ديني

صفة صلاة الخوف

صلاة الخوف

كيفية صلاة الخوف:

وهي أن ينقسم المصلون قسمين،فيقف قسم منهم في مقابلة العدو،وهم في أعلى درجات التأهب والاستعداد للقتال، والقسم الآخر يصلي مع الإمام ركعة كاملة،فإذا قام الإمام إلى الركعة الثانية طوّل القراءة فيها حتى يتم الذين معه بقية صلاتهم ويسلموا، وينصرفوا إلى مواقع مراقبة العدو،ويأتي القسم الآخر والإمام قائمٌ فيصلوا معه الركعة الأخيرة، فإذا سلم قاموا وأتموا صلاتهم، وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن طائفة صلت معه، وطائفة في وِجَاهِ العدو، فصلى بالذين معه الركعة الأولى، ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا إلى وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته.
وإذا صلى بهم المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين، وانتظر متشهداً حتى يتموا صلاتهم وينصرفوا إلى مواقعهم، وتأتي الطائفة الثانية فتدرك مع الإمام الركعة الأخيرة، فإذا سلم قاموا وأتموا صلاتهم.
تنبيه: هكذا جاءت الروايات في صلاة الخوف مع تلك الظروف والأحوال،أما الآن فقد تغيرت أساليب الحروب وأشكالها من حيث نوعية الأسلحة واستخدامها، ورسم خططها حتى صارت الحروب هذا الزمان تُلحِق أضراراً كبيرة في النفوس والأموال في زمن قليل جداً.
وحينئذ فعلى المقاتلين متى توقعوا هجوماً عدوانياً أن يصلوا الصلاة كيفما أمكن، جماعة بعد جماعة، أو فرادى حسب الظروف التي يعيشونها، المهم هو ألا يغفل المقاتلون عن ذكر الله وعن الصلاة.
وأما عند اشتداد المعركة والتحام الفريقين، وخوف خروج الوقت، فعلى كل واحد منهم أن يصلي في موقعه متوضئاً كان أم متيمماً، قائماً أو قاعداً أو إيماءً، قال الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وفي الحديث: «ما أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا فإذا لم يقدر على شيء من ذلك، فعليه أن يذكر الله سبحانه وتعالى، ومتى حصل الأمن وجب عليه قضاء ما فات من الصلاة. والله أعلم.

صلاة الخوف تشرع في حالتين

الحالة الاولى: خوف هجوم العدو وفيها تصلى باى صفة وردت عن النبى.

الحالة الثانية: اذا اشتد الخوف ولم يكن الصلاة على الصفة الواردة كما فى حالة اشتداد القتال والهرب وفى هذه الحالى يصلى كل شخص حسب حاله.

متى شرعت صلاة الخوف

مَتَى شُرِعَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ:

صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِنَفْسِهِ غَزْوَةَ ذَاتِ الرّقَاعِ وَهِيَ غَزْوَةُ نَجْدٍ فَخَرَجَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ السّنَةِ الرّابِعَةِ وَقِيلَ فِي الْمُحَرّمِ يُرِيدُ مُحَارِبَ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ غَطَفَانَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا ذَرّ الْغِفَارِيّ وَقِيلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ وَخَرَجَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقِيلَ سَبْعِمِائَةٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَوَاقَفُوا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ إلّا أَنّهُ صَلّى بِهِمْ يَوْمَئِذٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ السّيَرِ وَالْمَغَازِي فِي تَارِيخِ هَذِهِ الْغَزَاةِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ بِهَا وَتَلَقّاهُ النّاسُ عَنْهُمْ وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدّا فَإِنّهُ قَدْ صَحّ أَنّ الْمُشْرِكِينَ حَبَسُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتّى غَابَتْ الشّمْسُ وَفِي السّنَنِ ومُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالشّافِعِيّ رَحِمَهُمَا اللّهُ أَنّهُمْ حَبَسُوهُ عَنْ صَلَاةِ الظّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَصْلَاهُنّ جَمِيعًا وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْخَنْدَقُ بَعْدَ ذَاتِ الرّقَاعِ سَنَةَ خَمْسٍ. وَالظّاهِرُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوّلُ صَلَاةٍ صَلّاهَا لِلْخَوْفِ بِعُسْفَانَ كَمَا قَالَ أَبُو عَيّاشٍ الزّرَقِيّ: كُنّا مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعُسْفَانَ فَصَلّى بِنَا الظّهْرَ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالُوا: لَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غَفْلَةً ثُمّ قَالُوا: إنّ لَهُمْ صَلَاةً بَعْدَ هَذِهِ هِيَ أَحَبّ إلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ بَيْنَ الظّهْرِ وَالْعَصْرِ فَصَلّى بِنَا الْعَصْرَ فَفَرّقَنَا فِرْقَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السّنَنِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَازِلًا بَيْنَ ضَجَنَانَ وَعُسْفَانَ مُحَاصِرًا لِلْمُشْرِكَيْنِ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إنّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاةً هِيَ أَحَبّ إلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ثُمّ مِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَسّمَ أَصْحَابَهُ نِصْفَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنّ غَزْوَةَ عُسْفَانَ كَانَتْ بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَقَدْ صَحّ عَنْهُ أَنّهُ صَلّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرّقَاعِ فَعُلِمَ أَنّهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَبَعْدَ عُسْفَانَ وَيُؤَيّدُ هَذَا أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ شَهِدَا ذَاتَ الرّقَاعِ كَمَا فِي الصّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنّهُ شَهِدَ غَزْوَةَ ذَاتِ الرّقَاعِ وَأَنّهُمْ كَانُوا يَلُفّونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمّا نُقِبَتْ. وَأَمّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَفِي الْمُسْنَدِ والسّنَنِ أَنّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ سَأَلَهُ هَلْ صَلّيْتَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَتَى؟ قَالَ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ.

صلاة الخوف في الحضر

ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري فائدة حول هذا الموضوع، وقال: إن صلاة الخوف تؤدى في الحضر كما تؤدى في السفر، وقد ذكرتها في الفوائد المنتقاة من (فتح الباري) وكتب أخرى، ذكرت هذه الفائدة عن الحافظ ابن حجر، وهي أن صلاة الخوف تؤدى في الحضر كما تؤدى في السفر قصراً.

قال: والدليل على ذلك أن الآية أطلقت، حيث يقول تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء:102] وهو يشمل الحضر والسفر، فالآية عمومها يدل على أن الحكم يشمل الحضر والسفر.

أهمية صلاة الخوف

شرعت صلاة الخوف تخفيفا على المسلمين وحماية لهم من عدوهم حتى لا يهجم عليهم العدو وهم في صلاتهم، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 101-103}

وعند شدة الخوف يكفي الإيماء سواء كان المصلي راكبا أو على رجليه، كما قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا {البقرة: 239}

ولما كان القلب مشغولا بالعدو خفف على المصلين الصلاة ليحاول أداء الصلاة المخففة بنوع من الحضور والخشوع، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده ودليل على يسر الشريعة وكمالها وصلاحها لكل زمان ومكان، ومما شرعت له صلاة الخوف أيضا المحافظة على الصلاة جماعة .

السابق
مظاهر اليسر في الصلاة
التالي
كيف أعود طفلي على الرضاعة الطبيعية والصناعية

اترك تعليقاً