ديني

ما هي الصفة التي ذكرها الله في وصف أصحاب الكهف

أصحاب الكهف وَالرَّقِيمِ

لقد عرض القرآن الكريم قصة أصحاب الكهف بطريقة لطيفة مؤثرة، محبّبة للنفوس، وفق أرقى أساليب العرض الفني؛ حيث أورد قصتهم أولاً على سبيل الاختصار والإجمال، ثم أوردها على سبيل التفصيل والبيان..

     أما سبيل الإجمال والاختصار ففي الآيات الأربع الأولى، وهي قوله عز من قائل في سورة الكهف: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)﴾..

     وأما وجه التفصيل والإجمال ففي ما تلاها من آيات بُدِئت بقوله عزّ اسمه: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى…﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِع مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)﴾..

     إنهم أصحاب الكهف والرقيم، وهم من آيات الله تعالى، وهم فتية -(سبعة أفراد)- آمنوا بربهم وأَوَوْا إلى ركنه الشديد.. وقف هؤلاء الفتية المؤمنون وقفةً للبحث والنظر، وخرجوا منها بنتيجة قاطعة هي: أن الله وحده هو رب العالمين، وأنهم لن يؤمنوا إلا به، ولن يعبدوا إلا إياه!!

     لقد عرفوا أن قومهم كافرون ظالمون متجبرون، لأنهم عبدوا غير الله، وكفرُهم هذا أوجد عندهم الظلمَ والكذبَ والافتراءَ والطيشَ والفسادَ وإهلاكَ الحرث والنسل…

     فكّر أولئك الفتية المؤمنون في الخطوة التالية، فوجدوها في العزلة فقرّروا اعتزالَ قومهم،  والتجأوا إلى الكهف في جبال الأردن، واستنجدوا بالله، وطلبوا رحمته ورشده وتوفيقه: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾، وضرب الله على آذانهم في الكهف فناموا، واستمرّ نومُهم سنين عددًا، ثم بعثهم من نومهم..

     واستجاب الله لهم، فكانت رحمة الله عليهم في الكهف، حيث يسّر الله لهم الأمر، وسخر لهم الآيات. فأمر الشمس أن لا تمس أجسادهم، حتى لا تؤذيها، كانت عند الصباح تميل عن أجسادهم، فلا تقع عليها، وكانت عند الغروب تميل عنها كذلك، فلا تأتيها، وكانوا في فجوة وسط الكهف..

     ومن آيات الله عليهم أن عيونهم كانت مفتوحة، فكان الناظر إليهم يحسَبُهم أيقاظاً ينظرون إليه، مع أنهم نيام راقدون..

     وحتى لا تأكل الأرضُ أجسادهم، كان الله يقلّبهم مرةً على اليمين، ومرةً على الشمال..

     وكان معهم كلبهم الذي صَحِبَهم؛ حيثُ جلس على عتبة باب الكهف، وبَسَطَ ذِرَاعَيْه، ونام مثلَ نومتهم..

     وحتى لا يعتدي أحد عليهم وهم رقود، قذف الله في قلب كلِّ من ينظر إليهم الرّعبَ، بحيث لو اطّلع عليهم، لولّى فرارًا، ولَـمُلِئَ منهم رعبا.

     وبعد هذه المدة بعثهم الله من نومهم فصاروا يتساءلون عن مدة نومهم واختلفوا في تقديرها؛ فقال بعضهم: نمتم يوماً أو بعض يوم..

     فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وأمروه بالحيطة والحذر، لكن الله تعالى أراد لهم أمرًا آخر.. أراد الله تعالى أن يجعل منهم آية عليه، ودليلاً على قدرته سبحانه على البعث، فكشف أمرهم، وأعثر عليهم قومهم، وكان القوم مؤمنين بالله، إذ زال ذلك الجيل الكافر، الذي هرب الفتية منه إلى الكهف، ونشأ جيل موحد لله تعالى.

     فلما رأى أهل القرية ذلك الرجل المؤمن، لحقوا به إلى الكهف، فلما وصلوا الكهف، وجدوا الرجال المؤمنين السبعة قد ماتوا – موتاً طبيعيّاً هذه المرة!

     فاختلفوا فيهم وتنازعوا بينهم أمرهم، فقرروا أن يبنوا عليهم مسجدًا، وهكذا كان حيث تم بناء المسجد عليهم..

وخلاصة المرام في تحقيق المقام:

     لقد بقيت قصة أصحاب الكهف يتناقلها الناس بمختلف اعتقاداتهم ومللهم ونحلهم، ويقف أمامها المؤمنون، ليأخذوا منها دروساً في الإيمان الصادق الذي سرى في عروق أولئك الفتية وملأ قلوبهم وكيانهم، والإخلاص لله تعالى في القول والعمل، والثبات على الحق وبذل النفس والنفيس في سبيله والدفاع عنه والذود عن حماه…

قصة أصحاب الكهف كاملة

كانت توجد قرية مشركة، ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها. في هذا المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. قلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد. لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقوامهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون. عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسعة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا.

زهدوا في الأسِرَّة[5] الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما. إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها. استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار.

وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم. بعد هذه المئات الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت. خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب، كيف حدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها. لقد آمنت المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم. وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمنهم من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية. لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.

قال محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد قال : لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة سنه وضح الورق. قال ابن عباس : فكانوا كذلك ليلهم ونهارهم في عبادة الله، يبكون ويستغيثون بالله، وكانوا ثمانية نفر : مكسلمينا وكان أكبرهم وهو الذي كلم الملك عنهم، ومجسيميلنينا وتمليخا ومرطونس، وكشطونس، وبيرونس، وديموس، ويطونس وقالوش .

قصة أصحاب الكهف

قصة اهل الكهف

وَصَفَ القرآنُ الكريمُ أصحابَ الكهفِ بأوصافٍ مُحبَّبةٍ تَعكِسُ ما يَحمِلهُ شُخوصُ القَصَّةِ وأبطالُها من قِيَمٍ تُمثِّلُ مَطلبَ الإيمانِ بالله وحده، قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى). وفي خبرِ أصحابِ الكهفِ أنَّهم فرُّوا بدينِهم من مَلكٍ ظَهرَ في مدينَتهم فعبَد الأصنامَ وعبَّدَ قومهُ، فانصرفَ هؤلاء الفتية عنه إلى كهفٍ خارج المدينةِ فارّين بدينهم. تجتمعُ الرِّواياتُ على أنَّ الفتيةَ كانوا على دينِ عيسى ابن مريم عليه الصَّلاةُ والسَّلام، وأنَّ اسم الملك الكافر دَقيوس أو دَقَنيوس، واسمُ المَدينةِ التي يحكُمُها أفسوس أو يُقالُ طَرَسُوس، ومنها خرج الفتيةُ خوفاً من الملكِ على دينهم وأنفسهم، وكانَ تعدادُهم سبعةً كما رجَّحَ المفسِّرونَ استشهاداً بما ذكره القرآن الكريم، قال تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) وفي ذلك قيل إنّ نفيَ التِّعدادينِ الأول والثّاني ظهر بإتّباعهما جملة (رجماً بالغيب)؛ بمعنى قذفاً بالغيب بغير تثبُّتٍ أو دليلٍ، ثم استأنف التّعدادَ ليفصِحَ عن العددِ الحقيقي، فكانوا سبعةً وثامنهم كلبهم، والله أعلم.

خروجُ الفتيةِ إلى الكهف

قيل في أحوالِ الفتيةِ أنَّهم كانوا من أبناء الأكابِر أو من أبناء المُلوكِ، وأنَّهم كانوا صغار العمر، وأنَّ الملك دقنيوس كانَ طوَّافاً على مدن الرُّومِ فلا يُبقي فيها أحداً على دين عيسى ابن مريم عليه الصَّلاة والسَّلامُ إلا قتله، وكان الفتيةُ قد أنكروا ما كانَ عليهِ الملك دقنيوس وقومه من عبادةِ الأصنامِ واستخفُّوا حالهم، فذُكِروا عند دقنيوس أنَّ من أبناء حاشيتك من يعصي أمرك ويُسفِّه آلهتك، فَجمعَ دقنيوس الفتية وأمرهم باتِّباعِ آلهته والذّبح لها، ثمَّ توعَّدهم بالقتلِ بعدما رأى منهم ثباتاً على دينهم وعزيمةً منهم على التشبُّثِ به والدِّفاع عنه، ثمَّ رأى أن يجعلَ لهم موعداً يلتمسُ فيهِ عودَتَهم إليه وإلى آلهته، وما كان ليؤخِّرَ حسابهم إلا لاعتبارِ حداثةِ سنِّهم وجهلهم بما قد يُعمِلُ فيهم من القتل وسفك الدِّماءِ وتعليقِ أشلائهم على أبواب المدينةِ كما يَفعَل بمن على غير دينِه، وانطَلَق دقنيوس خارج المدينةِ يلتمسُ أمراً، فاجتمعَ الفتيةُ على اعتزالِ النَّاسِ والهربِ إلى كهفٍ في جبلٍ على أطراف المدينة يقال له بنجلوس، فجعلوا يعبدون اللهَ ويُشغلون سائر أوقاتهم بالدُّعاء والذِّكر، وجعلوا أحدهم على طعامِهم واسمه يمليخا، فكانَ إذا أراد الخروج إلى سوق المدينة وضعَ عنه ثيابهُ التي كان يُعرف بها بشرفه ونسبه ويلبس أثواباً ممزَّقةً يتخفَّى بها عن أهلِ مدينتِه، فيعود إلى أصحابه بطعامٍ ورزقٍ دون أن يشعُر به أحد.

عودة الملك

عند عودة الملك دقنيوس إلى المدينة طلب الفتية إلى أجلهم الذي أخَّره لهم، فذكر له النَّاس ما كان من أمرهم، فجمَعَ جنده ثم انطلق إلى الكهف فبنى عليه ليموتوا داخله، وكانَ الله قد ضرب على آذانهم، فكانَ في نومِهم فقدانٌ للسّمعِ الذي هو أشدُّ الحواسِّ تأثُّراً أثناء النَّوم. ثمَّ بعثَ الله ملكاً على دين عيسى ابن مريم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فكان في عهدهِ أن أذنَ الله بفتحِ الكهفِ بيدِ راعٍ يقصِد الكهفِ ليحميَ أغنامه من المطر، فأرسَل الله أصحاب الكهفِ فاختلفوا في مدَّة نومِهم، ثمَّ أرسلوا يمليخا القائم على طعامهم ليشتري لهم، فكان كلّما مرَّ بمعلَمٍ أنكَرهُ، حتّى إذا وصل السُّوقَ وأظهرَ دراهمه أنكرهُ النَّاس واجتمعوا يسألون عن أمره، ثم رفعوا أمره إلى الملك فقصَّ عليهِ القصصَ، فأتبعهُ الملكُ وقومه إلى الكهفِ ليشهدوا مَبعثَ أصحابِه، فلمَّا وصلوا أسبقهم يمليخا إلى أصحابه فضرب الله عليهم فماتوا، فاستبطأه الملك فدخل ومعه قومه فوجدوهم على حالهم وعجلوا أمرهم، فأقاموا عليهم كنيسةً ومسجداً يُصلَّى فيه.

كهف أصحاب الكهف الحقيقي

موقع كهف أصحاب الكهف

بعد أن قررّ الفتية الهروب بدينهم خوفاً من الحاكم، أووْا إلى كهفٍ واسع، أضحى برحمة الله جنّةً لهُم، وقد ألقى الله على آذانهم في هذا الكهف النومَ الذي أراح بهِ قلوبهم وأعطاهم بهِ السكينة والطمأنينة لمدة ثلاثمائة وتسع سنوات. اختلف الباحثون وعلماء الآثار في تحديد مكان الكهف الذي لجأ إليه الفتية، وحاولوا معرفة مكانهم ومكان كهفهم تحديداً، ووقع الاختيار على عدّة أماكن في المنطقة الخاضعة للحكم الرومانيّ استناداً إلى الدراسات التاريخيّة والأثريّة التي أجراها الباحثون.

رجّح معظم الباحثين أنّ كهف الرقيم، الذي يقع في قرية اسمها الرّجيب قرب منطقة سحاب جنوب العاصمة الأردنيّة عمّان هو موقع الكهف الوارد في القرآن الكريم وخصوصاً بعد أن تبيّن وجود مسجد أعلى الكهف كما تؤكّد على ذلك الآية القُرآنيّة الكريمة بقوله تعالى: (فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) كما أقرّ البعض أنّه قد يكون كهف إفسوس الواقع في الأراضي التركيّة في منطقة هضبة الأناضول، ويقع هذا الكهف في جبل بيون من الجهة الجنوبيّة للجبل.

كم عدد أصحاب الكهف

قال الله تعالى في عدد أصحاب أهل الكهف: (سَيَقولونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيبِ وَيَقولونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ) وذكر ابن كثير في سبب إخفاء العدد قوله: (إنّ هذا الإخفاء هو لإرشاد الناس إلى أنّ الأحسن في مثل هذا المقام هو ردّ العلم إلى الله تعالى، إذ لا احتياج للخوض في مثل ذلك بلا علم، لكن إذا أُطلعنا على الأمر قلنا به، وإلا وقفنا).

أسماء أصحاب الكهف

أسماء أهل الكهف
مُكَسلَمين، أَمْلِيخَا، مَرَطُونِس، يَنْيُونِس، سَازَمُونِس، دَوَانَوَانِس، وَكَشْفِيطِطْ

مُكَسلَمين: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، إن كُتب بخرقة ورُمي وسط الحريق أخمدت نيرانه حالا بمشيئة الله تعالى.

سَازَمونس: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، إن كُتب على ورقة أو خرقة وعُلق على المحموم يُذهب الحمى بمشيئة الله تعالى.

أمليخا: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، إن كُتب وألقي في البحر الهائج يسكن هيجه بمشيئة الله تعالى.

ينيونس: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، إن كُتب ووضع في المال يحفظ بمشيئة الله تعالى.

كشفِــيــطط: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، يُكتب ويُعلق على إناء الماء ويشرب منه لراحة النفس بمشيئة الله تعالى.

دوانوانس: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، يُحمّل للجيش.

مَرَطونس: هذا اسم أحد أصحاب الكهف، إن كُتب وعُلّق على فخذ المسافر المشاء لم يحس بالتعب ما دام معلقا عليه ولو مشى في الأرض كلها بمشيئة الله تعالى.

ملاحظة: الأفضل أن تكتب الأسماء بخط المصحف للبركة إن شاء الله، أرجوكم الدعاء لكاتبها وناشرها برؤية النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم.

من العلماء الذين ذكروا التبرك بأسماء أهل الكهف الحافظ المؤرخ ابن طولون الحنفي في كتابه ذخائر القصر (صحيفة 97، مخطوط) في ترجمة محمد بن إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن مُفلح الراميني الأصل الصالحي الدمشقي الحنبلي.

السابق
قصة أهل الكهف
التالي
قصة موسى مع الخضر

اترك تعليقاً