هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر وقع خلاف بين العلماء في حكم أداء قيام الليل بعد صلاة الوتر وهي اجتهادات وتأويلات للحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه: (اجعلوا آخر صلاتكم وترا)، فالبعض يرون تأخير الوتر حتى صلاة قيام الليل لمن يريد قيامها ثم يؤدي صلاة الوتر، ويرى البعض أنه لا مانع من تكرار الوتر، وهذا كله سنتحدث عنه تفصيلاً من خلال موقعنا.
ما هي صلاة قيام الليل
- قبل أن نتطرق إلى موضوع هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر نتحدث عن تعريف صلاة قيام الليل هي صلاة تصلى بالليل خاصة وتكون عبارة عن ركعتين ينوي المسلم بهما سنة قيام الليل، ويمكن أن تكون أربعًا كل ركعتين بتشهد وسلام وهكذا حتى ثماني ركعات.
- وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها خير كثير لما داوم عليها، حيث كان النبي –صلى الله عليه وسلم- والصحابة والسلف يداومون عليها.
- وهي من أفضل النوافل التي يتقرب بها العبد لربه تبارك وتعالى.
- وإنما نالت تلك المكانة العظيمة؛ نظرًا لأنها تكون في وقت يخلد الناس فيه إلى نومهم وراحتهم، بينما يقوم قائم الليل في جوف الليل يصلي لا يوقظه إلا ابتغاء وجه الله تعالى.
- والأفضل المداومة عليها حتى لو كانت ركعتين فقط فأفضل الأعمال أدومها وإن قل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقت صلاة قيام الليل
- تبدأ صلاة الليل عقب صلاة العشاء مباشرة، وتنتهي برفع أذان الفجر.
- وأفضل الأوقات لصلاة قيام الليل هو الثلث الأخير من الليل، ويعرف هذا الثلث بتقسيم الوقت من صلاة العشاء إلى الفجر إلى ثلاثة أثلاث، يكون الأخير هو المعني بالثلث الأخير من الليل.
- ويعتقد بعض الناس أن صلاة الليل لا تحسب كذلك ولا يكون لها فضل وأجر إلا إذا نام الإنسان ثم استيقظ، وهذا من الأخطاء الشائعة، فصلاة الليل تجوز حتى ولو بعد صلاة العشاء مباشرة ولا يشترط تأخيرها إلى وقت متأخر، وإن كان الخشوع فيها يكون أكبر كلما تأخرت حيث الهدوء والسكون الذي يساعد على الخشوع.
كيفية صلاة قيام الليل
- صلاة الليل تكون عبارة عن ركعتين بتشهد وسلام وتتكرر هيئتها بهذا الشكل، فإن كانت مفردة أي واحدة أو ثلاثة مثلاً فهي وتر، ولا يصح أن تكون أربع ركعات متصلة لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلى ركعةً واحدةً، توتر له ما قد صلى”
- ويمكن للمسلم أن يصلي ركعتين وركعتين ثم ينام ثم يستيقظ في جوف الليل أو الثلث الأخير من الليل فيصلي ركعتين وركعتين، وإن كان صلاتها ثمانية كل ركعتين منفصلتين في وقت واحد أفضل حتى لا يتكاسل الإنسان عن القيام.
فضل قيام الليل
- في معرض حديثنا عن هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر نتحدث عن فضل قيام الليل، وقد وردت نصوص قرآنية وأحاديث متواترة صحيحة تتحدث عن فضل قيام الليل.
- فقد جعل الله تعالى صلاة الليل من صفات عباد الرحمن، فقال في شأنهم: “والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا”
- وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال-: (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد)، فقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث خمسة فضائل قيام الليل.
- وفي قيام الليل رحمات ومغفرة ويكون القائم لربه فيها أهلاً لأن يستجيب الله دعاءه، حيث جاء في الحديث الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرن فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر).
- إلى جانب أن من يقيم الليل يشعر براحة نفسية لا مثيل لها، حيث يزول عنه كل كرب، ويمحى منه كل هم وغم ومن ذاق عرف.
حُكم صلاة قيام الليل بعد الوَتر
واستكمال لموضوع هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر والذي اتفق عليه عامة العلماء أن صلاة الوتر آخر الصلاة أثناء الليل، والحديث في ذلك ظاهر حيث قال المصطفى –صلى الله عليه وسلم – اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا)، إلا أن العلماء اختلفوا فيما بينهم فيمن صلى الوتر هل يجوز له القيام وصلاة قيام الليل، على أربعة أقوال:
- الأحناف: قالوا إذا صلى الشخص العشاء وأوتر أي صلى الوتر بعد العشاء ثم نام ثم قام فصلى صلاة الليل فلا يعيد الوتر و يكفيه الوتر الأول الذي صلاه بعد العشاء، وقد اعتمدوا في رأيهم هذا على حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: (لا وتران في ليلة)، فمثلاً لو صلى المسلم العشاء في رمضان وصلى مع الإمام التراويح ثم صلى الوتر جماعة مع الإمام، ثم رجع إلى بيته فنام ثم قام من الليل فصلى فلا يوتر بعدها.
- المالكية: وهم يرون أن صلاة الليل بعد صلاة الوتر دون أن يفصل بينهما بفاصل، وصلاة الليل نافلة تصلي ركعتين مثنى مثنى، ومن الكراهة أن تصلى أربعة ركعات متصلة، وعند المالكية لا يجوز تبييت النية على صلاة قيام الليل بعد أداء الوتر، فإذا نوى الإنسان أن يقوم الليل فلا يؤخر الوتر، وإذا صلى الوتر ناسيًا أجزأه أن يقوم الليل بعده ويعذر بنسيانه ولا كراهة، لأنه لا يجوز لأحد تعطيل أحد عن التقرب إلى الله.
- الشافعية: وعندهم يجوز بلا كراهة صلاة قيام الليل بعد صلاة الوتر بلا كراهة، فقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: أنه صلى ركعتين بعد صلاة الوتر، ومن المعروف أن المذهب الشافعي من المظاهر المرنة السهلة وخاصة بعد أن قدم الإمام الشافعي من العراق إلى مصر مال إلى التخفيف وعدم التشدد فاتخذ المذهب بعد ذلك شكل السهولة والمرونة.
- الحنابلة: وهم قد اتخذوا نفس الموقف الذي سار عليه المذهب الشافعي حيص رأى الحنابلة أنه يجوز صلاة قيام الليل بعد صلاة الوتر بلا تكرار، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى قيام الليل بعد أن أوتر أي صلى الوتر ، ثم قال – صلى الله عليه وسلم- لا وتران في ليلة واحدة، ولأن الوتر سنة مؤكدة، ويمكن لو أخره المسلم على نية القيام وصلاة الوتر بعد صلاة قيام الليل ثم نام ولم يستيقظ فإنه يفوته الأجر، لذلك فمن الأفضل صلاة الوتر ولو نام ثم استيقظ من الليل يصلي قيام الليل ولا يكرر الوتر.
الرأي الراجح
- والرأي الراجح في الإجابة عن سؤال هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر أنه يجوز للإنسان أن يصلي قيام الليل بعد العشاء يوتر ثم ينام.
- فإن استيقظ من الليل صلى التهجد ولا يوتر مرة أخرى؛ لما ورد في صحيح البخاري عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج.
