ديني

شروط البيع والشراء في الاسلام

قوانين التجارة في الاسلام

جعل الاسلام للتجارة ضوابط وقوانين شرعية وحث على معرفتها فروي عن عمر – رضي الله عنه – أنه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرِّة ويقول:” لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه وإلا أكل الربا شاء أم أبى” (إحياء علوم الدين 2/ 66).. وقال عطاء (من التابعين): مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه هذا.( الآداب الشرعية 2/ 34). وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق:. .. وكان التجار في القديم إذا سافروا استصحبوا معهم فقيهًا يرجعون إليه وعن أئمة خوارزم أنه لا بد للتاجر من فقيه صديق. فيجب على التاجر المسلم أن يتعلم أحكام البيع والشراء وما يتعلق بالربا حتى يتجنبه ونحو ذلك من الأحكام الأساسية.
مشروعية التجارة: قال تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ ” (النساء: 29)أي: لَا تَتَعَاطَوُا الْأَسْبَابَ الْمُحَرَّمَةَ فِي اكْتِسَابِ الْأَمْوَالِ، كالربا والقمار، لَكِنَّ الْمَتَاجِرَ الْمَشْرُوعَةَ الَّتِي تَكُونُ عَنْ تَرَاضٍ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَافْعَلُوهَا وَتَسَبَّبُوا بِهَا فِي تَحْصِيلِ الْأَمْوَالِ.(انظر تفسير ابن كثير)
الإسلام أحل البيع وحرم الربا: قال تعالى:” وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا“(البقرة: 275)، ويشترط في المبيع أن يكون مملوكًا لصاحبه وأن يكون موجودًا حقيقة أو حكمًا عند العقد وأن يكون مالًا متقومًا شرعًا أي له قيمة في الشرع ويباح الانتفاع به وأن يكون مقدور التسليم وأن يكون معلومًا، ويشترط لصحة البيع أن يخلو العقد من الجهالة والإكراه والغرر وأن يخلو من الشروط المفسدة للعقد. ويصح البيع بثمن حالّ أو مؤجل إلى أجل معلوم لقوله تعالى: “يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً فَاكْتُبُوهُ” (البقرة : 282) ومن أراد تفصيل الكلام على هذه الشروط وغيرها فليرجع إلى كتب الفقهاء.
الإسلام يحث على الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلالِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ” يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ“(الْبَقَرَة: 267) أَيْ: مِنْ حَلالِهِ، يُقَالُ لِلْحَلالِ: طَيِّبٌ، وَلِلْحَرَامِ: خَبِيثٌ، وقال تعالى: “فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ” (الْجُمُعَة: 10).
مجال التجارة في الإسلام: مجال الطيبات: قال تعالى:”وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ“(الأعراف: 157)، والطيبات هي الأمور المستحسنة في ذاتها، من أطعمة طيبة مريئة، هنيئة، لَا تفسد الأجسام ولا تضر العقول، ولباس حسن من غير إسراف ولا مخيلة، ولذات طيبة في حدود الخُلق والمروءة، وتصرفات طيبة لَا اعتداء فيها، ولا نكث وخيانة، وغير ذلك مما هو طيب في ذاته، وحصل عليه بطريق طيب أحله الله تعالى ولا اعتداء فيه ولا اغتصاب. (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) وهي الأشياء الخبيثة في ذاتها التي تضر الأجسام، كالخنزير والميتة والدم المسفوح أو تضر العقول كالخمر، أو تلقي بالعداوة بين الناس كالميسر والبغضاء أو الاعتداء على حق غيره بالسرقة والاغتصاب أو القتل، فكل هذه خبائث تدخل في باب الفحشاء والمنكر والبغي، وكذلك أكل أموال الناس بالباطل كالربا ونحوه.(زهرة التفاسير/ أبو زهرة).
مكانة التاجر المسلم: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ»(الترمذي/ حسن).
التحذير من موارد الكسب الخبيث:
كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به:
إن كان الإسلام يعترف بالكسب الطيب المشروع, ويعترف بآثاره, فإنه قد حظر الكسب الخبيث, لما له من آثار ضارة على الفرد والمجتمع, وينذر الرسول – صلى الله عليه وسلم آكل الحرام بالنار كما في هذا الحديث العظيم, فعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: “كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مَمْلُوكٌ يَغُلُّ عَلَيْهِ, فَأَتَاهُ لَيْلَةً بِطَعَامٍ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ لُقْمَةً، فَقَالَ لَهُ الْمَمْلُوكُ: مَا لَكَ كُنْتَ تَسْأَلُنِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَمْ تَسْأَلْنِي اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الْجُوعُ, مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذَا؟ قَالَ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَرَقِيتُ لَهُمْ فَوَعَدُونِي, فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ مَرَرْتُ بِهِمْ فَإِذَا عُرْسٌ لَهُمْ فَأَعْطَوْنِي, قَالَ: إِنْ كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَنِي, فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي حَلْقِهِ فَجَعَلَ يَتَقَيَّأُ, وَجَعَلَتْ لَا تَخْرُجُ, فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالْمَاءِ, فَدَعَا بِطَسْتٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يَشْرَبُ وَيَتَقَيَّأُ حَتَّى رَمَى بِهَا, فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ, قَالَ: لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا, سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ», فَخَشِيتُ أَنْ يَنْبُتُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي مِنْ هَذِهِ اللُّقْمَةِ “(كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )(شعب الإيمان) والسُّحْتُ، بالضم، وبِضَمَّتَينِ: الحَرامُ، أو ما خَبُثَ من المَكاسب.(القاموس المحيط).

ثمن البيع في الاسلام

التجارة هي: شراء السلع وبيعها بقصد الربح منها.
والتاجر هو: من يشتري السلعة لبيعها بقصد الربح.
وقد تسمي السلعة: البضاعة أو العرض، وتجمع علي عروض.
والربح هو: الفرق الزائد بين ثمن بيع السلعة وثمن شرائها مضافًا إليه المصاريف التجارية.
وفي القرآن الكريم: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم). (النساء: 29).
وفي آية المداينة التي أمرت بكتابة الدين: (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها). (البقرة: 282).
كما عرض القرآن للتجارة المعنوية، كما في قوله تعالي: (يرجون تجارة لن تبور). (فاطر: 29).
وقوله: (هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم) (الصف: 10).
ووصف تعالي المنافقين بقوله: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدي فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين). (البقرة: 16).
فدل هذا علي أن الأصل في التجارة أن تربح، ومن لم تربح تجارته فلابد أنه لم يحسن اختيار ما يتجر فيه، أو من يتعامل معه.
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: “إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك” وقال: حسن غريب (رواه في البيوع باب النهي عن البيع في المسجد، حديث 1321) . وهذا، لأن المقصود من التجارة الربح فإذا دعا عليه المؤمنون ألا يربح الله تجارته، فقد ضاع مقصوده وذهب تعبه سدي.
وقد ذكر القرآن التجار المؤمنين بقوله: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار). (النور: 37 ).
وإذا كانت التجارة بيعًا وشراء فقد ذكر القرآن البيع في رده علي المرابين المتلاعبين (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) البقرة: 275).
وذكر القرآن البيع في معرض الحث علي السعي إلي الجمعة: (فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع) (الجمعة: 9).
وذكر القرآن فعل “يشري” ” بمعني “يبيع” وذلك في مجال المعنويات: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله). (البقرة: 207).
ومثله: (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة). (النساء: 74).
كما ورد في فعل “شري” في الماديات في قصة يوسف الصديق: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين). (يؤسف: 20).
وفي جملة آيات يطلق القرآن الكريم علي التجارة وصفًا أو عنوانًا يوحي بالرضا عنها، وهو “الابتغاء من فضل الله” وذلك في مثل قوله تعالي: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله). (الجمعة: 10).
وقوله: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله). (المزمل: 20).
والقرآن لا يمنع ابتغاء هذا الفضل، ولو في موسم الحج، وقصد النسك والعبادة، فيقول سبحانه: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) البقرة: 198.
كما نوه برحلتي قريش الشهيرتين بين اليمن والشام بقوله: (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت). (قريش: 1 – 3).
ابتغاء الربح لإيتاء الحقوق والمحافظة علي أصل المال:
وقد روي الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: “ألا من ولي يتيمًا له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتي تأكله الصدقة”. (رواه في أبواب الزكاة حديث 641 ط. حمص. وفي سنده مقال).
وهذا الحديث وإن كان فيه مقال، فقد روي الطبراني في الأوسط من حديث أنس مرفوعا: “اتجروا في أموال اليتامي، لا تأكلها الزكاة”. (قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: أخبرني سيدي وشيخي يعني الحافظ العراقي ـ: أن إسناده صحيح 3 / 67 وحسنه الحافظ ابن حجر والسيوطي كما في فيض القدير 1/ 108). وصححه العراقي.
وصح نحو هذا مرسلاً، من حديث يوسف بن ماهك مرفوعًا، كما صح هذا المعني موقوفًا علي أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- (انظر: كتابنا: فقه الزكاة 1 / 122، 123 ط. وهبة بالقاهرة، السادسة عشرة).
وكل هذه الأحاديث تشير إلي أمر هام في ميدان الاقتصاد والتجارة، وهي أن الحد الأدني الذي ينبغي أن تحققه التجارة الناجحة هو: أن يفي الربح بما يجب في المال من زكاة، إلي جوار النفقة أيضًا. أي النفقة المطلوبة لرب المال ومن يعوله.
فإن المال كما ينقص ظاهرًا بإخراج الزكاة منه، بحيث تصبح المائة (5 ,97)، فإنه لا شك ينقص بمقدار ما ينفق منه علي حاجات مالكه.
وهذا يحتم علي ذي المال القليل أن يربح أكثر، إما بإدارة المال مرات أكثر، أو بزيادة نسبة الربح، حتي يمكن لربحه أن يغطي نفقاته المتجددة، وإلا أكلت النفقة رأس ماله.
وهذا بخلاف ذي المال الكثير، فقد يكفيه القليل من الربح كل ما يحتاج إليه، وزيادة.
هل حددت النصوص نسبة للربح؟:
ولكن إذا كانت السنة قد رغبت في الاتجار بالمال، ليحقق ربحًا ينفق منه، ويبقي رأس المال سالمًا، فهل أشارت السنة إلي تحديد نسبة معينة للربح، يفرضها التاجر علي نفسه، أو يفرضها عليه المجتمع، لا يجوز له أن يتعداها؟
الواقع أن المتتبع للسنة النبوية، والسنة الراشدية، وقبل ذلك القرآن الكريم لا يجد أي نص يوجب، أو يستحب، نسبة معينة للربح، ثلثًا أو ربعًا أو خمسًا أو عشرًا، مثلاً، يتقيد بها ولا يزاد عليها.
ولعل السر في ذلك أن تحديد نسبة معينة لجميع السلع، في جميع البيئات وفي جميع الأوقات، وفي جميع الأحوال، ولجميع الفئات، أمر لا يحقق العدالة دائمًا.
فهناك فرق بين المال الذي يدور بسرعة بطبيعته كالأطعمة ونحوها، بحيث يدور في السنة عدة مرات، وبين المال البطيء الدوران الذي لا يدور في السنة إلا مرة، وقد تمضي أكثر من سنة، دون أن يتحرك، فالربح في الأول ينبغي أن يكون أقل من الربح في الأخير.
وهناك فرق بين من يبيع قليلاً ومن يبيع كثيرًا، وكذلك بين رأس المال القليل التافه ورأس المال الكثير الوافر، فإن ربح القليل في المال الكثير كثير.
وثمة فرق كذلك بين من يبيع حالاً، ومن يبيع بالأجل، فالمعروف أن البيع الحال المقبوض يكون الربح فيه أقل، علي حين تكون نسبة الربح في البيع المؤجل أعلي، نظرًا لما فيه من احتمال إعسار المشتري أو مطله، أو تلف ماله بوجه من الوجوه، وبهذا يهلك مال البائع، فضلاً عن تعطيل ماله هذه المدة. وقد أجاز جمهور العلماء الزيادة في الثمن إذا زيد في الأجل، إذا عرف ذلك من أول الأمر، وتحدد بوضوح. وهو مقابل بيع “السلم” الذي تباع فيه السلعة مؤجلة بأقل من الثمن المعتاد.
وأيضًا يوجد فرق بين السلع الضرورية، أو الحاجية، التي يفتقر إليها جمهور الناس وبخاصة الضعفاء والفقراء منهم والسلع الكمالية التي لا يشتريها إلا الأثرياء.
ففي الأولي ينبغي أن يقلل الربح رفقًا بذوي الضعف والحاجة، وفي الثانية يمكن أن يكون أكثر، إذ من الميسور الاستغناء عنها.
ولهذا شدد الشارع في احتكار الأقوات والأطعمة خاصة أكثر من غيرها، لاشتداد حاجة الناس بل ضرورتهم إليها، ولهذا أيضًا حرم احتكارها بالإجماع، وجري الربا فيها بالإجماع، ووجبت الزكاة فيها بالإجماع.
وكذلك ينبغي التفريق بين من يحصل من التجار علي السلعة بسهولة، ومن يجهد ويتعب في جلبها من مصادرها. وكذلك بين من يبيع السلعة كما هي، ومن يدخل عليها تحويلات تكاد تجعلها سلعة أخري.
كما أن ثمة فرقًا بين من اشتري برخص كأن اشتري السلعة من منتجها بلا وسائط بسعر نازل، ومن اشتراها بعد تداول عدة وسائط لها، بسعر مرتفع، فشأن الأول أن يربح أكثر من الآخر.
والمقصود أنه لا يوجد في نصوص القرآن الكريم، ولا في السنة ما يجعل للربح حدًا معينًا أو نسبة معلومة، والظاهر أن ذلك ترك لضمير الفرد المسلم، وعرف المجتمع من حوله، مع مراعاة قواعد العدل والإحسان، ومنع الضرر والضرار، آلتي تحكم تصرفات المسلم وعلاقاته كلها.
فالإسلام لا يفصل بين الاقتصاد والأخلاق، خلافًا لفلسفة النظام الرأسمالي الذي يجعل “الربح” المادي الفردي، هو الهدف الأول، والمحرك الأكبر، للنشاط الاقتصادي الذي لا يتقيد بكثير من القيود التي يقيده بها الإسلام. فلا حرج في ابتغاء الربح عن طريق الربا أو الاحتكار، أو بيع المسكرات، أو غيرها مما يضر بالجماعة، ويدر الربح علي الأفراد.

شروط ثمن البيع في الاسلام

لايكون البيع صحيحاً حتى تتوفر فيه سبعة شروط متى فقد شرط منها صار البيع باطلا :
1- التراضي بين المتبايعين .
2- أن يكون العاقد جائز التصرف .
3- أن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة .
4- أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه .
5- أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه .
6- أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو وصف منضبط .
7- أن يكون الثمن معلوماً .

انواع البيع

تقسيم البيع باعتبار المبيع:

ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إلى أربعة أقسام:

1 – البيع المطلق: هو مبادلة العين بالنقد، وهو أشهر الأنواع، ويتيح للإنسان المبادلة بنقوده على كل ما يحتاج إليه من الأعيان، وينصرف إليه البيع عند الإطلاق، فلا يحتاج كغيره إلى تقييد.

2 – بيع السَّلَم: ويسمى السَّلَف، هو مبادلة الدين بالعين، أو بيع شيء مؤجل بثمن معجل.

3 – بيع الصرف: وهو بيع جنس الأثمان بعضه ببعض، وعرف بأنه بيع النقد بالنقد جنسًا بجنس، أو بغير جنس؛ أي: بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، وكذلك بيع أحدهما بالآخر.

وإنما يسمى صرفًا: لوجوب دفع ما في يد كل واحد من المتعاقدين إلى صاحبه في المجلس.

4 – بيع المقايضة: وهو مبادلة مال بمال سوى النقدين، ويشترط لصحته التساوي في التقابض إن اتفقا جنسًا وقدرًا، فيجوز بيع لحم بشاة حية؛ لأنه بيع موزون بما ليس بموزون، وخبز بدقيق متفاضلًا؛ لأنه بيع مكيل بموزون.

ولا يجوز بيع التين الرطب بالتين اليابس إلا تماثلًا، ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق أو البرغل مطلقًا ولو متساويين؛ لانكباس الأخيرين في المكيال أكثر من الأول، أما إذا بيع موزونًا فالتماثل واجب.

 تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن:

ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن إلى ثلاثة أنواع:

1 – بيع المساومة: هو البيع الذي لا يظهر فيه رأس ماله؛ أي: البيع بدون ذكر ثمنه الأول.

2 – بيع المزايدة: هو أن يعرض البائع سلعته في السوق، ويتزايد المشترون فيها، فتباع لمن يدفع الثمن أكثر.

ويقارب المزايدة الشراء بالمناقصة، وهي أن يعرض المشتري شراء سلعة موصوفة بأوصاف معينة، فيتنافس الباعة في عرض البيع بثمن أقل، ويرسو البيع على من رضي بأقل سعر، ولم يتحدث الفقهاء قديمًا عن مثل هذا البيع، ولكنه يسري عليه ما يسري على المزايدة مع مراعاة التقابل.

3 – بيوع الأمانة: هي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال، أو أزيد أو أنقص، وسميت بيوع الأمانة؛ لأنه يؤمن فيها البائع في إخباره برأس المال،

ثالثًا: تقسيم البيع باعتبار طريقة تسليم الثمن:

1 – بيع منجز الثمن: وهو ما يشترط فيه تعجيل الثمن، ويسمى بيع النقد، أو البيع بالثمن الحال.

2 – بيع مؤجل الثمن: وهو ما يشترك فيه تأجيل الثمن.

3 – بيع مؤجل المثمن: وهو مثل بيع السَّلم وبيع الاستصناع.

4 – بيع مؤجل العِوضين: أي بيع الدَّين بالدَّين، وهو ممنوع في الجملة.

 تقسيم البيع باعتبار الحكم الشرعي:

ينقسم البيع باعتبار الحكم الشرعي إلى أنواع كثيرة، منها:

1 – البيع المنعقد، ويقابله البيع الباطل.

2 – البيع الصحيح، ويقابله البيع الفاسد.

3 – البيع النافذ، ويقابله البيع الموقوف.

4 – البيع اللازم، ويقابله البيع غير اللازم، (ويسمى الجائز أو المخير).

 

السابق
كيفية إعداد كريمة الطبخ
التالي
كيف عالج الاسلام الفقر

اترك تعليقاً