ديني

مظاهر اليسر في العبادة

مظاهر اليسر في العبادة

مظاهر اليُسر في العبادة

اليُسر في الطهارة

ظهر اليُسر في الطهارة في العديد من الجوانب المُتعلِّقة بها؛ في تشريعها، وكيفيّتها، وتشريع البدل عنها حين فَقْدها، أو العجز عنها، وفيما يأتي بيان مظاهر اليُسر في عبادة الطهارة:

  • الأصل في الماء طهارته، إلّا إن ثبت خلاف ذلك؛ لِقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الماءَ طهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ).
  • طهارة ماء البحر؛ لِقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ ميتتُهُ).
  • الحكم على عدم طهارة الماء؛ بتغيّر ثلاثة أوصافٍ للماء، وهي: اللون، والرائحة، والطعم؛ لِقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إذا بلغ الماءُ قُلَّتَينِ لم يحْمِلِ الخَبَثَ).
  • تحقيق الطهارة من بول الصبيّ الصغير الذي يتغذّى على لبن أمّه؛ بنَضْح الماء فقط دون الغَسْل؛ لحديث أمّ قيس بنت مُحصن -رضي الله عنها-: (أنَّهَا أتَتْ بابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأجْلَسَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجْرِهِ، فَبَالَ علَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بمَاءٍ، فَنَضَحَهُ ولَمْ يَغْسِلْهُ)
  • الحكم على الحذاء بالطهارة إن احتكّت النجاسة بالتراب؛ لِقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا وطِئ أحدُكم بنعلِه الأذَى فإنَّ التُّرابَ له طَهورٌ).
  • عدم إيجاب السواك عند الوضوء والصلاة؛ تخفيفاً على العباد، قال النبيّ -عله الصلاة والسلام-: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ علَى أُمَّتي لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ).
  • تشريع التيمُّم لفاقد الماء، أو العاجز عنه، قال -تعالى-: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)؛إذ جُعِل التيمُّم مقام الوضوء والطهارة؛ بجَعْله مُبيحاً للصلاة، وقراءة القرآن، وغيرهما من العبادات.
  • التجاوز عمّا يصدر في الصلاة ممّن به سلس بولٍ، أو انفلات رِيحٍ، مع الوضوء لكلّ صلاةٍ.

اليُسر في الصلاة

لازم اليُسر أحكام الشريعة كلّها، ومنها الصلاة، ومن مظاهر اليُسر فيها:

  • شُرِعت الصلاة بهيئةٍ وطريقةٍ لا يعجز عن أدائها أحد، فهي مُيسّرةٌ لكلّ شخص.
  • التخفيف في عددها؛ إذ شُرعت أوّل الأمر خمسين، ثمّ خُفِّفت إلى خمسٍ في اليوم والليلة.
  • تشريع قَصْر الصلاة في السفر، وجَمْعها؛ للحاجة المُستدعية له، كالمرض، والسفر، والمطر.
  • تشريع سجود السهو؛ لجَبر الصلاة حين وقوع الغفلة في أدائها.
  • عدم الإلزام بغير الصلوات الخمس؛ فصلاة التراويح في رمضان لم تُفرَض على المسلمين؛ خشية إلحاق المَشقّة بالعباد.
  • التخفيف في صلاة الجماعة؛ مراعاةً لأحوال الناس، ومشاغلهم.
  • الرخصة في صلاة المريض؛ إذ يؤدّيها على الحال التي يستطيعها؛ فإن لم يستطع قائماً، فقاعداً، فإن لم يستطع، فمضجعاً؛ لِقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).
  • التخفيف في قيام الليل، ونَسخه من الوجوب إلى الاستحباب، قال -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّـهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

وتجدر الإشارة إلى أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- راعى أحوال الناس، وحَرِص على تحقيق التوازن في حياتهم؛ بين عبادتهم وعلاقتهم بربّهم، والاهتمام بأمور دُنياهم ومسؤوليّاتهم، فبيّن أنّ الأفضل الثبات والاستمرار على العبادات ولو كانت قليلةً، قال -عليه الصلاة والسلام-: (واعْلَمُوا أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ)، وقد دلّت على ذلك العديد من المواقف الواردة في السنّة النبويّة، بيان البعض منها آتياً:

  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: ما هذا الحَبْلُ؟ قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ).
  • ما رُوي عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّه قال: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ألَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وتَصُومُ النَّهَارَ قُلتُ: بَلَى، قالَ: فلا تَفْعَلْ، قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأَفْطِرْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّكَ عَسَى أنْ يَطُولَ بكَ عُمُرٌ).
  • ما أخرجه الإمام مسلم في حادثة إطالة معاذ بن جبل -رضي الله عنه- في الصلاة: (كانَ مُعَاذٌ، يُصَلِّي مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ يَأْتي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى لَيْلَةً مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ العِشَاءَ ثُمَّ أتَى قَوْمَهُ فأمَّهُمْ فَافْتَتَحَ بسُورَةِ البَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وحْدَهُ وانْصَرَفَ فَقالوا له: أنَافَقْتَ؟ يا فُلَانُ، قالَ: لَا. واللَّهِ ولَآتِيَنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَلأُخْبِرَنَّهُ. فأتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا أصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بالنَّهَارِ وإنَّ مُعَاذًا صَلَّى معكَ العِشَاءَ، ثُمَّ أتَى فَافْتَتَحَ بسُورَةِ البَقَرَةِ فأقْبَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى مُعَاذٍ فَقالَ: يا مُعَاذُ أفَتَّانٌ أنْتَ؟ اقْرَأْ بكَذَا واقْرَأْ بكَذَا).

اليُسر في الصيام

خصّ الله -تعالى- عبادة الصيام بأن تولّى أجره وجزاءه، ومع ذلك كان الصيام من جملة العبادات المُيسّرة، ومن مظاهر التيسير فيه ما يأتي:

  • تحديده بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، وأيّامٍ معدودةٍ؛ فقد فرضه الله في شهر رمضان، قال -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
  • تحديده بالنهار؛ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فقد أباح الله لصائم شهر رمضان الأكل، والشُّرب، وسائر المُفطرات طوال الليل؛ ليتقوّى العبد على الصيام في النهار، قال -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).
  • الترخيص للمريض والمسافر بالإفطار في رمضان، قال -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)
  • التيسير في القضاء لِمَن فاته شيءٌ من رمضان؛ فيترتّب عليه القضاء بعد رمضان إلى حلول رمضانٍ آخرٍ.

اليُسر في الزكاة

ظهر اليُسر في الزكاة جليّاً في العديد من الأمور التي يُذكَر منها:

  • وجوب أداء نِسبةٍ قليلةٍ ويسيرةٍ من الأموال التي تجب فيها الزكاة؛ بالنظر إلى كلّ ما يملكه المُزكّي، بحيث لا تجب إلّا إن بلغت الأموال مقداراً مُعيَّناً.
  • مراعاة الفرق بين رَعي الأنعام؛ فلا بدّ أن تكون سائمةً غالب العام، كما يُفرّق في زكاة الزروع والثمار؛ بالنظر إلى طريقة السقاية فيها.
  • وجوبها مرّةً واحدةً في العام؛ إذ يُشترَط فيما مضى عليه العام من امتلاك المال الواجبة فيه الزكاة.

اليُسر في الحجّ

يُذكَر من مظاهر التيسير في الأحكام التي تخصّ شعيرة الحجّ ما يأتي:

  • وجوبه على المُكلّف مرّةً واحدةً في عُمره؛ إذ رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ).
  • اشتراط الاستطاعة في المال، والجسد لوجوب الحجّ على المُكلَّف؛ للتيسير ورفع الحرج عن غير المستطيع العاجز في بدنه، أو ماله، قال -تعالى-: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا).
  • تخيير المُكلَّف في نُسك الحجّ؛ مُتمتّعاً، أو قارناً، أو مُفرداً، دون إلزامه بأحدها.
  • تشريع الفِدية لجَبْر ما قد يقع من النقص، أو ارتكاب أحد المحظورات في الحجّ.
  • الترخيص لكبار السنّ والضعفاء بالخروج إلى مِنى قبل غيرهم.
  • الترخيص لأهل الأعذار بتأخير رمي جمرة اليوم الحادي عشر إلى اليوم الثاني عشر، إذ رُوي عن عاصم بن عدي: (رَخَّصَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِرِعاءِ الإبل في البَيتوتَةِ، أنْ يَرْمُوا يومَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجمعُوا رَمْيَ يَومَيْنِ بعدَ يَومِ النَّحْرِ، فيَرْمُونَهُ في أحَدِهِما. قال مالِكٌ ظَنَنْتُ أنَّهُ قال: في الأَوَّلِ مِنْهُما، ثُمَّ يَرمُونَ يومَ النَّفْرِ)
  • جواز تأخير طواف الإفاضة إلى ما قبل رجوع الحاجّ إلى بلده، ويُجزئ ذلك عن طواف الوداع.
  • سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء، مع اعتباره واجباً في حقّ غيرهما، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ).
  • مشروعيّة أداء الحجّ عن الغير؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ امرأةً من خثعم قالت: (يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ علَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ، وَذلكَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ).

اليُسر في قراءة القرآن

أمر الله -تعالى- عباده بقراءة ما تيسّر من القرآن الكريم؛ تيسيراً لهم، فقال: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)، فلم يُلزمهم بقراءة القرآن كاملاً، بل ما تيسّر منه؛ رحمةً منه بهم، وقد وُعِد قارئ القرآن بالأجر العظيم مهما اختلف حاله؛ فمن وجد المَشقّة في تلاوته فله أجران؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ).

اليُسر في العبادة

تعريف العبادة

العبادة لفظةٌ مأخوذةٌ من العبوديّة التي تُعرَّف بأنّها: إظهار التذلُّل، والخضوع، إلّا أنّ العبادة أبلغ منها؛ فهي غاية التذلُّل، ولا تكون إلّا لله -سبحانه- وحده،والعبادة في الاصطلاح الشرعيّ: اسمٌ يجمع كلّ قولٍ وعملٍ يحبّه الله، ويرضاه من عباده؛ سواءً ما كان ظاهراً، أو باطناً.

العبادات في الإسلام مبنيّةٌ على اليُسر

شرع الله -تعالى- كلّ ما في دين الإسلام؛ بمراعاة أحوال العباد، واختلافهم، وما يعتريهم من ضعفٍ وفتورٍ، فجعله مَبنيّاً على اليُسر، ورفع الحَرج، وبذلك يتحقّق الانقياد والامتثال له -سبحانه- على أتمّ وجهٍ؛ فلم يُكلّفهم بما يَشقّ عليهم، بل جعل الشريعة مُيسَّرةً قائمةً على المسامحة، قال -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)، ولذلك فإنّ التيسير ورفع الحرج مَقصدٌ من مقاصد العبادة لله -عزّ وجلّ-، ومن الأدلّة التي تُبيّن أنّ تشريع العبادات مَبنيٌّ على اليُسر:

  • قول الله -تعالى-: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا).
  • قول الله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا).
  • قول الله -تعالى-: (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ).
  • قول الله -تعالى-: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
  • قول الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)

فما من عبادةٍ أوجبها الله إلّا ضمن طاقة الإنسان، وقُدرته، ممّا يجعله قادراً على أدائها دون أن تلحقه مَشقّةً، أو يلحقه حرج، وما كان فيه شيءٌ من المَشقّة فإنّه يكون من فروض الكفاية، وليس من فروض العين ويُذكَر من سهولة دين الإسلام ويُسره يُسر الدخول فيه؛ إذ يتحقّق بالنُّطق بالشهادتَين مع اعتقاد مضمونهما، والعمل بمدلولاتهما، دون تحمُّل ما يترتّب على ما مضى من العمل قبل الإسلام، وممّا يُظهر يُسر الإسلام ويدلّ عليه الرُّخَص التي شرعها الله لعباده في أحوالٍ مُعينّةٍ؛ فالأحكام قد تشقّ على العباد في بعض الأحوال؛ ولذلك رخّص الله لهم، وخفّف عنهم؛ بتغيير التكليف والحُكم، بحيث يكون ضمن قُدرة العبد واستطاعته دون أن تلحقه المَشقّة.

السابق
ما هو تراب الماس بين الحقيقة والخرافات
التالي
الأسباب الجالبة لمحبة الله

اترك تعليقاً