ديني

مظاهر اليسر في الصلاة

اليسر في الإسلام

يعلم القاصي والداني من أهل القبلة أن الإسلام دين يسر لا عسر، وأن التكليف فيه على قدر الاستطاعة، وأنه لا مشقة غير مُستطاعة في شرع الله -عز وجل. وهي مزية اختص الله بها أهل الإسلام والإسلام عن باقي الأمم والديانات، ولذا ظل الإسلام باقياً إلى يومنا هذا، وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأنه موعود الله تعالى، وموعود رسوله -صلى الله عليه وسلم.

يقول الله تعالى: {اليَومً أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأَتْمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينَاً} (المائدة: 3). “فهذه الآية الكريمة تشير إلى ختم الله -عز وجل- الأديان بدين الإسلام، وهذا يعني أيضاً أن الله سيحفظ أمة الإسلام وسيبقيها ظاهرة على غيرها؛ لأنها هي الحاضنة والحاملة له، مهما تعاقب الليل والنهار، ومهما كاد لها الأعداء”(1).

وعن معاوية -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي قَائِمَةً بأَمرِ الله، لا يَضُرُّهُم مَن خَذلَهُم أَو خَالَفَهُم، حَتَّى يأتِيَ أَمرُ الله وهُم ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ)(2).

فمن أدل الدلائل على استمرارية الإسلام وبقائه إلى آخر الزمان ما يتمتع به هذا الدين الحنيف من يسر وسماحة ومرونة في أوامره وأحكامه وشريعته بصفة عامة، وهو الأمر الذي دفع الناس إليه دفعاً من كل حدب وصوب، وجعلهم يدخلونه طواعية دون إكراه عن قناعة وإيمان شديدين.

فـ”هذه هي القاعدة الكبرى في تكاليف هذه العقيدة كلها، فهي ميسرة لا عسر فيها، وهي توحي للقلب الذي يتذوقها، بالسهولة واليسر في أخذ الحياة كلها، وتطبع نفس المسلم بطابع خاص من السماحة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد. سماحة تؤدى معها كل التكاليف، وكل الفرائض، وكل نشاط الحياة الجادة، وكأنما هي مسيل الماء الجاري، ونمو الشجرة الصاعدة في طمأنينة وثقة ورضاء، مع الشعور الدائم برحمة اللّه وإرادته اليسر لا العسر بعباده المؤمنين”(3).

لكن إشكالاً حصل لدى البعض ففهم اليسر على غير حقيقته، مما دفعه إلى إهمال الكثير من الأحكام والأوامر الشرعية طلباً لليسر؛ بل رأينا من يدعو الناس إلى ترك كثير من الأوامر الإلهية بحجة التيسير والتخفيف عن الناس، مدعياً أن العبرة بأعمال القلوب لا الأبدان، وإصلاح النوايا لا أداء الفرائض والسُنن، حتى صارت قاعدة التيسير عند البعض ذريعة للتفريط والتقصير، بل الانسلاخ من دين الله بالكليّة.

لهذا وجب علينا بيان المراد بالتيسير، أو اليسر في الدين، هل يعني ترك التكاليف وإهمال الشرع والسعي خلف ملذات الدنيا ومُلهياتها؟ أم للأمر ضابط يحكمه، وقاعدة تضبط مساره؛ حتى لا يمتهن الدين، ويضيع كما ضاع غيره من الأديان؟

فاليسر في حقيقته لا يعني إطلاق الإنسان من كل قيد شرعي، وإعفائه من كل تكليف ومشقة، بل هو “رحمة من الله بعباده فلم يكلّفهم بما لا يطيقون، وهو أيضاً يسدّ الذرائع ويقطع الطريق على المتهاونين، حيث لابد من امتثال أمر الله، فمن لم يستطع أن يصلي قائماً صلّى جالساً أو مضطجعاً، وبذلك يتحقق الإتيان بالمأمور به، ولكن بالكيفية التي لا مشقة فيها، فالتيسير إذاً يلغي عذر من يحاول التضييع، ويقطع أسباب التملّص والإهمال، ولا يدع للمتهاون حجّة، وأمامه الرخصة بدلاً من العزيمة، فالتيسير إذاً هو من باب الحرص على أداء الفرائض، ولا يعني رفعُ الحرج الإعفاء من بذل أي جهد، وإنما الإعفاء مما في بذله مشقة وجهد غير عادي”(4).

وعلى هذا فاليسر في الإسلام هو: “تشريع الأحكام على وجه روعيت فيه حاجة المكلف، وقدرته على امتثال الأوامر واجتناب النواهي، مع عدم الإخلال بالمبادئ الأساسية للتشريع”(5).

ولنضرب لذلك مثالاً بالصيام، وهو الفريضة التي نزلت فيها أية اليسر: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ ولَا يُرِيدُ بِكُم العُسرَ} (البقرة: 185). فقد رخَّص الله للمريض والمسافر الفطر في رمضان بشرط القضاء؛ فعلى الرغم مما في الصيام من مشقة إلا أنه فريضة يعاقب تاركها بلا عذر، وعليه فليس المقصود باليسر نفي كل مشقة، بتعطيل الفرائض، وإنما يراد به حقيقة “فـعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة”(6).

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره لآية اليسر: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ..}: “إنما رخَّصَ لكم في الفطر في حال المرض وفي السفر، مع تحتمه في حق المقيم الصحيح، تيسيرًا عليكم ورحمة بكم”(7).

وقال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسيره: “أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير، ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله. وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله، سهَّله تسهيلاً آخر، إما بإسقاطه، أو تخفيفه بأنواع التخفيفات. وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها، جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات”(8).

مما سبق يُعلم أنَّ اليسر غاية عليا من غايات الشريعة، ومقصد كريم من مقاصدها، وهو أساس وقاعدة لكل أمر شرعي تكليفي، ولهذا تكثر الإشارات الدالة على ذلك في كتاب ربنا وسنة نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم.

فمن الإشارات القرآنية على أن اليسر مقصد شرعي، قوله تعالى: {ومَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّين مِن حَرَجٍ} (الحج: 78)؛ وقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم وخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} (النساء: 28)؛ وقوله سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفساً إِلاَّ وُسعَهَا} (البقرة: 286).

ومن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الدالة على يسر الشريعة قوله: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)(9). وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “ما خُيِّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً”(10). وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً)(11).

إلى جانب ما سبق فالواقع التشريعي العملي يثبت بما لا يدع مجالاً للأخذ والرد والشك يسر الدين الإسلامي، ومرونته في أحكامه وتكاليفه، والفقه الإسلامي بما فيه من استنباطات وآراء يؤكد هذا ويزيده وضوحاً وبياناً.

ومن الأمور المحمودة في الإسلام -إلى جانب يسر التكاليف الشرعية العملية- يسر عقيدته، وخلوها من أية تعقيدات، كما نرى في غيره من الديانات والملل التي يصعب فهم معتقدها حتى على معتنقيها، مما جعلهم يقسمون الناس تبعاً لفهموهم العقدية إلى خواص (يدركون دقائق الشريعة وبواطنها)، وجمهور أو عوام (يحتاجون إلى واسطة بشرية للفهم والعبادة).

فعن يسر العقيدة الإسلامية وخلوها من التعقيد يقول الشاطبي رحمه الله: “ومنها أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمي تعقلها، ليسعه الدخول تحت حكمها؛ أما الاعتقادية فأن تكون من القرب للفهم والسهولة على العقل بحيث يشترك فيها الجمهور؛ من كان منهم ثاقب الفهم، أو بليداً، فإنها لو كانت مما لا يدركه إلا الخواص لم تكن الشريعة عامة، ولم تكن أميَّة، وقد ثبت كونها كذلك، فلا بد أن تكون المعاني المطلوب علمها واعتقادها سهلة المأخذ، وأيضا فلو لم تكن كذلك لزم بالنسبة إلى الجمهور تكليف ما لا يطاق، وهو غير واقع كما هو مذكور في الأصول، ولذلك تجد الشريعة لم تعرف من الأمور الآلهية، إلا بما يسع فهمه وأرجت غير ذلك فعرفته بمقتضى الأسماء والصفات، وحضت على النظر في المخلوقات إلى أشباه ذلك، وأحالت فيما يقع فيه الاشتباه على قاعدة عامة، وهو قوله تعالى: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ}، وسكتت عن أشياء لا تهتدي إليها العقول”(12).

من كل ما سبق يتبيَّن للقارئ الكريم عظم ما تحويه شريعتنا الغراء من تيسيرات وتخفيفات قصدها الشارع لأجل التخفيف عن الإنسان، ولأجل حصول المصلحة الدنيوية له، ولأجل غاية الغايات؛ وهي تعبيد الناس لربهم، وإزالة كل عائق أمام هذه الغاية السامية والمنزلة الرفيعة التي ما بعدها غاية أو منزلة.

من أمثلة يسر الإسلام في الصيام

من مظاهر يسر الإسلام في تشريع الصوم أنه تعالي أسقط الصوم عمن يجدون مشقة في القيام به ( وهذا على رأي البعض) ممن يرون سقوطه بالكلية على فهم لقوله تعالى (ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) البقرة 286 .قال الله تعالى قد فعلت. كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس – رَضِيَ الله عنهما –  قال: لما نزلت “وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله” قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء. فقال النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- “قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا” قال، فألقى الله الإيمان في قلوبهم. فأنزل الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (قال: قد فعلت) ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا (قال: قد فعلت) واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا (قال: قد فعلت) البقرة/ آية-286]. أخرجه مسلم كتاب الإيمان. باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق.

ومن مظاهر يسر الإسلام في تشريع الصوم أنه تعالي عدل بأصحاب الأعذار المؤقتة إلى حين زوال هذه الأعذار قال تعالى ” فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدَّة من أيام أُخر ” . البقرة: 184.وقد قبل تعالى ذلك منهم قضاء كما قبله من غيرهم أداء.

ومن مظاهر يسر الإسلام في تشريع الصوم أنه عدل بأصحاب الأعذار الدائمة إلى البدل وهو الفدية قال تعالى ” وعلى الذين يُطيقونه فدية طعام مسكين “. البقرة: 184. مثل الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة والحامل والمرضع إذا تتابع حملهما وإرضاعهما والمسافر سفرا دائما كالسائق والمريض مرضا مُزمنا. روي عن أبي هريرة رَضِيَ الله عنه قال: من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم فعليه لكل يوم مد من قمح. وروي عن أنس بن مالك رَضِيَ الله عنه أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينا فأشبعهم.

ومن مظاهر يسر الإسلام في تشريع الصوم أنه في القضاء  للصائم له أن يُتابع وله أن يُفرِّق  بين أيام  القضاء  قال أبو عبيدة رضي الله عنه ( لم يُرخص لكم في الفطر وهو يريد أن يُشق عليكم في القضاء إن شئت فواتر وإن شئت ففرِّق ) وعلى استحباب التتابع جمهور الفقهاء. وإن فرقه أجزأه،  وبذلك قال مالك والشافعي رَضِيَ الله عنهما. والدليل على صحة هذا قوله تعالى : “فعدة من أيام أخر” البقرة: 184. هكذا بإطلاق ولم يخص أو يحدد متفرقة من متتابعة، وإذا أتى بها متفرقة فقد صام عدة من أيام أخر، فوجب أن يجزيه”. قال ابن العربي: إنما وجب التتابع في الشهر لكونه معينا،( قلت  لقوله تعالى ” فمن شهد منكم الشهر فليصمه ” البقرة: 185 .وقد عدم التعيين في القضاء فجاز التفريق. لما قال تعالى: “فعدة من أيام أخر” البقرة: 184.دل ذلك على وجوب القضاء من غير تعيين لزمان، لأن اللفظ

قصص عن يسر الإسلام

ما هي الصلاة

الصلاة في الإسلام هي الركن الثاني من أركان الإسلام وفي الحديث: «عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يقول: “بُني الإسلام على خمسْ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً”».وقوله أيضاً: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»، وهي الفرع الأول من فروع الدين عند الشيعة  والصلاة واجبة على كل مسلم، بالغ، عاقل، ذكر كان أو أنثى، وقد فرضت الصلاة في مكة قبل هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة في السنة الثانية قبل الهجرة، وذلك أثناء الإسراء والمعراج.

في الإسلام تؤدى الصلاة خمس مرات يومياً فرضا على كل مسلم بالغ عاقل خالي من الأعذار سواء كان ذكرا أو أنثى. بالإضافة لصلوات تؤدى في مناسبات مختلفة مثل: صلاة العيدين وصلاة الجنازة وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف. والصلاة هي وسيلة مناجاة العبد لربه، وهي صلة بين العبد وربّه.

أهمية الصلاة

تعتبر الصلاة شريعة للأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، التي أوحى الله سبحانه وتعالى بها إليهم، قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ}[٤] فهي ذات أهمية كبيرة، وذات قدر عظيم، فما هي أهمية الصلاة ولذلك ذكر العلماء رحمهم الله سبحانه وتعالى للصلاة عدداً من فوائد الصلاة وأهميتها التي تعود على الفرد وعلى المجتمع،وما يأتي بيان ذلك:

  • في إقامة الصلاة راحة لنفس العبد المؤمن وطمأنينة لقلبه.
  • الصلاة ملجأ للعبد وسلوى له مما يصيبه من الهموم والأحزان[٥]، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
  • الصلاة تعين العبد على ما يصيبه من مصائب وشدائد في حياته[٥]، قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .
  • الصلاة سبب في تحصيل العبد للرزق الطيب الحلال[٥]؛ قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ}.
  • الصلاة وسيلة في حفظ الأمن في المجتمع، والقضاء على الجريمة فيه، وتربية أفراده على الفضيلة والعفة[٥]، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
  • الصلاة نورٌ يضيء للعبد ما في الدنيا من ظلمات، ويضيء له قبره وآخرته.
  • الصلاة سبب في حصول النصر والتمكين والأمن والطمأنينة، لعباد الله المؤمنين.
  • الصلاة خلاصٌ للعبد من الجزع عند حدوث الضرّاء، ومن المنع في السرّاء.
  • تعوّد العبد المسلم على تنظيم وقته، واسترواحه من العمل بين فترة وأخرى فيستعيد بذلك نشاطه الذهني ونشاطه الجسمي.

التخفيف في الصلاة

النبي ﷺ أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس، فقال: أيكم أم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة، فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر وألا يشق على الناس، والقدوة هو النبي ﷺ في أفعاله كلها، لقول الله -سبحانه-: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فكان -عليه الصلاة والسلام- يصلي صلاة وسطاً ليس فيها إطالة تشق على الناس، فالواجب على الأئمة أن يتأسوا به ﷺ, وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها حتى لا يفتنوا الناس وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة في الجماعة، فإذا صلى صلاة وسطاً ليس فيها مشقة على الناس اجتمع الناس وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة وتواصوا بأدائها في المساجد، ولهذا في اللفظ الآخر: أيها الناس إن منكم منفرين، يعني منفرين من الصلاة في الجماعة، فأيكم أم الناس فليخفف، ولهذا قال النبي لمعاذ: أفتان أنت يا معاذ؟, وقال بعدها: هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى, والشمس وضحاها، واقرأ باسم ربك، هذا بعده اللهمصلي عليه وسلم، قبلها أيكم أم الناس فليخفف ثم أرشد إلى هلا قرأت: بسبح اسم ربك الأعلى، وإذا السماء انشقت، وفي بعضها والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، يعني في أوساط المفصل، يعني هذه الصلاة وما يشابهها في العشاء والظهر والعصر، أما الفجر، فكان يقرأ أطول من ذلك، كان ﷺ يقرأ في الفجر بالطور، وق والقرآن المجيد، واقتربت الساعة, والواقعة وما أشبهها -عليه الصلاة والسلام- فالفجر يطول فيها بعض الطول مثل ق ونحوها، وفي الظهر, والعصر, والمغرب, و العشاء, بأوساط المفصل، وفي المغرب في بعض الأحيان بقصاره وفي بعض الأحيان يطول فيها كما فعل النبي ﷺ لكن الأغلب بالقصار.

حكم الصلاة

تعدّ الصلاة في الدين الإسلامي من أعظم ما أُمر به بعد الشهادتين، ولها مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة، والصلاة فرض على كلّ مسلم بالغ عاقل، قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] والصلاة هي عماد الذي لا يقوم إلّا بها، وأوّل ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، فصلاح العمل يكون بصلاح الصلاة وفساد العمل يكون بفسادها، كما أنّها آخر ما أوصى به الرّسول محمّد عليه الصلاة والسلام، وممّا يدلّ على عظم مكانة الصلاة أنّ الله لم يفرضها بواسطة جبريل في الأرض، وإنّما فرضها ليلة المعراج فوق سبع سموات، حيث كانت خمسين صلاة ممّا يدلّ على عظمتها ومحبّة الله -تعالى- لها، ومن ثمّ خفف الله عن عباده وجعلها خمس صلوات في اليوم والليلة.

السابق
كيف تربي طفلك منذ ولادته
التالي
صفة صلاة الخوف

اترك تعليقاً