الروحانية بالخالق ولنمارس العبادات ولنختلي بأنفسنا ونفكر بما لا نستطيع التفكير به في ظل انشغالاتنا اليومية.
- الإحساس بالجوع ومنع النفس عن الشهوات في رمضان يعمل على تربية المسلم وتهذيب شخصيته وتنمية القيم، لأنه يشعرنا بألم الحرمان مما يجعلنا نتعاطف مع الآخرين ونشعر بهم فيرتفع إحساسنا بالمسؤولية تجاههم. كما يعمل هذا الشعور على كسر الغرور والكبر في داخلنا ويخلصنا من مشاعر الطمع والأنانية واللامبالاة ويزرع في نفوسنا التواضع والتعاطف.
- الصيام علاج للأمراض النفسية والاكتئاب.
- رمضان يعمل على تنمية قيم التسامح والكرم والعطاء وعمل الخير والمحبة والرضا والتصالح مع الذات.
- صلاة الجماعة في رمضان وقيام الليل وقراءة القرآن وصلة الرحم وأعمال الخير وأجواء المحبة والتسامح التي تنتشر في شهر الصوم تخلق طاقة روحانية عالية تنعكس إيجابياً على المحيط.
- الصيام علاج للإدمان! فقد أكد الباحثون أن صوم رمضان يساعد على التخلص من مشكلات الإدمان على النيكوتين والكافيين والحشيش وغيرها.
- من فوائد الصوم للإنسان أنه يعزز القوة الذهنية ويحفز الإبداع.
فوائد الصيام الاثنين والخميس
صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع يعود علينا بكثير من الفضائل، والفوائد، والخصائص العظيمة، ومنها: وعد الله عزّ وجلّ الصائمين بالمغفرة والأجر الكبير، لقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، سورة الأحزاب،35
فالصّيام فيه خير كبير للمسلمين، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون) سورة البقرة 184 وهو من أسباب التقوى و ذلك لقوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) سورة البقرة 183.و الصيامحصن للمسلم من النّار لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال: (الصِّيامُ جنَّةٌ وحصنٌ حصينٌ من النَّارِ.اضافة الى ان الصِّيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعَبدِ يومَ القيامة حيث يقولُ الصِّيامُ: أي ربِّ منعتُه الطَّعامَ والشَّهوةَ فشفِّعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ: منعتُهُ النَّومَ باللَّيلِ فشفِّعْني فيهِ، قالَ: فيشفعانِ) الزّواجر .
فوائد الصيام علميا
تحدثت العديد من الدراسات العلمية عن فوائد الصيام، وتشير الدراسات إلى أن الصوم لفترات قصيرة مما يقوي المناعة ويجدد الخلايا الجذعية.
أشارت إحدى الدراسات التي نشرت مؤخرا إلى أن الصيام من يومين إلى أربعة أيام متتاليين يمكنه أن يسبب انخفاضًا في خلايا الدم البيضاء، وهذا يعني أن الصيام يقتل الخلايا المناعية القديمة والتالفة، وعندها ينشط الجسم ويستخدم الخلايا الجذعية لخلق الخلايا الجديدة السليمة.
وقد أجريت هذه الدراسة عن طريق التجارب السريرية على المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي، حيث كان الصوم فعالًا في محاربة السرطان.
كما ذكرت الدراسة أيضا أن الصيام لفترات طويلة يخفض من مستويات IGF-1، وهو هرمون مرتبط بالشيخوخة، وتطور الأورام والقابلية للإصابة بالسرطان.
“إن العلاج الكيميائي يسبب ضررًا كبيرًا في الجهاز المناعي، وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الصيام قد يخفف من بعض الآثار الضارة للعلاج الكيميائي”.
ذكرت المجلة الأمريكية للتغذية السريرية في عام 2007 أن العديد من الدراسات التى أجريت على الإنسان والحيوان أثبتت أن الصوم هو وسيلة فعالة للتقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، كما أظهر تقدمًا كبيرًا في علاج مرض السكري.
وخلصت الدراسة إلى أن الصيام:
قد يعدل التمثيل الغذائي على نحو فعال مما يؤدي إلى منع أو تأخير الإصابة بالأمراض المزمنة الشائعة.
نشر علماء بالمعهد الوطني للشيخوخة، بقيادة مارك ماتسون، الأستاذ بكلية الطب، العديد من الأوراق البحثية التي تناقش فائدة الصيام مرتين في الأسبوع للتقليل من خطر الإصابة بمرضي الشلل الرعاش والزهايمر.
وهو ما يفسر كيف يحفز الصيام اثنتين من المواد الكيميائية التي تعمل على المستوى الخلوي، وتعتبر أساسية لنمو خلايا الدماغ في كل من الحيوانات والبشر، إن صدمة الصيام تدفع الدماغ إلى خلق خلايا دماغية جديدة، ويدفع الخلايا العصبية إلى النمو، كما يصبح الدماغ أكثر مقاومة للويحات البروتين التي توجد في حالات مرض الزهايمر، أو الأضرار التي تنتج عن مرض باركنسون.
“من المعروف أن التغييرات في النظام الغذائي لها تأثير على الدماغ، وقد وجد أن الأطفال الذين يعانون من نوبات الصرع يقل لديهم تكرار تلك النوبات عند إخضاعهم لنظام غذائي محدد السعرات الحرارية أو للصيام، ويعتقد أن الصوم يساعد على الحد من الإشارات العصبية شديدة التهيج التي غالبا ما توجد في أدمغة المصابين بالصرع”.
وما زال العلماء يواصلون البحث للكشف عن الفوائد الصحية للصوم قصير المدى.