أحكام الاستحاضة
حُكم الاستحاضة
يُعتبَر دم الاستحاضة حَدثٌ دائمٌ تُصلّي المرأة معه، وتصوم، وقد اختلف الفقهاء في اعتبار الاستحاضة حدثاً ناقضاً للوضوء، أم لا، وبناءً على اختلافهم هذا اختلفوا في حُكم الطهارة منها، وذلك على النحو الآتي:
- الحنفيّة والحنابلة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لوقت كلّ صلاةٍ.
- الشافعيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لكلّ فريضةٍ، سواء كانت الصلاة حاضرةً، أو قضاءً، أمّا بالنسبة إلى النوافل فإنّها تُصلّي ما شاءت منها بطهارتها.
- المالكيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ليست ناقضةً للوضوء، ويُستحَبّ لها الوضوء.
أحكام الحيض والاستحاضة في الصلاة والصيام
حكم نزول دم الاستحاضة أثناء الصلاة
المستحاضة تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها: فتستنجي، وتتحفظ، وتتوضأ، وتصلي على الفور فلا تؤخر صلاتها، وتفعل ذلك لكل صلاة، مع وجوب تغيير الحفاظة مع كل وضوء، ولا تصلي أكثر من فرض بذلك الوضوء، ويجوز لها أن تصلي ما شاءت من النوافل وتقرأ القرآن، ما لم ينتقض وضوؤها بناقض آخر، ولا تلتفت إلى ما ينزل إلى الدم الذي ينزل منها أثناء الصلاة لأنه لا ينقض الوضوء.
الفرق بين الحيض والاستحاضة
يمكن التفريق بين الحَيض والاستحاضة من خلال عدّة فروقاتٍ، وهي كالآتي:
- اعتبار الحَيض دم جِبِلّةٍ* والاستحاضة دم مَرضٍ.
- تحريم عشرة أمورٍ بالحيض، وعدم تحريمها بالاستحاضة، وهذه الأمور هي:
- الصلاة.
- الطواف.
- مَسّ المصحف.
- حَمل المصحف.
- الصيام.
- الطلاق.
- المرور بالمسجد إن خافت تلويثه.
- المباشرة ما بين السرّة والركبة.
- قراءة القرآن.
- المكوث في المسجد.
حكم الاستحاضة بعد الدورة
أحكام الحيض والنفاس لابن باز
اضغط هنا لتحميل ملف أحكام الحيض والنفاس
حكم الاستحاضة والجماع
اختلف العلماء في حكم مجامعة المستحاضة على مذهبين:
المذهب الأول: المنع، وهو مروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها كما في السنن الكبرى للبيهقي، وهو قول ابن سيرين والزهري وإبراهيم النخعي وسليمان بن يسار وغيرهم، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، واستدل هؤلاء بأن دم الاستحاضة أذى كدم الحيض، والله تعالى حرم وطء الحائض لذلك. فقال: (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) [البقرة:222]
والمذهب الثاني: الجواز، وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، مستدلين بعدة أمور.
منها: أن هذا الدم ليس دم حيض قطعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إنما ذلك عرق وليس بالحيضة” متفق عليه، وعلى ذلك فلا يأخذ شيئاً من أحكام الحيض.
ومنها: أن الأذى الذي يحصل لمن جامع الحائض لا يحصل لمن جامع المستحاضة.
ومنها: أن العبادات أعظم حرمة من الجماع، فالمستحاضة في لزوم العبادة كالطاهر فكذلك في مسألة الجماع، ومنها أن أم حبيبة وحمنة رضي الله عنهما كانتا تستحاضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زوج كل منهما يجامعها، ولو كانت مجامعة المستحاضة ممنوعة لكان ذلك معروفاً لديهما وخاصة أنهما من أجلاء الصحابة، فأم حبيبة كانت زوج عبد الرحمن بن عوف، وحمنة كانت زوج طلحة بن عبيد الله. ثم إن كثيراً من أحكام المستحاضة مروي عن هاتين الصحابيتين الجليلتين، ولم ينقل عنهما فيما نقل عنهما من تلك الأحكام أنه لا تجوز مجامعة المستحاضة.
وهذا المذهب الثاني هو الراجح – إن شاء الله تعالى- لقوة أدلته وشدة وجاهته ولذلك كثر القائلون به.
والله أعلم.